بين الفقراء وأهل السلطة والمال
عفيف دياب
دموع ليلى ق. الدمشقية وهي تروي قصة
هروبها من حي المزرعة الراقي في العاصمة السورية، لا تسمح لمحاورها بأن
يطرح عليها سؤالاً واحداً عن أحوال الشام. تجلس السيدة فوق حقيبة عند معبر
المصنع الحدودي قرب والدها العاجز عن المشي. يتوسل الأخير، المستند إلى
عكازه، ابنته أن تكف عن البكاء. تتدخل شقيقتها منى، وتأخذ المبادرة لتوجز
باختصار سبب نزوح العائلة من حي المزرعة العريق في دمشق الى بيروت.
«لا يحدث شيء عندنا في الحي، لكننا قررنا المجيء الى بيروت تحسباً» تقول، وتعود لتنتظر مع شقيقتيها ووالدهن وخادمة فيلبينية سيارة الأجرة اللبنانية التي ستقلّهم من المصنع إلى بيروت. تقصّ منى حكاية دمشقية لا تشبه حكايات فقراء دمشق في أحياء كفرسوسة والميدان والقدم والقابون والسيدة زينب وغيرها من مناطق التوتر. تقول إنه لا شيء يحدث في دمشق: «بس جايين كرمال نرتاح شوي ببيروت حتى عيد الفطر». وتضيف: «عادي ما في شي... متل ما عم تسمعوا». وتختم: «في مشاكل بالأحياء التانية. حوادث صغيرة وبتخلص. عنا ما في شي. مرتاحين».
ما لم تقله منى ابنة حي المزرعة في دمشق، ترويه عشرات النسوة في مراكز تجمّعات النازحين السوريين في سهل البقاع. فمنى وليلى وخادمتهما لا تسمح لهن المكانة الاجتماعية بالإقامة في مدرسة، كما فعلت أم سعد مع زوجها وأولادهما الثلاثة بعد رحلة هروب من الأحداث التي وقعت أخيراً في السيدة زينب إلى البقاع الغربي. أم سعد لم تنتظر سيارة أجرة لتقلها إلى منزل في بيروت. لم يكن عندها حرج أن تصعد في شاحنة «بيك ـــ آب» إلى مأوى للنازحين. لم تخف إلا على حياة أولادها ومصيرهم. رسمت مع زوجها خط سير النزوح القسري الى البقاع الأقرب إليهما من أي مكان آخر. يقول أبو سعد، المقيم في غرفة داخل ثانوية المرج الرسمية، إنه سمع نداءات من مكبرات صوت المساجد تطلب من الأهالي مغادرة الحي. ويضيف: «مشينا في البراري حتى وصلنا إلى منطقة في السويداء... نمنا في العراء، ولكن طائرة جاءت وقصفت بالصواريخ موقعاً فهربنا إلى أن وصلنا إلى هنا». يروي أبو سعد حكايات الحزن والموت في أحياء دمشق الفقيرة. وحكايات هروب الناس الى لبنان والسويداء «لم يبق أحد في السيدة زينب. معظم السكان نزحوا بسبب القصف والاشتباكات بين الجيش (النظامي) والجيش الحر»، أمضى خلالها الرجل 3 ايام سوداء في حياته: «ما خلصنا من القصف والموت حتى علقنا على معبر جديدة يابوس». ويضيف «وصلنا الى المصنع اللبناني وفتنا دغري على لبنان». خاتماً حديثه بالقول: «الله ينصر الجيش الحر عمّي».
حكاية أبو سعد وعائلته لا تختلف عن حكاية أحمد م. النازح من حي التضامن الدمشقي إلى البقاع: «خرجت مع زوجتي العراقية وابني من الحي حتى وصلنا إلى طريق المطار الدولي، ومن هناك استقللت سيارة الى جديدة يابوس حتى وصلت إلى المرج في البقاع». يضيف: «عند المصنع رفضوا إدخال زوجتي من دون فيزا، فجاء لبنانيون وتبرّعوا لي بالمال وساعدوني حتى وصلنا الى المدرسة». أما زوجته، فتروي كيف توفي طفلها في حي القدم جراء ضغط انفجار صاروخ. العراقية الهاربة من الموت في بلادها، حصد ابنها في ريف دمشق: «سقط صاروخ على الحارة فمات ابني من الضغط وعمره 4 اشهر». تتابع باكية: «ما صدقت انو هربت من العراق لارتاح حتى وجدت الموت أمامي في الشام».
جار لها في غرفة ثانوية المرج، خليل ع. يحكي بدوره قصة هروبه من بابيلا (ريف دمشق) ليلة الجمعة الماضية مع زوجته وأولاده الأربعة تحت القصف المدفعي المتبادل بين الجيشين النظامي والحر: «ما قدرنا نتحمل القصف فهربنا. بابيلا مدينة أشباح».
عشرات الحكايات عن القتل والموت يرويها النازحون من دمشق إلى البقاع. أكثر من 30 ألف سوري غادروا عاصمتهم وريفها خلال الأيام الماضية إلى البقاع ومختلف المناطق اللبنانية. أصحاب المال الذين اختفوا سريعا في الفنادق والشقق المفروشة لهم حكاياتهم المختلفة. لا تكترث جميلة ابو ح. التي تعرّف عن نفسها بأنها سيدة أعمال، بما يحكى عن شامها «شوية زعران لازم ينقلعوا يفلوا». تضيف من فندق 5 نجوم الذي أقامت فيه في البقاع الأوسط: «كنا مرتاحين وفجأة تغيرت الأحوال. اصطحبت الأولاد وأتينا إلى شتورة لنرتاح قليلاً. زوجي لا يزال في الشام. أمامه الكثير من العمل وهو ليس قادراً على تضييع الوقت وخسارة المال كرمى كم أزعر». سيدة الاعمال الدمشقية لا يعنيها إن سقط نظام الرئيس بشار الأسد أو بقي «مو فرقانة معي. آخر همي. المهم عايشين وما بتعنيني الحرية كثير». تتابع: «زوجي تعب كثيراً حتى نعيش مرتاحين. ولا أخفي أنه استفاد من قربه من النظام، لكن لم يعد يعنيني أمر النظام إن سقط، أو قصف الزعران بالصواريخ ودمّر منازل».
بخلافها، لا تخفي زميلتها في الفندق الحاجة ام محمد التقي خوفها على دمشق وسوريا. تتحدث عن أهمية الاصلاح السياسي والاقتصادي و«شوية حرية للشباب». وتضيف بلهجتها الشامية الجميلة «يعني يا ابني ما فينا نعطي حرية كبيرة لاولادنا.. هادول ما بيعرفوا كيف يشتغلوا. خرّبوا البلد كرمى لشي ما كتير مهم هلق». وتردف وهي تضحك: «الشام كتير حلوة. حرام اللي عم بيصير فيها». السيدة التي تفضل قضاء شهر رمضان بعيدا عن «القصف والرصاص» تؤكد أنها لا تحتاج إلى مساعدة من احد: «رزقنا كبير يا ابني، ونحنا مع النظام بس مع شوية اصلاحات وكل واحد هيك بياخذ حقو».
حكايات فقراء دمشق وأصحاب المال والسلطة، تعرفها الحكومة اللبنانية بكامل تفاصيلها. فالذين نزحوا قسراً من أصحاب المال والسلطة في سوريا لهم صداقات مع وزراء في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، حتى ان بعضهم يقيم في منازل وزراء وشخصيات مقرّبة من الحكومة. أصحاب المال تتحدث عنهم سياراتهم الفارهة وحركة تسوّقهم في شتورة وزحلة. ويمكن للمراقب في سهل البقاع أن يميز بوضوح بين قرب هذا الدمشقي من السلطة ومدى قرب الآخر من الثورة. حيث للفقراء مقار جهزت على عجل لإقاماتهم، وفنادق حجزت مسبقا لأغنياء الشام. وفي هذا الإطار يقول مصدر أمني في البقاع لـ«الأخبار» إن النظام السوري أبلغ جميع المقرّبين منه بوجوب إجلاء عائلاتهم مؤقتا إلى لبنان حتى تنتهي العملية الأمنية. ويضيف إن عشرات السوريين المقيمين في دمشق حجزوا غرفهم في الفنادق اللبنانية مسبقاً، فيما تولت مؤسسات أهلية ومدنية وخيرية مهمة تأمين مأوى للنازحين من أحياء دمشق الفقيرة. ويكشف أن جهازه الأمني رصد وجود شخصيات سورية مرموقة وبارزة في النظام: «وصلت الى البقاع وبيروت وكسروان والمتن خلال الأسبوع الماضي».
العبور السوري الى لبنان عبر بوابة المصنع، الذي تراجع على نحو كبير في الأيام القليلة الماضية، أحصته أجهزة رسمية لبنانية ومؤسسات إغاثة دولية. ويكشف مصدر في الامن العام اللبناني لـ«الأخبار» أن حركة العبور السوري تراجعت نحو لبنان مقارنة بما جرى في الأسبوع الماضي. ويضيف «سُجّلت حركة مغادرة خلال يومي الاحد والاثنين الماضيين، لكنها كانت خجولة». موضحاً أن نسبة مغادرة السوريين لبنان عبر المصنع «لا تتجاوز 10 في المئة ممن دخلوا مؤخراً». لافتا الى عبور 31 الف سوري الاسبوع الماضي.
هذا النزوح من دمشق نحو سهل البقاع والداخل اللبناني، أربك المؤسسات الانسانية الدولية مع تمنّع المؤسسات الرسمية اللبنانية عن متابعة الملف وإجراء إحصاء دقيق وموثق للنازحين الفعليين. ويقول ناشط في مؤسسة دولية لـ«الأخبار» إن فريقه أجرى إحصاءً أولياً أظهر وجود حوالى عشرة آلاف نازح سوري من دمشق وريفها «بحاجة ماسة الى مساعدات وطبابة»، موضحاً أن وزارة الشؤون الاجتماعية «أرسلت فريقاً طبياً عاين بعض الأطفال والمرضى السوريين في البقاعين الاوسط والغربي»، معرباً عن اعتقاده بأن «التوتر الامني في سوريا سيدخل لبنان والمؤسسات الاجتماعية الدولية في أزمة علاقة بسبب سوء التنسيق والمتابعة المشتركة».
سوء التنسيق اللبناني الرسمي في متابعة شؤون النازحين اللبنانيين، فتح الباب واسعاً أمام مؤسسات دينية واجتماعية لبنانية وهيئات بلدية للعمل وفق الإمكانات المتوافرة. يقول رئيس بلدية المرج في البقاع الغربي عماد الشموري إن بلدته استقبلت خلال الأيام الماضية 113 عائلة سورية نازحة من دمشق وريفها، موضحاً أن أكثر من 30 عائلة تقيم في ثانوية البلدة الرسمية، فيما توزعت بقية العائلات على منازل قدمها الأهالي، لافتاً إلى أن أهالي بلدته المرج يقدمون وجبات غذائية يومياً للعائلات النازحة. ويلفت الشموري إلى أن الحكومة اللبنانية لم ترسل أحداً لإجراء إحصاء «وحده الوزير وائل ابو فاعور أرسل أطباء وكميات من الادوية من وزارة الشؤون لمعاينة النازحين المرضى».
«لا يحدث شيء عندنا في الحي، لكننا قررنا المجيء الى بيروت تحسباً» تقول، وتعود لتنتظر مع شقيقتيها ووالدهن وخادمة فيلبينية سيارة الأجرة اللبنانية التي ستقلّهم من المصنع إلى بيروت. تقصّ منى حكاية دمشقية لا تشبه حكايات فقراء دمشق في أحياء كفرسوسة والميدان والقدم والقابون والسيدة زينب وغيرها من مناطق التوتر. تقول إنه لا شيء يحدث في دمشق: «بس جايين كرمال نرتاح شوي ببيروت حتى عيد الفطر». وتضيف: «عادي ما في شي... متل ما عم تسمعوا». وتختم: «في مشاكل بالأحياء التانية. حوادث صغيرة وبتخلص. عنا ما في شي. مرتاحين».
ما لم تقله منى ابنة حي المزرعة في دمشق، ترويه عشرات النسوة في مراكز تجمّعات النازحين السوريين في سهل البقاع. فمنى وليلى وخادمتهما لا تسمح لهن المكانة الاجتماعية بالإقامة في مدرسة، كما فعلت أم سعد مع زوجها وأولادهما الثلاثة بعد رحلة هروب من الأحداث التي وقعت أخيراً في السيدة زينب إلى البقاع الغربي. أم سعد لم تنتظر سيارة أجرة لتقلها إلى منزل في بيروت. لم يكن عندها حرج أن تصعد في شاحنة «بيك ـــ آب» إلى مأوى للنازحين. لم تخف إلا على حياة أولادها ومصيرهم. رسمت مع زوجها خط سير النزوح القسري الى البقاع الأقرب إليهما من أي مكان آخر. يقول أبو سعد، المقيم في غرفة داخل ثانوية المرج الرسمية، إنه سمع نداءات من مكبرات صوت المساجد تطلب من الأهالي مغادرة الحي. ويضيف: «مشينا في البراري حتى وصلنا إلى منطقة في السويداء... نمنا في العراء، ولكن طائرة جاءت وقصفت بالصواريخ موقعاً فهربنا إلى أن وصلنا إلى هنا». يروي أبو سعد حكايات الحزن والموت في أحياء دمشق الفقيرة. وحكايات هروب الناس الى لبنان والسويداء «لم يبق أحد في السيدة زينب. معظم السكان نزحوا بسبب القصف والاشتباكات بين الجيش (النظامي) والجيش الحر»، أمضى خلالها الرجل 3 ايام سوداء في حياته: «ما خلصنا من القصف والموت حتى علقنا على معبر جديدة يابوس». ويضيف «وصلنا الى المصنع اللبناني وفتنا دغري على لبنان». خاتماً حديثه بالقول: «الله ينصر الجيش الحر عمّي».
حكاية أبو سعد وعائلته لا تختلف عن حكاية أحمد م. النازح من حي التضامن الدمشقي إلى البقاع: «خرجت مع زوجتي العراقية وابني من الحي حتى وصلنا إلى طريق المطار الدولي، ومن هناك استقللت سيارة الى جديدة يابوس حتى وصلت إلى المرج في البقاع». يضيف: «عند المصنع رفضوا إدخال زوجتي من دون فيزا، فجاء لبنانيون وتبرّعوا لي بالمال وساعدوني حتى وصلنا الى المدرسة». أما زوجته، فتروي كيف توفي طفلها في حي القدم جراء ضغط انفجار صاروخ. العراقية الهاربة من الموت في بلادها، حصد ابنها في ريف دمشق: «سقط صاروخ على الحارة فمات ابني من الضغط وعمره 4 اشهر». تتابع باكية: «ما صدقت انو هربت من العراق لارتاح حتى وجدت الموت أمامي في الشام».
جار لها في غرفة ثانوية المرج، خليل ع. يحكي بدوره قصة هروبه من بابيلا (ريف دمشق) ليلة الجمعة الماضية مع زوجته وأولاده الأربعة تحت القصف المدفعي المتبادل بين الجيشين النظامي والحر: «ما قدرنا نتحمل القصف فهربنا. بابيلا مدينة أشباح».
عشرات الحكايات عن القتل والموت يرويها النازحون من دمشق إلى البقاع. أكثر من 30 ألف سوري غادروا عاصمتهم وريفها خلال الأيام الماضية إلى البقاع ومختلف المناطق اللبنانية. أصحاب المال الذين اختفوا سريعا في الفنادق والشقق المفروشة لهم حكاياتهم المختلفة. لا تكترث جميلة ابو ح. التي تعرّف عن نفسها بأنها سيدة أعمال، بما يحكى عن شامها «شوية زعران لازم ينقلعوا يفلوا». تضيف من فندق 5 نجوم الذي أقامت فيه في البقاع الأوسط: «كنا مرتاحين وفجأة تغيرت الأحوال. اصطحبت الأولاد وأتينا إلى شتورة لنرتاح قليلاً. زوجي لا يزال في الشام. أمامه الكثير من العمل وهو ليس قادراً على تضييع الوقت وخسارة المال كرمى كم أزعر». سيدة الاعمال الدمشقية لا يعنيها إن سقط نظام الرئيس بشار الأسد أو بقي «مو فرقانة معي. آخر همي. المهم عايشين وما بتعنيني الحرية كثير». تتابع: «زوجي تعب كثيراً حتى نعيش مرتاحين. ولا أخفي أنه استفاد من قربه من النظام، لكن لم يعد يعنيني أمر النظام إن سقط، أو قصف الزعران بالصواريخ ودمّر منازل».
بخلافها، لا تخفي زميلتها في الفندق الحاجة ام محمد التقي خوفها على دمشق وسوريا. تتحدث عن أهمية الاصلاح السياسي والاقتصادي و«شوية حرية للشباب». وتضيف بلهجتها الشامية الجميلة «يعني يا ابني ما فينا نعطي حرية كبيرة لاولادنا.. هادول ما بيعرفوا كيف يشتغلوا. خرّبوا البلد كرمى لشي ما كتير مهم هلق». وتردف وهي تضحك: «الشام كتير حلوة. حرام اللي عم بيصير فيها». السيدة التي تفضل قضاء شهر رمضان بعيدا عن «القصف والرصاص» تؤكد أنها لا تحتاج إلى مساعدة من احد: «رزقنا كبير يا ابني، ونحنا مع النظام بس مع شوية اصلاحات وكل واحد هيك بياخذ حقو».
حكايات فقراء دمشق وأصحاب المال والسلطة، تعرفها الحكومة اللبنانية بكامل تفاصيلها. فالذين نزحوا قسراً من أصحاب المال والسلطة في سوريا لهم صداقات مع وزراء في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، حتى ان بعضهم يقيم في منازل وزراء وشخصيات مقرّبة من الحكومة. أصحاب المال تتحدث عنهم سياراتهم الفارهة وحركة تسوّقهم في شتورة وزحلة. ويمكن للمراقب في سهل البقاع أن يميز بوضوح بين قرب هذا الدمشقي من السلطة ومدى قرب الآخر من الثورة. حيث للفقراء مقار جهزت على عجل لإقاماتهم، وفنادق حجزت مسبقا لأغنياء الشام. وفي هذا الإطار يقول مصدر أمني في البقاع لـ«الأخبار» إن النظام السوري أبلغ جميع المقرّبين منه بوجوب إجلاء عائلاتهم مؤقتا إلى لبنان حتى تنتهي العملية الأمنية. ويضيف إن عشرات السوريين المقيمين في دمشق حجزوا غرفهم في الفنادق اللبنانية مسبقاً، فيما تولت مؤسسات أهلية ومدنية وخيرية مهمة تأمين مأوى للنازحين من أحياء دمشق الفقيرة. ويكشف أن جهازه الأمني رصد وجود شخصيات سورية مرموقة وبارزة في النظام: «وصلت الى البقاع وبيروت وكسروان والمتن خلال الأسبوع الماضي».
العبور السوري الى لبنان عبر بوابة المصنع، الذي تراجع على نحو كبير في الأيام القليلة الماضية، أحصته أجهزة رسمية لبنانية ومؤسسات إغاثة دولية. ويكشف مصدر في الامن العام اللبناني لـ«الأخبار» أن حركة العبور السوري تراجعت نحو لبنان مقارنة بما جرى في الأسبوع الماضي. ويضيف «سُجّلت حركة مغادرة خلال يومي الاحد والاثنين الماضيين، لكنها كانت خجولة». موضحاً أن نسبة مغادرة السوريين لبنان عبر المصنع «لا تتجاوز 10 في المئة ممن دخلوا مؤخراً». لافتا الى عبور 31 الف سوري الاسبوع الماضي.
هذا النزوح من دمشق نحو سهل البقاع والداخل اللبناني، أربك المؤسسات الانسانية الدولية مع تمنّع المؤسسات الرسمية اللبنانية عن متابعة الملف وإجراء إحصاء دقيق وموثق للنازحين الفعليين. ويقول ناشط في مؤسسة دولية لـ«الأخبار» إن فريقه أجرى إحصاءً أولياً أظهر وجود حوالى عشرة آلاف نازح سوري من دمشق وريفها «بحاجة ماسة الى مساعدات وطبابة»، موضحاً أن وزارة الشؤون الاجتماعية «أرسلت فريقاً طبياً عاين بعض الأطفال والمرضى السوريين في البقاعين الاوسط والغربي»، معرباً عن اعتقاده بأن «التوتر الامني في سوريا سيدخل لبنان والمؤسسات الاجتماعية الدولية في أزمة علاقة بسبب سوء التنسيق والمتابعة المشتركة».
سوء التنسيق اللبناني الرسمي في متابعة شؤون النازحين اللبنانيين، فتح الباب واسعاً أمام مؤسسات دينية واجتماعية لبنانية وهيئات بلدية للعمل وفق الإمكانات المتوافرة. يقول رئيس بلدية المرج في البقاع الغربي عماد الشموري إن بلدته استقبلت خلال الأيام الماضية 113 عائلة سورية نازحة من دمشق وريفها، موضحاً أن أكثر من 30 عائلة تقيم في ثانوية البلدة الرسمية، فيما توزعت بقية العائلات على منازل قدمها الأهالي، لافتاً إلى أن أهالي بلدته المرج يقدمون وجبات غذائية يومياً للعائلات النازحة. ويلفت الشموري إلى أن الحكومة اللبنانية لم ترسل أحداً لإجراء إحصاء «وحده الوزير وائل ابو فاعور أرسل أطباء وكميات من الادوية من وزارة الشؤون لمعاينة النازحين المرضى».
ــــــــــــــــــــــــــــــ
الاخبار ـ العدد ١٧٦٧ الخميس ٢٦ تموز ٢٠١٢