الأحد، 17 أبريل 2011

مع توهج الثورات العربية (الى سمير قصير )

(الشهيد سمير قصير)
سمير قصير، أخطأت التوقيت!ا
 جميلة حسين
في غمرة الانتفاضات العربية المشتعلة من المحيط الى الخليج يحضر وجه سمير قصير.
وفي غمرة النقاشات الحامية عن التغيير يتردد صوت سمير قصير .
ووسط حشد المقالات والتحليلات ورفع الشعارات، تظهر أصابع سمير قصير وحروفه الصارخة منادية للحرية ومبشرة بربيع العرب ..
ومع تحرك الشباب اللبناني اليوم المطالب بالتغيير  وبإسقاط النظام الطائفي ( على الرغم من عدم وضوح الخطة والرؤيا والمشروع ) يطل وجه سمير قصير،  الرجل الذي تزداد الحاجة اليه في هذه الظروف  والمتغيرات ..
منذ اندلاع الثورة في تونس واشتعالها في مصر ، وامتدادها الى اليمن وليبيا والبحرين وسوريّا ، أراك يا سمير  تشع فرحا .. وتندلق على شفتيك ابتسامة مضيئة ..  ألم يكن هذا حلمك  وما نظّرت له ..؟
رأيت وجهك في كل بيان و صوتك في كل صرخة و رأيك في كل مقال وتحليل ..
 هنا تكتب وهناك تصحح .. وفي غير مكان تصوّب وتغيّر .. تتكتك مرة وتبني خططا استرتيجية مرة أخرى ..
كم نفتقدك اليوم ، بذلك النبض التغييري والحس الناقد لكل خطأ أو تهوّر  .
ألم تكن من أوّل المدافعين  عن العمال السوريين ورفض التعرض لهم واضطهادهم من قبل أناس موتورين حاقدين  في نفس الوقت الذي اُعتبرت فيه عدوا لسوريا ؟
كم نظّرت وكتبت، وبحّ صوتك مدافعا عن القضية الفلسطينية،  في الوقت الذي صنفوك فيه خصما للمقاومة .
كم بشّرت بربيع العرب وهللت له في الوقت الذي اتهموك فيه متأمركاً وعميلا..
سمير قصير .. أليس ما في المشهد العربي من ثورات وانتفاضات الكثير من أفكارك وبصماتك ..ألم تكن لبنانيا وفلسطينيّا وسوريا في الوقت نفسه ..؟؟
 كنت في كل هؤلاء. كنت عروبيّاً بحقّ . وعندما  رفعت صوتك اللبناني المطالب بالحريّة والسيادة قتلوك .  
لماذا أخطأت التوقيت .. لماذا متّ في الوقت الخطأ.. وغير المناسب ؟؟
ألم يكن باستطاعتك تأجيل ذلك بضع سنوات فقط ..أن تكون أنانيا لبعض الوقت  وتتوارى عن عين القاتل الذكي الذي عرف أهمية ما تقوم به  وخطورة وجودك بوجه اجرامه...؟؟
ألم يكن الأَولى بك أن تنتظر قليلا  ..؟؟!!
مثلك من  يستطيع أن يواكب ما يجري اليوم عربيا ولبنانيا .
مثلك من يستطيع أن يواكب تحرك الشبابي اللبناني الذي يتخبط بحراكه
مثلك من يستطيع مواكبة ثورة التكنولوجيا وعالم الانترنت والتواصل مع الشبكة الاجتماعية الافتراضية .. مع الشباب اللبناني والعربي.
أنت من قلّة عرفوا أهمية الاعلام والاعلان وعالم الصورة ورفع الشعار المناسب في الوقت المناسب ..
انطلاقا من هنا نفتقد صوتك اليوم. نفتقد حضورك الجميل لتشهد ربيع العرب ولتشهد تاريخاً جديداً يخطّه الشباب العربي ..
يا سمير ..
 القاتل هو القاتل .. ملامته وكرهه أمرٌ بديهي .. لكن عتبي عليك لأنك لم تتنبه للوحش الجائع الذي التمهك في صباح حزين .
عتبي على من جهل أهمية دورك وحضورك  فلم يقدروا ضرورة أن تبقى حيا .. احترسوا على أنفسهم وبعض المسؤولين السياسيين ، وهم لا يعرفون أن السياسي ينبت كما الزرع ، يذهب وينساه التاريخ ، لكن المفكرّ والمثقف مثلك لا يتكرر بسهولة. كما وأن صوته وذكره لا يُمحى بسهولة ..
كان من الاولَى بهم أن يحرسوك بحدقات العيون ويحموك كما تحمي الأم وليدها .. لكن فاقد الشئ لا يعطيه .. فإن عرفوا ولم يفعلوا فتلك مصيبة ، وإن لم يعرفوا فتلك مصيبة أعظم.
نفتقدك  مع كل ثورة عربية ومع كل مظاهرة لبنانية  تطالب بإصلاح النظام  بعيدا عن الانقسام الفئوي
ألم يكن أولى بك أن تنتظر .. تنتظر ولو قليلا .. لتشهد ربيع العرب مع ثوّار يخطون بدمائهم وأصواتهم لحظات تاريخية كاسرين حواجز الخوف .. ومحطمين أصناماً ملّت منها الرّيح وتكنسها مكانس التغيير.
الربيع أتٍ من المحيط الى الخليح ..  لكن من دونك وبغيابك .. وفي هذا حزن كبير ، يقلّله أنك المساهم الأول  في هذه الثورات وزارع الغرسة الأولى في هذا البستان ، وسيذكر التاريخ يوماً شابّاُ مفكّراً من بلادي هو سمير قصير حلم بوطن حرّ وبربيع عربي  ووضعت  أصابعه مع أمثاله أسسه  ..
jamilehussein@hotmail.com



رفيقي الحوراني ـ 2

                                                                                           (ع.ذ.)
                 رفيقي "الحوراني" (2)

 نعم. اعرف تفاصيل ايام تعذيبك في الزنزانة. لا تتعب نفسك في اخباري  قصص حفلات التعذيب. لقد اخبرتني في لقاءات سابقة عن "ابداعات" الشرطة السرية في نظام "الممانعة" في خوض معارك التعذيب على جبهة جسدك النحيف.. عليك ان ترتاح قليلا بعد رحلة "سفرك" القسري كما تسميه حين كنا نسألك نحن الرفاق عن سر اختفائك المفاجيء ودون سابق انذار. نحن لا نعرف عنك انك من رجال الاعمال والمال، او من "طبقة" الضباط الذين يمعنون "تعذيبا" في جسد الوطن المسلوب في ارقام حساباتهم المصرفية، والمقتول يوميا على "بياض" صكوك التنازلات والخنوغ..
رفيقي..
 لقد تعودنا على غيابك بين الحين والاخر. فجسدك الذي يشبه سنبلة قمح في سهل حوران  ادمن جرعات التعذيب والقهر. ولكن ادمانك على "الصراخ" بصوت يعم البلاد ارعب الجلاد وافقده السيطرة على "ممانعته"!.
 لم نكن نعلم يا رفيقي انك من جيش "المندسين". لقد كذبت علينا. لم نكن نعلم ان العاشق للارض والحرية والكرامة والمقاومة ليس الا "مندسا" يتلقى التعليمات من اعداء الوطن. كنتم مجموعة من "المندسين" في الزنزانة. قل لنا لماذا كذبت علينا يا "مندس" ويا عدو الوطن؟
رفيقي..
 في ايام غيابك تحت سياط الجلادين اكتشفنا انكم (كمندسين)  تريدون زرع الفتنة وتدمير الوطن، لان "الممانعة" تمعن في الممانعة ومواجهة المؤامرات الخارجية، وانتم مجرد عملاء تريدون "حرية".  حرية؟ كم انت تافه وسخيف يا رفيقي. تريد حرية والمؤامراة على الوطن كبيرة. كم انت "قليل" العقل لانك تريد حرية. لماذا لا تفهم يا رفيقي؟ ولماذا "عقلك" لا يستوعب حجم المؤامرة الدولية على الوطن منذ نصف قرن؟ ولماذا لم تفهم بعد ان صمتك وقمعك وجوعك  واهانة كرامتك يوميا هم من عناصر قوة "الممانعة" والتصدي للمؤامرة؟ الا تريد يا رفيقي ان تحارب الاعداء.. وان تحرر الارض؟
 رفيقي..
 انت لست الا متآمرا على الوطن! ايعقل ان تطالب بالحرية والوطن يستعد منذ نصف قرن للتوريث؟ ايعقل ان تطالب بالخبز والكتاب والحزب القائد يأكل ويقرأ ويكتب؟ كم انت تافه وسخيف يا رفيقي.. تريد لابنتك حرية وهي لم تعرف بعد شوارع الشام وحلب وحمص وطرطوس، ولم تسمع ببغداد وبيروت والجولان والقدس؟ وتريد لحفيدتك حرية وهي لم تولد بعد.. وتريد لها حرية وانت لم تلد صبيا يرث وطنا؟
رفيقي..
نعم. انت تريد حرية وهم يريدون قتلك باسم الوطن.
نعم .. اذكر ما قلته لي قبل سفرك الاخير الى زنزانتك :"حين اكون حرا وخبزي معي.. اصبح مقاوما لا ممانعا. وحين اكون مقاوما اصبح وطنا لابنتي. حريتي اغلى من حياتي.. انهم لا يفهمون صرختي. ولا يعرفون سر اوجاعي. حريتي هي خبزي وكتابي وقلمي ودفتري.. وسجادة صلاتي. حريتي هي ارضي وكرامتي. انهم لا يفهمون يا رفيقي ان جرحي يضيء قمحا وحبات الدم شمسا بلا غروب ".
(عفيف)