رئيس جمهورية عرسال:
نسيطر على الحدود من القاع إلى الزبداني

***************
لم يخن رئيس جمهورية عرسال العظمى، علي
محمد الحجيري (46 عاماً) طبقته الاجتماعية حين انتقم من الفقر المدقع الذي
ورثه أباً عن جد، فتحول بين ليلة وضحاها إلى صاحب «فخامة». زعامته لا تقل
أهمية ودوراً عن فخامة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، أو زعامة «دولة»
الرئيس سعد الحريري وسلفه فؤاد السنيورة. «فخامة» الزعيم علي الحجيري
المنحوتة على وجهه صلابة الحجر العرسالي وقسوته، تخلّف ضحكته صدى براءة
نقية تشبه أحجار زينة مقالع «جمهوريته» التي نحتها فقراء «شعبه» لشعوب
جمهوريات لبنان. «عرساله» وتاريخها وأدوارها في الماضي والحاضر في مقارعة
«فنون» الظلم والقمع، أمانة في عنقه، وهو الذي خبر كل أصناف التعب والقهر
والجوع والصقيع والنضال وتدوير الزوايا كرمى لعيون عرسال، مفتخراً اليوم
بأنه قائدها «إلى الأبد» لو كره الكارهون.
لم ينس الفريق أول في محور عرسال ــ سوريا علي «غيفارا» الحجيري (الملقب بأبو عجين) حكايات جدته عن زمن جده في مقارعة الانتداب الفرنسي في سوريا ولبنان أواسط عشرينيات القرن الماضي. كان جد رئيس بلدية عرسال، ثائراً في صفوف الثوار السوريين واللبنانيين ومقاتلاً مع «البعلبكي» توفيق هولو حيدر. اعتقل فحُكم عليه بالإعدام وصودرت أملاكه وبساتينه و«جرة» الذهب، مقابل إعفاء رقبته من مقصلة الموت: «اضطهد أجدادي كثيراً زمن الانتداب الفرنسي. كانت عائلتي وعرسال مع الثوار ضد ظلم الفرنسيين. كانوا مع بعلبك واللبوة والنبي عثمان وايعات ضد المستعمر». ويضيف بصوت حزين: «كان جدي مختاراً وعنده ألف رأس غنم وذهب ومساحات كبيرة من الأراضي الزراعية. لكن الانتداب صادر أملاك أجدادي، فهرب بعضهم إلى سوريا وعملوا عند الآغاوات في الزراعة والحراثة». ويقول الزعيم الحجيري: «ورث أبي الفقر والتعتير عن جدي، وورثت التعب عن أبي. وها أنا قد استعدت جزءاً كبيراً من أملاك أجدادي». ويردف بشغف المنتصر: «أملك وحدي اليوم 5 آلاف شجرة كرز ومشمش، عدا الأراضي الزراعية الأخرى في عرسال وجرودها وفي منطقة القاع».
ورث الزعيم الحجيري «ثورية» أجداده: «في عرسال تُرضع الأمهات أولادهن حليب التمرد والثورة»، يقول الرجل الذي هزم «عسس» الاستخبارات السورية يوم كانوا يحكمون لبنان، وخاض معارك انتخابات بلدية ضد إرادتهم و«انتصرت عليهم في انتخابات 1998 و2004 يوم رشحت ابن عمي، ولاحقاً في انتخابات 2010 رغم تحالف معظم القوى الحزبية والعائلية ضدي». يؤكد «أن لا أحد نازلني إلا انتصرت عليه. كان غازي كنعان يتصل بي لمعايدتي رغم عدم معرفتي به. فهو يعرف أنني هزمت رجاله بعد حرب طويلة في السياسة والتهريب، وصنعت هيكلاً لحزب البعث هنا ودمرته لاحقاً على رؤوسهم حين تحدوني».
ولد علي محمد الحجيري في عرسال ربيع عام 1966، تعلم الزراعة والحراثة بالفطرة، وتلقى تعليماً ابتدائياً في مدرسة راهبات قرية القاع، منهياً المرحلة المتوسطة في عرسال، و «تمردت على أبي والمدرسة والتحقت بمنظمة العمل الشيوعي وقاتلت على محاور الجبل وجبهة سوق الغرب بين 1984 و1985». لم يمكث الحجيري طويلاً في منظمة العمل الشيوعي، فوالده جمع أعضاء المنظمة في عرسال وهددهم بالقتل إن لم يعيدوا له ابنه علي أو أصابه مكروه، فـ«رجعت إلى الضيعة وبدأت العمل في التهريب نحو سوريا يوم كانت أميركا وفرنسا يحاصرانها، فوقفت معها وأخذت أهرّب البضائع بغض طرف من الاستخبارات السورية وبدعم منهم».
تمرد الحجيري على الاستخبارات السورية في 1988، فتحول إلى طريد، واختبأ في مناطق نفوذ وليد جنبلاط في الشوف حتى أعاد تنظيم العلاقة مع ضباط سوريين نجح في استغلال نقاط ضعفهم: «دفعت لهم الأموال للعفو عني والسماح لي بالعودة إلى تهريب البضائع نحو سوريا، وربطتني صداقات متينة مع بعضهم، فشكلوا حماية أمنية لي بعد أن عرفوا كذب التقارير الأمنية التي كان يكتبها مخبرو حزب البعث في عرسال ضدي». ويتابع: «أصبحت رقماً صعباً عند ضباط سوريين، وكنا ندخل إلى سوريا قافلة من 100 شاحنة محملة بمختلف أنواع البضائع على المكشوف، وكان الضباط يقولون لمخبريهم: اتركوا أبو عجين يعمل اللي بدو ياه».
علاقة الحجيري الجيدة بالاستخبارات السورية، أوجبت عليه أن يعمل على مساعدتهم في تنظيم صفوف حزب البعث في عرسال بعد أن ترهل: «طلب مني تنظيم وضع الحزب وضمّ مناصرين جدد إليه. نجحت في تنسيب 200 نصير». نقمت الاستخبارات السورية على الحجيري مرة أخرى، فترك مهنة التهريب وتفرغ للزراعة: «تركت التهريب نتيجة المضايقات الأمنية، ولأنني لم أعد قادراً على دفع الأموال للضباط السوريين، فتحولت إلى الزراعة في جرد عرسال ومشاريع القاع، ولكن بقيت على تواصل محدود مع السوريين، ثم افتتحت مقلعاً للحجر يعمل فيه أولادي اليوم».
تواصُل الحجيري مع السوريين استفاد منه ومن دعمهم غير المباشر في وصوله إلى سدة رئاسة بلدية عرسال سنة 1998 حيث أسهم التفاف عائلته حوله في تحدي بعض الأحزاب والعائلات واحتلال قيادة بلدية وبلدة رفع الحجيري من التباس علاقتها مع سوريا. نجاح الزعيم علي في تثبيت زعامته على عرسال وترسيخها، أدخله في إشكالات سياسية متنوعة مع السوريين ومع حزب البعث الذي طرد منه سنة 2001: «لم نكن نفهم على السوريين ولم يفهموا يوماً علينا». ويقول: «جاء مسؤول من البعث وعقد ندوة في الضيعة، طالباً منا أن نفعل كذا وكذا وأن مصلحة عرسال هنا وليست هناك. فاعترضت على كلامه وقلت له: اذهب وعلّم أهل قريتك، وغادرت الندوة فخرج جميع العراسلة منها». ويتابع: «نقم علي جماعة المخابرات السورية فطُردت من حزب البعث لأنني صرت معادياً للممانعة ولسوريا الاسد».
طرد «فخامة الزعيم» من حزب البعث لم يمنعه من إعادة ترطيب العلاقة مع الاستخبارات السورية التي طلبت منه الترشح للانتخابات البلدية عام 2004 في عرسال، فرفض مفضلاً دعم قريب له ومواجهة البعث حيث لم يصل لهم عضو بلدي واحد أو مختار لحي: «قلت لهم: سأهزمكم في عرسال، وهكذا حصل». هزم الحجيري «البعث السوري» وتمرد على الاستخبارات السورية إثر بنائه علاقة متينة مع الرئيس الراحل رفيق الحريري رغم توصية الأخير له بالحفاظ على علاقة ودية مع ضباط الشام في لبنان: «كنت على تواصل دائم مع الرئيس الشهيد ويعرف عرسال قرنة قرنة، ويعرف كل احتياجاتها». ويضيف أنه «حين استشهد الحريري طلبت الاستخبارات السورية مني مساعدتهم في منع الناس من النزول إلى التشييع في بيروت، فرفضت وأخذت أنظم مواكب العراسلة إلى بيروت، فغضبوا علي وأخذوا يهددونني، لكن انسحابهم أنقذني إلى أن جاءت الثورة السورية التي ندعمها».
بعد وصوله مرة ثانية إلى رئاسة بلدية عرسال في عام 2010، حقق علي الحجيري تواصلاً مقبولاً نسبياً مع حزب الله، و«لكن الحزب لا يريد التعاطي معنا إلا من خلفية طائفية. السيد نصر الله انتصر على إسرائيل في 2006، ولكن لا أدري لماذا انزلق إلى زواريب صغيرة وضيّع هذا النصر الكبير. فأنا مثلاً كنت ضد (الرئيس) فؤاد السنيورة وأصبحت معه كما كل عرسال». ويضيف: «عرسال اليوم مع الثورة السورية ضد بشار الأسد، ولا أخفي أننا ندعم الثورة هناك، ولكن أتحدى أن يثبت واحد أن في عرسال تنظيم قاعدة». ويقول ضاحكاً: «ثلاثة أرباع العراسلة لا يعرفون طريقة الوضوء، ولا يقبلون أصحاب اللحى»، مؤكداً أنه «وعرسال تعرضنا للكثير من إهانات البعث هنا وفي سوريا فلا تلومونا يا شباب».
زعيم عرسال الأوحد يفتخر بدعمه للثورة السورية ضد نظام الأسد: «لو كانت كل دول العالم مع بشار الأسد وشعبه وعرسال ضده فلن يبقى في الحكم»، ويضيف: «السوريون دمروا لي منزلاً في الجرد، وحطموا آخر في مشاريع القاع، ودمروا لي بئراً للمياه، ولكن لن اتراجع عن دعمي للثورة». ويتابع: «إذا كان هنالك تهريب للسلاح من عرسال إلى سوريا فاسألوا ضباط الأمن السوري وقادة البعث في لبنان، فهم أدرى بمن يهرب ويتاجر معهم هنا وفي سوريا». ويختم الحجيري: «نحن الآن نسيطر على الحدود من القاع إلى عرسال، وصولاً إلى ريف الزبداني. أكثر من 100 كلم مع سوريا تحت سيطرتنا».
راسي يابس
تنقسم عائلة زعيم عرسال، علي محمد الحجيري، إلى 4 أفخاذ: أبو علي، أبو قاسم، زيدان ومصطفى. وهي كبرى العائلات حيث يبلغ تعداد ناخبيها نحو 3 آلاف، ولكنهم منقسمون سياسياً وموحدون اجتماعياً. ويقول الحجيري إنه عاش في بيت ترابي مع 12 شقيقاً وشقيقة عدا جدته وعمته: «كنا نأكل المر، وأحياناً لم نكن نملك رغيف خبز إلى أن رزقنا الله». يضيف: «أنا مواطن فقير من عرسال أعيش بكرامة وعنفوان وراسي يابس». يتابع: «أنا فلاح ورئيس بلدية كبرى مثل بيروت وزحلة. أعيش مع زوجتي وأولادي السبعة في منزل صغير ومتواضع. نعمل جميعنا لنعيش بكرامة وهدوء كما حال أهالي بلدتي الفقراء. نرفض الظلم ونتحدى الظالم مهما كان جوره علينا من الفرنسيين إلى الإسرائيليين، وصولاً إلى نظام البعث. نموت هنا من البرد والصقيع ولن أنسى يوماً كيف تجمدت من الصقيع في الجرد وكدت أموت من البرد». ويختم: «والدي وأعمامي وأخوالي قاتلوا إسرائيل في الجنوب منذ 1969. والدي كان مقاتلاً مع قوات الصاعقة في العرقوب. كل عرسال ضد إسرائيل والظلم والقمع فلا يزايدنّ علينا أحد».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لم ينس الفريق أول في محور عرسال ــ سوريا علي «غيفارا» الحجيري (الملقب بأبو عجين) حكايات جدته عن زمن جده في مقارعة الانتداب الفرنسي في سوريا ولبنان أواسط عشرينيات القرن الماضي. كان جد رئيس بلدية عرسال، ثائراً في صفوف الثوار السوريين واللبنانيين ومقاتلاً مع «البعلبكي» توفيق هولو حيدر. اعتقل فحُكم عليه بالإعدام وصودرت أملاكه وبساتينه و«جرة» الذهب، مقابل إعفاء رقبته من مقصلة الموت: «اضطهد أجدادي كثيراً زمن الانتداب الفرنسي. كانت عائلتي وعرسال مع الثوار ضد ظلم الفرنسيين. كانوا مع بعلبك واللبوة والنبي عثمان وايعات ضد المستعمر». ويضيف بصوت حزين: «كان جدي مختاراً وعنده ألف رأس غنم وذهب ومساحات كبيرة من الأراضي الزراعية. لكن الانتداب صادر أملاك أجدادي، فهرب بعضهم إلى سوريا وعملوا عند الآغاوات في الزراعة والحراثة». ويقول الزعيم الحجيري: «ورث أبي الفقر والتعتير عن جدي، وورثت التعب عن أبي. وها أنا قد استعدت جزءاً كبيراً من أملاك أجدادي». ويردف بشغف المنتصر: «أملك وحدي اليوم 5 آلاف شجرة كرز ومشمش، عدا الأراضي الزراعية الأخرى في عرسال وجرودها وفي منطقة القاع».
ورث الزعيم الحجيري «ثورية» أجداده: «في عرسال تُرضع الأمهات أولادهن حليب التمرد والثورة»، يقول الرجل الذي هزم «عسس» الاستخبارات السورية يوم كانوا يحكمون لبنان، وخاض معارك انتخابات بلدية ضد إرادتهم و«انتصرت عليهم في انتخابات 1998 و2004 يوم رشحت ابن عمي، ولاحقاً في انتخابات 2010 رغم تحالف معظم القوى الحزبية والعائلية ضدي». يؤكد «أن لا أحد نازلني إلا انتصرت عليه. كان غازي كنعان يتصل بي لمعايدتي رغم عدم معرفتي به. فهو يعرف أنني هزمت رجاله بعد حرب طويلة في السياسة والتهريب، وصنعت هيكلاً لحزب البعث هنا ودمرته لاحقاً على رؤوسهم حين تحدوني».
ولد علي محمد الحجيري في عرسال ربيع عام 1966، تعلم الزراعة والحراثة بالفطرة، وتلقى تعليماً ابتدائياً في مدرسة راهبات قرية القاع، منهياً المرحلة المتوسطة في عرسال، و «تمردت على أبي والمدرسة والتحقت بمنظمة العمل الشيوعي وقاتلت على محاور الجبل وجبهة سوق الغرب بين 1984 و1985». لم يمكث الحجيري طويلاً في منظمة العمل الشيوعي، فوالده جمع أعضاء المنظمة في عرسال وهددهم بالقتل إن لم يعيدوا له ابنه علي أو أصابه مكروه، فـ«رجعت إلى الضيعة وبدأت العمل في التهريب نحو سوريا يوم كانت أميركا وفرنسا يحاصرانها، فوقفت معها وأخذت أهرّب البضائع بغض طرف من الاستخبارات السورية وبدعم منهم».
تمرد الحجيري على الاستخبارات السورية في 1988، فتحول إلى طريد، واختبأ في مناطق نفوذ وليد جنبلاط في الشوف حتى أعاد تنظيم العلاقة مع ضباط سوريين نجح في استغلال نقاط ضعفهم: «دفعت لهم الأموال للعفو عني والسماح لي بالعودة إلى تهريب البضائع نحو سوريا، وربطتني صداقات متينة مع بعضهم، فشكلوا حماية أمنية لي بعد أن عرفوا كذب التقارير الأمنية التي كان يكتبها مخبرو حزب البعث في عرسال ضدي». ويتابع: «أصبحت رقماً صعباً عند ضباط سوريين، وكنا ندخل إلى سوريا قافلة من 100 شاحنة محملة بمختلف أنواع البضائع على المكشوف، وكان الضباط يقولون لمخبريهم: اتركوا أبو عجين يعمل اللي بدو ياه».
علاقة الحجيري الجيدة بالاستخبارات السورية، أوجبت عليه أن يعمل على مساعدتهم في تنظيم صفوف حزب البعث في عرسال بعد أن ترهل: «طلب مني تنظيم وضع الحزب وضمّ مناصرين جدد إليه. نجحت في تنسيب 200 نصير». نقمت الاستخبارات السورية على الحجيري مرة أخرى، فترك مهنة التهريب وتفرغ للزراعة: «تركت التهريب نتيجة المضايقات الأمنية، ولأنني لم أعد قادراً على دفع الأموال للضباط السوريين، فتحولت إلى الزراعة في جرد عرسال ومشاريع القاع، ولكن بقيت على تواصل محدود مع السوريين، ثم افتتحت مقلعاً للحجر يعمل فيه أولادي اليوم».
تواصُل الحجيري مع السوريين استفاد منه ومن دعمهم غير المباشر في وصوله إلى سدة رئاسة بلدية عرسال سنة 1998 حيث أسهم التفاف عائلته حوله في تحدي بعض الأحزاب والعائلات واحتلال قيادة بلدية وبلدة رفع الحجيري من التباس علاقتها مع سوريا. نجاح الزعيم علي في تثبيت زعامته على عرسال وترسيخها، أدخله في إشكالات سياسية متنوعة مع السوريين ومع حزب البعث الذي طرد منه سنة 2001: «لم نكن نفهم على السوريين ولم يفهموا يوماً علينا». ويقول: «جاء مسؤول من البعث وعقد ندوة في الضيعة، طالباً منا أن نفعل كذا وكذا وأن مصلحة عرسال هنا وليست هناك. فاعترضت على كلامه وقلت له: اذهب وعلّم أهل قريتك، وغادرت الندوة فخرج جميع العراسلة منها». ويتابع: «نقم علي جماعة المخابرات السورية فطُردت من حزب البعث لأنني صرت معادياً للممانعة ولسوريا الاسد».
طرد «فخامة الزعيم» من حزب البعث لم يمنعه من إعادة ترطيب العلاقة مع الاستخبارات السورية التي طلبت منه الترشح للانتخابات البلدية عام 2004 في عرسال، فرفض مفضلاً دعم قريب له ومواجهة البعث حيث لم يصل لهم عضو بلدي واحد أو مختار لحي: «قلت لهم: سأهزمكم في عرسال، وهكذا حصل». هزم الحجيري «البعث السوري» وتمرد على الاستخبارات السورية إثر بنائه علاقة متينة مع الرئيس الراحل رفيق الحريري رغم توصية الأخير له بالحفاظ على علاقة ودية مع ضباط الشام في لبنان: «كنت على تواصل دائم مع الرئيس الشهيد ويعرف عرسال قرنة قرنة، ويعرف كل احتياجاتها». ويضيف أنه «حين استشهد الحريري طلبت الاستخبارات السورية مني مساعدتهم في منع الناس من النزول إلى التشييع في بيروت، فرفضت وأخذت أنظم مواكب العراسلة إلى بيروت، فغضبوا علي وأخذوا يهددونني، لكن انسحابهم أنقذني إلى أن جاءت الثورة السورية التي ندعمها».
بعد وصوله مرة ثانية إلى رئاسة بلدية عرسال في عام 2010، حقق علي الحجيري تواصلاً مقبولاً نسبياً مع حزب الله، و«لكن الحزب لا يريد التعاطي معنا إلا من خلفية طائفية. السيد نصر الله انتصر على إسرائيل في 2006، ولكن لا أدري لماذا انزلق إلى زواريب صغيرة وضيّع هذا النصر الكبير. فأنا مثلاً كنت ضد (الرئيس) فؤاد السنيورة وأصبحت معه كما كل عرسال». ويضيف: «عرسال اليوم مع الثورة السورية ضد بشار الأسد، ولا أخفي أننا ندعم الثورة هناك، ولكن أتحدى أن يثبت واحد أن في عرسال تنظيم قاعدة». ويقول ضاحكاً: «ثلاثة أرباع العراسلة لا يعرفون طريقة الوضوء، ولا يقبلون أصحاب اللحى»، مؤكداً أنه «وعرسال تعرضنا للكثير من إهانات البعث هنا وفي سوريا فلا تلومونا يا شباب».
زعيم عرسال الأوحد يفتخر بدعمه للثورة السورية ضد نظام الأسد: «لو كانت كل دول العالم مع بشار الأسد وشعبه وعرسال ضده فلن يبقى في الحكم»، ويضيف: «السوريون دمروا لي منزلاً في الجرد، وحطموا آخر في مشاريع القاع، ودمروا لي بئراً للمياه، ولكن لن اتراجع عن دعمي للثورة». ويتابع: «إذا كان هنالك تهريب للسلاح من عرسال إلى سوريا فاسألوا ضباط الأمن السوري وقادة البعث في لبنان، فهم أدرى بمن يهرب ويتاجر معهم هنا وفي سوريا». ويختم الحجيري: «نحن الآن نسيطر على الحدود من القاع إلى عرسال، وصولاً إلى ريف الزبداني. أكثر من 100 كلم مع سوريا تحت سيطرتنا».
راسي يابس
تنقسم عائلة زعيم عرسال، علي محمد الحجيري، إلى 4 أفخاذ: أبو علي، أبو قاسم، زيدان ومصطفى. وهي كبرى العائلات حيث يبلغ تعداد ناخبيها نحو 3 آلاف، ولكنهم منقسمون سياسياً وموحدون اجتماعياً. ويقول الحجيري إنه عاش في بيت ترابي مع 12 شقيقاً وشقيقة عدا جدته وعمته: «كنا نأكل المر، وأحياناً لم نكن نملك رغيف خبز إلى أن رزقنا الله». يضيف: «أنا مواطن فقير من عرسال أعيش بكرامة وعنفوان وراسي يابس». يتابع: «أنا فلاح ورئيس بلدية كبرى مثل بيروت وزحلة. أعيش مع زوجتي وأولادي السبعة في منزل صغير ومتواضع. نعمل جميعنا لنعيش بكرامة وهدوء كما حال أهالي بلدتي الفقراء. نرفض الظلم ونتحدى الظالم مهما كان جوره علينا من الفرنسيين إلى الإسرائيليين، وصولاً إلى نظام البعث. نموت هنا من البرد والصقيع ولن أنسى يوماً كيف تجمدت من الصقيع في الجرد وكدت أموت من البرد». ويختم: «والدي وأعمامي وأخوالي قاتلوا إسرائيل في الجنوب منذ 1969. والدي كان مقاتلاً مع قوات الصاعقة في العرقوب. كل عرسال ضد إسرائيل والظلم والقمع فلا يزايدنّ علينا أحد».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاخبار ـ العدد ١٨١٥ السبت ٢٢ أيلول 2012
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ