الأربعاء، 10 أكتوبر 2012

امين وهبي









عفيف دياب
 جدل سياسي وشعبي يثيره النائب أمين وهبي منذ وصوله إلى المجلس النيابي على صهوة جواد تيار المستقبل في البقاع الغربي. لم يخطر بباله أن ينتقل بسرعة الضوء من حركة سياسية حديثة الولادة إلى مقعد نيابي. أسئلة كثيرة تطرح عن وهبي وموقعه ودوره في التيار وسرّ انتقاله من «الحاكورة» الحمراء إلى قريطم الزرقاء
 لا يكترث النائب أمين وهبي كثيراً بالجدل الذي يلاحقه كظله. ويجد في التساؤلات والاستفسارات الشعبية ــــ الحزبية عن موقعه ودوره في المجلس النيابي وخارجه مشروعية محقة، وبالتالي لا يخفي رأيه السياسي: «أنا في 14 آذار، وعندنا قضية عادلة». ويتابع رداً على التساؤلات: «في البلد انقسام حاد عنوانه سلاح حزب الله. وفي اقتناعي أن الدولة يجب أن تكون مكتملة السيادة». هذا العنوان السياسي الواضح والصريح، لا يجد تربة خصبة عند شريحة شعبية في البقاع الغربي تعتبر وهبي ممثلاً طائفياً لها. فطبيب القلب والشرايين لم يصل إلى قلوب هذه الشريحة التي توجه إليه الانتقادات المتنوعة بسبب الاختلاف السياسي بين الطرفين، فضلاً عن شكواها من غيابه عنها وعن همومها ومشاكلها.
دقّات قلب مشغرة وسحمر ويحمر ولبايا وزلايا وقليا وميدون وعين التينة (القرى ذات الغالبية الشيعية في البقاع الغربي)، صفراء وخضراء، لا تلتقي مع نبض وهبي الأزرق بعد أن كان أحمر. وفي الانتخابات الماضية، حصل شاغل «المقعد الشيعي» على أقل من 7 في المئة من أصوات ناخبي هذه القرى (في إحداها لم يحصل على أي صوت. وفي مسقط رأسه لبايا، حصل على 212 صوتاً من أصل 1856 مقترعاً). وهنا لعضو كتلة نواب المستقبل قراءة تقول إنه في «قمة الغلوّ المذهبي، أصبحت هناك أخطاء في المفاهيم». ويوضح: «النائب يمثل كل الشعب اللبناني، وحين يقال إن في البقاع الغربي على سبيل المثال مقاعد نيابية لهذه الطائفة وذاك المذهب، فهذا لا يعني أنه يمثل الشيعة أو السنّة». ويوضح أن المقصود بذلك «أن هذا القضاء يجب أن يكون نوابه من مختلف التلاوين، وفي المحصلة النائب يُنتخب من تلاوين عدة ويمثل الجميع».
كلام وهبي لا يعني أن تواصله مع جمهور حزب الله مقطوع أو غير قائم في البقاع الغربي، فـ«التواصل مستمر وقائم ولم ينقطع يوماً، قبل النيابة وبعدها» يقول وهبي. ويتابع: «قد يفاجأ البعض بأن لي لقاءات وجلسات حوار وتواصل مع بلديات ومخاتير وقوى اجتماعية في قرى جنوب سد القرعون»، مؤكداً تواصله أيضاً مع مناصرين ومسؤولين في حزب الله وحركة أمل. لكنه يشدد على أنه لا يطمس في خطابه معهم «جوهر الخلاف السياسي، وهناك إمكانية لكي نعبّر عن خلافاتنا باحترام». أما الحوار في لقاءاته مع مختلف التلاوين السياسية «فيكون من السياسة إلى الإنماء»، موضحاً أنه مع «التعبير عن الأمور كما هي، فأنا ابن لبايا وأعرف سحمر ويحمر ومشغرة بيتاً بيتاً».
أمين وهبي انتسب إلى الحزب الشيوعي اللبناني عام 1970، وحمل السلاح في بدايات الحرب الأهلية على محور الشياح قبل أن يغادر إلى موسكو لدراسة الطب. وفي عاصمة الاتحاد السوفياتي تولّى مسؤولية تمثيل الحزب الشيوعي بين 1979و1982 وبين 1987و1988. يؤكد أنه كان جزءاً من «الصح والخطأ» في الحزب قبل أن يغادره عام 2000 للمشاركة في تأسيس حركة اليسار الديموقراطي مع النائب السابق إلياس عطا الله وحنا صالح ونديم عبد الصمد وزياد ماجد وإلياس خوري والشهيد سمير قصير وآخرين. الشيوعي العلماني حامل رايات «المنجل والمطرقة» في «كعب الحاكورة» في قريته لبايا أيام «النضال»، يؤكد أن تيار المستقبل «حتماً ليس عقائدياً». ويقول: «في التيار تجد الليبرالي والعلماني والمتدين والمؤمن المنفتح»، مضيفاً أن التيار «ليبرالي وأولوياته في هذه المرحلة استعادة سلطة الدولة والتنمية المستدامة والترقي التدريجي»، مؤكداً أن التيار الأزرق «يتسع لبعض التلاوين أو الشرائح الفكرية المتنوعة».
ولكن تيار المستقبل اليوم هو ناطق باسم طائفة في لبنان؟ يجيب وهبي بأن هذا التوصيف للتيار يناسب «من عنده رغبة استثنائية في تظهير التيار مذهبياً لتقابله مذهبية أخرى، ويناسب بعض المتشددين أو المتدينين في الطائفة السنية ليوصّفوا التيار بهذا الشكل حتى يأخذوه إلى موقعهم وتشددهم». وحسب رأي نائب البقاع الغربي، فإن تيار المستقبل «هو كما هو، يتسع لتلاوين متنوعة ويشبه في ذلك تنوع حركة فتح سابقاً».
ترشح وهبي على لائحة تيار «المستقبل» في البقاع الغربي عام 2009 ليكون من حصة «اليسار الديموقراطي» التي لم تستطع أن تقنع الرئيس سعد الحريري بأخذ مرشحها في عكار نعمة محفوض على لائحة التيار، و«ما بقدر زعّل (النائب السابق) عصام فارس»، كما قال يومها الحريري لإلياس عطا الله الذي أبعد عن الترشح مرة ثانية في طرابلس (كما رواها عطا الله لـ«الأخبار» سابقاً). أسقط في يد الحركة التي أخذت تبحث مع أعضاء فيها وإعلاميين ومع النائب وليد جنبلاط عن حل سحري لتمثيلها نيابياً. جاء الحل الذي فوجئ به وهبي حين أبلغ بقرار الحركة ترشيحه عن المقعد الشيعي في البقاع الغربي. وعن ذلك يقول: «ترشحي لم أصنعه أنا، بل حركة اليسار التي اتفقت مع سعد الحريري وسلمتني الاتفاق لتنفيذه». ويضيف: «التزمت القرار، وكان الاتفاق يقضي بأن أكون في تكتل المستقبل النيابي». مشى وهبي في الاتفاق إلى أن جرى بينه وبين حركة «اليسار» كباش سياسي.
بدأ «الكباش» عندما شكّلت حكومة الرئيس الحريري، إذ تنوعت الآراء داخل الحركة بين حجب الثقة عن حكومة الحريري الابن، أو التغيب عن الجلسة في حدّ أدنى. وهبي كان من جناح إعطاء الثقة، «كنت مؤمناً بأن الخروج من المأزق الذي نعيشه في لبنان لا يكون إلا بالحوار»، وأن «الحريري شكل حكومة وحدة وطنية تضم الجميع، وبالتالي أبقت التواصل بين جميع اللبنانيين للحدّ من الانقسام العمودي الحاد وتوفير بيئة للحوار الوطني». ويتابع وهبي سرد قصة إحراجه لإخراجه من حركة «اليسار»: «كان رأيي ألا نحجب الثقة عن حكومة كهذه (...) وحينما ناقشت بيانها الوزاري شددت على الحوار الوطني، لأننا في ظروف استثنائية ويجب أن نحافظ على السلم الأهلي». تمسك وهبي بقراره، و«صار هناك خلاف في وجهات النظر، ولاحقاً أخذت حركة اليسار تبتعد عني ولا تدعوني إلى اجتماعات أو لقاءات». ويوضح أن الحركة لم تفصله، لكنها «أنجزت استحقاقات تنظيمية عدة ولم تشركني فيها أو في مناقشاتها». ويتابع: «أنا رسمياًَ في كتلة تيار المستقبل النيابية، وأتعاطى مع التيار كحركة سياسية». وعمّا إذا كان سيترشح لدورة ثانية مع التيار، يرى أنه «بعد بكير. لنرّ القانون الذي سيعتمد أولاً. في المبدأ، أنا أشتغل سياسة قبل النيابة، وبالتالي لن أنسحب من الحياة السياسية، لكن في موضوع الترشح بعد بكير».