الثلاثاء، 23 أكتوبر 2012

على الحدود




                                               

              ثوار سوريا اللبنانيون عبء على الثورة


عفيف دياب


من مشاريع القاع وجرود عرسال، وصولاً الى الطفيل وقرى سورية ثائرة على الضفة الأخرى من الحدود، عشرات المقاتلين اللبنانيين ينتشرون مع مقاتلي المعارضة السورية في الأودية وخلف المتاريس. يمارسون هواياتهم في التمرد والفوضى والتهريب. وحدهم ضباط من «الجيش السوري الحر» يعملون على وقف هرطقات أولاد لبنان الشقيق 

****

يخرج زائر خط الحدود اللبنانية ــ السورية، وبعض الداخل السوري، بانطباعات قاتمة. أصبح اللبنانيون قادة ثورات وخبراء في فنون العسكر والقتال واستراتيجيات «هزّ» كيانات أنظمة، ومعلمين في فكّ حروف لغات الانتفاضات الشعبية. أصبح كل لبناني يقطن على مقربة من حدود سوريا وعلى تواصل يومي مع شعبها، إن تهريباً أو علاقة مصاهرة أو صادقاً في حبه لفقرائها، صاحب حق في رسم مسار ثورة وتقرير مصيرها.
يعود زائر حدود لبنان الشرقية مع سوريا بمشاهد متنوعة. المناصرون لـ«الثورة» ضد نظام الرئيس بشار الأسد، تخالهم وصلوا للتو من معسكرات تشي غيفارا في غابات كوبا، فيما يوحي مناصرو النظام اللبنانيون بأن الرئيس السوري لا يقدم على خطوة عسكرية من دون استشارتهم. وحدهم السوريون يدفعون ثمن «تخبيصات» مجموعات لبنانية، موالية ومعارضة، تصفّي حساباتها اللبنانية بالرصاص على أرض حمص والقصير وجوسية وربلة والنزارية، مروراً بفليطا وعسال الورد ورنكوس وأطراف الطفيل بجانبيها السوري واللبناني، وصولاً إلى دمشق ومزارعها الغربية والجنوبية.
يجلس «الثائر» اللبناني أحمد مع مجموعة من المقاتلين السوريين في أطراف مشاريع القاع. لا يتجاوز عمر الشاب العقدين. يرسم للسوريين الخمسة خطة هجومهم على موقع للجيش النظامي. يرسم على التراب، بسكين صغيرة، خريطة الهجوم والاقتحام... والانسحاب إلى لبنان. يستمع الخمسة، بانتباه شديد، إلى «القائد» أحمد وأفكاره العسكرية. يعيد الشرح مرة تلو أخرى. يستفسرون عن بعض النقاط الملتبسة في الخطة، فيشرح مجدداً. يسدل الليل ستاره. تنطلق المجموعة للهجوم. أقل من نصف ساعة وتسمع رصاص الاشتباك المتبادل بين «الثوار» وحامية الموقع غير البعيد عن قرية ربلة. يحاول «القائد» أحمد، بعد نصف ساعة من الهجوم، الاتصال بالمجموعة. لا أحد يجيب: «يمكن استشهدوا» يقول. ويتابع: «ما التزموا بالخطة اللي حطيتها»!
تسأل «القائد الثائر» عن علومه العسكرية والمعارك الحربية التي خاضها. الشاب البقاعي المتحمس لإسقاط نظام الأسد لا يعرف من «العسكر» إلا بندقية كلاشنيكوف تدرب على الرمي بها في جرود قريته بالفطرة: «السوريون مساكين ما بيعرفوا شي. لازم نساعدهن». لكنك سببت مصيراً مجهولاً لخمسة أشخاص؟ يجيب الذي لا يعرف إلا مهنة التهريب منذ أن ولد: «هني ما فهموا عليّ»!
يدّعي لبنانيون مناصرون لـ«الجيش السوري الحر» أنهم «أهل الصبي»، وأن «الثورة» السورية تحتاج إلى خبرات عسكرية لبنانية. ففي جولة على مواقع مقاتلين لبنانيين وسوريين يتبين أن المجموعات اللبنانية ليست إلا عبئاً على «الثورة». لا يخفي أحمد «أمّيته» في العلوم العسكرية، لكنه لا يجد حرجاً في التعلم... تعلّم يبدو أنه يودي بحياة شباب سوري متحمس يعمل ضباط سوريون منشقون على وضع حدّ له ووقف «هرطقات» بعض اللبنانيين. يقول النقيب أمجد على محور فليطا ــــ عرسال إن مجموعته تضم «ثواراً» من لبنان، و«لكننا لا نسمح لهم إلا بتوفير الدعم اللوجستي». ويؤكّد: «نحن نقرر أين ومتى وكيف نشنّ هجماتنا على مواقع الجيش» السوري، مشيراً إلى أن هناك مجموعات سورية لبنانية مسلحة تهاجم مواقع للجيش السوري «من دون تنسيق معنا وفاتحة على حسابها».
كلام النقيب أمجد لا ينطبق على أرض الواقع؛ فمشهد «القائد» أحمد يتكرر في أكثر من نقطة حدودية تقع تحت سيطرة مقاتلين سوريين ولبنانيين لا علاقة «عسكرية» لهم مع «الجيش الحر». على الخط الحدودي اللبناني ــ السوري بعمق نحو كيلومترين داخل الأراضي اللبنانية، ويمتد على مسافة تقدر بنحو 90 كلم من مشاريع القاع، مروراً بجرود رأس بعلبك وعرسال، وصولاً إلى الطفيل وامتداداتها نحو لبنان وسوريا، تنتشر مجموعات قتالية أو مراكز تدريب محدودة ومتواضعة «لا يمكن وصفها بمواقع ذات قيمة عسكرية يعول عليها»، بحسب أحد اللبنانيين كان قرب قرية معربون المتاخمة للحدود مع سوريا. يوضح الشاب الثلاثيني أن هذه المواقع هي «محطة انطلاق أو استراحة قبل اجتياز الحدود الدولية نحو الأراضي السورية»، مؤكداً أن تجمعاتهم ليست ثابتة. ويوضح قائلاً: «ندخل إلى الأراضي السورية وننفذ عمليات ضد الجيش النظامي، ثم نعود إلى الأراضي اللبنانية قبل القيام بهجوم آخر». ويقول مقاتلون لبنانيون وسوريون يتخذون من وعورة جرد رأس بعلبك مواقع آمنة، إن عبورهم لمناطق مختلفة من ريف دمشق المتاخمة للحدود مع لبنان «يكون ليلاً ونهاراً بالتنسيق مع جنود نظاميين يتلقون رشى مالية»، ويكشفون أن «مهماتهم تقتصر على تهريب بعض البنادق وذخائرها، ومواد غذائية». ويقول أحدهم: «أحيانا نهاجم دورية إذا اعترضت طريقنا».
هل «المساعدة» اللبنانية لـ«ثوار» سوريا، تقتصر فعلياً على مجموعات من المهربين وجدوا في دعم «الجيش السوري الحر» باباً للارتزاق كمعيار أول؟ يجيب عن هذا السؤال «ثائر» لبناني من عرسال: «لا ننكر أن ثمة مهربين يستغلون الوضع في سوريا»، موضحاً: «إننا والجيش الحر نحتاج إلى خبرات المهربين». ويؤكد «أبو القعقاع» العرسالي، من جهته، أن «الواجب العقائدي ــ الطائفي هو أساس دعمنا للثورة على بشار الأسد»، مشيراً إلى أن «المصلحة المشتركة» تقتضي التعامل مع مهربين، و«إن تدخلوا في أمور عسكرية لا يعرفونها».
في جرود عرسال الجنوبية ــــ الشرقية يتخذ لبنانيون مع عدد من المقاتلين السوريين في واد محصن طبيعياً موقعاً لهم. يعبرون تحت جنح الظلام إلى داخل الأراضي السورية. قتل 3 منهم خلال الأسبوعين الماضيين، أحدهم لبناني، خلال اشتباك مع الجيش السوري قرب مزرعة قارة السورية. لا يخفي أحد «الفدائيين» السوريين، من خارج ما يعرف باسم «الجيش الحر»، أن المهربين اللبنانيين «يساعدوننا كثيراً». لكن كيف أصبحوا قادة معكسرات تدريب لـ«الثوار»؟ يؤكد «أبو الوليد» أن «المصيبة جمعتنا. كلنا نريد إسقاط الأسد». هنا يتدخل ابن مجدل عنجر الذي نذر نفسه لدعم «ثوار سوريا» لينفي تهمة «المهرب» عن نفسه. ويقول: «كنت أخدم في الجيش اللبناني. وعندي خبرة عسكرية كبيرة. لست مهرّباً». ويضيف محتداً: «حتى اليوم، نفذت أكثر من عملية ضد جيش الأسد»، مؤكداً أنه درّب 30 سورياً على استخدام السلاح.
من قرية معربون اللبنانية، صعوداً نحو الطفيل، ومنها إلى أطراف قرى عسال الورد وحوش عرب ورنكوس السورية، خط تماس عسكري بين الجيش السوري و«الجيش الحر» ومجموعات لبنانية تتخذ من البساتين والجرود الوعرة في شمال شرق الطفيل من المقلب السوري مواقع قتالية لها. لا يخفي المقاتلون أن الجيش النظامي يحاصرهم من الجنوب والشرق، وأن سيطرتهم على «جيب» حدودي مع لبنان (أكثر من 25 كلم) وفّر لهم دعماً مقبولاً. ويقدم العقيد السوري المنشق عن الجيش النظامي «أبو هيثم» قراءة عسكرية لما يجري هناك، مؤكداً أن غارات المقاتلات السورية قرب الطفيل «قبل أيام لم تصب أهدافها»، وأن الصواريخ التي أُلقيت هدفت إلى قطع التواصل مع لبنان، موضحاً أن المناطق المتاخمة للطفيل اللبنانية، وصولاً إلى عسال الورد وحوش عرب ورنكوس والمزارع الصغيرة المتناثرة هناك «تُعَدّ ساقطة عسكرياً بيدنا»، معرباً عن اعتقاده أن قوات «الجيش الحر» «ستسيطر قريباً على خط حدودي مع لبنان، يضمن لها التوسع جنوباً وشرقاً وفكّ الحصار».


بلاد بلا أخلاق

أن تكون صباحاً في أعالي جرود الطفيل وعرسال، ومساءً في مشاريع القاع، فهذا يعني أن لعنة الجغرافيا والتاريخ والعلاقات المشتركة بين سوريا ولبنان، ستبقى تطاردك لأنك لم تعد تفهم حقيقة ما يجري في الأودية وبساتين التفاح. فما بين بلاد «سوا ربينا» من فرح وحزن وقتل وأوجاع تحملها ممارسات سلطة مسّها الشيطان هنا، وقمع قاتل هناك، سيبقى الموت خبز الفقراء بلا منازع. في أزقّة فقراء قرى المصاهرة والعلاقات الإنسانية الجميلة على جانبي الحدود، البراءة يخنقها حوت طوائف القتل هنا... وتمساح الدموع هناك.
أن تكون في جمهوريات الحدود اللبنانية المنسيّة أصلاً وفصلاً منذ أن وجد «لبنان الكبير»، فهذا سيدخلك الى حلبة رقص الطوائف والمذاهب، وكيف نصفي حساباتنا اللبنانية هناك، وكيف ننقل عدوى «مذاهبنا» الى بلاد شقيقة خلف الجبال الوعرة والسياج الأسود منذ عقود. تسمع قصص الوجع هنا وهناك، وتحزن لموت بطيء يزحف نحو يباس الحقول. عند الحدود، تتصارع شعوب لبنان من أجل تدمير وطن شقيق. هذا مع النظام، وذاك مع ثورة. وما بين النظام والثورة فعل شيطان يأكل من اللحم اللبناني ـــ السوري، حيث لا فعل لنا ولهم إلا الرقص على حدود موت بلاد بلا أخلاق.

الأربعاء، 10 أكتوبر 2012

امين وهبي









عفيف دياب
 جدل سياسي وشعبي يثيره النائب أمين وهبي منذ وصوله إلى المجلس النيابي على صهوة جواد تيار المستقبل في البقاع الغربي. لم يخطر بباله أن ينتقل بسرعة الضوء من حركة سياسية حديثة الولادة إلى مقعد نيابي. أسئلة كثيرة تطرح عن وهبي وموقعه ودوره في التيار وسرّ انتقاله من «الحاكورة» الحمراء إلى قريطم الزرقاء
 لا يكترث النائب أمين وهبي كثيراً بالجدل الذي يلاحقه كظله. ويجد في التساؤلات والاستفسارات الشعبية ــــ الحزبية عن موقعه ودوره في المجلس النيابي وخارجه مشروعية محقة، وبالتالي لا يخفي رأيه السياسي: «أنا في 14 آذار، وعندنا قضية عادلة». ويتابع رداً على التساؤلات: «في البلد انقسام حاد عنوانه سلاح حزب الله. وفي اقتناعي أن الدولة يجب أن تكون مكتملة السيادة». هذا العنوان السياسي الواضح والصريح، لا يجد تربة خصبة عند شريحة شعبية في البقاع الغربي تعتبر وهبي ممثلاً طائفياً لها. فطبيب القلب والشرايين لم يصل إلى قلوب هذه الشريحة التي توجه إليه الانتقادات المتنوعة بسبب الاختلاف السياسي بين الطرفين، فضلاً عن شكواها من غيابه عنها وعن همومها ومشاكلها.
دقّات قلب مشغرة وسحمر ويحمر ولبايا وزلايا وقليا وميدون وعين التينة (القرى ذات الغالبية الشيعية في البقاع الغربي)، صفراء وخضراء، لا تلتقي مع نبض وهبي الأزرق بعد أن كان أحمر. وفي الانتخابات الماضية، حصل شاغل «المقعد الشيعي» على أقل من 7 في المئة من أصوات ناخبي هذه القرى (في إحداها لم يحصل على أي صوت. وفي مسقط رأسه لبايا، حصل على 212 صوتاً من أصل 1856 مقترعاً). وهنا لعضو كتلة نواب المستقبل قراءة تقول إنه في «قمة الغلوّ المذهبي، أصبحت هناك أخطاء في المفاهيم». ويوضح: «النائب يمثل كل الشعب اللبناني، وحين يقال إن في البقاع الغربي على سبيل المثال مقاعد نيابية لهذه الطائفة وذاك المذهب، فهذا لا يعني أنه يمثل الشيعة أو السنّة». ويوضح أن المقصود بذلك «أن هذا القضاء يجب أن يكون نوابه من مختلف التلاوين، وفي المحصلة النائب يُنتخب من تلاوين عدة ويمثل الجميع».
كلام وهبي لا يعني أن تواصله مع جمهور حزب الله مقطوع أو غير قائم في البقاع الغربي، فـ«التواصل مستمر وقائم ولم ينقطع يوماً، قبل النيابة وبعدها» يقول وهبي. ويتابع: «قد يفاجأ البعض بأن لي لقاءات وجلسات حوار وتواصل مع بلديات ومخاتير وقوى اجتماعية في قرى جنوب سد القرعون»، مؤكداً تواصله أيضاً مع مناصرين ومسؤولين في حزب الله وحركة أمل. لكنه يشدد على أنه لا يطمس في خطابه معهم «جوهر الخلاف السياسي، وهناك إمكانية لكي نعبّر عن خلافاتنا باحترام». أما الحوار في لقاءاته مع مختلف التلاوين السياسية «فيكون من السياسة إلى الإنماء»، موضحاً أنه مع «التعبير عن الأمور كما هي، فأنا ابن لبايا وأعرف سحمر ويحمر ومشغرة بيتاً بيتاً».
أمين وهبي انتسب إلى الحزب الشيوعي اللبناني عام 1970، وحمل السلاح في بدايات الحرب الأهلية على محور الشياح قبل أن يغادر إلى موسكو لدراسة الطب. وفي عاصمة الاتحاد السوفياتي تولّى مسؤولية تمثيل الحزب الشيوعي بين 1979و1982 وبين 1987و1988. يؤكد أنه كان جزءاً من «الصح والخطأ» في الحزب قبل أن يغادره عام 2000 للمشاركة في تأسيس حركة اليسار الديموقراطي مع النائب السابق إلياس عطا الله وحنا صالح ونديم عبد الصمد وزياد ماجد وإلياس خوري والشهيد سمير قصير وآخرين. الشيوعي العلماني حامل رايات «المنجل والمطرقة» في «كعب الحاكورة» في قريته لبايا أيام «النضال»، يؤكد أن تيار المستقبل «حتماً ليس عقائدياً». ويقول: «في التيار تجد الليبرالي والعلماني والمتدين والمؤمن المنفتح»، مضيفاً أن التيار «ليبرالي وأولوياته في هذه المرحلة استعادة سلطة الدولة والتنمية المستدامة والترقي التدريجي»، مؤكداً أن التيار الأزرق «يتسع لبعض التلاوين أو الشرائح الفكرية المتنوعة».
ولكن تيار المستقبل اليوم هو ناطق باسم طائفة في لبنان؟ يجيب وهبي بأن هذا التوصيف للتيار يناسب «من عنده رغبة استثنائية في تظهير التيار مذهبياً لتقابله مذهبية أخرى، ويناسب بعض المتشددين أو المتدينين في الطائفة السنية ليوصّفوا التيار بهذا الشكل حتى يأخذوه إلى موقعهم وتشددهم». وحسب رأي نائب البقاع الغربي، فإن تيار المستقبل «هو كما هو، يتسع لتلاوين متنوعة ويشبه في ذلك تنوع حركة فتح سابقاً».
ترشح وهبي على لائحة تيار «المستقبل» في البقاع الغربي عام 2009 ليكون من حصة «اليسار الديموقراطي» التي لم تستطع أن تقنع الرئيس سعد الحريري بأخذ مرشحها في عكار نعمة محفوض على لائحة التيار، و«ما بقدر زعّل (النائب السابق) عصام فارس»، كما قال يومها الحريري لإلياس عطا الله الذي أبعد عن الترشح مرة ثانية في طرابلس (كما رواها عطا الله لـ«الأخبار» سابقاً). أسقط في يد الحركة التي أخذت تبحث مع أعضاء فيها وإعلاميين ومع النائب وليد جنبلاط عن حل سحري لتمثيلها نيابياً. جاء الحل الذي فوجئ به وهبي حين أبلغ بقرار الحركة ترشيحه عن المقعد الشيعي في البقاع الغربي. وعن ذلك يقول: «ترشحي لم أصنعه أنا، بل حركة اليسار التي اتفقت مع سعد الحريري وسلمتني الاتفاق لتنفيذه». ويضيف: «التزمت القرار، وكان الاتفاق يقضي بأن أكون في تكتل المستقبل النيابي». مشى وهبي في الاتفاق إلى أن جرى بينه وبين حركة «اليسار» كباش سياسي.
بدأ «الكباش» عندما شكّلت حكومة الرئيس الحريري، إذ تنوعت الآراء داخل الحركة بين حجب الثقة عن حكومة الحريري الابن، أو التغيب عن الجلسة في حدّ أدنى. وهبي كان من جناح إعطاء الثقة، «كنت مؤمناً بأن الخروج من المأزق الذي نعيشه في لبنان لا يكون إلا بالحوار»، وأن «الحريري شكل حكومة وحدة وطنية تضم الجميع، وبالتالي أبقت التواصل بين جميع اللبنانيين للحدّ من الانقسام العمودي الحاد وتوفير بيئة للحوار الوطني». ويتابع وهبي سرد قصة إحراجه لإخراجه من حركة «اليسار»: «كان رأيي ألا نحجب الثقة عن حكومة كهذه (...) وحينما ناقشت بيانها الوزاري شددت على الحوار الوطني، لأننا في ظروف استثنائية ويجب أن نحافظ على السلم الأهلي». تمسك وهبي بقراره، و«صار هناك خلاف في وجهات النظر، ولاحقاً أخذت حركة اليسار تبتعد عني ولا تدعوني إلى اجتماعات أو لقاءات». ويوضح أن الحركة لم تفصله، لكنها «أنجزت استحقاقات تنظيمية عدة ولم تشركني فيها أو في مناقشاتها». ويتابع: «أنا رسمياًَ في كتلة تيار المستقبل النيابية، وأتعاطى مع التيار كحركة سياسية». وعمّا إذا كان سيترشح لدورة ثانية مع التيار، يرى أنه «بعد بكير. لنرّ القانون الذي سيعتمد أولاً. في المبدأ، أنا أشتغل سياسة قبل النيابة، وبالتالي لن أنسحب من الحياة السياسية، لكن في موضوع الترشح بعد بكير».

الثلاثاء، 2 أكتوبر 2012

بشير ليث





فليسقط بشير ليث



مسرحية لا نهاية لها.. كتبها اصدقاء في مقهى بيروتي!
(عفيف دياب)
***
مشهد اول (حزيران 2013)
.. وقال شهود عيان ان "وحدات من الجيش اللبناني" اجتازت الحدود السورية حيث شوهدت قافلة دبابات وعربات جند تتجه نحو   دمشق في مهمة عسكرية  قيل انها لوقف الاقتتال السوري ـ السوري وحماية الشعب السوري من التدخلات الخارجية ولمنع المغرر بهم من الوقوع  في افخاخ  العدو الصهيوني الغاشم. وقالت مصادر مطلعة ان الجيش اللبناني سيتخذ من اطراف دمشق الغربية مقرا لوحداته القتالية و"قوات الصاعقة" فيه اذ سيعمل على الفصل بين المتحاربين. كما افاد شهود عيان في شمال لبنان ان قوات من الجيش اللبناني عبرت الحدود السورية باتجاه الخط الساحلي السوري.
 وطالب سوريون مناهضون للنظام اللبناني وتدخله العسكري "الغاشم" بالتصدي لهذا "العدوان" السافر. واوضح رئيس الحركة الوطنية السورية تمام جنط،  الذي يتخذ من قصره في ريف الزبداني معقلا له، ان قواته المتحالفة مع منظمة التحرير العراقية ستتصدى لهذا التدخل العسكري اللبناني، واصفا وجود الجيش اللبناني على اراضي سورية بانه احتلال "غير مقبول".
 وفي اول تعليق لبناني رسمي على دخول وحدات عسكرية نظامية الى سوريا، قال رئيس الجهورية الفريق اول محفوظ ليث ان دخول قواته الى سوريا هو  :" لوقف الاقتتال الاهلي وحماية وحدة سورية ومنع تقسيم سورية الشقيقة". واضاف ان قادة في الجبهة السورية  عقدوا خلوة في معلولا و "طالبوننا بالتدخل لوقف العنف". كاشفا ان قواته ستكون من عداد قوات الردع العربية التي ستصل تباعا الى سوريا بناء على قرار عربي ـ دولي سيصدر لاحقا.
 وكانت محاور الاقتتال بين دمشق الغربية والشرقية قد شهدت اشتباكات عنيفة بمختلف انواع الاسلحة، فيما نشطت مجموعات الخطف على الهوية. كما سجلت اشتباكات بين مقاتلين تابعين للجبهة السورية واخرين من منظمة التحرير العراقية. وشهدت مدن حمص وحلب وحماة اعنف الاشتباكات. وقال شهود عيان ان دبابات الجيش اللبناني شوهدت على طريق اللاذقية، وان وحدات من الاستطلاع اللبناني وصلت الى مشارف حماة وحلب.
  وفي اول تحذير اسرائيلي قال ناطق عسكري ان قواته تراقب عن كثب الدخول العسكري اللبناني الى سوريا وتهديده امن  تل ابيب القومي. وقال ان اسرائيل ابلغت الاتحاد الروسي والولايات المتحدة بانها حذرت وحدات الجيش اللبناني من تجاوز الخطوط الحمراء في القنيطرة. ورد مصدر رئاسي لبناني على التهديد الاسرائيلي وقال ان القوات اللبنانية مهمتها حماية سورية من التقسيم و"لا يحق لاسرائيل التدخل في الشؤون العربية، وان الشعب السوري هو من طلب تدخل الجيش اللبناني".
***
مشهد ثان:
حقق مجلس النواب السوري  انجازا تاريخيا  ووضع اتفاقا لوقف الاقتتال الاهلي  بعد اجتماعات مكثفة في مدينة الطائف السعودية. وينص الاتفاق على وقف فوري لاطلاق النار على كافة الاراضي السورية، وحل الميليشيات، وبدء اصلاحات سياسية، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية وثم حكومة فانتخابات نيابية. وعلمت وكالة "طز" للانباء ان الاتفاق يقضي بان يتولى لبنان ادارة الشأن السوري لفترة زمنية يتفق عليها لاحقا بين البلدين، كما يتم الاتفاق بعد بناء الجيش السوري ومؤسسات الدولة السورية على المدة الزمنية لبقاء الجيش اللبناني في سورية.
***
مشهد ثالث:
  توصل المتقاتلون السوريون الى وقف شامل لاطلاق النار، وقد بدات البلاد تشهد هدوءا امنيا، فيما رفض الجنرال راسم حجر الاتفاق، مؤكدا انه لن يغادر القصر الجمهوري، بينما اعلن قائد القوات السورية الدكتور مش جامع شي موافقته على اتفاق الطائف وحل الميليشيات.
***
مشهد رابع:
  قال شهود عيان ان مقاتلات حربية لبنانية شوهدت وهي تقصف القصر الجمهوري في اطراف دمشق حيث يتحصن الجنرال رستم  حجر مع مجموعة من مناصريه. وقالت معلومات ان الجنرال حجر لجأ الى السفارة الايرانية بعد ان طلب من قواته الالتحاق بالجيش السوري الموحد بقيادة الجنرال امين وفي.
***
 مشهد خامس:
 وقع انفجار شمال العاصمة السورية، وتبين لاحقا ان عبوة استهدفت مسجدا.
***
مشهد سادس:
 قالت مصادر امنية سورية ان الاستخبالارات السورية مدعومة من الاستخبارات اللبنانية اوقفت قائد القوات السورية الدكتور مش جامع شي بتهمة تفجير المسجد.
***
مشهد سابع:
 كشف تقرير لوكالة مرحبا الدولية ان الحياة السياسية السورية اصبحت رهينة الجهازالامني اللبناني الذي يدير سورية بقبضة من حديد من مدينة  بلودان حيث مقر رئيس جهاز الامن والاستطلاع في القوات اللبنانية العاملة في سورية اللواء مقتحم كنيعو. واوضحت ان القمع الامني والسياسي والفساد المستشري، يدار من بلودان حيث يوفر  جهاز الاستطلاع الحماية لمنظومة متكاملة لا تنتهي عند تعيين  الوزراء والنواب وتقرير مصير رئاسة الجمهورية السورية.
***
مشهد ثامن:
 احتدمت الخلافات السياسية السورية ـ السورية حول شكل ادارة البلاد، وعلمت جريدة الف باء السورية ان قمة لبنانية ـ سورية ستعقد في بيروت. وان الرئيس السوري الممددة ولايته اياس هرم سيتوجه الى بيروت اليوم.
***
تابع للمشهد الثامن:
 وبعد لقاء القمة في بيروت، عرج الرئيس السوري على بلودان حيث التقى رئيس جهاز الامن والاستطلاع في القوات اللبنانية العاملة في سوريا اللواء مقتحم كنيعو. وقد جرى تبادل وجهات النظر حول العلاقة المشتركة بين البلدين ووحدة المسار والمصير بينهما.
***
مشهد تاسع:
 وشهدت ساحة المرجة اكبر تظاهرة سورية نددت  بالنظام  الامني اللبناني ووصايته على الحياة السياسية السورية. ورفع المتظاهرون صور قادة الاجهزة الامنية السورية الذين نكلوا بالشعب السوري بايعاز من الاستخبارات اللبنانية. واتهموا لبنان بالوقوف وراء مقتل رئيس الحكومة السورية فايق نايم.
***
 مشهد عاشر (سنة 2043)
 اصدر الرئيس اللبناني بشير ليث (وصل الى السلطة بعد رحيل والده محفوظ ليث) قرارا رئاسيا يقضي بانسحاب كامل للقوات اللبنانية المنتشرة في سوريا.
***
  نهاية مؤقتة او موقوتة: اندلعت احتجاجات في سهل البقاع اللبناني وشمال لبنان مطالبة برحيل نظام الرئيس بشير ليث القمعي ومنظومته الفاسدة ابا عن جد. 

(..وثبت بالدليل القاطع أن الخوف لا يلغي الفكرة فقط يؤجلها)



الثلاثاء، 25 سبتمبر 2012

رقصة الموت






                                               رقصة الموت 



عفيف دياب

  ان تكون صباحا في اعالي جرود عرسال، ومساء في مزارع مشاريع القاع وليلا في مقاهي زحلة وشتورة او بيروت وشوارعها القلقة، فهذا يعني ان  لعنة الجغرافيا والتاريخ والعلاقات المشتركة بين  سوريا ولبنان، وما بينهما من فرح وحزن وقتل واوجاع تحملها ممارسات سلطة مسها الشيطان هنا وقمع قاتل هناك، ستبقى تطاردك وتوجع رأسك لانك لم تعد تفهم حقيقة ما يجري في الاودية وبساتين التفاح، وداخل ازقة  فقراء قرى المصاهرة والعلاقات الانسانية الجميلة على جانبي الحدود. فالبراءة يخنقها حوت طوائف القتل هنا.. وتمساح الدموع هناك.
 ان تكون في جمهوريات الحدود اللبنانية ـ السورية،  فهذا سيدخلك الى حلبة رقص الطوائف والمذاهب هنا، ونقل العدوى الى البلاد الشقيقة  خلف الجبال الوعرة والسياج الاسود.
  تسمع قصص الوجع هنا وهناك وتحزن لموت بطيء يزحف نحو يباس حقول شعوب مقهورة لم تعرف شرقها بعد..
 هنا يفرحون لمقتلة النظام اليومية هناك..
 هنا يفرحون لهز عرش نظام يخبز فطيرة صباحه بدم مسفوك..
 هنا يفرحون لنظام  يلقي  براميل باروده الاسود..
 هنا يفرحون لنظام اصبح بلا مخالب..
 هنا يفرحون على انغام فقراء انتفضوا ولم يتعبوا بعد..
 هنا يرقصون على انغام رصاص مصهور بدم اقرانهم..
 هنا لا شيء الا فعل شيطان يأكل من لحمنا ومن لحمهم هناك.
 هنا وهنا وهنا.. لا فعل لنا الا الرقص على حدود موت  بلاد بلا اخلاق.