الاثنين، 16 يناير 2012

عشب الانتظار



عشب الانتظار

وأعشق كيف تحبو على جسدي العاشق
وتغمرني بما ملكت ايّمان عشقكَ
وأعشق كيف ألملم شفاهكَ وأعانقها
كما يعانق الحقل السنبلة
........
حين أَسَرَ الغياب حضوركَ
إرتديت المطر وهطلت
يا أيها المدهش كيف تخترع الوجود
يا لملامحكَ الماطرة كيف تروي عشب إنتظاري
فيورق البلل..
وإن تناثر حضوركَ فأنا كالريح أحمله بكل إتجاهاتي
وحفيف همسكَ كلّما ناداني
تغزله أذني شالٌ على صقيع غيابكَ
..........
أفترشكَ وحدي لا شريكَ لي
شفاهكّ رهن عطشي وشفاهي رهن بردكَ
أنا وأنتَ..

غيمتان نتجاذب أطراف العشق
ونهطل..
وأغفو على صدركَ كرسائل العشاق
وما بين ضوئكَ وظلي شلالات وَلَهْ
..........
أحبكَ وأستميح الربيع عذراً
وأنا أعدّ براعم قُبَلِكَ وهي تُزهر
على مساحاتي نرجساً من الحياة
وأنتشي من شفاهكَ حتى أخمص خمركَ
......
سأتلاشى خلف غصة صوتكَ وهو يشتاقني
وأحيك رداءً لصبرنا وأرتديه
.......
يغفو رأسي على كتفكِ
وتهدهدني قبلاتكَ
يا لنايات رجولتكَ كيف تعزفني
ما أكثركَ .. في كل إتجاه أراكْ
و أنشر على فضاء.. ياسمينك
فراشاتي..
 
                                                   يسرى

الأحد، 15 يناير 2012

سُوق الحَرَامِيّة


                                                             
                                سُوق الحَرَامِيّة

اسامة محمد *
 
ولدتُ وَتَرَعْرَعْتُ وبلغْتُ وعَشِقْتُ وهجَرْتُ وهُجِرتُ في مسيرة انتهت... البارحة.
اسمي سُعاد... لم أكن أُحِبُّهُ.
خالتي سعاد هي السبب. كنت لا أُحبّ أن أكون خالتي.
بعد سُعاد حُسني تَصالحنا. شاهدتُ «خلّي بالك من زوزو» وفرِحتُ. فالحياة «بقى لونها بَمْبي وأنا جنبك وانتا جَنْبِيْ».
... الخَجَلُ يُخْجِلُني.
سأحكي لكَ قصتي وأنْتَ تكتبها.
أنا أثق بك.
البارحة غيَّرَ مجرى روحي.
البارحة بعدما عدتُ من المسيرة المليونيّة.
والله العظيم مليونيّة.
العدد مليون هو عدد الخطوات التي مشيتُ منذ طفولتي... مسيرةً تلوَ مَسيرة.
تَرَعْرَعْتُ وأبلغتُ وعَشِقْتُ وهجَرْتُ وهُجِرْتُ في مسيرة انْتَهَتْ... البارِحَة.
الابتدائيّة:
في الأول ابتدائيّ. دخل المُوَجِّهْ... وقال «بُكره ما في غياب». وأمَرَنا أن نُفْطِرَ قبل المجيء... وألّا نُحْضِرَ الحقيبة غداً إلى المدرسة.
«بُكْرَهْ ما في دروس»
«هييييه» صاح التلاميذ.
«بكرا مَسيْرَة».
فَرِحْتُ. لا أدري لماذا. فأنا شاطره.
هكذا بدأتُ أمشي. مشيت حتى البيت. واستيقظتُ و «لبستُ ثيابي الجميلة النظيفة وربطت شعري بشريطةٍ بيضاءَ. قبَّلْتُ أمي وقلتُ أنا ذاهبة إلى المدرسة يا ماما ثم قبّلتُ أبي وقلت أنا ذاهبة إلى المدرسةِ يا بابا». ومشيتُ من البيت.
لكنني نَسِيْتُ وأحْضَرْتُ الحقيبةَ مَعي. كنتُ أُمَرْجِحُها في الهواء وأردد درس القراءة لأحفظَهُ. نَسيْتُ كلمةً فانتبهت الى الحقيبة فتوقفتُ. وخفت أن أتأخر فاصطحبتها إلى المسيرة. تصور! كل المدرسة بلا كُتب وأنا وَحدي مع الحقيبة.
صعدنا الباص وجَلَسْنا فَفَتَحْتُ الكتاب وبدأتُ أُتَمْتِم:
«أيها النهرُ لا تَسِرْ وانتظرني لأتبعك».
«هههه... بَصّيمة» قالت خديجة وجلسَتْ «جنبي».
تدفق التلاميذ في جوف الباص. اختلط حابل الإناث بنابل الذكور. الصف الأول بالثالث بالسادس.
صَرَخَ المُوجِّه «يا سورية منْ سَوَّاكيْ...» وفجأةً طارَ من فمهِ شيء.
تدحرج الشيء تحت المقاعدِ نحوي. ورأيته بين قدميّ... يبْرِمُ كالنَرْدْ «جهار - سيه». ثلاثة أسنان اصطناعيّة. كانت الأسنان مُتَّسِخَةً. تَفَّ الموجِّه عليها وفَرَكها بأصابعه ووضعها في فمه. «إععع» قَرِفتُ وأغْمَضْتُ.
نزلتُ من الباص مُغمضةً. وهتفتُ مُغمضةً. فَتَحْتُ عيني. كنتُ قصيرة شاهدتُ السماء والهتافات وصور الرئيس في أعالي الأبنية. كانت «خديجة» تَهتِف في الغيوم فوقَ الموجِّه. ومرّ سرب حَمَام.
هتف الموجِّهُ مُطْبِقَاً فَمَه بكَفِّهِ «يا سورية من سواكي».
صرختُ «غير البعث الاشتراكي»، وكنتُ أقول «أيها النهر لا تسِرْ» في اللحظة نفسها.
...
في ما بَعْدْ... تَبَرَّعْنَا قسراً لشيء اسمهُ «المجهود الحربي» وسمعت أنّ المُوَجِّهَ كانَ يقتطع من المَبَالِغِ مَبَالِغَهُ ليشتري أسناناً جديدة.
إعدادي:
في الأول إعدادي.
دَخَلَتْ المديرة وقالت «بُكرا كلنا سوى». ما فيه غياب.
مشينا وهتفنا. مشينا شارع «القوتللي» ومشينا شارع «هنانو»... وتجَمَّعْنا في «8 آذارْ». لم أكن أدرك أنّ «القوّتللي» هو «شكري بِكْ القوتللي» وأنّ «هَنَانو» هو «إبراهيم هنانو».
مرَرْنا بـ «بوظة جعارة» وبـ «سينما الأهرام».
«يسقط يسقط يسقط» صرخ الصبيان.
«قَسّمْليْ على كُلِّ المواضيعْ» غَنَّتْ خديجة.
«قسِّم قسِّم قسِّم» ردَّدْنا وضَحِكْنا. وصارت تنهي كلَّ هتاف قوميّ بِـ «قسّم قسّم قسّم» فنكرر «قسّم قسّم قسّم».
أنا كنت أُقَسِّمْ وأخجل وأشعر بأنوثتي. خديجة كانت الأحَب إلى قلبي.
...
وجدتُ نفسي أقفُ في غرفة المُديرة. نَهَضَتْ وأمْسَكَتْنِيْ مِنْ أُذني...
قلتُ: خديجة.
شدّتني من أذني فقلت: أنا كَمانْ... بَسْ هِيّ بالأوَلْ.
دَخَلَتِ الـــمديرة الصــف وتحدثت عن الأنوثة والأمومة وفلسطين وصمود سوــرية و«الخنساء» و«جميلة بوحيرد» وعن الحرّية والمـسؤوليّة، ثم ندهت لخديجة ووضعت يدها على كتفها وعيَّنَتْهَا عَرِّيْفَةً لِلْصَفّ.
...
عشت كل مسيراتي مع خديجة كنت أشتاق للمسيرة معها. والذي أدهشني أنّها كانت تهتف لفلسطين وسورية حتى البكاء... بكائها وبكائنا.
ثانوي:
في الأول ثانوي. اقتحمَت سميحة «الشيوعيّة» إذاعة المدرسة. قَطَعَتْ نشيد «رعاك الله» وصرخت «الشعبُ...». فأحضَرَ المُخبرون المخابرات وشحطوها على الدَرَج. المدير كان بَعثياً. لكنه زعق «لاااااء... هادا حرم مدرسي». واحتضنها وتلقى ضربتين. ارتبكوا وخرجوا. وأخذوها من الشارع. الله يرحمو.
...
في «حرب 73» تبرعنا بالدم. تَبَرَّعَتْ خديجة فأُغمي عَلَيَّ. فَتَبَرَعَتْ منتحلةً اسمي فأغميَ عَلَيَّ. أعطوها حبتي «بقلاوه». أعطتني واحدة.
...
تَغَيرَتْ حَيَاتيْ. انْتَقَلَتْ خديجة إلى حمص. وتزوَجَتْ.
ظهرَ زوجي وأخوهُ في بيتنا قادمين من دمشق. الأخُ جاءَ ليَخْطبني لأخيه... ويخطبَ في مسيرة الغد. الأخْ كان شاعراً وفقيهاً تلفزيونياً. تَمَغنَطَ أهلي بسرّهِ. وشَعرُوا بنبوّته.
كان عليّ أن أقرر مساءَ غد.
صباحَ غَدْ كانت المسيرة. تَغَيَّر طعم المسيرة. مَشَيْتُهَا شاردةً وهَتَفْتُها شارِدةً.
شعرتُ أنَّ الهواء ضَيِّقٌ من دون خديجة. في المساء وافقتُ على الزواج. فاللاذقية لم تَعُدْ «لاذقيةً» بلا خديجة.
...
اشترطتُّ أن أكمل دراستي في دمشق. وأن أعمل.
أحضر لي زوجي أسئلة البكالوريا.
توظفت في المؤسسة معه. كان مُحاسباً مالياً.
شعرتُ أن الموظفات ينفرنَ منهُ... فصرتُ أتأمله وظنّني أشتهيه. فبدأَتْ مِحْنَتيْ.
كان يشكو مرض القِشْرَة. ليسَ قِشَرَة الشَعْر. بل قشرة البَشَرَة.
صحيح قَبِلْتُ بِهِ. لَكِنّيْ لَمْ أقَبِّلْهُ قَطّ... فجأةً نَطّ... وبدأ يضربني.
في ذكرى التصحيح. مشينا أولَ مسيرةٍ معاً... كان صوتُه حاداً في أُذُنيْ ويَلْحَنُ باللحن.
وانتبهتُ أنَّ حَرَكتَهُ مُسَرَّعَةٌ تُشبِه حركة المسيرات في التلفزيون. فهاجمني الضَحِكْ. وضحكتُ. فَضَحِكْنَ.
...
دَخَلتُ البيت ودخله بعدي. أغلَقَ الباب. وأشبعني ضرباً.
في الصباح كانت عيني مُنْتَفِخة وشفتي كذلك. أمَرَنِيْ أن أقول للموظفات إنني طَرقتُ بالعلاّقَة. فقلتُ «أنتَ العلّاقة التي طَرَقتُ بها» وأقسمت أن أحكي كلّ شيء.
هدَّدَنِيْ «منشوف المساء».
اقفل الباب عليّ وذهب.
صرتُ أمشي وأتفرج على التلفزيون. في التلفزيون كان الناس يمشون مسيرة «حمص». أمشي في البيت ويمشون في حمص.
فتح زوجي الباب. رمى بالضمادات على الطاولة. وذهب الى المطبخ. لم يجد طعاماً. مشى مُسَرعاً نحوي صَفَعَنِيْ. ثم شَمَطَ أذنيّ وهزّني بقوّة «10 ريختر».
في الصباح أقفل الباب وغادر. فتحتُ التلفزيون. مَشيتُ غاضبةً مع مسيرة «إدلِب» من حائط لحائط حتى انْفَضَّتْ. اشتقت للمسيرات.
سَمِعْتُ سَعْلَتَهُ خَلْفَ الباب فثارَتْ كرامتي.
فَتَحَ الباب. رمى «فروج البروستد» على الطاولة ومشى واثقاً نحوي. فأغْمَضْتُ ونَطَحْتُه بقوّة «11 ريختر» فَسَقَطَ على الطاولة وسَقَطْتُ في الكنبة. وجَدْتُ نَفْسيْ أتفرج كَيْفَ ارتفعت ساقاه في الهواء مثل الرقص الفنيّ في الماء.
خفتُ. هربتُ. وأقفلت باب المطبخ.
...
تغيرت علاقتنا... صالحني. واشترى لي جلاّية «سامسونغ». فطبختُ له.
بعدها صالحني واشترى لي غسّالة «إل جي»...
مشيتُ معهُ كلَّ المسيرات. كان الظلم الذي حلّ باللبنانيين والعراقيين والفلسطينيين لا يحتمله ضمير.
في «حرب تموز 2006» اشتبكنا. فلقد امتلأت بيوت الموظفات «النازحات الجولانيات» بالنازحين الجنوب لبنانيين. أهلكتني نظراتهن فَهَدَّدْتُهُ «قسماً بالله بْعُمْرِيْ ما بْطْلَعْ مَعَكْ بْمَسيْرَة». فصالَحَني واستضفنا عائلة لبنانيّة. فصالحتُه فنمت إلى جانبه.
فصالحني واشترى براد «توشيبا» درفتين.
ثم صالحني واشترى شاشة «سوني» ووضعنا التلفزيون في المطبخ.
ثم صالحني واشترى خدّامَة «فيليبينيّة».
...
سَهِرنا ثورات تونس ومصر واليمن وليبيا في كلِّ المحطّات.
بعد أحداث درعا تَخَلْخَلَتْ مفاصلي وتوقف عقلي.
شعرت أن سورية مستهدفة.
كنت أسمع من زميلاتي أعداد المدنيين الشهداء ومن تلفزيوننا أعداد العسكريين.
بَكَتْ زميلتي «غيَّاث مَطَرْ» فقلتُ: «ماذا عن الآخرين؟» فقالت: «ليش ما بيسمحوا للصحافة تفوت وتحكي الحقيقة»، فقلت: «شو بيعَرّفنيْ؟!» وبكيتْ.
فنقلني زوجي إلى الماليّة وحَرَمَنيْ من جلسة المناقيش الصباحية معهنَّ.
قاطعنا كلّ المحطّات المُغْرِضَة.
شعرتُ أنني مُحاصَرة وأنَّ خراباً ما سيحلُّ بي. فدافع قلبي عن حُبِّيْ لسوريّة.
في «نيسان» هتفتُ مواليةً في مسيرة السبع بحرات الأولى. كان قلبي يهتف بالنجاة.
في «حزيران» أَمْسَكْتُ بِطَرَفِ العَلَمِ السوريّ الذي امتدَّ حتى آخر أوتوستراد المزّة. قلت لزوجي: رُوْحْ امْسِكْهُ من الطرف الثاني. وضَحِكْتُ ولم يَضْحَكْ. وفي «تمّوز» غنّيْتُ مع جورج وسوّف «كلام النيتْ لا بِيْقَدَمْ ولا يْأَخَرْ» في ساحة الأمويين. وارتحتُ فأنا ما عندي «نِيتْ» ورددت قَسَمَ الوفاء.
والبارحة.
البارحة غيَّرَ مجرى روحي.
«بُكْرَه ما في دوام»
صعدنا الباص. جلستُ إلى النافذه. تَجاوَزَنا باصٌ يشحنُ التلاميذ للمسيرة. انعكس الزجاج في الزجاج «أيها النهر» تذكرتُ.
مشيتُ وهَتَفْتُ.
عدتُ مُنهكة. عطشى. جائعة.
دخلتُ المطبخ. الفيليبينيّة كانت تتفرج على التلفزيون... شربتُ ماءً. تذكرت «مفرَكَة الكوسا» ففتحتُ باب البراد. فلمحتها في التلفزيون. جثّة أُنْثى على الإسفَلْتِ والدمّ.
اجتاحَ الصقيعُ رأسي «خديجة» هَمَستُ داخل البراد تَفَرّزْتُ للحظة.
خَرَجْتُ من البرادّ فشاهدتُ اللقطةَ الثانية. وجه أمرأة بـ «الإيشارب» يهبط على طبون السيزوكي. «إنها خديجة» توقف قلبي... وسالَ دَمُها.
كان هذا تلفزيون «الفيليبين». أزحت الفيليبينيّة عن كرسيها وجلستُ.
«العَمَهْ»... «خَديْجَة» قلت لنفسي.
«يا إلهي»! أول صورة تذكرتها وأنا معها في مسيرة «8 آذار» وكانت تَهتفُ.
ثمّ في مسيرة «16 تشرين» وكانت تَهتفُ.
ثمّ في مسيرة «تجديد البيعة» وكانت تَهتفُ.
انتظرتُ النشرة التاليّة.
رأيتُ شريط الحياة (حياتها وحياتي) الذي يتدفق لحظة الموت (موتها وموتي).
مسيرة حياتي انتهت البارحة. كان عقلي قد نامَ منذُ درعا. جَفِلَ عقلي وأقعى مثل طـريدة بلا أَمَلْ. يا إلهي. الآن استيقَظَتْ حَوَّاسّي. مِتُّ فانتبهتُ. وتَدَفَقَتْ أسئلتي.
«قتلت خديجة في حمص وأنا أهتف في المسيرة...»
المسيرة؟! ما معنى هذه الكلمة؟ كيف تترجمها؟ مَشِيْ؟ أم «ووك شوب»... «ورشة مشي» أم «سُوقْ المَشيْ» «سوق الحراميّة». مقايضة السلم المسروق بالأمن المسروق.
ثمة من يعرضنا للبيع بوصفنا أحشاءه وعضلاته الماشية. يبيعنا مُشاةً في سوق السلطة السوداء. المسيرة «ديفيليه».
من يبيع المشي ومن يشتريه؟
ثمة مــن يشــتري الكــذب بالكذب والإخلاص بالغدر. خديجة مشت كل المسيرات. وعندما مشت خُطوَتَها قُتِلَتْ.
خرِستُ وأنا أقرأ الأرقام على الشاشة.
«16424» مُعْتَقَلْ «هه». ألم يمشوا جميعاً في إحدى المسيرات أو في كلّها؟
«5800 شهيد». ألم يَمشوا في مسيرات المدارس والوظائف والمؤسسات؟
«العَمَهْ»
هذا غَدْر. هذا هو الغدر.
شعرت انني غدرتُ بخديجة.
عندما كنتُ أهتف في المسيرة... قُتِلَتْ خديجة في حمصْ.
شعرت أنَّ المسيرةَ غَدَرَتْ بِها.
تذكرت مسيرة «الشاورما». هكذا تسميها الذاكرة. يوم اشترى وحوش المال رضا وحوش الأمن وفتحوا لنا «بُخشاً» في فنادق الخمسة نجوم نتناول منه قرص كبة وشاورما. يا حرام كيف وقفت طوابير المواطنين تشتهي شاورما ببلاش. كان هذا سماً بطيئاً. لم نكن نعلم أن من يطعمنا «شاورما» ببلاش يفترس روحنا «برصاصة» بـ «بلاش»... غَدْرْ.
تخيلتُ كيف سيقول زوجي إنها هي التي غَدَرَتْ بالمسيرة.
فأسأله: أية مسيرة.
فيجيب: مسيرة الصمود.
قلتُ: سأخرجُ في جنازتها.
...
اتّصَلَ بأخيه. فَاتَّصلَ أخوه. فقال: لا يُوجَدْ اسمَ خديجة في قتلى «البياضَة».
قلتُ: لكنّ المرأة قتِلتْ.
فزعقَ: بَسْ ما إسمها «خديجة».
قلتُ: سأخرجُ في جنازتها
في حصاد اليوم تحدثت المُذيعَة. عن قتلى بينهم امرأة بنيران الأمن والشبيّحة في حمص.
سقط رأس «خديجة» على حديد «السيزوكي»
وفاضَتْ بركة دمها بسرعة فائقة.
«الحياة بقى لونها بَمبيْ»
كنت أسمع صوتَها.
بكيت فطوقتني الفيلبينية وهمست «ماما» وبكت على عنقي.
وأنا كنت أقرأ آية الكرسي.
و «أيها النهر لا تسِر».
...
أخذت «هويَّتي» وأخذت تكسي نحو كراجات القابون. «مين وين حضرتِك؟» سألني السائق.
قلت «فيليبينية». هزَّ رأسه. بين «مساكن برزة» و«القابون» أوقفنا حاجز الأمن. وخبط حَديْدَ التاكسي وأشار له بالعودة. نزلتُ ومشيتُ باتجاه «حمص». في «القابون» شاهدت جنازة وشاهدت نساءً محجبات وسافرات. فمشيتُ مَعَهُنَّ وبكيت.
________________________________________
* سينمائي سوري
نقلا عن جريدة الحياة (15 كانون الثاني ـ 2012)
http://international.daralhayat.com/internationalarticle/350550#.TxIRa78RgDM.facebook

الأربعاء، 11 يناير 2012

"تَجَمُّع فنانيّْ ومُبدِعيّْ سوريا من أجل الحرّية"



نَحْن
"تَجَمُّع فنانيّْ ومُبدِعيّْ سوريا من أجل الحرّية"

 في البدء أطلق النظام الأمني الفاسِد الرصاص وقتل المدنيين العزل
ثم أطلق الإصلاح فقتل الآلاف
لا يستطيع النظامُ القاتِلُ إصلاحَ الأجسادَ القتلى وإعادةَ الحياةَ إليها
لا شيءَ يُصْلِحُ الحياةَ المقتولة إلا مستقبلٌ يَحُوْلُ دُوْنَ انْتِهاكِها مِنْ جَديدْ
نحن اليوم إذْ نَفْتَحُ الهواءَ لنُخاطِبَ السوريين
نخاطبُ أنْفُسَنا عَلَناً . نخاطبكم جميعاً. لنبدأ تّلَّمُسَ الحرية.
لقد حاول بعضنا أو كلُّنا المقاومة بالفنّ وصونَ حقِّ الرأي في ظروفٍ تُنْكِرُ حقَّ الرأي وتحتكره وتشتريه وتبيع بَعْضَهُ
وقُدِّرَ لنا جميعاً المثولُ أمامَ عَبيْدِ المخابرات وخَدمها وحاضروا بِنا في الشعر والموسيقى والسينما والمسرح بوصفهم فقهاء
و صمت بعضنا أو كُلُّنا أو هزَّ برأسِهِ و تآلف مع العبودية
وخاضَ بَعْضُنَا أو كُلُّنا مَعَارِكَ وهميّة ضدَّ زملائه في الأسى
وصمدّ البعض فنياً وأخلاقياً ونال تعاطف الأغلبية . وذَهَبَ في العُزْلَة
 لقد حوصِرتْ مُخيلةُ المبدعين السوريين لعقود طويلة في مؤسساتٍ فاسدة ووزاراتٍ فاسدةٍ ونقاباتٍ فاسدةٍ
اخترعَتْ المُخَيّلةُ الأمنيةُ مُدَراءها وشَبّيْحَتَها. فانتهكوا القوانين والدساتير وقَدَّسوا طقس الولاء الشفهي و قَوْنَنُوه
فَسَادَ فَسَادٌ يُنْتِجُ الفَسَادْ
صارت كلمةُ الثقافة عرضةً للسخرية. والحريَّةُ مَرَضَاً نفسياً
وتَعَرَّضَ البحثُ الذاتيّْ وفَنُّ المُؤَلِفِ إلى قَصْفٍ مُتَوَحِشٍ باسم "الفن للشعب"
الشَعْبُ الذي يُقْتَلُ اليومَ بِلا رَحْمَة.اليوم تغرقُ سوريا بالدم . وتغرقُ بالأمل
ليوم تُفصح سوريا عن صراع مُخَيِلتين
الأولى تَضُجّ بفنّ المُظاهرات و حُلولها الحركية البصريّة وبالغناء والرقص والسخرية وتمجيد جمال الحياة والحريَّة
وترقص المُخَيّلةُ الأخرى على أَجسادِ القتلى والمعتقلين وتقتل الحياة وتَكْرَهْ وتَلْعَنْ الحُرِّية
 إنَّ آلةَ السلطة التي انتَهَكَتْ حقَّ التعبير بالمنع والمرَاقَبة .. تَمْنَعُ اليوم حَقَّ الحياة حينَ قَرَّرَتْ الحياةُ التعبيرَعَنّْ حَقِّها والتظاهُرَ والإضراب
حقُّ التعبير هو الحياة . وكلاهما يتعرض للقتل والتعذيب
في ذروة هذه التراجيديا تكشفت مؤسساتُ الدولة عن هيكلٍ وهميّْ فتحولت المدارسُ إلى مُعتقلات والمشافي إلى غرف تعذيب
وفَقَدَتْ المُؤسساتُ الثقافيةُ بوزاراتها ومعاهدها ونقاباتها المُزَيَفةِ كلَّ شرعية أخلاقية ومهنية إذ شاركت بِصَمْتِها في القتل والاعتقال والإرهاب
وتفرجت على أبنائها في أقبيَةِ المهانة والتعذيب
ضُرب أساتذة المسرح .. ومُبْدِعَاتُهُ ومُبْدِعُوه والسينمائيات والسينمائيون و التشكيليون والموسيقيون والأديبات والأدباء والصحافيات والصحفيون
ضُرِبوا بالكابلات والعصيّْ الكهربائية واخْتُطِفوا وهُشِمَتْ أصابعهم
واعْتُقِلُوا وهُدِدوا بالقَتْلِ وما يزالون ولمْ تَنْطُقْ مؤسساتهم الأمّْ بِـ "آهْ"
اغتيلَ رموزُ السلم والمواطنة بوحشية
قَدّمَ "غياث مطر" الماءَ والوردَ للعسكر فذبحوه
وغنّى القاشوش "سوريا بدها حرّية "فانْتُزِعَتْ حُنجُرته
وصور فرزات يحيى جربان المظاهرات فاقتُلعتْ عيناه
ومُثِّلَ بِجَسَدِ الطفل "حَمْزَهْ"واخترق الرصاص جَسَدَ الطفلَة "هَاجَر"
واختفى الآلاف في المجهول.
 إنَّ فقدانَ المُؤسساتِ شرعيَّتَها الأخلاقية والمِهَنيَّة تَجْعَلُنا نَبْحَثُ عن إنسانيتنا خارج هَذِهِ "الشرعية" المُلطخة بدماء السوريين
نحن اليومَ إذْ نَنْتمي للحرّية والإبداع . ننحازُ لشعبٍ يُبْدِعُ حريَّته . وننحاز لحرِّيَتِنا وإنسانيتنا
لقد أيقظت حُريُّة الشارع حريّتنا
نحن لا نستطيع إعادةَ شُهدائنا للحياة
لَكِنَّنا نستطيع تَمْجيدَ الحياة بالعملِ يداً بِيَدْ و قَلباً بِقَلْبْ مع ثورة السوريين لبناء وطنٍ جديد
لا يغتال مواطنيه بِلَغْوٍ "وطنيّ" فاسدٍ و مُجرِم
وإذا كانَتْ صدفة الطبيعة قد جاءت بنا من كلِّ إثنيات وأديان ومذاهب سورية فإن انتماءنا الأساس لِ "جِيْنَةِ" الإنسان والحرية.. هو الطاقةُ التي تجمعنا نحو سورية المستقبل
سوريا دولة ديموقراطيّة مَدَنيَّة تعددية تفصل بين السلطات . دولة أساسها تداول السلطة والمواطنة المتساويّة أمام قانون عادِل
سوريا لا يختزلها حزب واحد و أوتستراد واحد باتِّجاهٍ واحِدْ وباسمٍ واحدٍ وفسادٍ وقتل
سورية جديدة نحتفي فيها بأفلام "أميرالاي" في صالةٍ تحمل اسم "عُمَرْ أميرالاي"
إن قدسية الحياة والحرية . حياة كلّ سوريّ وحريّته .. أمانة في ضمير كلّ إنسان
نحن " تجمعُ فنانيّْ ومبدعيّْ سوريا من أجل الحرية "
نُعلن اليوم بدء بحثنا عن شرعيّة جديدة .تُطلقُ حريّة الإبداع وأسئلتهُ وتصونُ استقلاله
و لا تُسَاوِمُ على حُقُوقِ الإنسان.

               فناني ومبدعي سوريا من اجل الحرية

الموقعون :
  1. مي سكاف
  2. سميح شقير
  3. محمد الفحام - موسيقي
  4. زينا الحلاق - ممثلة
  5. ريما فليحان - كاتبة سيناريو
  6. أسامة شقير
  7. محمد تاجا ، فنّي مونتاج وغرافيك
  8. شفع بدرالدين - موسيقي
  9. جلال الطويل - ممثل
  10. رأفت الزاقوت
  11. اياد حافظ - موسيقي
  12. طارق ملص - موسيقي
  13. خاطر ضوا - مطرب
  14. أنكيدو عميش- ممثل مسرحي
  15. عزه أبو ربعية - فنانة تشكيلية
  16. هزار الحرك - ممثلة
  17. طارق عبد الحي - فنان تشكيلي
  18. زاريا زردشت - فنانة تشكيلية
  19. كفاح بدرالدين - موسيقي
  20. رندا مداح - فنانة تشكيلية
  21. ياسر خنجر - شاعر
  22. هالة العبدالله
  23. إبراهيم الجبين
  24. رغدة الخطيب - ممثلة
  25. اياد شهاب احمد
  26. ناندا محمد
  27. محمد عمران - فنان تشكيلي
  28. عبدالله الأصيل
  29. إيمان الجابر
  30. غسان عبود - موسيقي
  31. مي قوطرش
  32. شاهر علي مرتضى - موسيقي
  33. ناظم بدرالدين - موسيقي
  34. إبراهيم سليماني - موسيقي
  35. وائل ابو جبل - مصور
  36. إيهاب غسان سعيد - مخرج سينمائي وتلفزيوني
  37. خالد عارفه ... فنان تشكيلي
  38. خالد بركة
  39. باسم الخوري - موسيقي
  40. وائل طربيه - فنان تشكيلي
  41. عبدالرحمن ريا
  42. أمل حويجة
  43. أنس العدوي
  44. غسان الجباعي - مخرج مسرحي
  45. خلود الزغير - باحثة وشاعرة
  46. مهند عمر - صحفي
  47. بثينة شيا
  48. محمد كحلاوي
  49. عمار مصارع / صحفي
  50. حلا عمران
  51. مرام المصري . شاعرة
  52. دارينا الجندي . ممثلة
  53. طارق فحام . موسيقي
  54. ماهر عنجاري
  55. مرهف عمايري
  56. محمد محمود، باحث وشاعر وروائي
  57. أبي سكر - مهندس صوت
  58. فادي الداهوك - صحفي
  59. ندى كررامي موسيقية
  60. عماد عبيد- مخرج صحفي
  61. جمال داود
  62. أنوار العمر
  63. أنس ضميرية
  64. نعيمة درويش , مصممة أزياء
  65. فضيلة الشامي
  66. مصعب النميري -شاعر
  67. نادين اللحام
  68. عامر الأتاسي
  69. عمر العليوي
  70. حسين الشيخ - شاعر وصحافي
  71. عبد الحميد برو
  72. مخلص ونوس / شاعر
  73. نائل قهوجي - موسيقي
  74.  نضال الدبس- مخرج سينمائي
  75. مهند دوس - صحفي
  76. ميّار الرومي / سينمائي
  77. مجد عبدلكي
  78. سعد حاجو/ رسّام كاريكاتير
  79. أسامة محمّد/سينمائي
  80. الموسيقار مالك جندلي
  81. ليلى النيربية
  82. عليا خاشوق
  83. محمد العلي
  84. إسلام أبو شكير ـ قاصّ
  85. حسام بدري
  86. عدنان أحمد
  87. واحة الرّاهب - مخرجة فنانة
  88. لويز عبد الكريم
  89. مهند أحمد فخر الدين
  90. رولا اسد. صحفية
  91. بشير نوفل _فنان تشكيلي
  92. تمّام هنيدي _ شاعر
  93. سوسن العلي / صحفية
  94. يزيد عاشور- اعلامي
  95. عمر ملص
  96. أديب طيبة \ مخرج مساعد-مصور ضوئي
  97. عروة الأحمد - مخرج
  98. جولان حاجي
  99. علاء حمزة \ رسوم متحركة
  100. خالد الحلبي - رسوم متحركة
  101. علاء خنجر - فنان تشكيلي
  102. هبة الأنصاري
  103. مــالـك الشــامي
  104. رامي العاشق
  105. مروان جمول  - فنان تشكيلي
  106. حسام بدري
  107. مرهف عمايري
  108. منيف عجاج
  109. أثير محمد علي
  110. أميرة أبو الحسن
  111. ضياء تحقاخة - مصور ضوئي ومخرج
  112. نبال جزائري ممثلة
  113. فارس البحرة - شاعر
  114. سعاد الرفاعي
  115. فواز قادري
  116. محمد حمود
  117. رافي كوستانيان - موسيقي
  118. نذير غليون
  119. حازم العظمة
  120. أسامة الطويل ـ فنان تشكيلي
  121. إبراهيم سليماني - موسيقي
  122. زاهي نوفل - قاص
  123. عروة الحلاق - مخرج سينمائي
  124. الاعلامية علا ملص
  125. محمد ملص
  126. أحمد ملص
  127. ريم علي - ممثلة
  128. عماد حورية
  129. عمرو شعيب
  130. بشار ايوب - موسيقي
  131. إيمان سرحان - فنانة تشكيلية
  132. مأمون بني - مخرج تلفزيوني و سينمائي
  133. شذى الصفدي
  134. حسان زركي - غرافيكس مخرج فني
  135. آرام أحمد
  136. رشا عمران
  137. علا الخطيب
  138. سليم سروة - موسيقي وأكاديمي علوم سياسية
  139. عدنان بركة، موسيقي
  140. حسان أبو الفضل
  141. هالا محمد ـ شاعرة وسينمائية
  142. ريم بنّا .. فنّانة فلسطينيّة
  143. محمد عودة
  144. رجائي القوجة
  145. كندة زاعور
  146. محمد سامح
  147. عدنان الزراعي
  148. ريم حمزة
  149. يامن حسين
  150. عزام فوق العادة - مخرج
  151. لينا العبد
  152. إياد شربجي- صحفي
  153. دلير يوسف- كاتب ومخرج
  154. أنمار حجازي - صحفية و مخرجة
  155. طلال اسماعيل
  156. لبنى زاعور
  157. نبيل سايس
  158. هبه عبيد
  159. علي قاف
  160. عبدالاله فرهود - سينمائي
  161. محمد الرومي - مصور فوتوغرافي
  162. محمد الجاموس
  163. فاذي زيدان  - مصور ومخرج فني
  164. جورج ناصر
  165. حازم رعد - كاتب ومصور
  166. ريم الخوري
  167. أحمد صلان - ممثل
  168. مهند السيد علي ـ صحفي
  169. الممثلة والمخرجة ليلى عوض
  170. إنانا عثمان
  171. سهيل نظام الدين - صحفي
  172. أحمد خربوطلي
  173. إياد حجازي
  174. عماد دعبول
  175. زينة البيطار - صحفية
  176. محمد زيد مستو - صحفي
  177. محمد علي عبدالرحمن
  178. نسرين طرابلسي -كاتبة وإعلامية
  179. سلافة عويشق ممثلة
  180. بشر الامين
  181. قصي الجرادات - فنان و مصور ضوئي
  182. لمى قنوت _مهندسة ,ناشطة سياسية
  183. عتاب لباد صحفية
  184. جبران سعد
  185. منصف طالب
  186. يزن الحاجإإبراهيم صموئيل - كاتب
  187. سونيا بيطار
  188. علياء أبو خضور
  189. عمٓار العاني
  190. فخر الدين فياض ـ كاتب وصحفي
  191. جمانه نجيدات
  192. حكم الواهب - فنان تشكيلي
  193. شادي الحلو
  194. سهيل ضاحي - مسرحي
  195. الإعلامية لينا الشواف
  196. نبال حريري
  197. د.أنس يوسف -ن اشط حقوقي
  198. فاتن العطار
  199. سامر الحلقي - تشكيلي
  200. رواد زاعور
  201. مازن البلخي شاعر
  202. وائل زويهد - مهندس
  203. حافظ قرقوط - كاتب وسيناريست
  204. حسان العوض- طبيب وكاتب



السبت، 7 يناير 2012

زويا





        عفواً زويـا... *

 

عفيف دياب
 لم تكن رحلة "قافلة" الرحيل القسري من الجنوب واليه "آمنة". خبز "صناع" القرار الموت لرحلة النزف البشري على طول "دروب" الجنوب... كان ينقصهم "دم" الأرض من أجل "فطيرتهم".
زويا...
لم أتمعن جيداً حين قرأت اسم "خالد" في قائمة شهداء "القافلة". ولم أكن أدري أن حبيب قلبك في أتون هذه الرحلة... سمعت صوتك ينادي بوجع الحب. لقد كذبت عليك لحظة قلقك وأخبرتك أن اسم خالد ليس في "القائمة"... وأقسمت لك بكل شيء أنه ليس واحداً من "شهداء" قافلة الحزن القاتل.
لم أكن أدري أن "الموت" سيكون قاتلاً لحظة خطفه لعريس كان على مرمى حجر منك.. لم أستطع أن أقول لك إن خالد استشهد في موكب "النزوح" الأكبر في تاريخ البلاد المقطّعة أشلاء على قارعة الزمن. لم أكن أعلم أن وجع القلب سيكون "دامياً". أعلم أنك منذ شهر تنتظرين قدوم خالد من مرجعيون.. "جمحة" فرس كانت تفصل بينكما. كاد أن يصل اليك مع ابتسامته الجنوبية.
عفواً "زويا"...
 لم أستطع أن أقول لك إن "خالد" استشهد. لم أستطع أن أصدّ محاولاتك المتكررة في معرفة "الحقيقة" الموجعة والمحزنة. صنعت لك حكايات حتى تمر ليلة "النزوح" الموجع. أتعلمين أنك وخالد ولدتما في بلاد "النزوح" وأنكما تعشقان كفرشوبا قبل أن نعود كلنا إليها، وصنعتما فرحاً في ساحات النبطية وأنتما تلعبان في حقول التبغ.
عفواً زويا... ستبقى حقــــــــول التبــغ تصنع فرح الجنوب.

*الاخبار ١٤ آب 2006

كفرشوبا


أجيال كفرشوبا تتوارث إعادة البناء*


عفيف دياب
لم تتعب كفرشوبا بعد من إعادة إعمار ما تهدّمه إسرائيل، وأبناؤها أورثوا هذه المهمة إلى أولادهم وأحفادهم. لقد كانت هذه البلدة الصامدة في «بوز» المدفع منذ أكثر من نصف قرن، كتبت خلاله تاريخها الطويل في صراع لم ينته بعد. في «عدوان تموز» كان التدمير الخامس لكفرشوبا التي تنتظر من يكتب «حكايتها» مع إسرائيل من الألف إلى الياء
****
هي ليست المرة الأولى التي تصبّ فيها إسرائيل حممها على هذه البلدة الحدودية المقاومة، لكن التدمير الذي شهدته هذه المرة كان الأكبر.
قبل ذلك كان تاريخ 1975 محطة فاصلة في تاريخ كفرشوبا. «دمرّت بالكامل» لم تكن مجرد عبارة تقال بل كانت توصيفاً لحقيقة واقعة. لكن ما الذي يمكن أن يقال اليوم عمّا حلّ بالبلدة؟ هذا ما يجيب عنه عدد من أبنائها...
لم يكن حسين عبد العال (أبو علاء)، أحد أبناء كفرشوبا الصامدين، يعلم أنه سيصبح شاهداً على كل مراحل تدمير إسرائيل لبلدته كفرشوبا منذ عام 1969، وشاهداً حيّاً على التدمير الخامس لها في قال موشي دايان انه سيحوّل كفرشوبا إلى ملعب «فوتبول»، لكنه لم يعرف أننا أعدنا بناءها»!
وضع أبو علاء الحجر الأساس لبناء منزل له في البلدة عام 1976. المكان الذي اختاره يقع على تلة مشرفة على البلدة وتحت موقع الاحتلال في رويسات العلم. أكثر من ثلاثين عاماً ولا يفارقه حلم إنجاز بناء هذا البيت من دون أن يحققه «ربما هذا الصيف» يقول. ويتذكر أن أكثر من سبعين غارة جوية استهدفت كفرشوبا مباشرة في أقلّ من 24 ساعة في يوم حار من أواخر شهر تموز 2006.
بعد توقف ما يسمّى العمليات الحربية في 14 آب الماضي كان أبو علاء أوّل الواصلين الى كفرشوبا التي غادرها قسراً قبل ساعات من تدميرها يومي 25 و26 تموز.
قبل ذلك تعرّضت البلدة لاستهداف مباشر بالقذائف الفوسفورية والمدفعية الثقيلة والغارات الجوية التي طاولت كلّ أطرافها بما فيها «معبرها» الوحيد المؤدي إلى لبنان الكبير بعد أن قطعت طريقها منذ 1967 مع مزارع شبعا والجولان السوري يوم لم يعد الأهالي ينتظرون «بوسطة بيت عبله» قرب العباسية ــــ المجيدية للتوجه الى القنيطرة والشام.
يقول أبو علاء خلال جولة معه في أحياء البلدة إنه لم ير يوماً قريته مدمرة بهذا الشكل: «أوّل ما وصلت إلى الضيعة شعرت بأني في قرية ثانية غير كفرشوبا، في 1975 دمّرت اسرائيل كلّ الضيعة لكن معالمها لم تتغيّر، أما الآن فلم أعد أعرف بيت فلان وين صار، مثلاً سطح بيت أحمد عبد الله طار وإجا بالساحة، وبيت أحمد العقيبه صار بالوادي، وبيت أحمد علي مريم حجارتو صاروا بالشقفان... شي غريب، مشهد ما شفت متلو بحياتي»!
منذ 1969 وحتى 2006 دمرت الطائرات الاسرائيلية كفرشوبا خمس مرات، وكان تدميرها الأكبر عام 1975 والأكبر منه في تموز 2006. يقول مختار البلدة احمد دياب ان التدمير الاخير لكفرشوبا كان قاسيا وموجعاً: «نحن لم نكن أنجزنا بعد ما دُمر في عدوان 1975، ومنذ عام 2000، تاريخ التحرير، يعيد أهالي البلدة بناء منازلهم التي دمرت في تموز مرّة جديدة».
أورث أهالي كفرشوبا أولادهم «إعمار» البلدة أباً عن جد. يقول حسني هاجر الذي أصيب منزله بقذيفة فوسفورية واحترق «شكلاً ومضموناً» خلال العدوان انه منذ 1969 وهو يشاهد والده يعيد بناء أو ترميم منزله بعد كل تدمير إسرائيلي للبلدة «وها أنا اليوم أعيد بناء منزلي من جديد وهو الذي لم يكن منجزاً بالاساس والاصل»!
توارث و«وراثة» إعادة البناء في كفرشوبا لم يتعبا الأهل والأبناء والأحفاد. ويقول المختار محمد سعيد قصب: «ما بدها شي، القصة يا عيني.. هني بيدمروا ونحنا بنعمر..»!.
أصبحت مشاهد تدمير كفرشوبا المتكررة «مألوفة»، فالبلدة، على حد تعبير رئيس التعاونية الزراعية علي قمرة الذي يقوم بترميم وبناء ما تهدم من منزله ومنزل أهله، لا تموت ولا أحد يقدر على قتلها: «شو بدنا نشتغل، ما عنا شي إلا تعمير الضيعة، تعوّدنا وتأقلمنا».
هذا «الاعتياد» على إعادة البناء في كفرشوبا أتعب الاهالي وإن لم يتكلموا أو يشتكوا. فالبلدة المعروفة بتاريخها السياسي في العرقوب وتحولها الى معقل للمقاومة الفلسطينية قبل اتفاق القاهرة عام 1969 والى معقل آخر للمقاومة الوطنية اللبنانية بعد اجتياح 1982 وانتقال شبابها الى العمل السري تحت الاحتلال الاسرائيلي، تحولت بعد عام 2000 وتحرير الجنوب الى معقل للمقاومة الاسلامية وبوابة لتحرير مزارع شبعا وأخواتها. وتعرّضت منذ 1967 وحتى 2006 لأكثر من 208 اعتداءات إسرائيلية وفق إحصائية أعدّها شباب البلدة أخيراً، والاعتداء في الاحصائية أو الدراسة يشمل فقط الغارات الجوية والقصف المدفعي المباشر لكفرشوبا عدا الاستهداف الاسرائيلي لمحيطها أو أراضيها الزراعية.
هذا الكم الكبير من الاعتداءات الإسرائيلية «أتعب» الاهالي الذين لم يبق منهم سوى 800 مقيم (صيفاً) من أصل عشرة آلاف. هذا «الرقم» لعدد المقيمين يشير بوضوح الى مدى «تعب» أهالي كفرشوبا الذي يبقى «سراً» لا مجال للبوح به اليوم لأن «الصراع مع إسرائيل لم ينته بعد» كما يؤكد محمد القادري الذي يجد في موقع بلدته الجغرافي سبباً آخر لاستمرارها في مقاومة إسرائيل عدا هويتها السياسية التي و«إن تبدلت بين مرحلة وأخرى، فالكل هنا متفق على أن إسرائيل هي العدو الاوحد لنا، وإصرارنا على إعادة إعمار ما تدمره إسرائيل يؤكد أهمية دورنا في المقاومة، وإن كنا قد أرهقنا اقتصادياً».
                                                                                                    * الاخبار ـ 28\7\2007
                                                              
 كفرشوبا، أو قرية «الإله» باللغة الآرامية، التي تحتاج إلى اكثر من 5 سنوات لإعادة ما دمر في العدوان الاسرائيلي الاخير، لم تنس شهداءها الأربعة الذين سقطوا جراء الغارات الجوية، وهي التي لم تنس كل شهدائها الـ104 الذين سقطوا خلال مقاومتهم لإسرائيل وعملائها، تنتظر اليوم وبعد مرور عام على تدميرها الخامس وزرع حقولها بالقنابل العنقودية، من يكتب «حكايتها» مع إسرائيل من الألف الى الياء!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الخميس، 5 يناير 2012

اليسار الديموقراطي



        «اليسار الديموقراطي»:

     قيادة «شبابية» وعطالله إلى الصفوف الخلفية

 

عفيف دياب

نجحت حركة اليسار الديموقراطي، أخيراً، في عقد مؤتمرها التنظيمي الثاني منذ تأسيسها. المؤتمر الذي استضافه منتجع سياحي في شكا قبل أسبوعين تمخّض عن قيادة «شبابية» جديدة أطاحت «الحرس القديم»، ووعدت بإعادة المبعدين والمبتعدين إلى صفوفها
******
تقدمت حركة اليسار الديموقراطي خطوة الى الامام، بعد تراجع خطوات منذ ولادتها سنة 2004. فقد نجحت الحركة، بعد مماطلة، في عقد مؤتمرها التنظيمي الثاني، وفي انتخاب توافقي لمكتبها التنفيذي الجديد، وإبعاد (توافقي أيضاً) عن الموقع الأول لأبرز وجوهها النائب السابق الياس عطالله الذي يتهمه قادة بارزون من المؤسسين كزياد ماجد والياس خوري واديب ابو حبيب وحنا صالح وزياد صعب والنائب امين وهبي بـ«اللاديموقراطي»، مفضّلين تعليق عضويتهم أو الاعتكاف على البقاء تحت «سطوته».
وقد كانت لعطالله، في السنوات الأخيرة، قراءات سياسية وتنظيمية لم تكن محل اجماع رفاق الدرب المنشقين عن الحزب الشيوعي او الآتين من مشارب يسارية متنوعة، ما أدى إلى تراجع حضور الحركة على المستويين السياسي والشعبي، وانسحاب العشرات منها او تجميد عضويتهم. وتراهن القيادة الجديدة على التواصل مع جميع «الزعلانين»، واعادة وصل ما انقطع تمهيداً لانطلاقة سياسية وتنظيمية لا يخفي القادة الجدد صعوباتها بعد شلل تنظيمي طويل.
المؤتمر الثاني لليسار الديموقراطي لم يخل من حساسيات وانتقادات واعتراضات متراكمة منذ ولادة الحركة التي تعرضت، في سنتها الاولى، لضربة كبيرة تمثّلت في اغتيال احد مؤسسيها الشهيد سمير قصير. وشهد المؤتمر انتقادات واتهامات متبادلة بسوء الادارة السياسية والتنظيمية وبالمسؤولية عن تراجع حضور الحركة على مختلف المستويات، ليخلص الجميع الى اقرار الوثيقة السياسية التي لم تأخذ حيزاً مهماً من النقاش، اذ كان الجميع ينتظر بفارغ الصبر بدء ورشة الانتخابات الداخلية وتشكيل القيادة الجديدة التي جاءت لمصلحة الشباب على حساب «شيوخ» الحركة الذين احتفظ بعضهم بمناصب غير مؤثرة كالياس عطالله الذي انتخب رئيساً للهيئة الوطنية وخليل ريحان ونبيل خراط نائبي رئيس، فيما تمكّن تيار الشباب من فرض شروطه بتولي مهام المكتب التنفيذي الذي انتخب بالتزكية وليد فخر الدين اميناً للسر بدل عطالله، والزميل عمر حرقوص نائباً له و8 اعضاء هم: يارا ياسين، محمد حمدان، ايمن ابو شقرا، جهاد فرح، فادي عنتر، سامي هاشم محمد شامي، والزميل ايمن شروف.
ويقول متابعون من داخل الحركة ان التوجه العام قبل عقد المؤتمر كان تصويب الاخطاء السابقة بإزاحة «الشيوخ» وابراز الحضور الشبابي الاكثر نشاطاً لإعادة الروح الى الحركة ووضعها من جديد على خريطة الحياة السياسية، وتفعيل دورها الفكري والسياسي والشعبي. ويكشف هؤلاء ان التيار الذي يتقدمه حنا صالح وزياد صعب كان قد ضغط لعقد المؤتمر العام رغم محاولات عطالله المتكررة لإرجائه. ويلفتون إلى ان موافقة عطالله «المفاجئة» على عقد المؤتمر وإصرار نديم عبد الصمد على ذلك وموافقته على مطلب الشباب بأخذ موقعهم ودورهم، اعاد خلط الاوراق، حيث سعى حنا صالح الى تأجيل عقد المؤتمر مشترطاً منع عطالله من العمل السياسي الحزبي والعام. لكن ضغط «تيار الشباب» على «شيوخ» الحركة، بحسب المتابعين أنفسهم، نجح في إلزام الجميع بعقد المؤتمر بشروطه التي وضعها لموافقته على تولي «اعادة البناء». وتتلخّص هذه الشروط بعدم التدخل في عمل المكتب التنفيذي، ومنحه صلاحية الاتصال بجميع اعضاء الحركة المعتكفين والمبتعدين او المبعدين، ورفض ازاحة احد او منعه من العمل داخل الحركة او خارجها. ويشير «رفاق» من حركة اليسار الى أن «شيخ اليساريين» نديم عبد الصمد «نجح في ادارة المؤتمر والضغط المعنوي لتحقيق مطلب الشباب، اذ وجد ان توليهم زمام الحركة هو الحل الوحيد للحد من الصراعات الداخلية»، مؤكدين ان عبد الصمد رفض اسناد اي منصب اليه، وكذلك فعل لاحقاً حنا صالح الذي احجم وتياره عن الترشح للمكتب التنفيذي في وجه لائحة الشباب التي دخلت في امتحان تنظيمي حدد زمنه بسنة لتنفيذ برنامج اعادة «اليسار الديموقراطي» الى الحياة السياسية من جديد.
وقال امين السر الجديد للحركة وليد فخر الدين لـ«الأخبار» ان التوجه العام في مؤتمر «اليسار الديموقراطي» كان ايصال «قيادة جديدة شابة تواكب مرحلة الربيع العربي»، مضيفاً ان «قرار الجميع كان احياء الحركة وعدم الدخول في مناقشة بعض الخلافات الداخلية، لأن الجميع وافق على بدء مرحلة جديدة والمساهمة في تحقيق برنامج تفعيل اليسار اللبناني وأهمية حضوره كتيار سياسي اساسي في لبنان». وتابع ان الحركة «بدأت اعادة البناء من جديد، وأعطينا أنفسنا كمجلس تنفيذي مهلة سنة لتحقيق مشروعنا بلمّ الشمل»، موضحاً ان خطة العمل الجديدة ستكون عقد مؤتمرات مناطقية للحركة في لبنان لتفعيل حضورها وانتخاب قيادة جديدة. وعن العلاقة مع المعتكفين، اوضح ان القيادة الجديدة «ستبدأ قريباً اجراء اتصالات وحوارات مع جميع المبتعدين عن الحركة، وفتح حوار مع كافة اليساريين والليبراليين والديموقراطيين في لبنان»، مجدداً تأكيد موقع الحركة في تحالف 14 آذار «ضمن ثوابت ثورة الاستقلال، ولكن من دون الذوبان في 14 آذار».

الأربعاء، 4 يناير 2012

نواب زحلة


 




عرسال تهدد بفرط عقد كتلة «نواب زحلة»

عفيف دياب


 
زيارتان تضامنيتان منفصلتان لنواب كتلة زحلة الى بلدة عرسال في البقاع الشمالي كانتا كفيلتين بإعادة الحديث عن الخلافات التي تعصف بين أعضائها إلى دائرة الضوء. اتهامات بالتفرد قد تفرط عقد الكتلة التي لم تكن يوماً متجانسة منذ تشكيلها
****
 تصاعد الخلاف داخل كتلة «نواب زحلة»، وخرج من الغرف المغلقة و«تنكيت» النواب بعضهم على بعض الى العلن. فالكتلة التي لم تتفق منذ ولادتها القيصرية على القراءة في كتاب واحد، تشهد اليوم صراعاً جديداً بين نوابها نتيجة انفراد بعضهم في اتخاذ قرارات ومواقف لا يعلم بها الآخرون الا من خلال وسائل الاعلام. وجاءت «قضية عرسال»، أخيراً، لتصب الزيت على نيران الخلافات المشتعلة بين هؤلاء النواب، والتي عمل سعاة الخير على اخمادها اكثر من مرة لمنعها من إلحاق الاذى بالمشروع السياسي الذي تدين له الكتلة ونوابها.
الخلافات بين نواب «كتلة زحلة» بدأت تأخذ اشكالاً مختلفة. وجاءت زياراتهم لعرسال، في اليومين الماضيين، لتكشف المستور داخل كتلة لم تعرف التماسك يوماً. ويقول زحليون متابعون للكتلة وحركة نوابها ان «ابناء الصف الواحد» لم ينجحوا في كتمان خلافاتهم واختلافاتهم، و«لم تعد تجدي نفعاً محاولات طمس حقيقة صراعاتهم غير المعلنة». ويزيد هؤلاء: «أُعطيت الكتلة موقعاً لم تحسن الاستفادة منه، ووجودها بالاساس لم يعط مفعولاً يخدم زحلة ومنطقتها». ويستشهدون على تشرذم الكتلة وانفراط عقدها بحركة «النائب الكتائبي ايلي بيك ماروني الذي شذّ عن القاعدة، وأصبحت ممارساته المعلنة دليلاً ساطعاً على ازمة نواب المدينة».
أحد الكتائبيين السابقين المخضرمين في زحلة يرى أن «الضرب بالميت حرام»، وان «اعلان وفاة الكتلة اذاعه ماروني مباشرة من بلدة عرسال التي توجه اليها منفرداً بعدما رفض الشباب مرافقته من دون العودة الى مراجعهم السياسية». وأضاف المصدر المطلع على خفايا الكتلة الزحلية ان «تفرد ماروني ليس الاول من نوعه، ولن يكون الاخير. وهو اصاب الكتلة في مقتل، ولا ضير من القول اكرام الميت دفنه».
هل ماتت كتلة «نواب زحلة»، فعلاً، أم لهذا الكلام الكتائبي حسابات حزبية وشخصية ضيقة؟ يذكّر متابعون مقربون من الكتلة بأن اول ضربة تلقتها كانت إثر صدور نتائج الانتخابات النيابية في 2009 حين اعلن رئيسها النائب نقولا فتوش انشقاقه عن قوى 14 آذار بعدما امتنع الرئيس سعد الحريري عن توزيره في أولى حكوماته، ثم جاءت خسارة الانتخابات البلدية «عندما لعب النائب ايلي ماروني دوراً اساسياً في شرذمة صفوف قوى 14 آذار في زحلة، وأسهم في خسارتنا للمجلس البلدي». ويرى هؤلاء ان القوات اللبنانية «نجحت في ابعاد (النائب) نقولا فتوش عن الكتلة، وأخطأت حين لم تبعد معه النائب ايلي ماروني الذي لم يقدم يوماً ما قيمة مضافة في زحلة سوى الخسائر السياسية والشعبية لتجمع 14 آذار». ويردفون ان خسائر كتلة «نواب زحلة»، بالجملة او بالمفرق، والخلافات الداخلية والمبادرات الفردية لأعضائها، «تسمح اليوم بقول الكلام المباح بهدف وضع النقاط على الحروف واعادة الامور الى نصابها ووضع المصلحة الذاتية جانباً». ويوضح هؤلاء المقربون من القوات اللبنانية ان ماروني اقترح في آخر اجتماع عقدته الكتلة زيارة بلدة عرسال للتضامن معها، فطلب بعض النواب مزيدا من الوقت للنقاش حول ايجابيات الزيارة وسلبياتها محلياً، إضافة الى ضرورة «مشاورة مراجعنا» السياسية، «لكن ماروني اصر على الزيارة منفرداً رغم تنبيهه الى احتمالات انعكاس ذلك سلباً على وحدة صف الكتلة، ما يظهر الى العلن صحة ما يتردد عن خلافات بين أعضائها». ويتابع المطلعون ان النائب عاصم عراجي تمنى على زميله ماروني عدم الانفراد بالزيارة او اصدار مواقف ذات شأن بقاعي من دون التنسيق المسبق بين اعضاء الكتلة، وان النائب جوزف معلوف ايّد موقف عراجي، وانضم اليهما رئيس الكتلة النائب طوني ابو خاطر الذي طلب تفسيراً من ماروني عن اسباب تفرده باطلاق مواقف ومبادرات يطّلع عليها زملاؤه من وسائل الاعلام.
استفحال الخلاف بين «نواب زحلة» وقيام ماروني بزيارة عرسال منفرداً على رأس وفد كتائبي محدود جدا، اعتبره باقي زملائه في الكتلة تفرّداً من النائب الكتائبي. ويوضح المتابعون ان قائد القوات اللبنانية سمير جعجع أجرى، فور تلقيه خبر زيارة ماروني عرسال منفرداً، اتصالاً بقادة في تيار المستقبل، واستوضحهم ما اذا كانت زيارة النائب الكتائبي منسّقة معهم «فتلقى نفياً قاطعاً». ويتابع هؤلاء ان تفرد ماروني استدعى تحركاً عاجلاً من القوات والمستقبل، فتم التفاهم على تنظيم زيارة كبيرة لبلدة عرسال والتضامن معها، والتوافق على ان زيارة ماروني ليست الا «حرتقة» زحلية لا قيمة لها و«همروجة» اعلامية. ويكشف المتابعون ان تيار المستقبل ابلغ ماروني «امتعاضه الشديد» من الزيارة التي قام بها الى عرسال وان «تغريده وحده خارج سرب النواب لن يفيده سياسياً او شعبياً». ويوضحون ان تبريرات النائب الكتائبي «لم تكن مقنعة»، وان تبريره للمستوضحين حول اسباب تفرده بأن النواب رفضوا اقتراحه زيارة عرسال «ليس دقيقاً». ويختمون ان على النائب ماروني «إما الالتزام بما تتفق عليه كتلة نواب زحلة والحد من انتقاداته المتكررة لها، او اعلان استقالته منها وتشكيل حيثية نيابية خاصة به».

الثلاثاء، 3 يناير 2012

كائن فضائي

شرطة ادلب ترصد كائن فضائي يخترق اجواء " دير سنبل " متجها نحو " كفر نبل " ؟!!

         طوله 120 سم يرتدي لباسا اسود وعلى رأسه خوذة
اخترق " كائن فضائي " يشبه الإنسان أجواء قرية دير سنبل التي تبعد حوالي  35  كم عن ادلب، مركز المحافظة،
\وتتوسط الطريق الواصل ما بين أريحا ومعرة النعمان ، "حيث كان يطير بسرعته تقدر بحوالي 40 كيلو متر".
وفي برقية موجهة من قيادة شرطة ادلب الى ادارة العمليات(جنائية التفتيش ) وحصلت سيريانيوز على نسخة منها ، اورد شهود عيان أنهم شاهدوا " كائنا فضائيا يدور في سماء القرية ويحوم حولها قادما من أجواء سرجة ثم اتجه نحو احسم ومنها إلى كفر نبل وقالوا انه كان يعلو وينخفض فوق أشجار الزيتون والتين".
وأكمل شهود العيان بحسب البرقية وصفهم للكائن الفضائي بقولهم " انه يبلغ من الطول حوالي 125 سم وان عرضه يزيد عن 40 سم وكان يرتدي لباسا اسودا وعلى صدره بقعة حمراء اللون وعلى رأسه خوذة ويوجد انتفاخا في صدره وظهره مما يدل على وجود جهاز يساعده على الطيران"
مشيرين إلى انه أثناء تحركه " كان يتحرك بحركات ذاتية لولبية مع طي القدمين ورفع اليدين ولم يسمعوا أي صوت لأي محرك توربيدي أو ميكانيكي".
حسن العبد - سيريانيوز
http://syria-news.com/readnews.php?sy_seq=27989

السبت، 31 ديسمبر 2011

. إليكَ وحدَك


.. إليكَ وحدَك

أوَتدري...
أفتقدكَ هذا المساء.. وأبتعدُ إليك
أنظركَ داخلي وأغدو بكَ مكتوفة الروح
تلكَ الأنا التي تبكي شوقاً لكسرة عناق
لكسرة قبلة آخذها من أطراف شفاهكَ
يا أنتَ برد الغياب لا يدفّئه حطب الشوق
..........
أوَتدري..
تلهب أنفاسكَ مكامني
وأحبّكَ أكثر مما أحبّكَ
.......
بيني وبينكَ حكاية بدايتها بسملة الأرجوان
ونهايتها يوم أوَت روحي إليكَ.. راضية مرضية
.......
أوَتدري...
كما أنتَ ..على شفاهي حمامة عشقِ
وتلاوة حنين
لن أبكي غيابكَ هذا المساء
فكل هذا الفيض ينوب عنّي
أوتدري ملأتني فيضاً
.........
أوَتدري...
لكَ مزاج نبيّ.. ولي الإيمان وكلّما ترنّح
أعود لعينيكَ كسفينة غيم
ترسو على ميناء المطر
فتولد قصائدي التي هي أطفال روحكَ
......
أوتدري...
وأعشق كيف تأسركَ عينا المرأة
التي صرتها من يوم أن عرفتكَ
مدّني على مداك
على مدنكَ التي تمطر أنبياء
على الشوق الصامت بملامحكَ
مدّني على كروم كفيّكَ
وإجعلني الليلة خمرة في كؤوس حكاياتكَ
وشاطئاً على يم مساءاتكَ
........
أوتدري...
بي رغبة في إرتواءٍ يرحل بي
إلى صبح أساطيركَ
وإحتضان خطوط شفاهكَ
حين تبوح  بشهدِ قُبَلٍ
يزنّر شرود نبيذي التائه بيننا
يا قاربي الأكبر من الطوفان
يا طوف عمري المتأرجح بين
دمعة كسيرة وأأأأأهٍ مكتومة
...........
أوتدري ...
كلّما جاء طيفكَ على صقيع روحي
حضوركَ الموشوم على حافة المساء
وإبتسامتكَ المنثورة على
حافة الليل تكبر وتصير قبلة
............
أوتدري...
كلّما لامس إسمكَ شفتيّ
تراقص القصب على جذع الناي
وتناثرت تراتيل اللحن
كأنها قداس عشقٍ
وينساب الهمس من بين شفاهكَ
يمشي على روحي وحده
أبلله بندى عشقي كي يمضي
فيغريني وأتبعه
..........
أوتدري...
لم أعد أشبهني بتّ من فرط الشوق.. أشبهكَ
لم أعد أذكرني بتّ من فرط الحنين.. فقط أذكركَ
أوتدري.. إنّ الحنين إحتضار البنفسج قرب طيفكَ..وأنا أحتضر
أوتدري..عفيف.. أوتدري?

يسرى

الثلاثاء، 27 ديسمبر 2011

عرسال تتحدى وزير الدفاع



عرسال تتحدى وزير الدفاع

بلدة عرسال غاضبة. هي حانقة على وزير الدفاع الذي تقول إن اتهاماته بتسلّل عناصر من تنظيم «القاعدة» عبرها إلى سوريا غير صحيحة..
**********
عفيف دياب
لم تهضم عرسال بعد كلام وزير الدفاع فايز غصن، بشأن تسلل عناصر من تنظيم القاعدة منها إلى سوريا. كلام وضعه «العراسلة» في خانة «الهضامة» السياسية لوزير دفاع يجزمون بأنه لا يعرف جغرافياً أين تقع بلدتهم، وربما ـــــ على حد قول أحد مخاتير البلدة ـــــ «كان (غصن) قد سمع باسم عرسال من وسائل الإعلام، أو من التصريح السياسي الذي نطق به من دون أن يناقشه حتى مع الجيش»، يقول المختار الغاضب. ويضيف: «حبذا لو زارنا وزير الدفاع قبل إطلاق تصريحه، لكنا وفرنا عليه الكثير من الانتقادات والغضب الشعبي».
تصريح وزير الدفاع الذي استتبع بجرح عرساليين اثنين برصاص سوري في منطقة مشاريع القاع، رفع من موجة الغضب الشعبي التي كانت تتراكم بصمت على الدولة اللبنانية ومؤسساتها، إلى أن جاء التصريح وأصبحت القضية بنظرهم أكبر من مسألة «معلومة» أمنية غير واقعية. فمن وجهة نظرهم، «ثمة استهداف سياسي وتصفية حسابات معهم تصل إلى حد العقاب الجماعي». يقول مسؤولو تيار المستقبل في البلدة إن كلام غصن «وحّد عرسال التي تطالب بلجنة تحقيق لمعرفة أهداف الاتهام وخلفياته، ولا سيما أن التصريح جاء قبل يومين من استهداف مقرين للاستخبارات السورية، واتهام دمشق تنظيم القاعدة قبل أن يحدث البيان المنسوب إلى الإخوان المسلمين إرباكاً إعلامياً وسياسياً».
ويوضح منسق التيار في البقاع الشمالي بكر الحجيري، أن كلام غصن «انعكس إيجاباً على البلدة؛ إذ أسهم من حيث لا يدري في توحيد الصفوف بين مختلف مكونات البلدة السياسية والحزبية». يضيف: «عرسال ليست ممراً أو مستقراً لتنظيم القاعدة وغيره من التنظيمات والحركات المتشددة أو المتطرفة»، مؤكداً أن «استخبارات الجيش تعرف حقيقة الأمر والواقع على الأرض». ويطالب الحجيري غصن «بتوضيح أقواله»، و«نحن نتهمه بالضلوع من حيث لا يدري في تنظيم الانفجارين اللذين وقعا في دمشق». ويتابع: «عرسال بلدة لبنانية، وعلى الجيش حمايتها، وإذا كان غصن يملك معلومات موثقة وأدلة على كلامه، فعليه أن يضعهما بتصرف الرأي العام».
بدوره، يرى المسؤول في الحزب الشيوعي اللبناني، عبد العزيز الفليطي، أن «كلام غصن غير مستند إلى الواقع العرسالي»، مبدياً تخوفه من «شيء مجهول يُعَدّ للبلدة التي تبحث عن الهدوء السياسي والسكينة ولا تريد مشاكل مع أحد». يتابع: «في عرسال تنوع سياسي كبير. وصراحةً، لم نلحظ وجوداً لما يسمى تنظيم القاعدة، وبالأساس تربة بلدتنا غير خصبة لتنظيمات كهذا». ويرى الفليطي في كلام غصن «تجنياً على البلدة»، موضحاً أن الجيش ينفذ دوريات شبه دائمة في البلدة وعلى أطرافها. و«لماذا لم يعمل على توقيف من تحدث عنهم وزير الدفاع؟».
ردود الفعل «السلبية» من مختلف الأطراف على كلام غصن في أكبر بلدات البقاع الشمالي سيحوّل البلدة إلى «محجة» سياسية وشعبية، حيث بدأت تستعد لاستقبال المتضامنين معها يوم الجمعة المقبل، وفق ما هو مقرر حتى الآن. ويوضح بعض من الأهالي أن وفوداً شعبية وسياسية وحزبية «ستزورنا متضامنة». ويقول أحد قادة تيار المستقبل المركزيين إن شخصيات من عرسال كانت قد راجعته قبل تصريح الوزير غصن للمساعدة في سحب اسم بلدتهم من التداول الإعلامي. يضيف: «تلقينا مطالب من الأهالي بوجوب مساعدتهم وإبعاد بلدتهم عن ارتدادات الأزمة السورية، لكن للأسف جاء تصريح غصن ليصبّ الزيت على النار». وهنا يوضح أحد مخاتير عرسال لـ«الأخبار»، قائلاً إنهم أجروا اتصالات سياسية مع الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري، ومع غيره من القيادات السياسية في 8 و14 آذار لـ«المونة على وسائل الإعلام بهدف التخفيف عن البلدة التي أصبحت الخبر الأول»، لكن «كلام وزير الدفاع أفشل جهودنا، كأنه يريد زجنا في مشكل مع السوريين، لا حل المشكلة إذا كانت موجودة في الأساس».
حياد عرسال والنأي بنفسها عن الملف السوري، لم يعد لهما من معنى في البلدة بعد كلام غصن وسقوط قتيل و7 جرحى من أبنائها برصاص الجيش السوري منذ بدء الأزمة السورية. ويقول أحد المتابعين لـ«لملمة» الآثار السلبية لكلام غصن على عرسال إن البلدة «لا يمكنها تحمل التصريحات المتطرفة من 8 و14 آذار. لذا، أجرينا اتصالات سياسية لوضع الأمور في نصابها، مع حسم النقاش في هذا الملف مع بدء الجيش اللبناني بوضع نقاط مراقبة على حدود عرسال مع سوريا»، موضحاً أن «نقاط المراقبة العسكرية السورية الموجودة على الحدود وبعضها داخل الأراضي اللبنانية، وضعت بالتفاهم مع الجانب اللبناني الذي سيبدأ بتعزيز وجوده الأمني والعسكري في مناطق جرد عرسال ومشاريع القاع الزراعية».

الاثنين، 26 ديسمبر 2011

حرية


بنات المحار..

قصة قصيرة
ــــــــــــــــــــــــــ



بنات المحار..
٢٣ كانون الأوّل ٢٠٠٨

  من يعتلّ بالحبّ أنا لا أواسيه أو أعاتبه
بل أشكر من بالهوى قسى عليه و عذّبه
فالرّوح لا طيب يعطّرها إلّا من أصابه الوله
و لاخلّ مثل الذّي علّم القلب قلمه و أبكى حممه..
فتحت الباب السّادس للقطار الذّاهب إلى باريس لحضور المعرض الذي فتح أبوابه للزوّار، قبل أيام، بعنوان «اللآلئ... التاريخ الطبيعي»....
جلست قرب النّافذة و أنا أتخيّل أشكالها وأنواعها بحسب القليل من المعلومات التّي أمتلكها مفكّرا في التّفاصيل والعناوين التّي قد تصلح لمقالتي الأسبوعيّة...
الطّقس كان باردا جدّا إذ لَثَمَني الصّقيع و نحن على أبواب الميلاد، كان القطار محتفلا و الأشجار على الأرصفة لبست حلّتها و زيّنت شعورها بالأضواء و الحرير و كأنّها تعبد الإله "نور" من جديد أو بالأحرى تغنّي لنجم الحياة السّعيد ...وكأنّ الربّ يدعو لنا ويقول لها في هذا العيد المجيد: ألبستك الشّمس بأنوارها و الرّياح بأوتارها و الأمطار بمائها و اللّوحات بأشكالها و مراحها لتري البشائر في فساتينها العائمة.. والفراش بألوانه يراقصك كالأميرة النّائمة على فِراش من سحاب بريش الملائكة.. فتسُكرين الكلام المباح وتضاجعين نور الصّباح.. فتغرين البشر بذبذبات عيونك دون اجتياح وتغلين دماء الشّوق و البرد عندهم دون قراح.. فتنزف دموع الفرح من سمائهم كما في البراح و ينعكس ضوء عيوني في فضائهم .. فينجب الحبّ يسوع أفراح...
فتّشت في ثيابي عن القدّاحة لأشعل سيجارتي علّها تساعدني على تمضية الوقت و على التّفكير. و لكن ما وجدتها، فالتفتّ علّ أحدا يعيرني الفتيل... كانت الشّموع تحيط بي و أنا معكتف في مجلسي و بين فكرة و فكرة... رأيت قمرا جالسا مغمض العينين في مقعد يبعدني بنحو مترين.... غاب كلّ البشر في دقيقتين و التهمني دخان سيجارتي الجديدة في نفسين و صرت أنا حارس الأقمار ببوصلتين يتيمتين وحيدتين...
كان الملاك نائما غير آبه بي أو بالشّباب العابث بالأبواب أو بالطّريق الفّار من الازدحام الإقطاعي..
تركت مكاني و قرّرت أن أستأنس بالنّار الحارقة في ذلك الرّكن الزّجاجي... تثبّتت في الفرو المغطّي قممها و بسيطتها..ما رأيت إلّا وجهها المتعرّي: أصداف محارها تبعث عرق لآلئها و كأنّها تبعدني، جنائن خدّها متفتّحة ورودها تبعث شدى و رحيقا يحرقاني كلّما ابتسم ثغرها و كأنّها تراني أراقصها في حلمي...
لم أستطع مقاومة جاذبيّة أرضها، فارتأيت أن أكون "تفّاحة نيوتن": اسطنعت سقوطي و هويت... ففتحت أصدافها و رأيت لوهلة في لحظة لمحة عن اللؤلؤة السوداء... و كأنّ آلة الزّمان و المكان حوّلتني إلى أخطبوط في جزيرة هايتي يحاول اقتحام مجرّة شفاه محارها السّوداء...
إلهي، يا خالق العينين و باعث الأكوان...
إلهي، يا من تنذر بالصبّر كلّ مؤمن و إنسان...
إلهي، بشّرتني بالعيد و بأمل وليد أحزاني...
ذاب الموت في ليلتي وصرت صائد ريم و غزلان...
اجعلني منجّما أو قارئا للطّالع و الكفّ و الفنجان...
أو ساحرا يتقن سحر الأميرات و العاشقات أو بهلوان...
يلاعب غادة الأقصوصات و الأغنيات، خليلة الزِّمان و المكان....
علّها سيّدتي، تطلبني، فأفرش الزمرّد رمال خطوطها عند الرّحمان...
فقد فاقت أجراس نَفَسِي و لهثات قلبي سرعة ضوء ألف و مائة حصان...
سألتني (باللّغة الفرنسيّة و عربيّة كانت لَكنتها): أتعرفني...؟؟؟
أجبت: لا..( لما لم أكذب؟؟؟ لما لم أدّعي أنّها تشبه زميلتي، قريبتي، أختي أو حبيبتي الغائبة الضّائعة؟؟؟ لما كنت جبان لحظتي و أنا سيّد الأزمنة وقتها و ترجمانها؟؟؟؟).
أعادت السّؤال: أتعرفني؟؟؟؟
فقلت: نعم أنا شادي الخطّاب، عربيّ، مقيم بفرنسا منذ ستّ سنوات بمدينة أميان، عيد مولدي في اليوم الرّابع من الكانون الثّاني، أعزب و صحافيّ محرّر صفحة الثّقافة بصحيفة "الشّرق الأوسط".. و أنت؟؟؟؟
اندهشت من ردّي السّريع و الدّقيق و كأنّها لا تعرفني...
صمتت ثمّ نطقت و أنا كان الحرّ يؤرّقني و الهشيم يتآكلني و ناره: أنا درّة...
- عرفتك، أنت عربيّة مثلي و اسمك يشبهك بل يعرّفك...
احمرّ ربيعها و نطق بابتسامة شكر و خجل و وجل و كأنّني شمس أضاءت شطآنها أو مهراجا رأى انبعاث لآلئها، فاشتراها بل غازلها و أرجعها إلى بحارها حرّة طليقة: بعثتك في أكواني طائرا حرّا، عشقا يرسم بالأزرق الدّافئ جدراني ... يبعث نورا في آخر نفق أرجواني.. بعثتك أبيات شموع تضيء أشعار قرآني.. فأصبحت حركات تزيّن بالتّنوين كلامي... بل صرت العشرين من عمري.. تنثرين عليّ كالصّغر و الشّباب والنقاء والرقيّ النّيازك المسافرة في الكون دون عنوان.
عرفت و أنا معها كيفية تكوّن اللؤلؤ وأماكن تواجده و طريقة زراعته و ألوانه وأسماءه و تصنيفه.
فكنت أنا صدفة بحيرة بيوا وكانت هي الملكة التّي تزيّن قلادة ماري انطوانيت و الثّوب الذّي يعلّق فيه بروش الملكة فيكتوريا ، و الأذنان اللّذان تعلّق فيهما أقراط المصمّمة الفرنسية كوكو شانيل ورأسها تاج الملك شارلز الخامس.
أغرقتني في محيطها الهندي، فكنت الخليج الفارسيّ و خليج المنار و خليجها المكسيكيّ و العربيّ... فأسميتها:إقماشة ...
سافرت و أنا معها إلى العالم. جلست جوارها لمدّة قصيرة، فأدمنتها. دعوتها إلى المعرض، فقالت: استيقظ يا سيّدي، هذه آخر محطّة، وصلنا.

                                                                           (رحاب السوسي)
                                                          تونس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

شهيد النبي صفا



  رسالة الى اخي شهيد النبي صفا

  نبيلة دياب   
بإسمي واسم الشهيد الحي الباقي شهيد الحق والواجب وباسم أهلي اللذين هم رمزاً للتضحية ورمزاً للتعبير عن الأهالي الفداء.  
أطلق كلماتي كما اطلق اخي رصاصاته، أطلقها لتبلغ الهدف لتسير نحو الغاية المنشودة فكلمتي الأولى الممزوجة بعطر الأرض الطاهرة
بأريج وعبير الحزب المتمايل فوق رؤوس الأهل والشعب.
أوجهها  إلى حضرة الأخ والرفيق جورج حاوي إلى حاضن وريقات الزهرات  الباسقة.
إلى كل الرفاق والأخوة اللذين أرى في مبسم كل منهم طيف أخي.  صمت رهيب في ظل سكون ضاحك ليخترق حدود الواجب
باقة يانعة من الشهداء امتدت جسراً يستند بأركانهم، فعبروا عليه بأقدام ناعمة ترتفع القدم الأولى فتعلو شوقاً ولقاءً لمعانقة رفاقهم في السماء، لتحط القدم الأخرى فتطئ بسكون هاديء أرض الكرامة فيرسم حلماً قانٍ يغطي غيوم السياسة  ويمحي عتمة المرارة  لتنير سجية الطهارة بدم نقي يتدفق في نهر الحنايا ليمحي حدود الإصطناع الشائكة.
ماذا جرى وحصل لأندفع وأقول؟  ليلة الثلاثاء  26-12-1989 قالت وأكدت استمرار الفداء والتضحية.
حسين النبي صفا كان هناك، ناداه نبيه محمد فاستجاب الدعاء فاصطفى النبي عند استجاب الدعاء  وكان اللقاء وكان الوداع
منتصف الليل لبوا  النداء ليسيروا ويسيروا حتى يصلوا الهدف المنشود  لتشرق شمس  الضياع.
لا لم يتفتح زهر أخي بعد ولم نروي عطشنا من حبنا له  لم نشبع من حلم يديه  لأنه أراد ان تتفتح أزرار زهره في البستان، لأنه اراد ان يروي بدمائه  عطش ارض العطاء.
لم نرتوي منه لأنه  اراد ان يحقق حلم رفاقه الشهداء.
فلنا جميعا الفخر والإعتزاز لأن أخي استشهد في الموقع الذي يجب أن ننطلق منه جميعاً إخترق حدود الفكر وحدود الكلمة  وحدود الوطن، وضع سياجاً من الياسمين  لإقامة حدود الواجب والكرامة.
إلى أخي براءة الشمس الساطعة
عنق المقاوم الرافع الراية
يا نبع الدمعة السخية
يا ضحكة يا بسمة
يا رمز الطلقة الصاخبة
امي وابي وأختي وأخي
بشرف شهادتك بيرفعوا البندقية
حتى يرتفع ويرتفع ويرفرف علم الحرية
على جبل الشيخ وتلال ضيعتك الحاضنة الخبرية
وداعك وفراقك شتتوا الغصة والبحة الخفية
وصنعوا الدمعة من شرايين دمك الراوي القضية
يا حسين يا زهرة ندية
ما تفتحت الا مع حزبك حلم الشعب والحرية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأحد، 25 ديسمبر 2011

إسراء الروح



    إسراء الروح
 شتوي البيات هذا الحب
ي
نتابني كلّما ضجّ عطر روحي
.....
وأرمي عطره كل مساء لأغفو..
وفي الصباح تنبت رياحينه من جديد
إمتطى صهوة الريح وغاب
فتهاوت مواسم التفاح ..وترنّح صوت الأنامل
بكت زمنه القصيدة
ووسن أغرق العيون
.....
يا طول التنهيد على شوق
ألملم من عينيكَ سرير القلب
يا لشفاهكَ التي تحبو من فوقها الأنهار
.....
أحتطب من شفتيكَ كلماتي ..
وأتلاشى بموقد أصابعكَ
وأرقب ندف همسكَ الصلاة
أغمر طيفكَ .. جسد يشتهي جسد
وثغر يحنّ لثغر من كرز
ونهد يشتهي شفاهكَ التي كضوء القمر
......
كلّما كوّنت صلصالي
تشكّل من جديد على هيئتكَ
كأنّكَ بين أصابعي
كالبحر أنتَ .. ملك المدى .. وأنا مداك
ترتّل القلب ترتيلا بمداد بوحكَ
أقرأ بين يديكَ فاتحة الموج
وسورة إسراء الروح إلى معارج الحب
.....
دثرني ببوحكَ يا ترنيمة الهطل
قبلكَ كيف كانت تُضاء مصابيح القمر
أتوق إليكَ وأنا بين حناياكَ أرتعش
وأتهجي جسدكَ وفي حواسي زوبعة من حب
فتورق عرائش الوقت حول سرّة العشق
......
حبيبي أنتَ وكل الرجال مرايا لكَ
وأنتَ النبي الذي عرّشَ البحر في قلبه
يا نصف الحياة ونصف طيفها الآخر
من يوم أن همستَ : يسرتي
فاض نهر الكوثر
وأنتَ القصيدة على جناح النورس
.............
أيا نبض الحياة في جسدي بغيابك تحتبس الأنفاس
ولا تكتمل..
وإذا عدت منهكة إلى صحراء القلب وجدتكَ
منقوشاً على رماله..
وأشتاق لذاكَ الحب الشتائي بطعم شفتيكَ
وتشتاق لنبعكَ أغصاني
يامن تخطفني وتزرعني وشماً بين كتفيكَ
ثم تنثرني كغيمة من قُبَل
......
يا رجلاً ينتفضُ الشوق من رئتيه.. فأتنفس أنا الحنين
يا رجلاً على بساط من تقاسيم الهوى يأتيني
أشتاق لشفتيكَ ناي الغيم
يا أنتَ كلّما مررتَ بخاطري أورقت شجرة غواية
لعصافير مبتلة بندى يديك ومطر شفاهكَ
يا رجلاً كلّما مررتَ بخاطري خرج نبضي عن الطاعة
.....
يا...
كلّما لامست شفاهي حدودكَ أتاهب للترتيل
فأنا قاب قوسين وأزكى من حبق صدركَ
يا لسهولكَ ما أرحبها
ويا لإرتعاشاتكَ كم هي حاضرة..كالدمع

(يسرى)