الجمعة، 25 نوفمبر 2011

الحلم في خرم إبرة





علي المصري: الحلم في خرم إبرة


عفيف دياب
 لم يتعب الخياط علي المصري من لغة «الإبرة والخيط» بعد. أكثر من 5 عقود والرجل يروي يومياً سيرة حياته وحلمه بأن يكون من أشهر مصممي الازياء. قتلت الحرب الاهلية اللبنانية حلم حياته، لكنها لم تمنعه من البحث عن سعادته خلف ماكينات الخياطة وتطريز علاقات إنسانية ملونة.. 
*****
«العدالة تنام لكنها لا تموت». قول يرفعه الخياط «العتيق» علي المصري في محله الصغير في بلدة تعلبايا البقاعية. إنها العدالة الاجتماعية التي أمضى المعلّم علي نصف قرن من الزمن باحثاً عنها خلف ماكينات الخياطة وفي خرم الإبرة. لم يكلّ أو يتعب بعد من رسم مشهد يومياته بالإبرة والخيط. مهنة عشقها حتى الثمالة، منذ أدخله والده في العام 1960 إلى معمل صغير في زحلة ليتعلّمها عند خياط أرمني وهو لم يتجاوز السنوات التسع. منذ ذلك التاريخ، بدأ الطفل علي يحلم بأن يبني مصنعاً وأن يدخل عالم تصميم الأزياء، ولا يزال الأمر حلماً إلى اليوم، ذلك أن «طغاة الحرب الأهلية دمروا طموحي وحلمي سنة 1975 تاريخ اندلاع حربهم».

 قبل ذلك بقليل كان علي قد افتتح محلاً صغيراً في حوش الأمراء، على أمل أن ينطلق منه نحو «احتراف فن اللعب بالقماش»، كما يقول، متذكراً سنوات الحرب الأهلية وما فعلته بمشروعه الحلم الذي «تبدّد مع سحب دخان حرائق الحرب الأهلية العبثية». يومها صار همّه، كما كلّ اللبنانيين، أن يبقى مع زوجته وطفليه أحياء يرزقون... من الإبرة والخيط. لذلك كان لا بد من الحفاظ على المحل أيضاً. يقول: «خلال الحرب الأهلية التي دمّرت كلّ شيء، أصبح همي أن أحافظ على أمن عائلتي وأمن ماكينات الخياطة والعدّة التي أعمل بها». ويكشف أنه تعلّم الصبر من هذ المهنة: «صبرت على الحرب وخرابها، وصبرت على تحطيمها حلمي بعالم الأزياء، كما تعلمت في المقابل كيف أحافظ على هذه المهنة التي لن أتركها على الرغم من أنها أصبحت متعبة ولا تنتج كثيراً في ظل تطور صناعة الألبسة الجاهزة». يعرف علي أن كثيرين لا يوافقون على قراره هذا الاستمرار في مهنة لم تعد تطعم خبزاً، «وهناك من يقول عني اليوم أنني دقة قديمة، لكنني لا أريد أن أخون مهنتي». يتذكر جيداً أن هذه المهنة كان لها عزّ في السابق: «كان عندي خمسة عمّال في الماضي يساعدونني في العمل. أما اليوم فقد أصبحت وحيداً في المحل ولم يعد أحد يريد تعلّم هذه المهنة حتى أولادي». وهنا يعترف «بصراحة أنا لم أورثها لأحد من أولادي. هم أخذوا خياراتهم المهنية واستقرارهم الاقتصادي من مهن أخرى». ربما كان خياره صائباً، إذ إنه اليوم الخياط الوحيد في هذه المنطقة، «لكنني طبعاً لم أعد أقوم بأعمال الخياطة الكاملة من تفصيل للبدلات والسراويل والقمصان، بل يقتصر العمل على إنجاز بعض التصليحات». لكن هذا العمل الذي قد يبدو بسيطاً للبعض، يحتاج إلى وقت وصبر، إذ يقول علي: «شغلتنا بدها صبر وطولة بال... أنا اليوم الخياط الوحيد هنا. خياط الفقراء والناس اللي متلنا. والبعض يسمونني الخياط الشعبي».
وعلى الرغم من أنه الخياط الوحيد، فإن علي المصري لا يتقاضى المال من زبائن ــ أصدقاء بدل تصليح بنطال أو قميص، علماً أن معظم زبائنه قد يكونون من أصدقائه. يشرح وضع مهنته اليوم بالقول: «الزبون اليوم هو زبون تصليح بنطلون، واللي بيجي لعندي هو إما صديق أو قريب، أو زبون حالته متل حالتنا. ما إلك عين تاخذ منو. كلها شوية قصّ ودرزة صغيرة. عيب تاخذ مصاري». في المقابل، لا ينفي أن صداقاته ساعدته في الاستمرار بهذه المهنة: «علاقتي الاجتماعية الطيبة مع الناس ساعدتني كثيراً، إضافة إلى اني أتمتع بالصبر وطولة البال وهما صفتا عملي». وهنا يشرح ضاحكاً نظريته الخاصة في طولة الباب «هي مثل المغيطة... عليك أن تعرف متى تضبط نفسك ومتى تطلق لها العنان». وبما أنه يحكي عن النظريات، يطلق نظرية خاصة بالخياطة، أو أحد أسرار المهنة: «عليك أن تعرف أن للجسد حقه وللقماش حقه، ومتى نجحت في التوفيق بينهما تكون قد عرفت سر هذه المهنة. القماش يحكي معك ويقول لك أريد هذا الجسد أو ذاك».
لغة علي المصري في الخياطة وأسرار «خط سير الإبرة والخيط» كما يقول، لا تتوقف هنا فقط. للرجل الستيني لغة سياسية وفنية وأدبية أيضاً، إذ يشعر زائر المحل بأنه دخل إلى صالون سياسي وثقافي وأدبي وفني. صور فيروز وعاصي وزياد الرحباني وجوزف صقر ومارسيل خليفة وأميمة الخليل وغيرهم من الموسيقيين والفنانيين اللبنانيين والعرب، منتشرة على جدران المحل وبين الأقمشة وأكياس ثياب الزبائن وعلب الإبر والخيوط الملونة، إضافة إلى عشرات الجمل والعبر والأقوال السياسية المنتقاة بعناية فائقة، والتي تنمّ عن سعة ثقافة هذا الخياط وقراءاته المتنوعة. لم يمنعه جلوسه الطويل خلف ماكينات الخياطة من قراءة كتب التاريخ والأدب والفن والفكر والسياسة والاقتصاد والفلسفة. حتى «إبرة» الراديو الصغير، الذي يرافقه، لا تخيّب ظنه فلا تلتقط إلا موجة إذاعات تبث أغاني قديمة أو «راقية» كما يصفها.
إضافة إلى عشق علي المصري للإبرة والخيط، والموسيقى، يبقى للكتاب حصة الأسد في منزله. ساعات العمل الطويلة التي يمضيها في الخياطة والقص والتقصير والتضييق، يختمها ليلاً في القراءة قبل أن يخلد للنوم بانتظار شمس نهار جديد يبدأ مع فيروز وينتهي بأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وما بينهم من نشرات أخبار لمتابعة «تطورات البلاد والعباد» كما يقول. يحفظ أقوالاً مأثورة لعدد من الكتاب ويستشهد بها، ويحرص في إطار لقائنا معه على التذكير بقول للكاتب السوري محمد الماغوط «الطغاة كالأرقام القياسية لا بد أن تتحطم في يوم من الأيام»، وقول آخر للروائي والكاتب الفرنسي إميل زولا «الحوادث الكبرى لا يتحكم بها الزعماء، بل الجماهير وعامة الناس الذين يجدون مصير العالم وفقاً لآمالهم وأحلامهم». ولذا يفصل علي الحياة السياسية العربية واللبنانية ويقدّم لها قراءاته الخاصة وفق حسابات «متره» السياسي. يقول: «قراءاتي السياسية والفكرية والأدبية من الفكر الإسلامي إلى الماركسي وما بينهما من أفكار وايديولوجيات، ساهمت في تطوير المعرفة عندي أنا الذي غادرت المدرسة من الصف الخامس ابتدائي». ويتابع «يجب أن تكون الجريدة معي يومياً. لا أبدأ العمل قبل قراءة الصحيفة لأن ما يفصّل للبنان والمنطقة يحتاج الى متابعة يومية». ويختم «هلق خلصنا تزبيط البنطلون.. لا تنس أن الطغاة مثل الارقام القياسية».

مهنة علّمت 5 أولاد

تلقى الخياط علي المصري عروضاً مغرية للسفر والعمل في الخليج العربي، لكنه سافر مرة واحدة في حياته إلى الأردن و«صمدت هناك 10 أيام فقط. شعرت بأنني في الموقع الخطأ». ويحنّ كثيراً الى ايام زمان «كانت ايام العز، من هذه المهنة علمت اولادي الخمسة وأخذوا خياراتهم التعليمية والمهنية. أفرح حين يزورني احفادي في المحل».

الأحد، 20 نوفمبر 2011

تـــــريــــــاق




                                    تـــــريــــــاق

وهَــــــــــرعَت الى دواخلـهـــــــــــــا
تَنثـــــــــــــرُ شــــــــــــــعاعه فوق صفحـــــات قلبهــــــا
أغلقــــت عينيهــــا تلـــــوذُ بصورتــــه الماثِلــــة أمام فؤادها
وانتبهـــت ...الى تفتّـــح زهـــــرات اللوتس بين جنبـــات قلبها المُتـــرعِ عشقـــاً
والتفّــــت بالآهــــات المتدليّــــة حول حنايا الروح
وراحــــت في إغفــــــاءة  تتســـــلّل بين نُواح الاحاسيس الحُبلــــى بقبلات مرسومة
في أحــــداق العيون ...
فتنســــــاب في غيـــــاهب اللامعقول ...
لترسو عند جزيرة أحلامهـــــا ...
تائهـــــة في عطــــــر الاحاسيس
تتبســــّم الاســــــــــــارير
وتنســـــــــــــدل في أحضــــــــــــان الذات
تــــرتشِــــــف من تريــــــاق الحيـــــاة ...
                                                                            ( إخلاص الشاب)

نسمة




                                   نسمة

تربّعتُ على عرش الهواء أحزم أمتعتي للسّفر...
دون وجهة و دون عجل...
فهبّتْ نسمةُ ترتعش تبحث لأخّياتِها عن مقرّ...
سلكتْ دروبا كثيرة، فيها العطش و الضّجر...
و هاهي تنتعش بعد هبوب الرّياح و أفول البدر...
تسّلقتْ أشجارا كثيرة و حفرت كثيرا من الحفر...
فما وجدت غير انتعاش بين حبيباتِ المطر...
إذ تنزل في غير انحاء و في كلّ اتّجاه غير رسومات ضعيفة البصر...
فهي ترتعش حينا و أحيانا تختبئ بين ثريّات الزّهر...
فتذهب بالماء فوق سطح الحجر...
فتذيبُ قلبه و تشاطره العمر...
فيصبح ذرّاتا تتبعثر مع وريقات في المنحدر...
إذ تلفّ أصفرها مع أخضرها لتعيش أحلى سفر..
فتغذّي الأرض و تزكّي التّراب بحوريّات سُمر...
هاهي الأمطار تنزل لتعلن بعد بزوغ الشّمس قدوم الخريف المنتظر....
سرتُ كيفما شئتُ بين صروف القدر...
أهيّج دمع النّساء و ثياب القمر...
أعبث بنقل حديث كتمه البشر...
حريّتي في أن ألبس يوما ثوب رجل...
 فماذا أفعل لاستئصال أنوثتي و أجعلها دون وبر؟؟؟؟
هل أنحني لساسة اللّحية و عشّاق الزّنى مع القصّر؟؟؟
هل أركع لطائفة تدفن البنات دون شهادة في المقابر؟؟؟
هل أعيش في خلافات تهدي الزّهور للبقر؟؟
هل أجالس شبابا يضاجعن امرأة الفايسبوك عبر الصّور؟؟؟؟
حبّذا لو كنت نسمة تعبث بها الرّمال فتسكن في رحم البحر،
فترتمي في قاعه... فترى كلابا لا تنبح و نعاجا لا تجترّ..
ليتني رصاصا كاتما للصّوتِ.. فأفجّر تاريخ أمّة تتغزّل بالصّفر...
ليتني أخترق أحلامهم .. فأرى مفعول الفيغارا في أعشاش لا تثمر..
ليتني أشمّ رائحة أفواه تحرّم المنكر ....
أو تشرب شراب الشّعير الممزوج بالسّكر...
ليتني برعما تلقّح جيوبي الرّياح أو أجنحة أخَر...
ليتني أبيضُ فلا تُرى مفاتني، فيقولون هذه أنثى الصّقر...
ليتني أتقن صلاة الجبال و دعاء الشّجر...
ليت جبريل قرأ كلام اللّه على الرّسل لا كلام البشر...
و ليت الحريّة تُبَثُّ في تلفزاتنا دون مقصّ أو إشهار تدعّمه بنوك قطر...
ليت الجاهليّة تاريخ و ليس خطاب أمّة تخاف فقط عزرائيل وتنسى أنّ الشّيطان أمّه امرأة و أبوه رجل...

                                                            (رحاب السوسي)
                                                                                                                  تونس

الثلاثاء، 15 نوفمبر 2011

عاشق يتلظّى...






                                         عاشق يتلظّى...

 
   
  شددتُ رحالي إلى امرأة أعجبتني.. قرّرتُ أن أسمعَها ندائي... علّها تسمعني أو حتّى تراني بين أحرف كتاباتها....
فقلْتُ لها في خطابيَ الأوّل:
أستهلّ حديثي إليكِ بتحيّة صباحيّة .. حيث تشرق الشّمس في وجهك:
صباحكِ أمطار و نور...
صباحكِ أطفال و حبور...
صباحكِ بإشراق العبير،
زقزقته بلابل من حرير......
ألوانه تلال و بحور...
رأيتها تنظُرُ لشابّ جالس على مقعد بعيد هو عنها.. فأضفتُ:
لست أدري ما الذّي يميّزكِ...؟؟؟ !!!!!!!!!!!!
ففيكِ النّدى و فيك الوجل...
فيك مقامات الغزل...
تتربّع السّماوات فيك .. فتُسكرين الخجل..
فيك ارتواء الكلام و عطش الأمل...
تقام الصّلاوات على شفتيك و يسكن الحمام و الحجل...
و تشرق الأنوار من عينيك و يرحل الملل...
أعيد السّجود بين فكّيكِ..
فالفوقيّ سمائي و التحتيّ بيت العسل...
غابت عنّي قليلا.. فناديتها..
يا سيّدتي... أنا ...أنا أناديكِ:
فتعالِي... قلتٌ تعااااااالي... لا تبرحيني و لااااااااا لا تقسمِي أنّ تركي من المحالِ.... دوري أيّتها الشّمس فوق التّلال.. و دعيني أراني فوق الظّلال... تعالي...تعالي، أرسميني و غازلي ريحي فوق ارتجالي... و أمشي الهوينة بين نعالي و لا تبرحي، يا سيّدتي، قرص ابتهالي.. أنا سنواتكِ متى هرمتِ يا جبالي... و ارتعي ما شئتِ بين كرومي.. و اشربي ما شئت من غلالي فهي حلّ حلال.. و اركضي بين ربوعي .. ففيكِ يرتع الرّبيع مثل الرّجال....
رأيتُ دمع كحلها يسيل و احمرارا في عينيها يميل إلى الحزن و إلى المغيب.. ذلك الشّاب غادر... يا ويلتي...ماذا أضيف؟؟؟!!!!!!!!!
تأنّيتُ ثمّ تجشّعتُ و نطقتُ:
أنا بحاجة إلى ظلالك و لا حاجة لي حتّى بثيابك.. أنا مطرود من وطني ..فآويني إليكِ و امسحي بمنديلي دمعتيْكِ... أنا طلبتُ اللّجوء العاطفي و الشّبقي إلى ضفّتيكِ... أرسميني بين عقارب معصميكِ و أشّري للدّخول إلى مقلتيكِ...
لا تهجري قبل أن تعرفيني أو قبل مسامحتي لعدم معرفة اسمكِ أو لنضال لم يدم إلّا دقيقتين ..و إذا كانت أزمنتكٍ تشبه مرايا العَرَبِ.. فاطحنيها و آتي لي بماء يطهّر قلبكٍ الذّهبي.. و ضعيه على يمينكِ ليدقّ متى توقّفت ساعة نبضكِ عن الدقّ... فإنّ أعمدتي شاءت أن أكتبكِ في دفاتر عمري.. و متى تذكّرتكِ سأستعين بمرآتي التّى منعت الصّفر من العدّ.. و سأسقي بألوانكِ مافات قوس قزح... فانحناءه لكِ بشرى لبداية النّور في الشّهب..
ابتعدتْ و كأنّها لم تلمح طيفي و غادرت الحديقة العامّة...فطار بصري و سمعي و كلامي إليها وهم يهتفون مع قلبي..
أرجوكِ اسمعيني آخرا و ليس أخيراَ....
سمّيتكِ آلهتي ...
فإنّي أتلظّى لكِ عشقا...
إنّي أستسلم لكِ قتلا...
بل شنقا...
فارجميني بقبلاتكِ رجما...
وعنّفيني حبّا،
فإنّي صرت في ملكوتكِ من الأسرى...
سمعتُ وقع أقدامها و رنين حذاءها، فالتفت إليّ و يدي ممدودة إلى جمالها بجمل كتبتْ على شرفها مرفوقة برقم هاتفي، فقالت: هذا فلسٌ وهو آخر ما عندي.. أعانكَ اللّه، يا أخي....
                                                                        (رحاب السّوسي)

                                                                              تونس 

الأحد، 13 نوفمبر 2011

زهرة الجسد


         زهرة الجسد
(1)
العشق أنت؟
كلّما كتبت عنك جنّ الكلام
فاليمام يدّعي أنّه الغيم..
والقصيدة تقول أنها أصابعكَ ..
وحقول صدركَ تصرخ أنا سرب الحمام..
وترفّ أجنحتها فيهدأ الكلام..
(2)
وأضمّكَ لتزهر أجسادنا.. ليهطل المطر
وينحدر الماء من الماء ..
وتصير يدانا سنابل ..
يا صدركَ يبعثني موتاً بعد موت!
 يا شفاهكَ الحلم الندي ..
 يحلو في عينيكَ السهر عاشقاً يغار منه القمر.
                           (يسرى)

العشق أنت؟





         العشق أنت؟
كلّما كتبت عنك جنّ الكلام
فاليمام يدّعي أنّه الغيم..
والقصيدة تقول أنها أصابعكَ ..
وحقول صدركَ تصرخ أنا سرب الحمام..
وترفّ أجنحتها فيهدأ الكلام..
(2)
وأضمّكَ لتزهر أجسادنا.. ليهطل المطر
وينحدر الماء من الماء ..
وتصير يدانا سنابل ..
يا صدركَ يبعثني موتاً بعد موت!
 يا شفاهكَ الحلم الندي ..
 يحلو في عينيكَ السهر عاشقاً يغار منه القمر.


(يسرى)

الثلاثاء، 8 نوفمبر 2011

زهر القلب

  



زهر القلب

سأغيّر مواقيت الحياة ومواعيد الأمل
وأذان العشق وأحرف الكتب السماوية
وأنتظر وحيكَ في غار القلب..
ثم أعلنكَ اَخر الآلهة..
وأكتبكَ همساً ولمساً وعشقاً..
وفي بسملة حبكَ أتناثر وبكوثر أيامكَ أغفو.

(يسرى)



الاثنين، 7 نوفمبر 2011

غجريّة


غجريّة

غجريّة أنا غجريّة...
طباعي حادّة وثنيّة..
عمري أقفاصه حريّة
و قصصه حكايات وهميّة...

غجريّة في رقصي مع الرّيح
وهوائي عطوره صيفيّة...
غجريّة...

أمتطي حصاني في شوق
لمحاربة أوهام العنصريّة...
عقول مدجّجة بسحر أنماط قصريّة...
بنيتْ في قلوب الجهالة و تسوّقها المنفعيّة...


أراقب اللّيل حين يطلّ و أسبح كتعويذة بين أوصال إباحيّة...
أقبّل العذارى في نهري و أفقد بكارة الشرعيّة...
تغازلني القيثارة في شوق و يحملني الياسمين إلى اشبيليّة...

رقصت بين مائين و طويت الأرض تحت أقدامي
لأرسم براكيني الثوريّة....

أنا الغجريّة...

جدائلي نهر مملوء بسلال ليليّة...
يسافر لأكوان أسطوريّة...
يداعبك في صمت و يثور لَعَمْرٍي
ببراكين بنفسجيّة و بورود ناريّة...

أمّا عيوني فتصيد مراكب ضوئيّة....
يسكنها السّنونو و حجر التّوباز و..
الرّماد المتناثر بين ضفافي الحجليّة...

أنا الغجريّة...

أقاتل الجفاف في حلقي و أنثر له سنابل قمحيّة
لا طحينا أبيض و أحليّه بعسل القوميّة...
ووصفاتي القبليّة...
أقبّل عنك شراب الورد في غرف نومي السريّة...
و يأتيني شيخ القبيلة لأقوم بأعمالي العاديّة...

فأعادي النّاس بأكملهم و أفرّ مع غريب في أمسيّة...
فيراقُ دمي كما غيري ذلك لأنّي من أعداء التعدديّة....

أنا الغجريّة...


                                                  ( رحاب السّوسي ) 
                                                          تونس

كعبة

    
    
       كعبة

وجدي يطوف بكِ..
نرمي شياطين الصحراء بقطرات نبيذنا
اتسمعين صوت قهر النار للحطب؟
اولاد آدم يحتفلون بيوم النحر
ونحن .. على سرير العشق
نرسم كعبة..

                                           (عفيف) 

السبت، 5 نوفمبر 2011

عزف صباحي

  

                عزف صباحي

كلّما أسرجت أحرفي على صهوتها تأتي أنتَ إلى القصيدة..
أنتَ من منحني زبد العمر فبتُّ أرقص على فتنة أمواجك كقصيدة..
وكلّما همستَ لي أحبّكِ تقرع أجراس بنفسجي وتشرق القصيدة..
إني أقتفي أثري من خلف إبتسامتكَ..
شجرتي التي إستحمَت بضوء فجرك بدأت بالحفيف عندما داعبتها ذكورة صباحكَ..
كنجمة سهرت لما بعد الشوق ..كنجمة نسيت أن تنام عندما لاح حضوركَ في الأفق..
و تسلقتني اللهفة ورقصت كرومي
وتفتّح زهر القلب ..نرجساً على مدّ الغياب..
وكلّما شعرت أن فراشات قلبي تعبت ..أوي إلى شجركَ
.

                                                      (يسرى)


الجمعة، 4 نوفمبر 2011

انا كلب

  

 انا كلب
   
 
اورهان باموق*
   انيابي حادة وطويلة.. حتى ان فمي يتسع لها بصعوبة. اعرف انها تعطيني منظراً مخيفا، ولكنني مسرور منها. في احدى المرات نظر قصاب إلى أنيابي، وقال:" يااا، هذا ليس كلبا، انه خنزير". عضضته من رجله حتى احسست بأن أنيابي المغروزة في لحمه المدهن اصطدمت بعظمه. وهذا ليس أمرا بالنسبة إلى كلب. ليس هنالك أمتع من غرز أنيابه في لحم عدو سيء بحرص وغضب نابع من داخله. عندما تسنح لي فرصة كهذه، ويمر أمامي واحد كهذا، تسود عيناي تلذذاً، وتلمع أنيابي كأنها تتململ، ودون ان انتبه أخرج من بلعومي شخيراً يخيفكم.
أنا كلب، ولأنكم لستم مخلوقات معقولة مثلي تقولون: وهل يتكلم الكلب؟ ولكنكم تبدون أنكم تصدقون حكاية يتكلم فيها الأموات، ويستخدم أبطالها كلمات لا تعرفونها. الكلاب تتكلم، ولكنها تعرف كيف تستمع.
كان يا ما كان، في قديم الزمان، كان الغربال في التبّان، وكان هنالك عاصمة فيها جامع ضخم(...) وهناك واعظ لا يعرف اصول العلاقات اتى من مدينة ريفية، لعله كان مضطرا لإخفاء أسمه. ولكن عليه ألا يكذب في موضوع آخر غير الاسم، وهذا الرجل واعظ عنيد. في لسانه قوة تعادل ما في عقله ما شاء الله. كان كل جمعة يهيّج المصلين، ويبكيهم حتى أن هنالك من تجف عيناه، ويغمى عليه، وينصرع. ولكن انتبهوا، ولا تخطئوا، فهو لا يَبكي مثل بقية الوعاظ الاقوياء اللسان، بل على العكس، فهو يُبكي الجميع ولا يرف له جفن، وحديثه المؤنب للجماعة يعطيه قوة اضافية. يبدو أنهم لحبهم التأنيب فإن غلمان الخاصة والحلوانيين، وبقية السابلة، ووعاظاً كثيرين مثله صاروا بين يديه خدما وعبيداً. إنه ليس كلباً، إنه من بني البشر راضعي الحليب. داخ بإعجاب الجمهور. كما ان لإبكاء الناس طعما لا يقل عن طعم التخويف، انزلق معه العيار كثيرا (...).
ويقال ان الشيخ عندما يشتد انفعاله، ويتطاير اللعاب من فمه يصرخ: يا ايها المؤمنون! شرب القهوة حرام، ولان حضرة نبينا يعرف انها تخدر العقل، وتثقب المعدة، وتسبب الفتق والعقم، ولانها حيلة شيطانية لم يكن يشرب القهوة.إن المقاهي يقصدها اهل الكيف(...) ويخرجون عن الاصول، ويستمعون الى ما يحكيه الكلاب والجراء ويعتقدون انه صحيح. وهكذا يطلق الشيخ لفظة كلب علّي، وعلى الكفرة بديننا.
عن إذنكم اريد ان ارد على جملة هذا الواعظ الافندي الاخيرة. بالتأكيد تعرفون عدم حب جماعة الحجاج والوعاظ والأئمة لنا نحن الكلاب. أنا ارى ان اصل هذه القضية هو قيام حضرة محمد بقص طرف ثوبه الذي تنام عليه قطة لكي لا يوقظها. ويُذكر ان هذه الظرافة التي عوملت بها القطة لم نعامل بها نحن. وبسبب حربنا الازلية مع هذه المخلوقة التي يعرفها حتى اغبى بني الانسان، يراد استنتاج ان رسول الله يعادي الكلاب. وما اكلناه من ضرب على مدى قرون بمكانس القيمين على الجوامع ذات العصي الطويلة هو نتيجة التفسير الخاطيء المقدم بنية سيئة.
اريد ان اذكركم بواحدة من اجمل سور القرآن الكريم، وهي سورة الكهف، وليس لاعتقادي ان في هذا المقهى من لا كتاب له، ولكن لاجدد ذاكرتكم فقط اقول: تقدم هذه السورة قصة سبعة فتية سئموا العيش بين الوثنيين. لجأ هؤلاء الى مغارة وناموا. لقد ضرب الله على آذانهم، والبثهم ثلاثماية وتسع سنين. وفهم احد هؤلاء الفتية أنهم ناموا كل هذه المدة من العملة الباطلة بين يديه عندما اختلط بالناس ودهشوا منه كثيرا. وفي الآية الثامنة عشرة من هذه السورة التي تحكي عن الاخلاص لله، ومعجزاته، ومرحلية الزمان، ولذة النوم العميق، اذكركم ـ بعد طلب عفوكم ـ انها تحكي عن وجود كلب في مدخل تلك المغارة التي نام فيها السبعة اصحاب الكهف. طبعا كل مخلوق يتباهى بذكره في القرآن الكريم، انا ككلب اتباهى بهذه السورة. واقول: إن شاء الله يعقل الذين يقولون عن عدوهم :"كلب شارد".

                                                                                         * من رواية "اسمي أحمر"

الخميس، 3 نوفمبر 2011

ملــــّون بلـــــــدي



                       ملــــّون بلـــــــدي

صــــــــــريــــر قلــــق يُـــــراقص بوابــــــة عبــــــور
تنتفـــــض المـــــآقــــــي
تُستَصــــرخ الآذان
أبـــــواب النفــــس مُحتـــــرِقة
تُمعِـــــنُ لهيبــــاً مستعِــــراً
وتنهــــالُ الى لُجــــــج الخوف المتلاحق
عيـــــــون مشـــرئبّة
وهلـــــعٌ يســـــكن الــــوجدان
على عتبــــــة اللاوجـــــــــــــــود نمتهـــــن الـــوقوف
وطــــنٌ يذرف استعطــــافا ...
ملـــــوّنٌ بلـــــدي
أحــــاول أن أطمس  ذاك القلق المريـــــب
تغتـــــالني الكلمـــــات
حمـــراء ...صفــــراء ....وزرقاء
تنتحِـــــرُ الألـــــوان
وطنـــــي ....أيقونة عشــــقي المترامي
تَــــرتسِــــم في حنايا الـــــروح والوجدان ....

(إخلاص الشاب)

الثلاثاء، 1 نوفمبر 2011

آيات فجر الفقراء


                               
                           آيات فجر الفقراء
.. ولهم إنحناءات الفصول ووصايا السماء.. لهم القصائد النازفة
وشموخ الجبال وتجاعيدها.. لهم الهتاف وأهازيج الحرية ولافتات الساحات
والعّلَم ونشيده ونحيبنا الذي يتململ تحت أقدامهم، وارواحنا التي أحيوها بموتهم وبصمتنا القاتل

 *****
زيت مصباحنا آمالٌ معتّقة تضيء صمتنا لئلا يضيع صوتنا المبعثر على بقايا أمل..
لقد حان وقت الهطل والحصاد.. إفتحوا صدوركم يا اولاد الارض لقوافل الغيم. لم نعد نرغب بعدل الرب المتروك لأجلٍ غير مسمّى ..
قهرنا وصل إلى حدود الكفر بالله.. وصمته الموجع.
كل المدن تلوذ برداء الرب والرب مستقيل..
الماَذن تستجدي كلمة صدق، فيخرج نعيق غراب يسبّح بحمد جلاده ورصاص حقده..
ستكون لنا صلاتنا النقية وماَذننا البيضاء كقلوبنا وبياض ارواحنا المعتقة برائحة تراب حقولنا..
ينبض حلم في مهب اللوعة ونستفيق على وطن قبل أن نشيخ كالأمثال الجامدة..
بهدوء ينساب الضوء في تابوت الجثمان ويعيد تشكّل الهواء في رئتيه معلناً نقطة البدء الجديد لحريتنا المسلوبة.. عباءات صهيل الانبياء تغطي وجه القاتل.. وكتابهم الاصفر يرمي الطفل برصاصة! 
 *****
سيورق الليل صبحاً. إنه ليل عابر سيقتله الضوء يا ابناء آدم ..سنرتدي ظلّ من رحلوا ونقيم طقوس العناق  ونسجد لعشق حريتنا تحت محراب قمحنا.. وبين طيات مجد شوارعنا.
لقد دقت ساعة ولادة الحياة.  ها نحن نشعر بدفء غريب. تراه دفء الوجع والحنين؟؟
*****
يا قاتل.. لحنك هزيل وأغانينا تُثمِلُ الأصداء فارحل الآن قبل بزوغ الفجر.
كلّما فحّت ثعابينكَ .. جنّ رقص أمواجنا. لن يخذل البحر أمواجه، فموجنا غافٍ في دفءِ حلمٍ لا ينام.
يا قاتل.. سيجلدكَ الشعب على ناصية عرشه ؛ والعاصي الحزين كاَخر حكاية شتوية روتها جدتي، لن يبقَى حزيناً. وقاسيون سيمطر شهباً ..والشام ستلتحف ياسمينها من جديد تحت سماء تغطي وجه الله..
وستحل حوران ضفائرها سنابل قمح في وجه صبحٍ ..وسيكون الحصاد خبزا طيبا..
وجعنا أكبر من دمع.. وأشدّ من لهب، وقلوبنا الصغيرة نبضها كبير على وسع مدى حقولنا.
قلوبنا العاشقة للحرية تستطيع أن ترتّل قراَنٌ من الأمل في نبضة واحدة تشبه وجه جدتي..
*****
من على إبتساماتهم التي تعلو وجوههم الميتة ..ستكتب الحياة لهم.. لنا!
هكذا همست دمائهم لنا ذات بوح؛ ولبوح دمائهم أرائك من جلنار سنغفو عليها من اجل ربيع جميل..
سيشرق النبيذ من شفاه العطش.. ونروي عطشنا من شفاه التراب،
وسنكتب خاتمة الموت ..مسكاً وقصائد آيات فجر الفقراء..
بلادٌ منذورة للحرية أسمع وقع أقدامها المقدسة فوق عتابات مكة وبيت لحم.
حلم قريب  والفرح نبضه قدس حيفا وزيتون الجليل.. وتفاح مجدل شمس..
سوريا سيدة الصباحات تهزّ عرائش الله.. ونبيذ الخلاص يروي شرقنا.
                                                                                 عفيف \ يسرى

قمر أسود

                                قمر أسود

كانت تصطاد النّجوم .. بين نجم ونجم ضاع بريقها...
كانت تنسج من أضواءها مسبحة تدعوها عمرا و من ليلها سجّادة صلاة...
كانت تركع له و تنتظره من الدّجى إلى تبعثر شعاع شمسها...
كانت ترقبه كلّما اكتمل و أينع ربيعه في ظلامها...
إنّه القمر ترسل له مع هلاله موعدا...

سألته مرّة: أينك؟؟؟ فأجاب:
أكرهكِ، أنا أكره كلّ دمعة نزلت في حقّي و كلّ أصواتكِ التّي تعوّدتُ أن أسمعها لترسم لي مملكة دون قلوع... سأمسحكِ كالطّبشور من ألواح ذاكرتي وسأغسل بالورد جفوني.. و سأقلع عن تدخينكِ مرّة واحدة.. فحبّكٍ مرّ و حرف مسموم..

همهمت لحظة، ثمّ تبسّمت و قالت:
انظر كيف ينزل الغيم في عتم ليال شرقيّة..كيف الرّياح تغفو في بؤبؤ عينيك العسليّة... لا حاجة لي بأزمنة تفترش أقدارا وهميّة... فبوقع دقّاتك أمشي إلى آخر الدّنيا بسرعة سنوات محيطاتك الضوئيّة و براكين الفجر و الضحى في ابتسامات ثغرك الصوتيّة...
أردفت و أضافت:
أنا سيّدتكَ الجبال.. فارفعني لأسكن السّحاب و أتقن الغياب بين غيمة و غيمة...فألواني كلّها ساطعة لا تحجبها الحجب الماطرة...ارفعني و دعني أرى ظهور الشّمس دون شروق .. فضوء عينيكَ يكفيني لأراكَ دون سواء بعد نزع كلّ الأقنعة.....
أنتَ سمائي و فصولي الأربعة.. إذ أزهر الرّبيع في عينيك.. فرفيف جناحي فراشكَ يضحك..
أينعت، في أحداقك، ورودا لم أعرف غيراللّون اللّيلكي...
بل حتّى شعاع القمر تغيّر... بين أزرق و أخضر و عسليّ..
كيف لا و كلّ الفراشات على نهري ربيعك تسجد..
وأنا مثلهم أعشق قمرا أسود...

رحاب السّوسي
(تونس)