الثلاثاء، 1 نوفمبر 2011

آيات فجر الفقراء


                               
                           آيات فجر الفقراء
.. ولهم إنحناءات الفصول ووصايا السماء.. لهم القصائد النازفة
وشموخ الجبال وتجاعيدها.. لهم الهتاف وأهازيج الحرية ولافتات الساحات
والعّلَم ونشيده ونحيبنا الذي يتململ تحت أقدامهم، وارواحنا التي أحيوها بموتهم وبصمتنا القاتل

 *****
زيت مصباحنا آمالٌ معتّقة تضيء صمتنا لئلا يضيع صوتنا المبعثر على بقايا أمل..
لقد حان وقت الهطل والحصاد.. إفتحوا صدوركم يا اولاد الارض لقوافل الغيم. لم نعد نرغب بعدل الرب المتروك لأجلٍ غير مسمّى ..
قهرنا وصل إلى حدود الكفر بالله.. وصمته الموجع.
كل المدن تلوذ برداء الرب والرب مستقيل..
الماَذن تستجدي كلمة صدق، فيخرج نعيق غراب يسبّح بحمد جلاده ورصاص حقده..
ستكون لنا صلاتنا النقية وماَذننا البيضاء كقلوبنا وبياض ارواحنا المعتقة برائحة تراب حقولنا..
ينبض حلم في مهب اللوعة ونستفيق على وطن قبل أن نشيخ كالأمثال الجامدة..
بهدوء ينساب الضوء في تابوت الجثمان ويعيد تشكّل الهواء في رئتيه معلناً نقطة البدء الجديد لحريتنا المسلوبة.. عباءات صهيل الانبياء تغطي وجه القاتل.. وكتابهم الاصفر يرمي الطفل برصاصة! 
 *****
سيورق الليل صبحاً. إنه ليل عابر سيقتله الضوء يا ابناء آدم ..سنرتدي ظلّ من رحلوا ونقيم طقوس العناق  ونسجد لعشق حريتنا تحت محراب قمحنا.. وبين طيات مجد شوارعنا.
لقد دقت ساعة ولادة الحياة.  ها نحن نشعر بدفء غريب. تراه دفء الوجع والحنين؟؟
*****
يا قاتل.. لحنك هزيل وأغانينا تُثمِلُ الأصداء فارحل الآن قبل بزوغ الفجر.
كلّما فحّت ثعابينكَ .. جنّ رقص أمواجنا. لن يخذل البحر أمواجه، فموجنا غافٍ في دفءِ حلمٍ لا ينام.
يا قاتل.. سيجلدكَ الشعب على ناصية عرشه ؛ والعاصي الحزين كاَخر حكاية شتوية روتها جدتي، لن يبقَى حزيناً. وقاسيون سيمطر شهباً ..والشام ستلتحف ياسمينها من جديد تحت سماء تغطي وجه الله..
وستحل حوران ضفائرها سنابل قمح في وجه صبحٍ ..وسيكون الحصاد خبزا طيبا..
وجعنا أكبر من دمع.. وأشدّ من لهب، وقلوبنا الصغيرة نبضها كبير على وسع مدى حقولنا.
قلوبنا العاشقة للحرية تستطيع أن ترتّل قراَنٌ من الأمل في نبضة واحدة تشبه وجه جدتي..
*****
من على إبتساماتهم التي تعلو وجوههم الميتة ..ستكتب الحياة لهم.. لنا!
هكذا همست دمائهم لنا ذات بوح؛ ولبوح دمائهم أرائك من جلنار سنغفو عليها من اجل ربيع جميل..
سيشرق النبيذ من شفاه العطش.. ونروي عطشنا من شفاه التراب،
وسنكتب خاتمة الموت ..مسكاً وقصائد آيات فجر الفقراء..
بلادٌ منذورة للحرية أسمع وقع أقدامها المقدسة فوق عتابات مكة وبيت لحم.
حلم قريب  والفرح نبضه قدس حيفا وزيتون الجليل.. وتفاح مجدل شمس..
سوريا سيدة الصباحات تهزّ عرائش الله.. ونبيذ الخلاص يروي شرقنا.
                                                                                 عفيف \ يسرى

قمر أسود

                                قمر أسود

كانت تصطاد النّجوم .. بين نجم ونجم ضاع بريقها...
كانت تنسج من أضواءها مسبحة تدعوها عمرا و من ليلها سجّادة صلاة...
كانت تركع له و تنتظره من الدّجى إلى تبعثر شعاع شمسها...
كانت ترقبه كلّما اكتمل و أينع ربيعه في ظلامها...
إنّه القمر ترسل له مع هلاله موعدا...

سألته مرّة: أينك؟؟؟ فأجاب:
أكرهكِ، أنا أكره كلّ دمعة نزلت في حقّي و كلّ أصواتكِ التّي تعوّدتُ أن أسمعها لترسم لي مملكة دون قلوع... سأمسحكِ كالطّبشور من ألواح ذاكرتي وسأغسل بالورد جفوني.. و سأقلع عن تدخينكِ مرّة واحدة.. فحبّكٍ مرّ و حرف مسموم..

همهمت لحظة، ثمّ تبسّمت و قالت:
انظر كيف ينزل الغيم في عتم ليال شرقيّة..كيف الرّياح تغفو في بؤبؤ عينيك العسليّة... لا حاجة لي بأزمنة تفترش أقدارا وهميّة... فبوقع دقّاتك أمشي إلى آخر الدّنيا بسرعة سنوات محيطاتك الضوئيّة و براكين الفجر و الضحى في ابتسامات ثغرك الصوتيّة...
أردفت و أضافت:
أنا سيّدتكَ الجبال.. فارفعني لأسكن السّحاب و أتقن الغياب بين غيمة و غيمة...فألواني كلّها ساطعة لا تحجبها الحجب الماطرة...ارفعني و دعني أرى ظهور الشّمس دون شروق .. فضوء عينيكَ يكفيني لأراكَ دون سواء بعد نزع كلّ الأقنعة.....
أنتَ سمائي و فصولي الأربعة.. إذ أزهر الرّبيع في عينيك.. فرفيف جناحي فراشكَ يضحك..
أينعت، في أحداقك، ورودا لم أعرف غيراللّون اللّيلكي...
بل حتّى شعاع القمر تغيّر... بين أزرق و أخضر و عسليّ..
كيف لا و كلّ الفراشات على نهري ربيعك تسجد..
وأنا مثلهم أعشق قمرا أسود...

رحاب السّوسي
(تونس)