الأربعاء، 7 نوفمبر 2012

المستقبل




 «المستقبل» وعوارض الــــشيخوخة المبكرة


عفيف دياب
أظهرت الأحداث والتطورات الأمنية والحراك الشعبي المنظم والغوغائي، خلال الساعات الماضية، أن تيار المستقبل لم يعد ذاك التيار الأنيق. سماؤه الزرقاء أصبحت ملبّدة بغيوم سوداء لا تهطل إلا إطارات مشتعلة. أثبت التيار في الأحداث الأخيرة أنه لم يعد يملك الشارع، وكذلك قراره ومساره وحتى مصيره. لقد تراجع «المستقبل» وفقد السيطرة على من يدّعي تمثيلهم، وهو حكماً سيحتاج الى جهد كبير لمعرفة سر إصابته بالشيخوخة المبكرة.
من السابق لأوانه القول إن تيار المستقبل انتهى. يقول أحد قادة التيار البارزين في تقويمه لما جرى في الشارع منذ الإعلان عن استشهاد اللواء وسام الحسن. يعترف الرجل بـ«دعسة ناقصة» حصلت، و«لم تكن في الحسبان». يرى أن دعوة التيار إلى المشاركة الشعبية في تشييع الحسن كانت «إعلامية، ولم ننزل الى الأرض للمواكبة والمتابعة». ويكاشف في دردشة مع «الأخبار» أن قوى تعيش بين ظهراني التيار كانت «أسرع منا في السيطرة على الشارع وقطع الطرق وإشعال الإطارات». ويوضح أن المسلحين الذين انتشروا في أكثر من منطقة لبنانية «لا يتلقون أوامرهم من تيار المستقبل، بل هم مجموعات فاتحة على حسابها».
محاولة «المستقبل» الهروب من تحمّل عبء الأخطاء التي حصلت قبل تشييع الحسن وخلاله وبعده «لا يعفينا نسبياً من تحمل المسؤولية». ويتابع القيادي في التيار إن «الخطأ الذي وقعنا فيه هو عدم دفع جمهورنا الواعي الى النزول وقطع الطريق على الغوغائيين». يضيف: «كان علينا أن نحشد أكثر ونعمل ميدانياً بطريقة منظمة». يعيد السبب الى «حجم خسارتنا المفاجئة للواء الحسن والبلبلة التي أصابتنا». ويؤكد أن «الظهور المسلح يعرفه الجيش اللبناني جيداً، ومن يقف وراءه، ومن هم هؤلاء المسلحون ولمن يتبعون»، معلناً براءة تياره من أفعال المسلحين وحواجزهم والاعتداء على المواطنين وفق هوياتهم المذهبية. و«على القوى الأمنية توقيف هؤلاء وإنزال أشد العقوبات بهم».
نفي قادة في «المستقبل» التهم الموجهة إليهم، وأن يكون ما وقع في الشارع من إنتاجهم أو قراراً صدر عن «شيخهم» الرئيس سعد الحريري يدفعهم إلى إلقاء التهمة على «متطرفين إسلاميين استغلوا اغتيال اللواء وسام الحسن ودعوة التيار الى تشييعه شعبياً وفعلوا ما فعلوا». ويضيف أحد مسؤولي التيار إن «أخطاءً حصلت وأبلغنا الجيش اللبناني أننا لسنا مسؤولين عما كان يحدث في الشارع»، كاشفاً عن أن تعاون «الزرق» مع الجيش اللبناني «أثمر إعادة الأمور الى طبيعتها في أكثر من منطقة، ولا سيما في البقاع وبيروت».
محاولات التيار تبرئة ساحته مما جرى في الشارع وتنصله من تحمل المسؤولية، لم تمنع فتح نقاش داخل «المستقبل» عن مدى حضوره اليوم في الشارع. ويكشف متابعون في التيار لـ«الأخبار» أن القيادة اتخذت قراراً بإعادة تقويم وضع التيار شعبياً، وأين كانت الدعسات الناقصة وكيفية تفاديها على أبواب الانتخابات النيابية. ويعترف أحد المسؤولين بأن التيار أصيب منذ سنة بترهل تنظيمي وحتى سياسي، متحدثاً عن ضرورة «إجراء نقد ذاتي». ويتابع: «نعم، هناك أخطاء تراكمت الى أن حصل ما حصل». ويضيف «علينا أن لا نجلد أنفسنا كثيراً»، معدداً أبرز هذه الأخطاء:
ــ خلل تنظيمي حيث عملت المحسوبيات السياسية والمناطقية على وضع مسؤولين لا يتمتعون بحسّ القيادة وأخذ زمام المبادرة، و«نحن كنا قد بدأنا بإجراء تعديلات منذ عدة أشهر». فقدان التواصل بين القيادة والقواعد الشعبية وغياب مبدأ المحاسبة التنظيمية. تراجع الخدمات التي كان يقدمها التيار لجمهوره وإقفال مؤسسات اجتماعية وطبية نتيجة شح المال. تحول التيار الى شركة يتقاضى موظفوها رواتبهم آخر الشهر، بغض النظر عن مدى فعاليتهم وحضورهم وإنتاجيتهم.
أما على الصعيد السياسي، فإن الأخطاء المتراكمة منذ سقوط حكومة الرئيس سعد الحريري «ليست ذات قيمة كبرى»، يقول المسؤول «المستقبلي»، لكنه يعترف بوجود «إدارة سياسية سيئة» داخل فريق 14 آذار «انعكست على جمهورنا الذي شعر بإحباط من أدائنا». يقر بأن المشاركة الشعبية في تشييع اللواء وسام الحسن «لم تكن بقدر ما توقعناه، رغم أنها كانت مقبولة نسبياً. فالحشد الشمالي والبقاعي كان أقل من المتوقع».
سياسة
العدد ١٨٤٣ الخميس ٢٥ تشرين الأول ٢٠١٢

سعدنايل والاسير










سعدنايل تقاطع الأسير و«خطاب الفتنة»



رفعت لافتات ترفض الطائفية والكلام المذهبي (أرشيف ـ مروان طحطح)
عفيف دياب
تقدمت بلدة سعدنايل البقاعية خطوة الى الأمام بمقاطعتها العارمة لحفل خطابي للشيخ احمد الاسير اقيم عصر امس في منشية البلدة. رفض سعدنايل احتضان الاسير ليس موقفاً ضد الرجل على المستوى الشخصي، بل هو رفض لخطابه السياسي التحريضي والمثير للغرائز الطائفية والمذهبية، الذي ترفضه البلدة. مقاطعة سعدنايل لاحتفال الشيخ الاسير ومعه القيادي السابق في تيار المستقبل محمد سلام، سبقتها مروحة واسعة من الحوارات في البلدة حول جدوى إقامة احتفال تضامني مع سوريا وثورتها ضد نظام الرئيس بشار الاسد، يكون خطيبه الاول الشيخ الاسير. وافتتح نقاش مستفيض طوال الاسبوع الماضي مع رابطة شباب البلدة لاقناعها باقامة الاحتفال التضامني من دون إشراك الاسير فيه، لما يحمله خطابه من تطرف واثارة للغرائز وتالياً احداث نوع من الشقاق مع الجوار البلدة بغنى عنه. وقالت جهات متابعة للاتصالات ان سعدنايل تدعم الثورة السورية، لكن التضامن لا يكون بخطاب سياسي يثير النعرات المذهبية. وقد اقنع هذا الكلام تيار المستقبل، الذي اوعز الى مناصريه بعدم المشاركة في الاحتفال، وهذا ما تحقق فعلياً، امس، من خلال مقاطعة التيار مع باقي مكونات البلدة السياسية الاخرى اللقاء، الذي اقتصر حضوره الشعبي على جمهور احضره الاسير معه من صيدا في 5 حافلات نقل كبيرة، اضافة الى مشاركة نحو 100 شخص من حي العمرية التابع اداريا لسعدنايل، وعدد محدود جدا من ابناء البلدة، تقدمهم المدان بجرم التعامل مع إسرائيل زياد الحمصي.
استشعار سعدنايل خطر خطاب الشيخ الاسير عليها وعلى علاقاتها مع الجوار ومدى الانعكاس الاقتصادي على سوقها التجارية، ألزم بلدية البلدة اول من امس باجراء اتصالات مع الاسير لاقناعه بعدم الحضور إلى سعدنايل، لكن المحاولة باءت بالفشل مع اصرار الاسير على الحضور متذرعاً بعدم قدرته على رفض دعوة وجهت اليه من رابطة شبابية في البلدة. وقال المتصلون به لـ «الاخبار» ان الشيخ الصيداوي تنبه الى وجود مقاطعة شعبية له في سعدنايل، فأحضر جمهوره معه من صيدا حتى يعطي ايحاءً اعلاميا بأن له مناصرين في سعدنايل ومنطقتها. وقال رئيس بلدية سعدنايل خليل الشحيمي لـ « الاخبار» ان البلدية عملت طوال الاسبوع الماضي على تدارك اقامة لقاء سياسي يتقدمه الاسير . واضاف ان بلدته مجمعة على الابتعاد عن التوتر والخطاب الطائفي ـ المذهبي، موضحا ان سعدنايل تريد افضل العلاقات مع الجوار وصولا الى بعلبك ـ الهرمل و« نرفض كل من يثير الغرائز. فسعدنايل ليست منبراً لتوجيه الشتائم السياسية إلى اي طرف لبناني مهما كان الخلاف السياسي معه»، مؤكدا ان بلدته تدعم الثورة السورية و«لا يمكن لاحد ان يزايد علينا في هذا الامر». وتابع: « يوم فتحت سعدنايل ابوابها لاستقبال اللاجئين السوريين لم يكن احد موجوداً، ومن غير المسموح به الاتجار السياسي باسم البلدة او القول انها تتبع لهذا الطرف او ذاك»، معلنا ان سعدنايل « ترفض ان تكون شرارة للفتنة ».
خطوة سعدنايل السياسية اللافتة، ورفع لافتات في الشارع الرئيسي معلنة رفض التعصب والكلام المذهبي، حوّلاها الى ثكنة عسكرية، امس، مع اصرار المنظمين على اقامة الاحتفال في مكان عام، لم تنجح محافظة البقاع في منعه وفق القوانين المرعية الاجراء، بعد ابلاغ المحافظ انطوان سليمان رفض البلدة إقامة احتفال سياسي كهذا. وأكد رئيس رابطة شباب سعدنايل، صاحبة الدعوة، عمر الحلبي لـ «الاخبار » أن الدوائر الرسمية لم تطلب الغاء الاحتفال، «بل طلبوا ان لا نقيمه على الطريق العام». وأوضح أن الرابطة ابلغت رئيس البلدية الاسبوع الماضي نيتها اقامة احتفال تضامني مع سوريا بمشاركة الاسير، «ووافق الريس، متمنياً علينا ان لا نرفع لافتات تحمل كلاما سياسيا لاذعاً»، لكنه قال إن الرابطة فوجئت بعد يومين باتصال من احد اعضاء البلدية « يطلب الغاء الاحتفال والاعتصام... ولم نتمكّن من الغاء اللقاء لأننا حددنا مكانه وزمانه وخطيبه الشيخ احمد الأسير والصحافي محمد سلام ». ولفت الى ان الاحتفال « مر على خير ولم يحدث مكروه».
وتحدّث الأسير في الاحتفال أمس، مكرراً كلامه المعروف عن سوريا ونظامها، وتهجمه المعهود على حزب الله، كما تحدث سلام ومختار حي العمرية في سعدنايل محمد الأحمد باسم رابطة شباب البلدة.
سياسة
العدد ١٨٥١ الاثنين ٥ تشرين الثاني ٢٠١٢