ERROR
كتب: نادر فوز
ـــــــــــــــــ

زمن الأبيض والأسود. لا يمكن أن تكون مع تحرير فلسطين وشعبها، فذلك يعني أنك مع قمع الأنظمة العربية لشعوبها. لا يمكن أن تعارض السياسة الأميركية، فبذلك تكون عنصراً في محور الممانعة. إذا أنت مقاوم أو عميل، ممانع أو أميركي. وعلى «القياس» اللبناني، عرعوري أم أسدي؟ يا سلام... ما أصعب الخيار! أنا شيء ثالث... أفضّل ألا أكون موجوداً.
باسم الممانعة، يرتكب «حلفاء المقاومة» المجازر. وباسم الحرية، يمارس الاعتدال العربي إرهاباً فكرياً. وبالتالي عليك الخيار، جزّار أو إرهابي؟
الأسوأ أن تُتّهم بهاتين الشناعتين في آن معاً. تكون قد اكتملت «فيشتك» لدى الطرفين. جزار تمارس إرهاباً فكرياً في الوقت نفسه!
«الإرهابي» يخبّئ عيوبه في رائحة ياسمين تونس وسقوط أبو الهول ونجله جمال في مصر. تسأله عن إمكانية التقسيم (ولو أنها فرضية وبدعة يسوّقها من يدافع عن الأنظمة)، فيجيبك عن زمن الحرية الآتي من صوب البحار. تسأله عن ثورة البحرين، فلا يعلم عما تتحدّث. البحث في قاموسه الخاص للربيع العربي يلزمه كاتالوغ. كاتالوغ إلكتروني تبحث فيه عن «دوّار اللؤلؤة»، يطلب منك الانتظار، فيعطيك ERROR. في الأصل هو مبرمج كي لا يفهم هذه الأمور. ماذا عن قمع السلطات السعودية لشعبها؟ أيضاً ERROR. أشار إلى الموضوع، عرضياً، النائب السابق مصطفى علوش، فنهشه بعض المطالبين بحرية الشعب العربي. ولا يزال قسم منهم يقاطعه حتى اليوم.
والجزّار يعجز عن رؤية عوراته، فلا يمكنه الاعتراف بها، وبالتالي لا مجال لمناقشته. في الأساس هو لا يملك وقتاً لذلك، مشغول بجسد «يصفّيه» في درعا أو بحيّ مدنيّ يقصفه في حمص. وفي نسخته اللبنانية، يموّل أفلام سينما وينتج مسلسلات «مشوّهة» عن المقاومة. قتال العدو الإسرائيلي مشروع لا تنتهي صلاحيته إلا بزوال الإحتلال. صحيح. لكن ماذا عن رواسب الاحتلال؟ العمالة مثلاً؟ ماذا عن العميل فايز كرم؟ تسأله عن شجب أو إدانة، «يُرَوكِب». فيعطي الـERROR نفسها.
طيّب بلا هذا الحرج، أين صرتم بالإصلاح؟ ERR... انقطعت الكهرباء وطفى حاسوب الجزار في لبنان.
زمن الأبيض والأسود هو زمن «الإيرورز»، لا مكان فيه لمواطنين عرب يطمحون، بصدق، للحرية والتحرّر.
***
استجدّت أمس محاولة اغتيال رئيس القوات اللبنانية.
سمير جعجع مع الغرب ضد العروبة. مع السلام ضد المقاومة. مع اليانكيز ضد الممانعة. ضيف مجالس عرب الاعتدال وخصم المنتشرين على جبهة فلسطين. مع الرأسمالية ضد العدالة الاجتماعية والمساواة.
كل هذه الأوصاف والاتهامات والوقائع لا تبرّر قتله. لو كان جعجع مرابطاً في إسرائيل ويحمل السلاح بوجه أبناء بلده لكان الأمر مبرراً، كان من الواحب قتله لا بل إعدامه.
عميل سابق؟ متعامل متقاعد؟ صحيح. لكن لماذا حصر الماضي به فقط؟
وقبل ست سنوات كان حليفاً انتخابياً لحزب الله وشريك الحزب في الحكم. شريك الحزب، أي شريك المقاومة. هذا ما يقوله الحزب كل يوم، صباحاً وظهراً ومساءً، «نحن المقاومة».
على خصوم جعجع الاتصال به فقط وتهنئته بالسلامة حفاظاً على ماء الوجه لا أكثر. من يعلم بما يخبئه الآتي من الأيام؟ ماذا سيكون موقفهم في حال حتّم عليهم المستقبل مشاركته في حكومة وحدة وطنية (الله يسترنا منها)؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
http://www.lebanonnews.com/details/5759/2
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق