الأربعاء، 10 أكتوبر 2012

امين وهبي









عفيف دياب
 جدل سياسي وشعبي يثيره النائب أمين وهبي منذ وصوله إلى المجلس النيابي على صهوة جواد تيار المستقبل في البقاع الغربي. لم يخطر بباله أن ينتقل بسرعة الضوء من حركة سياسية حديثة الولادة إلى مقعد نيابي. أسئلة كثيرة تطرح عن وهبي وموقعه ودوره في التيار وسرّ انتقاله من «الحاكورة» الحمراء إلى قريطم الزرقاء
 لا يكترث النائب أمين وهبي كثيراً بالجدل الذي يلاحقه كظله. ويجد في التساؤلات والاستفسارات الشعبية ــــ الحزبية عن موقعه ودوره في المجلس النيابي وخارجه مشروعية محقة، وبالتالي لا يخفي رأيه السياسي: «أنا في 14 آذار، وعندنا قضية عادلة». ويتابع رداً على التساؤلات: «في البلد انقسام حاد عنوانه سلاح حزب الله. وفي اقتناعي أن الدولة يجب أن تكون مكتملة السيادة». هذا العنوان السياسي الواضح والصريح، لا يجد تربة خصبة عند شريحة شعبية في البقاع الغربي تعتبر وهبي ممثلاً طائفياً لها. فطبيب القلب والشرايين لم يصل إلى قلوب هذه الشريحة التي توجه إليه الانتقادات المتنوعة بسبب الاختلاف السياسي بين الطرفين، فضلاً عن شكواها من غيابه عنها وعن همومها ومشاكلها.
دقّات قلب مشغرة وسحمر ويحمر ولبايا وزلايا وقليا وميدون وعين التينة (القرى ذات الغالبية الشيعية في البقاع الغربي)، صفراء وخضراء، لا تلتقي مع نبض وهبي الأزرق بعد أن كان أحمر. وفي الانتخابات الماضية، حصل شاغل «المقعد الشيعي» على أقل من 7 في المئة من أصوات ناخبي هذه القرى (في إحداها لم يحصل على أي صوت. وفي مسقط رأسه لبايا، حصل على 212 صوتاً من أصل 1856 مقترعاً). وهنا لعضو كتلة نواب المستقبل قراءة تقول إنه في «قمة الغلوّ المذهبي، أصبحت هناك أخطاء في المفاهيم». ويوضح: «النائب يمثل كل الشعب اللبناني، وحين يقال إن في البقاع الغربي على سبيل المثال مقاعد نيابية لهذه الطائفة وذاك المذهب، فهذا لا يعني أنه يمثل الشيعة أو السنّة». ويوضح أن المقصود بذلك «أن هذا القضاء يجب أن يكون نوابه من مختلف التلاوين، وفي المحصلة النائب يُنتخب من تلاوين عدة ويمثل الجميع».
كلام وهبي لا يعني أن تواصله مع جمهور حزب الله مقطوع أو غير قائم في البقاع الغربي، فـ«التواصل مستمر وقائم ولم ينقطع يوماً، قبل النيابة وبعدها» يقول وهبي. ويتابع: «قد يفاجأ البعض بأن لي لقاءات وجلسات حوار وتواصل مع بلديات ومخاتير وقوى اجتماعية في قرى جنوب سد القرعون»، مؤكداً تواصله أيضاً مع مناصرين ومسؤولين في حزب الله وحركة أمل. لكنه يشدد على أنه لا يطمس في خطابه معهم «جوهر الخلاف السياسي، وهناك إمكانية لكي نعبّر عن خلافاتنا باحترام». أما الحوار في لقاءاته مع مختلف التلاوين السياسية «فيكون من السياسة إلى الإنماء»، موضحاً أنه مع «التعبير عن الأمور كما هي، فأنا ابن لبايا وأعرف سحمر ويحمر ومشغرة بيتاً بيتاً».
أمين وهبي انتسب إلى الحزب الشيوعي اللبناني عام 1970، وحمل السلاح في بدايات الحرب الأهلية على محور الشياح قبل أن يغادر إلى موسكو لدراسة الطب. وفي عاصمة الاتحاد السوفياتي تولّى مسؤولية تمثيل الحزب الشيوعي بين 1979و1982 وبين 1987و1988. يؤكد أنه كان جزءاً من «الصح والخطأ» في الحزب قبل أن يغادره عام 2000 للمشاركة في تأسيس حركة اليسار الديموقراطي مع النائب السابق إلياس عطا الله وحنا صالح ونديم عبد الصمد وزياد ماجد وإلياس خوري والشهيد سمير قصير وآخرين. الشيوعي العلماني حامل رايات «المنجل والمطرقة» في «كعب الحاكورة» في قريته لبايا أيام «النضال»، يؤكد أن تيار المستقبل «حتماً ليس عقائدياً». ويقول: «في التيار تجد الليبرالي والعلماني والمتدين والمؤمن المنفتح»، مضيفاً أن التيار «ليبرالي وأولوياته في هذه المرحلة استعادة سلطة الدولة والتنمية المستدامة والترقي التدريجي»، مؤكداً أن التيار الأزرق «يتسع لبعض التلاوين أو الشرائح الفكرية المتنوعة».
ولكن تيار المستقبل اليوم هو ناطق باسم طائفة في لبنان؟ يجيب وهبي بأن هذا التوصيف للتيار يناسب «من عنده رغبة استثنائية في تظهير التيار مذهبياً لتقابله مذهبية أخرى، ويناسب بعض المتشددين أو المتدينين في الطائفة السنية ليوصّفوا التيار بهذا الشكل حتى يأخذوه إلى موقعهم وتشددهم». وحسب رأي نائب البقاع الغربي، فإن تيار المستقبل «هو كما هو، يتسع لتلاوين متنوعة ويشبه في ذلك تنوع حركة فتح سابقاً».
ترشح وهبي على لائحة تيار «المستقبل» في البقاع الغربي عام 2009 ليكون من حصة «اليسار الديموقراطي» التي لم تستطع أن تقنع الرئيس سعد الحريري بأخذ مرشحها في عكار نعمة محفوض على لائحة التيار، و«ما بقدر زعّل (النائب السابق) عصام فارس»، كما قال يومها الحريري لإلياس عطا الله الذي أبعد عن الترشح مرة ثانية في طرابلس (كما رواها عطا الله لـ«الأخبار» سابقاً). أسقط في يد الحركة التي أخذت تبحث مع أعضاء فيها وإعلاميين ومع النائب وليد جنبلاط عن حل سحري لتمثيلها نيابياً. جاء الحل الذي فوجئ به وهبي حين أبلغ بقرار الحركة ترشيحه عن المقعد الشيعي في البقاع الغربي. وعن ذلك يقول: «ترشحي لم أصنعه أنا، بل حركة اليسار التي اتفقت مع سعد الحريري وسلمتني الاتفاق لتنفيذه». ويضيف: «التزمت القرار، وكان الاتفاق يقضي بأن أكون في تكتل المستقبل النيابي». مشى وهبي في الاتفاق إلى أن جرى بينه وبين حركة «اليسار» كباش سياسي.
بدأ «الكباش» عندما شكّلت حكومة الرئيس الحريري، إذ تنوعت الآراء داخل الحركة بين حجب الثقة عن حكومة الحريري الابن، أو التغيب عن الجلسة في حدّ أدنى. وهبي كان من جناح إعطاء الثقة، «كنت مؤمناً بأن الخروج من المأزق الذي نعيشه في لبنان لا يكون إلا بالحوار»، وأن «الحريري شكل حكومة وحدة وطنية تضم الجميع، وبالتالي أبقت التواصل بين جميع اللبنانيين للحدّ من الانقسام العمودي الحاد وتوفير بيئة للحوار الوطني». ويتابع وهبي سرد قصة إحراجه لإخراجه من حركة «اليسار»: «كان رأيي ألا نحجب الثقة عن حكومة كهذه (...) وحينما ناقشت بيانها الوزاري شددت على الحوار الوطني، لأننا في ظروف استثنائية ويجب أن نحافظ على السلم الأهلي». تمسك وهبي بقراره، و«صار هناك خلاف في وجهات النظر، ولاحقاً أخذت حركة اليسار تبتعد عني ولا تدعوني إلى اجتماعات أو لقاءات». ويوضح أن الحركة لم تفصله، لكنها «أنجزت استحقاقات تنظيمية عدة ولم تشركني فيها أو في مناقشاتها». ويتابع: «أنا رسمياًَ في كتلة تيار المستقبل النيابية، وأتعاطى مع التيار كحركة سياسية». وعمّا إذا كان سيترشح لدورة ثانية مع التيار، يرى أنه «بعد بكير. لنرّ القانون الذي سيعتمد أولاً. في المبدأ، أنا أشتغل سياسة قبل النيابة، وبالتالي لن أنسحب من الحياة السياسية، لكن في موضوع الترشح بعد بكير».

الثلاثاء، 2 أكتوبر 2012

بشير ليث





فليسقط بشير ليث



مسرحية لا نهاية لها.. كتبها اصدقاء في مقهى بيروتي!
(عفيف دياب)
***
مشهد اول (حزيران 2013)
.. وقال شهود عيان ان "وحدات من الجيش اللبناني" اجتازت الحدود السورية حيث شوهدت قافلة دبابات وعربات جند تتجه نحو   دمشق في مهمة عسكرية  قيل انها لوقف الاقتتال السوري ـ السوري وحماية الشعب السوري من التدخلات الخارجية ولمنع المغرر بهم من الوقوع  في افخاخ  العدو الصهيوني الغاشم. وقالت مصادر مطلعة ان الجيش اللبناني سيتخذ من اطراف دمشق الغربية مقرا لوحداته القتالية و"قوات الصاعقة" فيه اذ سيعمل على الفصل بين المتحاربين. كما افاد شهود عيان في شمال لبنان ان قوات من الجيش اللبناني عبرت الحدود السورية باتجاه الخط الساحلي السوري.
 وطالب سوريون مناهضون للنظام اللبناني وتدخله العسكري "الغاشم" بالتصدي لهذا "العدوان" السافر. واوضح رئيس الحركة الوطنية السورية تمام جنط،  الذي يتخذ من قصره في ريف الزبداني معقلا له، ان قواته المتحالفة مع منظمة التحرير العراقية ستتصدى لهذا التدخل العسكري اللبناني، واصفا وجود الجيش اللبناني على اراضي سورية بانه احتلال "غير مقبول".
 وفي اول تعليق لبناني رسمي على دخول وحدات عسكرية نظامية الى سوريا، قال رئيس الجهورية الفريق اول محفوظ ليث ان دخول قواته الى سوريا هو  :" لوقف الاقتتال الاهلي وحماية وحدة سورية ومنع تقسيم سورية الشقيقة". واضاف ان قادة في الجبهة السورية  عقدوا خلوة في معلولا و "طالبوننا بالتدخل لوقف العنف". كاشفا ان قواته ستكون من عداد قوات الردع العربية التي ستصل تباعا الى سوريا بناء على قرار عربي ـ دولي سيصدر لاحقا.
 وكانت محاور الاقتتال بين دمشق الغربية والشرقية قد شهدت اشتباكات عنيفة بمختلف انواع الاسلحة، فيما نشطت مجموعات الخطف على الهوية. كما سجلت اشتباكات بين مقاتلين تابعين للجبهة السورية واخرين من منظمة التحرير العراقية. وشهدت مدن حمص وحلب وحماة اعنف الاشتباكات. وقال شهود عيان ان دبابات الجيش اللبناني شوهدت على طريق اللاذقية، وان وحدات من الاستطلاع اللبناني وصلت الى مشارف حماة وحلب.
  وفي اول تحذير اسرائيلي قال ناطق عسكري ان قواته تراقب عن كثب الدخول العسكري اللبناني الى سوريا وتهديده امن  تل ابيب القومي. وقال ان اسرائيل ابلغت الاتحاد الروسي والولايات المتحدة بانها حذرت وحدات الجيش اللبناني من تجاوز الخطوط الحمراء في القنيطرة. ورد مصدر رئاسي لبناني على التهديد الاسرائيلي وقال ان القوات اللبنانية مهمتها حماية سورية من التقسيم و"لا يحق لاسرائيل التدخل في الشؤون العربية، وان الشعب السوري هو من طلب تدخل الجيش اللبناني".
***
مشهد ثان:
حقق مجلس النواب السوري  انجازا تاريخيا  ووضع اتفاقا لوقف الاقتتال الاهلي  بعد اجتماعات مكثفة في مدينة الطائف السعودية. وينص الاتفاق على وقف فوري لاطلاق النار على كافة الاراضي السورية، وحل الميليشيات، وبدء اصلاحات سياسية، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية وثم حكومة فانتخابات نيابية. وعلمت وكالة "طز" للانباء ان الاتفاق يقضي بان يتولى لبنان ادارة الشأن السوري لفترة زمنية يتفق عليها لاحقا بين البلدين، كما يتم الاتفاق بعد بناء الجيش السوري ومؤسسات الدولة السورية على المدة الزمنية لبقاء الجيش اللبناني في سورية.
***
مشهد ثالث:
  توصل المتقاتلون السوريون الى وقف شامل لاطلاق النار، وقد بدات البلاد تشهد هدوءا امنيا، فيما رفض الجنرال راسم حجر الاتفاق، مؤكدا انه لن يغادر القصر الجمهوري، بينما اعلن قائد القوات السورية الدكتور مش جامع شي موافقته على اتفاق الطائف وحل الميليشيات.
***
مشهد رابع:
  قال شهود عيان ان مقاتلات حربية لبنانية شوهدت وهي تقصف القصر الجمهوري في اطراف دمشق حيث يتحصن الجنرال رستم  حجر مع مجموعة من مناصريه. وقالت معلومات ان الجنرال حجر لجأ الى السفارة الايرانية بعد ان طلب من قواته الالتحاق بالجيش السوري الموحد بقيادة الجنرال امين وفي.
***
 مشهد خامس:
 وقع انفجار شمال العاصمة السورية، وتبين لاحقا ان عبوة استهدفت مسجدا.
***
مشهد سادس:
 قالت مصادر امنية سورية ان الاستخبالارات السورية مدعومة من الاستخبارات اللبنانية اوقفت قائد القوات السورية الدكتور مش جامع شي بتهمة تفجير المسجد.
***
مشهد سابع:
 كشف تقرير لوكالة مرحبا الدولية ان الحياة السياسية السورية اصبحت رهينة الجهازالامني اللبناني الذي يدير سورية بقبضة من حديد من مدينة  بلودان حيث مقر رئيس جهاز الامن والاستطلاع في القوات اللبنانية العاملة في سورية اللواء مقتحم كنيعو. واوضحت ان القمع الامني والسياسي والفساد المستشري، يدار من بلودان حيث يوفر  جهاز الاستطلاع الحماية لمنظومة متكاملة لا تنتهي عند تعيين  الوزراء والنواب وتقرير مصير رئاسة الجمهورية السورية.
***
مشهد ثامن:
 احتدمت الخلافات السياسية السورية ـ السورية حول شكل ادارة البلاد، وعلمت جريدة الف باء السورية ان قمة لبنانية ـ سورية ستعقد في بيروت. وان الرئيس السوري الممددة ولايته اياس هرم سيتوجه الى بيروت اليوم.
***
تابع للمشهد الثامن:
 وبعد لقاء القمة في بيروت، عرج الرئيس السوري على بلودان حيث التقى رئيس جهاز الامن والاستطلاع في القوات اللبنانية العاملة في سوريا اللواء مقتحم كنيعو. وقد جرى تبادل وجهات النظر حول العلاقة المشتركة بين البلدين ووحدة المسار والمصير بينهما.
***
مشهد تاسع:
 وشهدت ساحة المرجة اكبر تظاهرة سورية نددت  بالنظام  الامني اللبناني ووصايته على الحياة السياسية السورية. ورفع المتظاهرون صور قادة الاجهزة الامنية السورية الذين نكلوا بالشعب السوري بايعاز من الاستخبارات اللبنانية. واتهموا لبنان بالوقوف وراء مقتل رئيس الحكومة السورية فايق نايم.
***
 مشهد عاشر (سنة 2043)
 اصدر الرئيس اللبناني بشير ليث (وصل الى السلطة بعد رحيل والده محفوظ ليث) قرارا رئاسيا يقضي بانسحاب كامل للقوات اللبنانية المنتشرة في سوريا.
***
  نهاية مؤقتة او موقوتة: اندلعت احتجاجات في سهل البقاع اللبناني وشمال لبنان مطالبة برحيل نظام الرئيس بشير ليث القمعي ومنظومته الفاسدة ابا عن جد. 

(..وثبت بالدليل القاطع أن الخوف لا يلغي الفكرة فقط يؤجلها)



الثلاثاء، 25 سبتمبر 2012

رقصة الموت






                                               رقصة الموت 



عفيف دياب

  ان تكون صباحا في اعالي جرود عرسال، ومساء في مزارع مشاريع القاع وليلا في مقاهي زحلة وشتورة او بيروت وشوارعها القلقة، فهذا يعني ان  لعنة الجغرافيا والتاريخ والعلاقات المشتركة بين  سوريا ولبنان، وما بينهما من فرح وحزن وقتل واوجاع تحملها ممارسات سلطة مسها الشيطان هنا وقمع قاتل هناك، ستبقى تطاردك وتوجع رأسك لانك لم تعد تفهم حقيقة ما يجري في الاودية وبساتين التفاح، وداخل ازقة  فقراء قرى المصاهرة والعلاقات الانسانية الجميلة على جانبي الحدود. فالبراءة يخنقها حوت طوائف القتل هنا.. وتمساح الدموع هناك.
 ان تكون في جمهوريات الحدود اللبنانية ـ السورية،  فهذا سيدخلك الى حلبة رقص الطوائف والمذاهب هنا، ونقل العدوى الى البلاد الشقيقة  خلف الجبال الوعرة والسياج الاسود.
  تسمع قصص الوجع هنا وهناك وتحزن لموت بطيء يزحف نحو يباس حقول شعوب مقهورة لم تعرف شرقها بعد..
 هنا يفرحون لمقتلة النظام اليومية هناك..
 هنا يفرحون لهز عرش نظام يخبز فطيرة صباحه بدم مسفوك..
 هنا يفرحون لنظام  يلقي  براميل باروده الاسود..
 هنا يفرحون لنظام اصبح بلا مخالب..
 هنا يفرحون على انغام فقراء انتفضوا ولم يتعبوا بعد..
 هنا يرقصون على انغام رصاص مصهور بدم اقرانهم..
 هنا لا شيء الا فعل شيطان يأكل من لحمنا ومن لحمهم هناك.
 هنا وهنا وهنا.. لا فعل لنا الا الرقص على حدود موت  بلاد بلا اخلاق.

السبت، 22 سبتمبر 2012

فخامة الزعيم



 رئيس جمهورية عرسال:

          نسيطر على الحدود من القاع إلى الزبداني 

 


عفيف دياب

احتل علي الحجيري موقعاً متقدماً في الحياة السياسية اللبنانية. رئيس بلدية عرسال تحول إلى نجم إعلامي. انتقد بحدة 8 آذار وأصبح القائد الميداني لـ«ثوار 14 آذار». البعثي السوري السابق صار المطلوب رقم واحد في لبنان لنظام دمشق..
***************
لم يخن رئيس جمهورية عرسال العظمى، علي محمد الحجيري (46 عاماً) طبقته الاجتماعية حين انتقم من الفقر المدقع الذي ورثه أباً عن جد، فتحول بين ليلة وضحاها إلى صاحب «فخامة». زعامته لا تقل أهمية ودوراً عن فخامة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، أو زعامة «دولة» الرئيس سعد الحريري وسلفه فؤاد السنيورة. «فخامة» الزعيم علي الحجيري المنحوتة على وجهه صلابة الحجر العرسالي وقسوته، تخلّف ضحكته صدى براءة نقية تشبه أحجار زينة مقالع «جمهوريته» التي نحتها فقراء «شعبه» لشعوب جمهوريات لبنان. «عرساله» وتاريخها وأدوارها في الماضي والحاضر في مقارعة «فنون» الظلم والقمع، أمانة في عنقه، وهو الذي خبر كل أصناف التعب والقهر والجوع والصقيع والنضال وتدوير الزوايا كرمى لعيون عرسال، مفتخراً اليوم بأنه قائدها «إلى الأبد» لو كره الكارهون.
لم ينس الفريق أول في محور عرسال ــ سوريا علي «غيفارا» الحجيري (الملقب بأبو عجين) حكايات جدته عن زمن جده في مقارعة الانتداب الفرنسي في سوريا ولبنان أواسط عشرينيات القرن الماضي. كان جد رئيس بلدية عرسال، ثائراً في صفوف الثوار السوريين واللبنانيين ومقاتلاً مع «البعلبكي» توفيق هولو حيدر. اعتقل فحُكم عليه بالإعدام وصودرت أملاكه وبساتينه و«جرة» الذهب، مقابل إعفاء رقبته من مقصلة الموت: «اضطهد أجدادي كثيراً زمن الانتداب الفرنسي. كانت عائلتي وعرسال مع الثوار ضد ظلم الفرنسيين. كانوا مع بعلبك واللبوة والنبي عثمان وايعات ضد المستعمر». ويضيف بصوت حزين: «كان جدي مختاراً وعنده ألف رأس غنم وذهب ومساحات كبيرة من الأراضي الزراعية. لكن الانتداب صادر أملاك أجدادي، فهرب بعضهم إلى سوريا وعملوا عند الآغاوات في الزراعة والحراثة». ويقول الزعيم الحجيري: «ورث أبي الفقر والتعتير عن جدي، وورثت التعب عن أبي. وها أنا قد استعدت جزءاً كبيراً من أملاك أجدادي». ويردف بشغف المنتصر: «أملك وحدي اليوم 5 آلاف شجرة كرز ومشمش، عدا الأراضي الزراعية الأخرى في عرسال وجرودها وفي منطقة القاع».
ورث الزعيم الحجيري «ثورية» أجداده: «في عرسال تُرضع الأمهات أولادهن حليب التمرد والثورة»، يقول الرجل الذي هزم «عسس» الاستخبارات السورية يوم كانوا يحكمون لبنان، وخاض معارك انتخابات بلدية ضد إرادتهم و«انتصرت عليهم في انتخابات 1998 و2004 يوم رشحت ابن عمي، ولاحقاً في انتخابات 2010 رغم تحالف معظم القوى الحزبية والعائلية ضدي». يؤكد «أن لا أحد نازلني إلا انتصرت عليه. كان غازي كنعان يتصل بي لمعايدتي رغم عدم معرفتي به. فهو يعرف أنني هزمت رجاله بعد حرب طويلة في السياسة والتهريب، وصنعت هيكلاً لحزب البعث هنا ودمرته لاحقاً على رؤوسهم حين تحدوني».
ولد علي محمد الحجيري في عرسال ربيع عام 1966، تعلم الزراعة والحراثة بالفطرة، وتلقى تعليماً ابتدائياً في مدرسة راهبات قرية القاع، منهياً المرحلة المتوسطة في عرسال، و «تمردت على أبي والمدرسة والتحقت بمنظمة العمل الشيوعي وقاتلت على محاور الجبل وجبهة سوق الغرب بين 1984 و1985». لم يمكث الحجيري طويلاً في منظمة العمل الشيوعي، فوالده جمع أعضاء المنظمة في عرسال وهددهم بالقتل إن لم يعيدوا له ابنه علي أو أصابه مكروه، فـ«رجعت إلى الضيعة وبدأت العمل في التهريب نحو سوريا يوم كانت أميركا وفرنسا يحاصرانها، فوقفت معها وأخذت أهرّب البضائع بغض طرف من الاستخبارات السورية وبدعم منهم».
تمرد الحجيري على الاستخبارات السورية في 1988، فتحول إلى طريد، واختبأ في مناطق نفوذ وليد جنبلاط في الشوف حتى أعاد تنظيم العلاقة مع ضباط سوريين نجح في استغلال نقاط ضعفهم: «دفعت لهم الأموال للعفو عني والسماح لي بالعودة إلى تهريب البضائع نحو سوريا، وربطتني صداقات متينة مع بعضهم، فشكلوا حماية أمنية لي بعد أن عرفوا كذب التقارير الأمنية التي كان يكتبها مخبرو حزب البعث في عرسال ضدي». ويتابع: «أصبحت رقماً صعباً عند ضباط سوريين، وكنا ندخل إلى سوريا قافلة من 100 شاحنة محملة بمختلف أنواع البضائع على المكشوف، وكان الضباط يقولون لمخبريهم: اتركوا أبو عجين يعمل اللي بدو ياه».
علاقة الحجيري الجيدة بالاستخبارات السورية، أوجبت عليه أن يعمل على مساعدتهم في تنظيم صفوف حزب البعث في عرسال بعد أن ترهل: «طلب مني تنظيم وضع الحزب وضمّ مناصرين جدد إليه. نجحت في تنسيب 200 نصير». نقمت الاستخبارات السورية على الحجيري مرة أخرى، فترك مهنة التهريب وتفرغ للزراعة: «تركت التهريب نتيجة المضايقات الأمنية، ولأنني لم أعد قادراً على دفع الأموال للضباط السوريين، فتحولت إلى الزراعة في جرد عرسال ومشاريع القاع، ولكن بقيت على تواصل محدود مع السوريين، ثم افتتحت مقلعاً للحجر يعمل فيه أولادي اليوم».
تواصُل الحجيري مع السوريين استفاد منه ومن دعمهم غير المباشر في وصوله إلى سدة رئاسة بلدية عرسال سنة 1998 حيث أسهم التفاف عائلته حوله في تحدي بعض الأحزاب والعائلات واحتلال قيادة بلدية وبلدة رفع الحجيري من التباس علاقتها مع سوريا. نجاح الزعيم علي في تثبيت زعامته على عرسال وترسيخها، أدخله في إشكالات سياسية متنوعة مع السوريين ومع حزب البعث الذي طرد منه سنة 2001: «لم نكن نفهم على السوريين ولم يفهموا يوماً علينا». ويقول: «جاء مسؤول من البعث وعقد ندوة في الضيعة، طالباً منا أن نفعل كذا وكذا وأن مصلحة عرسال هنا وليست هناك. فاعترضت على كلامه وقلت له: اذهب وعلّم أهل قريتك، وغادرت الندوة فخرج جميع العراسلة منها». ويتابع: «نقم علي جماعة المخابرات السورية فطُردت من حزب البعث لأنني صرت معادياً للممانعة ولسوريا الاسد».
طرد «فخامة الزعيم» من حزب البعث لم يمنعه من إعادة ترطيب العلاقة مع الاستخبارات السورية التي طلبت منه الترشح للانتخابات البلدية عام 2004 في عرسال، فرفض مفضلاً دعم قريب له ومواجهة البعث حيث لم يصل لهم عضو بلدي واحد أو مختار لحي: «قلت لهم: سأهزمكم في عرسال، وهكذا حصل». هزم الحجيري «البعث السوري» وتمرد على الاستخبارات السورية إثر بنائه علاقة متينة مع الرئيس الراحل رفيق الحريري رغم توصية الأخير له بالحفاظ على علاقة ودية مع ضباط الشام في لبنان: «كنت على تواصل دائم مع الرئيس الشهيد ويعرف عرسال قرنة قرنة، ويعرف كل احتياجاتها». ويضيف أنه «حين استشهد الحريري طلبت الاستخبارات السورية مني مساعدتهم في منع الناس من النزول إلى التشييع في بيروت، فرفضت وأخذت أنظم مواكب العراسلة إلى بيروت، فغضبوا علي وأخذوا يهددونني، لكن انسحابهم أنقذني إلى أن جاءت الثورة السورية التي ندعمها».
بعد وصوله مرة ثانية إلى رئاسة بلدية عرسال في عام 2010، حقق علي الحجيري تواصلاً مقبولاً نسبياً مع حزب الله، و«لكن الحزب لا يريد التعاطي معنا إلا من خلفية طائفية. السيد نصر الله انتصر على إسرائيل في 2006، ولكن لا أدري لماذا انزلق إلى زواريب صغيرة وضيّع هذا النصر الكبير. فأنا مثلاً كنت ضد (الرئيس) فؤاد السنيورة وأصبحت معه كما كل عرسال». ويضيف: «عرسال اليوم مع الثورة السورية ضد بشار الأسد، ولا أخفي أننا ندعم الثورة هناك، ولكن أتحدى أن يثبت واحد أن في عرسال تنظيم قاعدة». ويقول ضاحكاً: «ثلاثة أرباع العراسلة لا يعرفون طريقة الوضوء، ولا يقبلون أصحاب اللحى»، مؤكداً أنه «وعرسال تعرضنا للكثير من إهانات البعث هنا وفي سوريا فلا تلومونا يا شباب».
زعيم عرسال الأوحد يفتخر بدعمه للثورة السورية ضد نظام الأسد: «لو كانت كل دول العالم مع بشار الأسد وشعبه وعرسال ضده فلن يبقى في الحكم»، ويضيف: «السوريون دمروا لي منزلاً في الجرد، وحطموا آخر في مشاريع القاع، ودمروا لي بئراً للمياه، ولكن لن اتراجع عن دعمي للثورة». ويتابع: «إذا كان هنالك تهريب للسلاح من عرسال إلى سوريا فاسألوا ضباط الأمن السوري وقادة البعث في لبنان، فهم أدرى بمن يهرب ويتاجر معهم هنا وفي سوريا». ويختم الحجيري: «نحن الآن نسيطر على الحدود من القاع إلى عرسال، وصولاً إلى ريف الزبداني. أكثر من 100 كلم مع سوريا تحت سيطرتنا».


راسي يابس
تنقسم عائلة زعيم عرسال، علي محمد الحجيري، إلى 4 أفخاذ: أبو علي، أبو قاسم، زيدان ومصطفى. وهي كبرى العائلات حيث يبلغ تعداد ناخبيها نحو 3 آلاف، ولكنهم منقسمون سياسياً وموحدون اجتماعياً. ويقول الحجيري إنه عاش في بيت ترابي مع 12 شقيقاً وشقيقة عدا جدته وعمته: «كنا نأكل المر، وأحياناً لم نكن نملك رغيف خبز إلى أن رزقنا الله». يضيف: «أنا مواطن فقير من عرسال أعيش بكرامة وعنفوان وراسي يابس». يتابع: «أنا فلاح ورئيس بلدية كبرى مثل بيروت وزحلة. أعيش مع زوجتي وأولادي السبعة في منزل صغير ومتواضع. نعمل جميعنا لنعيش بكرامة وهدوء كما حال أهالي بلدتي الفقراء. نرفض الظلم ونتحدى الظالم مهما كان جوره علينا من الفرنسيين إلى الإسرائيليين، وصولاً إلى نظام البعث. نموت هنا من البرد والصقيع ولن أنسى يوماً كيف تجمدت من الصقيع في الجرد وكدت أموت من البرد». ويختم: «والدي وأعمامي وأخوالي قاتلوا إسرائيل في الجنوب منذ 1969. والدي كان مقاتلاً مع قوات الصاعقة في العرقوب. كل عرسال ضد إسرائيل والظلم والقمع فلا يزايدنّ علينا أحد».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاخبار ـ العدد ١٨١٥ السبت ٢٢ أيلول    2012
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ