الأربعاء، 7 نوفمبر 2012

المستقبل




 «المستقبل» وعوارض الــــشيخوخة المبكرة


عفيف دياب
أظهرت الأحداث والتطورات الأمنية والحراك الشعبي المنظم والغوغائي، خلال الساعات الماضية، أن تيار المستقبل لم يعد ذاك التيار الأنيق. سماؤه الزرقاء أصبحت ملبّدة بغيوم سوداء لا تهطل إلا إطارات مشتعلة. أثبت التيار في الأحداث الأخيرة أنه لم يعد يملك الشارع، وكذلك قراره ومساره وحتى مصيره. لقد تراجع «المستقبل» وفقد السيطرة على من يدّعي تمثيلهم، وهو حكماً سيحتاج الى جهد كبير لمعرفة سر إصابته بالشيخوخة المبكرة.
من السابق لأوانه القول إن تيار المستقبل انتهى. يقول أحد قادة التيار البارزين في تقويمه لما جرى في الشارع منذ الإعلان عن استشهاد اللواء وسام الحسن. يعترف الرجل بـ«دعسة ناقصة» حصلت، و«لم تكن في الحسبان». يرى أن دعوة التيار إلى المشاركة الشعبية في تشييع الحسن كانت «إعلامية، ولم ننزل الى الأرض للمواكبة والمتابعة». ويكاشف في دردشة مع «الأخبار» أن قوى تعيش بين ظهراني التيار كانت «أسرع منا في السيطرة على الشارع وقطع الطرق وإشعال الإطارات». ويوضح أن المسلحين الذين انتشروا في أكثر من منطقة لبنانية «لا يتلقون أوامرهم من تيار المستقبل، بل هم مجموعات فاتحة على حسابها».
محاولة «المستقبل» الهروب من تحمّل عبء الأخطاء التي حصلت قبل تشييع الحسن وخلاله وبعده «لا يعفينا نسبياً من تحمل المسؤولية». ويتابع القيادي في التيار إن «الخطأ الذي وقعنا فيه هو عدم دفع جمهورنا الواعي الى النزول وقطع الطريق على الغوغائيين». يضيف: «كان علينا أن نحشد أكثر ونعمل ميدانياً بطريقة منظمة». يعيد السبب الى «حجم خسارتنا المفاجئة للواء الحسن والبلبلة التي أصابتنا». ويؤكد أن «الظهور المسلح يعرفه الجيش اللبناني جيداً، ومن يقف وراءه، ومن هم هؤلاء المسلحون ولمن يتبعون»، معلناً براءة تياره من أفعال المسلحين وحواجزهم والاعتداء على المواطنين وفق هوياتهم المذهبية. و«على القوى الأمنية توقيف هؤلاء وإنزال أشد العقوبات بهم».
نفي قادة في «المستقبل» التهم الموجهة إليهم، وأن يكون ما وقع في الشارع من إنتاجهم أو قراراً صدر عن «شيخهم» الرئيس سعد الحريري يدفعهم إلى إلقاء التهمة على «متطرفين إسلاميين استغلوا اغتيال اللواء وسام الحسن ودعوة التيار الى تشييعه شعبياً وفعلوا ما فعلوا». ويضيف أحد مسؤولي التيار إن «أخطاءً حصلت وأبلغنا الجيش اللبناني أننا لسنا مسؤولين عما كان يحدث في الشارع»، كاشفاً عن أن تعاون «الزرق» مع الجيش اللبناني «أثمر إعادة الأمور الى طبيعتها في أكثر من منطقة، ولا سيما في البقاع وبيروت».
محاولات التيار تبرئة ساحته مما جرى في الشارع وتنصله من تحمل المسؤولية، لم تمنع فتح نقاش داخل «المستقبل» عن مدى حضوره اليوم في الشارع. ويكشف متابعون في التيار لـ«الأخبار» أن القيادة اتخذت قراراً بإعادة تقويم وضع التيار شعبياً، وأين كانت الدعسات الناقصة وكيفية تفاديها على أبواب الانتخابات النيابية. ويعترف أحد المسؤولين بأن التيار أصيب منذ سنة بترهل تنظيمي وحتى سياسي، متحدثاً عن ضرورة «إجراء نقد ذاتي». ويتابع: «نعم، هناك أخطاء تراكمت الى أن حصل ما حصل». ويضيف «علينا أن لا نجلد أنفسنا كثيراً»، معدداً أبرز هذه الأخطاء:
ــ خلل تنظيمي حيث عملت المحسوبيات السياسية والمناطقية على وضع مسؤولين لا يتمتعون بحسّ القيادة وأخذ زمام المبادرة، و«نحن كنا قد بدأنا بإجراء تعديلات منذ عدة أشهر». فقدان التواصل بين القيادة والقواعد الشعبية وغياب مبدأ المحاسبة التنظيمية. تراجع الخدمات التي كان يقدمها التيار لجمهوره وإقفال مؤسسات اجتماعية وطبية نتيجة شح المال. تحول التيار الى شركة يتقاضى موظفوها رواتبهم آخر الشهر، بغض النظر عن مدى فعاليتهم وحضورهم وإنتاجيتهم.
أما على الصعيد السياسي، فإن الأخطاء المتراكمة منذ سقوط حكومة الرئيس سعد الحريري «ليست ذات قيمة كبرى»، يقول المسؤول «المستقبلي»، لكنه يعترف بوجود «إدارة سياسية سيئة» داخل فريق 14 آذار «انعكست على جمهورنا الذي شعر بإحباط من أدائنا». يقر بأن المشاركة الشعبية في تشييع اللواء وسام الحسن «لم تكن بقدر ما توقعناه، رغم أنها كانت مقبولة نسبياً. فالحشد الشمالي والبقاعي كان أقل من المتوقع».
سياسة
العدد ١٨٤٣ الخميس ٢٥ تشرين الأول ٢٠١٢

سعدنايل والاسير










سعدنايل تقاطع الأسير و«خطاب الفتنة»



رفعت لافتات ترفض الطائفية والكلام المذهبي (أرشيف ـ مروان طحطح)
عفيف دياب
تقدمت بلدة سعدنايل البقاعية خطوة الى الأمام بمقاطعتها العارمة لحفل خطابي للشيخ احمد الاسير اقيم عصر امس في منشية البلدة. رفض سعدنايل احتضان الاسير ليس موقفاً ضد الرجل على المستوى الشخصي، بل هو رفض لخطابه السياسي التحريضي والمثير للغرائز الطائفية والمذهبية، الذي ترفضه البلدة. مقاطعة سعدنايل لاحتفال الشيخ الاسير ومعه القيادي السابق في تيار المستقبل محمد سلام، سبقتها مروحة واسعة من الحوارات في البلدة حول جدوى إقامة احتفال تضامني مع سوريا وثورتها ضد نظام الرئيس بشار الاسد، يكون خطيبه الاول الشيخ الاسير. وافتتح نقاش مستفيض طوال الاسبوع الماضي مع رابطة شباب البلدة لاقناعها باقامة الاحتفال التضامني من دون إشراك الاسير فيه، لما يحمله خطابه من تطرف واثارة للغرائز وتالياً احداث نوع من الشقاق مع الجوار البلدة بغنى عنه. وقالت جهات متابعة للاتصالات ان سعدنايل تدعم الثورة السورية، لكن التضامن لا يكون بخطاب سياسي يثير النعرات المذهبية. وقد اقنع هذا الكلام تيار المستقبل، الذي اوعز الى مناصريه بعدم المشاركة في الاحتفال، وهذا ما تحقق فعلياً، امس، من خلال مقاطعة التيار مع باقي مكونات البلدة السياسية الاخرى اللقاء، الذي اقتصر حضوره الشعبي على جمهور احضره الاسير معه من صيدا في 5 حافلات نقل كبيرة، اضافة الى مشاركة نحو 100 شخص من حي العمرية التابع اداريا لسعدنايل، وعدد محدود جدا من ابناء البلدة، تقدمهم المدان بجرم التعامل مع إسرائيل زياد الحمصي.
استشعار سعدنايل خطر خطاب الشيخ الاسير عليها وعلى علاقاتها مع الجوار ومدى الانعكاس الاقتصادي على سوقها التجارية، ألزم بلدية البلدة اول من امس باجراء اتصالات مع الاسير لاقناعه بعدم الحضور إلى سعدنايل، لكن المحاولة باءت بالفشل مع اصرار الاسير على الحضور متذرعاً بعدم قدرته على رفض دعوة وجهت اليه من رابطة شبابية في البلدة. وقال المتصلون به لـ «الاخبار» ان الشيخ الصيداوي تنبه الى وجود مقاطعة شعبية له في سعدنايل، فأحضر جمهوره معه من صيدا حتى يعطي ايحاءً اعلاميا بأن له مناصرين في سعدنايل ومنطقتها. وقال رئيس بلدية سعدنايل خليل الشحيمي لـ « الاخبار» ان البلدية عملت طوال الاسبوع الماضي على تدارك اقامة لقاء سياسي يتقدمه الاسير . واضاف ان بلدته مجمعة على الابتعاد عن التوتر والخطاب الطائفي ـ المذهبي، موضحا ان سعدنايل تريد افضل العلاقات مع الجوار وصولا الى بعلبك ـ الهرمل و« نرفض كل من يثير الغرائز. فسعدنايل ليست منبراً لتوجيه الشتائم السياسية إلى اي طرف لبناني مهما كان الخلاف السياسي معه»، مؤكدا ان بلدته تدعم الثورة السورية و«لا يمكن لاحد ان يزايد علينا في هذا الامر». وتابع: « يوم فتحت سعدنايل ابوابها لاستقبال اللاجئين السوريين لم يكن احد موجوداً، ومن غير المسموح به الاتجار السياسي باسم البلدة او القول انها تتبع لهذا الطرف او ذاك»، معلنا ان سعدنايل « ترفض ان تكون شرارة للفتنة ».
خطوة سعدنايل السياسية اللافتة، ورفع لافتات في الشارع الرئيسي معلنة رفض التعصب والكلام المذهبي، حوّلاها الى ثكنة عسكرية، امس، مع اصرار المنظمين على اقامة الاحتفال في مكان عام، لم تنجح محافظة البقاع في منعه وفق القوانين المرعية الاجراء، بعد ابلاغ المحافظ انطوان سليمان رفض البلدة إقامة احتفال سياسي كهذا. وأكد رئيس رابطة شباب سعدنايل، صاحبة الدعوة، عمر الحلبي لـ «الاخبار » أن الدوائر الرسمية لم تطلب الغاء الاحتفال، «بل طلبوا ان لا نقيمه على الطريق العام». وأوضح أن الرابطة ابلغت رئيس البلدية الاسبوع الماضي نيتها اقامة احتفال تضامني مع سوريا بمشاركة الاسير، «ووافق الريس، متمنياً علينا ان لا نرفع لافتات تحمل كلاما سياسيا لاذعاً»، لكنه قال إن الرابطة فوجئت بعد يومين باتصال من احد اعضاء البلدية « يطلب الغاء الاحتفال والاعتصام... ولم نتمكّن من الغاء اللقاء لأننا حددنا مكانه وزمانه وخطيبه الشيخ احمد الأسير والصحافي محمد سلام ». ولفت الى ان الاحتفال « مر على خير ولم يحدث مكروه».
وتحدّث الأسير في الاحتفال أمس، مكرراً كلامه المعروف عن سوريا ونظامها، وتهجمه المعهود على حزب الله، كما تحدث سلام ومختار حي العمرية في سعدنايل محمد الأحمد باسم رابطة شباب البلدة.
سياسة
العدد ١٨٥١ الاثنين ٥ تشرين الثاني ٢٠١٢

السبت، 27 أكتوبر 2012

هنا حلب







                                            هنا حلب ..


 يسرى 

هنا حلب:
  ويخبو الوقت في عين المدى
يوم يُنثَرُ الخوف في مجرات الروح
وتجري الريح ولا تصل..
هنا حيث رائحة الموت تنتشر ولا تبقى.

هنا حلب:
ركام أحجارها يعانق موتاها في مشهد لا يشبهه إلا حضن أم نام على صدرها طفلها الجائع للأمان..
هنا حلب:

حيث الآه تبتلع الأحلام والآمال والحياة وتئن الدموع على ملامح أبنائها وهم يلملمون أشلاء أحبّة كانت تصرخ للحرية ففاجأها الموت بطائراتٍ لم تمهلهم حتى أن يصرخوا آآآآآآآآآه..
هنا حلب:

حيث السعادة نوع واحد ..  هو البقاء حيّاً.
هنا حلب:

حيث يجتمع من بقي حيّاً ليرفعوا من قتلاهم مئذنة يحج إليها يوماً معتمروا الحرية والكرامة.
هنا حلب:

حيث ترسم بقلعتها خط الأفق لحظة موت
فترقص عليه ملائكة الخلاص .. ذات جنون ومدى.
هنا حلب:

حيث النازحون والموتى والجرحى يرتجفون خوفاً من الموت الذي يقرع أبوابهم بشدّة لأنهم لا يملكون قبوراً تكفي لستر جثثهم.. وأمهاتهم لاتملك ثمن ملابس سوداء.
هنا حلب:

 حيث نحفر قبر الطاغية بجثثنا لتصاحبه أنّاتنا لتمضية الأبد الذي ينتظره.
هنا حلب:

 حيث تأبى الحياة أن تموت  رغم كل هذا الموت.
هنا حلب:

 حيث الشعب الواحد الأحد
الإله الصمد
الذي لم يكن له كفواً أحد

هنا حلب...


الثلاثاء، 23 أكتوبر 2012

مقابلة



إمامة ضد حمل سنّة لبنان السلاح في سوريا



عفيف دياب

يرفض مؤسس التيار السلفي في البقاع وأحد أبرز منظّريه ومشرّعيه في لبنان، الشيخ عدنان إمامة، أن يشارك أنصار التيار أو أبناء الطائفة «السنيّة» في العمل العسكري الداعم للثورة السورية ضد نظام الرئيس بشار الأسد. يقول الدكتور إمامة لـ«الأخبار» إنه يدعو «إخوانه» في التيار السلفي و«الطائفة السنية» إلى دعم إخوانهم السوريين «بما لا يؤدي الى زعزعة الاستقرار في لبنان». يضيف: «لا نريد أن نحرق لبنان في أتون الثورة السورية». ويؤكد أن الثوار في سوريا «ليسوا في حاجة الى رجال، بل إلى مال ومن يؤوي أهلهم وينصر قضيتهم في الإعلام». فبرأيه، «مفاسد مشاركة اللبنانيين العسكرية في الثورة السورية أكبر بكثير من مصالحها».
يدرك إمامة أن «فتواه» أو رأيه السياسي _ الديني سيتعرض لهجمة من سلفيين متشددين لا يرى أن لهم فعالية تذكر في لبنان، و«هم في الأساس لا يتجاوز عددهم 50 الى 60 سلفياً متشدداً»، داعياً الى «النظر في ميزان المصلحة أولاً». ويوضح: «إذا شجعنا السنّة في لبنان على حمل السلاح ليقاتلوا النظام السوري، فمعنى ذلك أننا نقول للفريق المناصر لنظام بشار الأسد أن يحمل السلاح. ونحن من أنصار ألا تنتقل الفتنة السنية _ الشيعية من العراق الى لبنان، ولا من سوريا الى لبنان».

سوريا وحزب الله وأهل السنّة

يوجه إمامة انتقادات لاذعة لحزب الله: «قامت ثورتك على أنها ثورة المظلومين، وأنك تحيي ذكرى الحسين الذي مات مظلوماً، والحسين كان يمثّل ثورة المظلوم على الظالم، والحق على الباطل، وثورة الدم على السيف»، سائلاً حزب الله: «لماذا انقلبت المعادلة في سوريا؟ أبشار الأسد هو مظلوم أم عبيد الله بن زياد أم هو الحجاج». يضيف: «إننا نحكي عن شعب بقي 8 أشهر يقاوم بصدره العاري، وكنا ننبّه من مخاطر تسلح الثورة السورية. فنحن نريدها سلمية، ولكن ماذا تريد من إنسان تنتهك حرماته أن يفعل؟ أتريده أن يواجه بالسلمية؟».
ألا ترى أن حزب الله يناصر النظام السوري لأنه داعم لحركات المقاومة وليس من خلفية طائفية أو مذهبية؟ يجيب «منظّر» التيار السلفي الوسطي في لبنان بعد أن يقسم بالله العظيم: «لو كان الذي يقوم في سوريا بهذه المجازر سنيّاً لدعونا إلى قتله، حتى لو كان قاتلاً للعلويين والنصارى والشيعة». ويتابع: «لسنا ضد الشيعة كشيعة، بل ضد الشيعية السياسية (...) وليقل لي حزب الله ما سر هذه المصادفة العجيبة: لا يقف مع النظام السوري الآن إلا شيعة العراق وإيران ولبنان. فسّر لي هذه المصادفة؟ فإذا كان النظام السوري يصنّف نفسه علمانياً، فلماذا تحول الامر الى طائفي عند الشيعية السياسية وعند حزب الله؟».
انتقادات الشيخ إمامة لحزب الله أو ما يفضّل تسميته «الشيعية السياسية»، لا تمنعه من «تمجيد» مقاومة حزب الله للاحتلال الإسرائيلي. يقول إن «كل من يقاوم إسرائيل هو شريف، وكل من يقاوم هذا العدو فنحن معه بغض النظر عن عقيدته (حتى لو كان ماركسياً). ونرى أن العدو المشترك لنا هم اليهود، ونتمنى لو أن هذا العدو المشترك يوحّد اللبنانيين». ويؤكد أنه «مع حزب الله في قتال إسرائيل»، ولكنه يبدي أسفه لأن الحزب «لا يريدنا أن نكون معه في قتال إسرائيل».
يجدد التأكيد أن «خلافنا ليس مع حزب الله، بل مع العقيدة الاثني عشرية». ويتابع: «الشيعية السياسية تصنف الحركة السلفية على أنها تنظيم قاعدة وإرهاب، وتعاملنا في لبنان كما يعامل القاعدة في العراق». ويقول: «هناك صدام بين العقيدتين السلفية والشيعية، ولكن هذا لا يعني على الإطلاق أننا نعتبرهم أعداءنا»، متمنياً «لو أننا بنينا جسور حب وتعاون وتواصل حتى نعيش وإياهم في هذا الوطن».
الشيخ عدنان إمامة لا يوفر من انتقاداته تيارات سلفية في لبنان. يجزم بأن المتطرفين في التيار السلفي في لبنان «أقلية». ويقول إن التيار السلفي الأكبر في لبنان «هو التيار الوسطي الذي يدعو إلى السلفية بشكل صحيح، وهو تيار لا يقبل التطرف والتشدد، ويرفض الاعتزال عن المجتمع». ويضيف: «تيارنا الدعوي هو تيار حركة ولا يقبل أن يعيش في الصوامع والكهوف ويترك الناس والدنيا». ولكن ألا يعتبر التيار السلفي المتشدد هو الأقوى وحضوركم تراجع لصالحه؟ يؤكد إمامة أن التيار السلفي المتشدد أو المتطرف «لا يتجاوز عدد أعضائه 50 إلى 60 شاباً». ويضيف: «لأنهم قاموا بأعمال عنفية ومخلّة بالأمن، سُلِّطَت عليهم الأضواء، والإعلام هنا وفي الخارج يسلط الضوء على ظاهرة التطرف والجماعات المسلحة». يؤكد أن التيار السلفي المتشدد «يعتبر دخيلاً على السلفية»، موضحاً أن النبي محمد «لم يكن يقول للناس أنا داع للموت والذبح». ويرى أن تنظيم القاعدة «أخلّ بأصل من أصول الشريعة... فالسلاح يجب أن يكون محقّقاً للحياة والخير والمصلحة لا أن يعود على المسلمين بالخراب والدمار والهلاك».
كيف تصنّف الداعية السلفي عمر فستق بكري؟ يجيب مؤسس التيار السلفي في البقاع وأحد كباره في لبنان: «عمر فستق بكري ليس له أتباع. هو ظاهرة صوتية يريد أن يقول أنا موجود».
الحوار مع الشيخ عدنان إمامه يتناول ظاهرة الشيخ أحمد الأسير، ولا سيما أن لقاءات عقدت بين الرجلين. يقول إمامة إن «وهج الشيخ أحمد بدأ يخفت». ويضيف: «نحن وقفنا مع الشيخ أحمد وهو قام بصرخة حق، ولكن للأسف أخطأ، وخطأه كان كبيراً حين قطع طريق صيدا». ويكشف أنهم كهيئة علماء مسلمين اجتمعوا مع الأسير وطالبوه بالانضمام إليهم لـ«نصرة قضايانا، ولم يقبل»، موضحاً أن الأسير من جماعة التبليغ، و«هذه الجماعة منغلقة، والشورى عندها غير ملزمة».

  الحريري ليس على قدر الأمل

 في انتخابات 2009 النيابية، واجهت الرئيس سعد الحريري مشكلة رفض السلفيين الاقتراع للوائحه كاملة. استعان الشيخ سعد بالشيخ عدنان. عقد لقاء في قريطم بحضور مشايخ سلفيين. «أفتى» إمامة بوجوب الاقتراع للوائح تيار المستقبل و14 آذار «زي ما هيي» لأنها «أقرب إلى مصالح المسلمين من لوائح تيار 8 آذار، وتيار 14 آذار لا يستهدف ديننا وعقيدتنا». هذه الخدمة الجليلة التي قدمها إمامة للحريري على ما يبدو لم تترك أثراً عند الرئيس الشيخ، حيث يبدو العتب كبيراً. ويقول إمامة: «زرت الشيخ سعد سابقاً وقلت له أنت تمثل اليوم الشارع السنّي، ويجب أن تكون عند مستوى الطموحات». يضيف: «للأسف، الشيخ سعد لم يكن على قدر الأمل، والطائفة السنيّة لا تقف عند شخص إذا تراجع دوره أو لم يحسن تمثيل الناس». وهل ستدعمون الحريري مرة ثانية؟ يجيب «نحن سندعم من يحقق مصالح الطائفة السنيّة. عندنا عتب على الرئيس سعد الحريري».

وجهة نظر



ماذا قدّم «الثنائي الشيعي» للبقاع الشمالي؟



عفيف دياب

 ماذا قدّم حزب الله وحركة أمل لبلاد بعلبك ــ الهرمل؟ عشرون عاماً و«الثنائي الشيعي» يحتل المقاعد النيابية والوزارية ووظائف الفئة الأولى المخصصة لقضائي بعلبك ــ الهرمل. عشرون عاماً وحركة أمل وحزب الله ينطقان رسمياً وشعبياً باسم «البلاد المحرومة». عشرون عاماً و«الأمر لهما» من دون منازع أو منافس. عشرون عاماً وخطاب سياسي واحد لم يتغير حرفاً لوضع حجر أساس لمشروع تنموي واحد. عشرون عاماً تغيّر خلالها شكل ممثلي الثنائي الوزاري والنيابي، فيما بقي مضمونه عصياً على التغيير. عشرون عاماً و«شتلة» الحشيشة تنتظر بديلاً... وعشرون عاماً وخطاب «الثنائي» عن الحرمان والمحرومين في بلاد بعلبك ـــ الهرمل لم ينتهِ بعد.
عشرون عاماً ومستوى الخدمات الإنمائية والتنموية والثقافية يتراجع حتى وصل إلى الخط الأحمر، فاستيقظ الثنائي لاستدراك خطأ أو لاستيعاب قلاقل بدأت تقضّ مضاجع يومياتهم السياسية في زمن الانقسامات العمودية في لبنان. ففي جردة أولية وسريعة، يتضح أن نواب حركة أمل وحزب الله في بعلبك ــــ الهرمل، لا تختلف يومياتهم التشريعية والسياسية والاجتماعية عن يوميات غيرهم من نواب لبنان. فالرئيس نبيه بري الذي ينشط هذه الأيام لوضع البقاع تحت راية الدولة اللبنانية أمنياً، يعرف جيداً أن البقاع الشمالي أرهقته المناشدات للدولة بتنفيذ مشاريع إنمائية. وهو يعرف أيضاً، إذا ما عاد إلى خطاباته السابقة في شمال البقاع، أن جدول مطالبه لإنماء المنطقة لم يتغير بنداً واحداً منذ 20 عاماً. فلا المشاريع التي نادى بها تحققت، ولا فرص العمل توافرت، ولا الهجرة الداخلية التي تزداد نسبتها سنوياً توقفت، ولا الزراعات البديلة تحققت، ولا بناء سد العاصي وسدود أخرى وبرك مياه اصطناعية واستصلاح الأراضي الزارعية قد نفذت، ولا طرق الموت أوقفت حصدها لفقراء الشمال البقاعي. وإذا أردت تعداد ما طالب به الرئيس بري وحزب الله على مدى عقدين، اكتشفت أن من حق ناس بعلبك ــ الهرمل أن يسألوا هذا الثنائي: «ماذا قدمتما لنا من تنمية ومشاريع إنتاجية وأنتما رب السلطة والحكومات المتعاقبة؟».
  عشرون عاماً وحركة أمل وحزب الله في السلطة التنفيذية، أو إن قرار صناعتها بيدهما. فمطالب نوابهما وخطاباتهم المملة ومجموع وزرائهما طوال العقدين المنصرمين، ليست إلا إدانة واضحة وصريحة لتقصير هذا «الثنائي» الذي لم ينجح حتى الآن في تشغيل مستشفى حكومي واحد، ولا شق طريق واحدة «متل الخلق» أو حتى تعبيدها بشكل لا تفوح منه رائحة فساد. ولولا التدخل الإيراني المباشر لشق أوتوستراد بعلبك ــــ الهرمل، لبقيت الطريق على الحال التي كانت عليها منذ أيام الانتداب. وهما لم ينجحا حتى في توفير فرصة عمل واحدة من دون ذلّ طالبها. ولم يحققا لأهلهما و«شعبهما» ما حُرموه منذ تأسيس لبنان الكبير. وبالتالي فإن من حق ناس بعلبك ـــ الهرمل أن يسألوا ممثليهم في السلطتين التشريعية والتنفيذية: ماذا قدمتم لنا وماذا فعلتم بنا؟ وبماذا قصّرنا معكم حتى تقصّروا معنا؟ أين مشاريعكم الإنمائية، وأين مؤسسات الدولة التي تتحكمون بها؟ ولماذا تطلبون منا ما عجزتم عن تحقيقه في عقدين من الزمن؟

على الحدود




                                               

              ثوار سوريا اللبنانيون عبء على الثورة


عفيف دياب


من مشاريع القاع وجرود عرسال، وصولاً الى الطفيل وقرى سورية ثائرة على الضفة الأخرى من الحدود، عشرات المقاتلين اللبنانيين ينتشرون مع مقاتلي المعارضة السورية في الأودية وخلف المتاريس. يمارسون هواياتهم في التمرد والفوضى والتهريب. وحدهم ضباط من «الجيش السوري الحر» يعملون على وقف هرطقات أولاد لبنان الشقيق 

****

يخرج زائر خط الحدود اللبنانية ــ السورية، وبعض الداخل السوري، بانطباعات قاتمة. أصبح اللبنانيون قادة ثورات وخبراء في فنون العسكر والقتال واستراتيجيات «هزّ» كيانات أنظمة، ومعلمين في فكّ حروف لغات الانتفاضات الشعبية. أصبح كل لبناني يقطن على مقربة من حدود سوريا وعلى تواصل يومي مع شعبها، إن تهريباً أو علاقة مصاهرة أو صادقاً في حبه لفقرائها، صاحب حق في رسم مسار ثورة وتقرير مصيرها.
يعود زائر حدود لبنان الشرقية مع سوريا بمشاهد متنوعة. المناصرون لـ«الثورة» ضد نظام الرئيس بشار الأسد، تخالهم وصلوا للتو من معسكرات تشي غيفارا في غابات كوبا، فيما يوحي مناصرو النظام اللبنانيون بأن الرئيس السوري لا يقدم على خطوة عسكرية من دون استشارتهم. وحدهم السوريون يدفعون ثمن «تخبيصات» مجموعات لبنانية، موالية ومعارضة، تصفّي حساباتها اللبنانية بالرصاص على أرض حمص والقصير وجوسية وربلة والنزارية، مروراً بفليطا وعسال الورد ورنكوس وأطراف الطفيل بجانبيها السوري واللبناني، وصولاً إلى دمشق ومزارعها الغربية والجنوبية.
يجلس «الثائر» اللبناني أحمد مع مجموعة من المقاتلين السوريين في أطراف مشاريع القاع. لا يتجاوز عمر الشاب العقدين. يرسم للسوريين الخمسة خطة هجومهم على موقع للجيش النظامي. يرسم على التراب، بسكين صغيرة، خريطة الهجوم والاقتحام... والانسحاب إلى لبنان. يستمع الخمسة، بانتباه شديد، إلى «القائد» أحمد وأفكاره العسكرية. يعيد الشرح مرة تلو أخرى. يستفسرون عن بعض النقاط الملتبسة في الخطة، فيشرح مجدداً. يسدل الليل ستاره. تنطلق المجموعة للهجوم. أقل من نصف ساعة وتسمع رصاص الاشتباك المتبادل بين «الثوار» وحامية الموقع غير البعيد عن قرية ربلة. يحاول «القائد» أحمد، بعد نصف ساعة من الهجوم، الاتصال بالمجموعة. لا أحد يجيب: «يمكن استشهدوا» يقول. ويتابع: «ما التزموا بالخطة اللي حطيتها»!
تسأل «القائد الثائر» عن علومه العسكرية والمعارك الحربية التي خاضها. الشاب البقاعي المتحمس لإسقاط نظام الأسد لا يعرف من «العسكر» إلا بندقية كلاشنيكوف تدرب على الرمي بها في جرود قريته بالفطرة: «السوريون مساكين ما بيعرفوا شي. لازم نساعدهن». لكنك سببت مصيراً مجهولاً لخمسة أشخاص؟ يجيب الذي لا يعرف إلا مهنة التهريب منذ أن ولد: «هني ما فهموا عليّ»!
يدّعي لبنانيون مناصرون لـ«الجيش السوري الحر» أنهم «أهل الصبي»، وأن «الثورة» السورية تحتاج إلى خبرات عسكرية لبنانية. ففي جولة على مواقع مقاتلين لبنانيين وسوريين يتبين أن المجموعات اللبنانية ليست إلا عبئاً على «الثورة». لا يخفي أحمد «أمّيته» في العلوم العسكرية، لكنه لا يجد حرجاً في التعلم... تعلّم يبدو أنه يودي بحياة شباب سوري متحمس يعمل ضباط سوريون منشقون على وضع حدّ له ووقف «هرطقات» بعض اللبنانيين. يقول النقيب أمجد على محور فليطا ــــ عرسال إن مجموعته تضم «ثواراً» من لبنان، و«لكننا لا نسمح لهم إلا بتوفير الدعم اللوجستي». ويؤكّد: «نحن نقرر أين ومتى وكيف نشنّ هجماتنا على مواقع الجيش» السوري، مشيراً إلى أن هناك مجموعات سورية لبنانية مسلحة تهاجم مواقع للجيش السوري «من دون تنسيق معنا وفاتحة على حسابها».
كلام النقيب أمجد لا ينطبق على أرض الواقع؛ فمشهد «القائد» أحمد يتكرر في أكثر من نقطة حدودية تقع تحت سيطرة مقاتلين سوريين ولبنانيين لا علاقة «عسكرية» لهم مع «الجيش الحر». على الخط الحدودي اللبناني ــ السوري بعمق نحو كيلومترين داخل الأراضي اللبنانية، ويمتد على مسافة تقدر بنحو 90 كلم من مشاريع القاع، مروراً بجرود رأس بعلبك وعرسال، وصولاً إلى الطفيل وامتداداتها نحو لبنان وسوريا، تنتشر مجموعات قتالية أو مراكز تدريب محدودة ومتواضعة «لا يمكن وصفها بمواقع ذات قيمة عسكرية يعول عليها»، بحسب أحد اللبنانيين كان قرب قرية معربون المتاخمة للحدود مع سوريا. يوضح الشاب الثلاثيني أن هذه المواقع هي «محطة انطلاق أو استراحة قبل اجتياز الحدود الدولية نحو الأراضي السورية»، مؤكداً أن تجمعاتهم ليست ثابتة. ويوضح قائلاً: «ندخل إلى الأراضي السورية وننفذ عمليات ضد الجيش النظامي، ثم نعود إلى الأراضي اللبنانية قبل القيام بهجوم آخر». ويقول مقاتلون لبنانيون وسوريون يتخذون من وعورة جرد رأس بعلبك مواقع آمنة، إن عبورهم لمناطق مختلفة من ريف دمشق المتاخمة للحدود مع لبنان «يكون ليلاً ونهاراً بالتنسيق مع جنود نظاميين يتلقون رشى مالية»، ويكشفون أن «مهماتهم تقتصر على تهريب بعض البنادق وذخائرها، ومواد غذائية». ويقول أحدهم: «أحيانا نهاجم دورية إذا اعترضت طريقنا».
هل «المساعدة» اللبنانية لـ«ثوار» سوريا، تقتصر فعلياً على مجموعات من المهربين وجدوا في دعم «الجيش السوري الحر» باباً للارتزاق كمعيار أول؟ يجيب عن هذا السؤال «ثائر» لبناني من عرسال: «لا ننكر أن ثمة مهربين يستغلون الوضع في سوريا»، موضحاً: «إننا والجيش الحر نحتاج إلى خبرات المهربين». ويؤكد «أبو القعقاع» العرسالي، من جهته، أن «الواجب العقائدي ــ الطائفي هو أساس دعمنا للثورة على بشار الأسد»، مشيراً إلى أن «المصلحة المشتركة» تقتضي التعامل مع مهربين، و«إن تدخلوا في أمور عسكرية لا يعرفونها».
في جرود عرسال الجنوبية ــــ الشرقية يتخذ لبنانيون مع عدد من المقاتلين السوريين في واد محصن طبيعياً موقعاً لهم. يعبرون تحت جنح الظلام إلى داخل الأراضي السورية. قتل 3 منهم خلال الأسبوعين الماضيين، أحدهم لبناني، خلال اشتباك مع الجيش السوري قرب مزرعة قارة السورية. لا يخفي أحد «الفدائيين» السوريين، من خارج ما يعرف باسم «الجيش الحر»، أن المهربين اللبنانيين «يساعدوننا كثيراً». لكن كيف أصبحوا قادة معكسرات تدريب لـ«الثوار»؟ يؤكد «أبو الوليد» أن «المصيبة جمعتنا. كلنا نريد إسقاط الأسد». هنا يتدخل ابن مجدل عنجر الذي نذر نفسه لدعم «ثوار سوريا» لينفي تهمة «المهرب» عن نفسه. ويقول: «كنت أخدم في الجيش اللبناني. وعندي خبرة عسكرية كبيرة. لست مهرّباً». ويضيف محتداً: «حتى اليوم، نفذت أكثر من عملية ضد جيش الأسد»، مؤكداً أنه درّب 30 سورياً على استخدام السلاح.
من قرية معربون اللبنانية، صعوداً نحو الطفيل، ومنها إلى أطراف قرى عسال الورد وحوش عرب ورنكوس السورية، خط تماس عسكري بين الجيش السوري و«الجيش الحر» ومجموعات لبنانية تتخذ من البساتين والجرود الوعرة في شمال شرق الطفيل من المقلب السوري مواقع قتالية لها. لا يخفي المقاتلون أن الجيش النظامي يحاصرهم من الجنوب والشرق، وأن سيطرتهم على «جيب» حدودي مع لبنان (أكثر من 25 كلم) وفّر لهم دعماً مقبولاً. ويقدم العقيد السوري المنشق عن الجيش النظامي «أبو هيثم» قراءة عسكرية لما يجري هناك، مؤكداً أن غارات المقاتلات السورية قرب الطفيل «قبل أيام لم تصب أهدافها»، وأن الصواريخ التي أُلقيت هدفت إلى قطع التواصل مع لبنان، موضحاً أن المناطق المتاخمة للطفيل اللبنانية، وصولاً إلى عسال الورد وحوش عرب ورنكوس والمزارع الصغيرة المتناثرة هناك «تُعَدّ ساقطة عسكرياً بيدنا»، معرباً عن اعتقاده أن قوات «الجيش الحر» «ستسيطر قريباً على خط حدودي مع لبنان، يضمن لها التوسع جنوباً وشرقاً وفكّ الحصار».


بلاد بلا أخلاق

أن تكون صباحاً في أعالي جرود الطفيل وعرسال، ومساءً في مشاريع القاع، فهذا يعني أن لعنة الجغرافيا والتاريخ والعلاقات المشتركة بين سوريا ولبنان، ستبقى تطاردك لأنك لم تعد تفهم حقيقة ما يجري في الأودية وبساتين التفاح. فما بين بلاد «سوا ربينا» من فرح وحزن وقتل وأوجاع تحملها ممارسات سلطة مسّها الشيطان هنا، وقمع قاتل هناك، سيبقى الموت خبز الفقراء بلا منازع. في أزقّة فقراء قرى المصاهرة والعلاقات الإنسانية الجميلة على جانبي الحدود، البراءة يخنقها حوت طوائف القتل هنا... وتمساح الدموع هناك.
أن تكون في جمهوريات الحدود اللبنانية المنسيّة أصلاً وفصلاً منذ أن وجد «لبنان الكبير»، فهذا سيدخلك الى حلبة رقص الطوائف والمذاهب، وكيف نصفي حساباتنا اللبنانية هناك، وكيف ننقل عدوى «مذاهبنا» الى بلاد شقيقة خلف الجبال الوعرة والسياج الأسود منذ عقود. تسمع قصص الوجع هنا وهناك، وتحزن لموت بطيء يزحف نحو يباس الحقول. عند الحدود، تتصارع شعوب لبنان من أجل تدمير وطن شقيق. هذا مع النظام، وذاك مع ثورة. وما بين النظام والثورة فعل شيطان يأكل من اللحم اللبناني ـــ السوري، حيث لا فعل لنا ولهم إلا الرقص على حدود موت بلاد بلا أخلاق.

الأربعاء، 10 أكتوبر 2012

امين وهبي









عفيف دياب
 جدل سياسي وشعبي يثيره النائب أمين وهبي منذ وصوله إلى المجلس النيابي على صهوة جواد تيار المستقبل في البقاع الغربي. لم يخطر بباله أن ينتقل بسرعة الضوء من حركة سياسية حديثة الولادة إلى مقعد نيابي. أسئلة كثيرة تطرح عن وهبي وموقعه ودوره في التيار وسرّ انتقاله من «الحاكورة» الحمراء إلى قريطم الزرقاء
 لا يكترث النائب أمين وهبي كثيراً بالجدل الذي يلاحقه كظله. ويجد في التساؤلات والاستفسارات الشعبية ــــ الحزبية عن موقعه ودوره في المجلس النيابي وخارجه مشروعية محقة، وبالتالي لا يخفي رأيه السياسي: «أنا في 14 آذار، وعندنا قضية عادلة». ويتابع رداً على التساؤلات: «في البلد انقسام حاد عنوانه سلاح حزب الله. وفي اقتناعي أن الدولة يجب أن تكون مكتملة السيادة». هذا العنوان السياسي الواضح والصريح، لا يجد تربة خصبة عند شريحة شعبية في البقاع الغربي تعتبر وهبي ممثلاً طائفياً لها. فطبيب القلب والشرايين لم يصل إلى قلوب هذه الشريحة التي توجه إليه الانتقادات المتنوعة بسبب الاختلاف السياسي بين الطرفين، فضلاً عن شكواها من غيابه عنها وعن همومها ومشاكلها.
دقّات قلب مشغرة وسحمر ويحمر ولبايا وزلايا وقليا وميدون وعين التينة (القرى ذات الغالبية الشيعية في البقاع الغربي)، صفراء وخضراء، لا تلتقي مع نبض وهبي الأزرق بعد أن كان أحمر. وفي الانتخابات الماضية، حصل شاغل «المقعد الشيعي» على أقل من 7 في المئة من أصوات ناخبي هذه القرى (في إحداها لم يحصل على أي صوت. وفي مسقط رأسه لبايا، حصل على 212 صوتاً من أصل 1856 مقترعاً). وهنا لعضو كتلة نواب المستقبل قراءة تقول إنه في «قمة الغلوّ المذهبي، أصبحت هناك أخطاء في المفاهيم». ويوضح: «النائب يمثل كل الشعب اللبناني، وحين يقال إن في البقاع الغربي على سبيل المثال مقاعد نيابية لهذه الطائفة وذاك المذهب، فهذا لا يعني أنه يمثل الشيعة أو السنّة». ويوضح أن المقصود بذلك «أن هذا القضاء يجب أن يكون نوابه من مختلف التلاوين، وفي المحصلة النائب يُنتخب من تلاوين عدة ويمثل الجميع».
كلام وهبي لا يعني أن تواصله مع جمهور حزب الله مقطوع أو غير قائم في البقاع الغربي، فـ«التواصل مستمر وقائم ولم ينقطع يوماً، قبل النيابة وبعدها» يقول وهبي. ويتابع: «قد يفاجأ البعض بأن لي لقاءات وجلسات حوار وتواصل مع بلديات ومخاتير وقوى اجتماعية في قرى جنوب سد القرعون»، مؤكداً تواصله أيضاً مع مناصرين ومسؤولين في حزب الله وحركة أمل. لكنه يشدد على أنه لا يطمس في خطابه معهم «جوهر الخلاف السياسي، وهناك إمكانية لكي نعبّر عن خلافاتنا باحترام». أما الحوار في لقاءاته مع مختلف التلاوين السياسية «فيكون من السياسة إلى الإنماء»، موضحاً أنه مع «التعبير عن الأمور كما هي، فأنا ابن لبايا وأعرف سحمر ويحمر ومشغرة بيتاً بيتاً».
أمين وهبي انتسب إلى الحزب الشيوعي اللبناني عام 1970، وحمل السلاح في بدايات الحرب الأهلية على محور الشياح قبل أن يغادر إلى موسكو لدراسة الطب. وفي عاصمة الاتحاد السوفياتي تولّى مسؤولية تمثيل الحزب الشيوعي بين 1979و1982 وبين 1987و1988. يؤكد أنه كان جزءاً من «الصح والخطأ» في الحزب قبل أن يغادره عام 2000 للمشاركة في تأسيس حركة اليسار الديموقراطي مع النائب السابق إلياس عطا الله وحنا صالح ونديم عبد الصمد وزياد ماجد وإلياس خوري والشهيد سمير قصير وآخرين. الشيوعي العلماني حامل رايات «المنجل والمطرقة» في «كعب الحاكورة» في قريته لبايا أيام «النضال»، يؤكد أن تيار المستقبل «حتماً ليس عقائدياً». ويقول: «في التيار تجد الليبرالي والعلماني والمتدين والمؤمن المنفتح»، مضيفاً أن التيار «ليبرالي وأولوياته في هذه المرحلة استعادة سلطة الدولة والتنمية المستدامة والترقي التدريجي»، مؤكداً أن التيار الأزرق «يتسع لبعض التلاوين أو الشرائح الفكرية المتنوعة».
ولكن تيار المستقبل اليوم هو ناطق باسم طائفة في لبنان؟ يجيب وهبي بأن هذا التوصيف للتيار يناسب «من عنده رغبة استثنائية في تظهير التيار مذهبياً لتقابله مذهبية أخرى، ويناسب بعض المتشددين أو المتدينين في الطائفة السنية ليوصّفوا التيار بهذا الشكل حتى يأخذوه إلى موقعهم وتشددهم». وحسب رأي نائب البقاع الغربي، فإن تيار المستقبل «هو كما هو، يتسع لتلاوين متنوعة ويشبه في ذلك تنوع حركة فتح سابقاً».
ترشح وهبي على لائحة تيار «المستقبل» في البقاع الغربي عام 2009 ليكون من حصة «اليسار الديموقراطي» التي لم تستطع أن تقنع الرئيس سعد الحريري بأخذ مرشحها في عكار نعمة محفوض على لائحة التيار، و«ما بقدر زعّل (النائب السابق) عصام فارس»، كما قال يومها الحريري لإلياس عطا الله الذي أبعد عن الترشح مرة ثانية في طرابلس (كما رواها عطا الله لـ«الأخبار» سابقاً). أسقط في يد الحركة التي أخذت تبحث مع أعضاء فيها وإعلاميين ومع النائب وليد جنبلاط عن حل سحري لتمثيلها نيابياً. جاء الحل الذي فوجئ به وهبي حين أبلغ بقرار الحركة ترشيحه عن المقعد الشيعي في البقاع الغربي. وعن ذلك يقول: «ترشحي لم أصنعه أنا، بل حركة اليسار التي اتفقت مع سعد الحريري وسلمتني الاتفاق لتنفيذه». ويضيف: «التزمت القرار، وكان الاتفاق يقضي بأن أكون في تكتل المستقبل النيابي». مشى وهبي في الاتفاق إلى أن جرى بينه وبين حركة «اليسار» كباش سياسي.
بدأ «الكباش» عندما شكّلت حكومة الرئيس الحريري، إذ تنوعت الآراء داخل الحركة بين حجب الثقة عن حكومة الحريري الابن، أو التغيب عن الجلسة في حدّ أدنى. وهبي كان من جناح إعطاء الثقة، «كنت مؤمناً بأن الخروج من المأزق الذي نعيشه في لبنان لا يكون إلا بالحوار»، وأن «الحريري شكل حكومة وحدة وطنية تضم الجميع، وبالتالي أبقت التواصل بين جميع اللبنانيين للحدّ من الانقسام العمودي الحاد وتوفير بيئة للحوار الوطني». ويتابع وهبي سرد قصة إحراجه لإخراجه من حركة «اليسار»: «كان رأيي ألا نحجب الثقة عن حكومة كهذه (...) وحينما ناقشت بيانها الوزاري شددت على الحوار الوطني، لأننا في ظروف استثنائية ويجب أن نحافظ على السلم الأهلي». تمسك وهبي بقراره، و«صار هناك خلاف في وجهات النظر، ولاحقاً أخذت حركة اليسار تبتعد عني ولا تدعوني إلى اجتماعات أو لقاءات». ويوضح أن الحركة لم تفصله، لكنها «أنجزت استحقاقات تنظيمية عدة ولم تشركني فيها أو في مناقشاتها». ويتابع: «أنا رسمياًَ في كتلة تيار المستقبل النيابية، وأتعاطى مع التيار كحركة سياسية». وعمّا إذا كان سيترشح لدورة ثانية مع التيار، يرى أنه «بعد بكير. لنرّ القانون الذي سيعتمد أولاً. في المبدأ، أنا أشتغل سياسة قبل النيابة، وبالتالي لن أنسحب من الحياة السياسية، لكن في موضوع الترشح بعد بكير».

الثلاثاء، 2 أكتوبر 2012

بشير ليث





فليسقط بشير ليث



مسرحية لا نهاية لها.. كتبها اصدقاء في مقهى بيروتي!
(عفيف دياب)
***
مشهد اول (حزيران 2013)
.. وقال شهود عيان ان "وحدات من الجيش اللبناني" اجتازت الحدود السورية حيث شوهدت قافلة دبابات وعربات جند تتجه نحو   دمشق في مهمة عسكرية  قيل انها لوقف الاقتتال السوري ـ السوري وحماية الشعب السوري من التدخلات الخارجية ولمنع المغرر بهم من الوقوع  في افخاخ  العدو الصهيوني الغاشم. وقالت مصادر مطلعة ان الجيش اللبناني سيتخذ من اطراف دمشق الغربية مقرا لوحداته القتالية و"قوات الصاعقة" فيه اذ سيعمل على الفصل بين المتحاربين. كما افاد شهود عيان في شمال لبنان ان قوات من الجيش اللبناني عبرت الحدود السورية باتجاه الخط الساحلي السوري.
 وطالب سوريون مناهضون للنظام اللبناني وتدخله العسكري "الغاشم" بالتصدي لهذا "العدوان" السافر. واوضح رئيس الحركة الوطنية السورية تمام جنط،  الذي يتخذ من قصره في ريف الزبداني معقلا له، ان قواته المتحالفة مع منظمة التحرير العراقية ستتصدى لهذا التدخل العسكري اللبناني، واصفا وجود الجيش اللبناني على اراضي سورية بانه احتلال "غير مقبول".
 وفي اول تعليق لبناني رسمي على دخول وحدات عسكرية نظامية الى سوريا، قال رئيس الجهورية الفريق اول محفوظ ليث ان دخول قواته الى سوريا هو  :" لوقف الاقتتال الاهلي وحماية وحدة سورية ومنع تقسيم سورية الشقيقة". واضاف ان قادة في الجبهة السورية  عقدوا خلوة في معلولا و "طالبوننا بالتدخل لوقف العنف". كاشفا ان قواته ستكون من عداد قوات الردع العربية التي ستصل تباعا الى سوريا بناء على قرار عربي ـ دولي سيصدر لاحقا.
 وكانت محاور الاقتتال بين دمشق الغربية والشرقية قد شهدت اشتباكات عنيفة بمختلف انواع الاسلحة، فيما نشطت مجموعات الخطف على الهوية. كما سجلت اشتباكات بين مقاتلين تابعين للجبهة السورية واخرين من منظمة التحرير العراقية. وشهدت مدن حمص وحلب وحماة اعنف الاشتباكات. وقال شهود عيان ان دبابات الجيش اللبناني شوهدت على طريق اللاذقية، وان وحدات من الاستطلاع اللبناني وصلت الى مشارف حماة وحلب.
  وفي اول تحذير اسرائيلي قال ناطق عسكري ان قواته تراقب عن كثب الدخول العسكري اللبناني الى سوريا وتهديده امن  تل ابيب القومي. وقال ان اسرائيل ابلغت الاتحاد الروسي والولايات المتحدة بانها حذرت وحدات الجيش اللبناني من تجاوز الخطوط الحمراء في القنيطرة. ورد مصدر رئاسي لبناني على التهديد الاسرائيلي وقال ان القوات اللبنانية مهمتها حماية سورية من التقسيم و"لا يحق لاسرائيل التدخل في الشؤون العربية، وان الشعب السوري هو من طلب تدخل الجيش اللبناني".
***
مشهد ثان:
حقق مجلس النواب السوري  انجازا تاريخيا  ووضع اتفاقا لوقف الاقتتال الاهلي  بعد اجتماعات مكثفة في مدينة الطائف السعودية. وينص الاتفاق على وقف فوري لاطلاق النار على كافة الاراضي السورية، وحل الميليشيات، وبدء اصلاحات سياسية، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية وثم حكومة فانتخابات نيابية. وعلمت وكالة "طز" للانباء ان الاتفاق يقضي بان يتولى لبنان ادارة الشأن السوري لفترة زمنية يتفق عليها لاحقا بين البلدين، كما يتم الاتفاق بعد بناء الجيش السوري ومؤسسات الدولة السورية على المدة الزمنية لبقاء الجيش اللبناني في سورية.
***
مشهد ثالث:
  توصل المتقاتلون السوريون الى وقف شامل لاطلاق النار، وقد بدات البلاد تشهد هدوءا امنيا، فيما رفض الجنرال راسم حجر الاتفاق، مؤكدا انه لن يغادر القصر الجمهوري، بينما اعلن قائد القوات السورية الدكتور مش جامع شي موافقته على اتفاق الطائف وحل الميليشيات.
***
مشهد رابع:
  قال شهود عيان ان مقاتلات حربية لبنانية شوهدت وهي تقصف القصر الجمهوري في اطراف دمشق حيث يتحصن الجنرال رستم  حجر مع مجموعة من مناصريه. وقالت معلومات ان الجنرال حجر لجأ الى السفارة الايرانية بعد ان طلب من قواته الالتحاق بالجيش السوري الموحد بقيادة الجنرال امين وفي.
***
 مشهد خامس:
 وقع انفجار شمال العاصمة السورية، وتبين لاحقا ان عبوة استهدفت مسجدا.
***
مشهد سادس:
 قالت مصادر امنية سورية ان الاستخبالارات السورية مدعومة من الاستخبارات اللبنانية اوقفت قائد القوات السورية الدكتور مش جامع شي بتهمة تفجير المسجد.
***
مشهد سابع:
 كشف تقرير لوكالة مرحبا الدولية ان الحياة السياسية السورية اصبحت رهينة الجهازالامني اللبناني الذي يدير سورية بقبضة من حديد من مدينة  بلودان حيث مقر رئيس جهاز الامن والاستطلاع في القوات اللبنانية العاملة في سورية اللواء مقتحم كنيعو. واوضحت ان القمع الامني والسياسي والفساد المستشري، يدار من بلودان حيث يوفر  جهاز الاستطلاع الحماية لمنظومة متكاملة لا تنتهي عند تعيين  الوزراء والنواب وتقرير مصير رئاسة الجمهورية السورية.
***
مشهد ثامن:
 احتدمت الخلافات السياسية السورية ـ السورية حول شكل ادارة البلاد، وعلمت جريدة الف باء السورية ان قمة لبنانية ـ سورية ستعقد في بيروت. وان الرئيس السوري الممددة ولايته اياس هرم سيتوجه الى بيروت اليوم.
***
تابع للمشهد الثامن:
 وبعد لقاء القمة في بيروت، عرج الرئيس السوري على بلودان حيث التقى رئيس جهاز الامن والاستطلاع في القوات اللبنانية العاملة في سوريا اللواء مقتحم كنيعو. وقد جرى تبادل وجهات النظر حول العلاقة المشتركة بين البلدين ووحدة المسار والمصير بينهما.
***
مشهد تاسع:
 وشهدت ساحة المرجة اكبر تظاهرة سورية نددت  بالنظام  الامني اللبناني ووصايته على الحياة السياسية السورية. ورفع المتظاهرون صور قادة الاجهزة الامنية السورية الذين نكلوا بالشعب السوري بايعاز من الاستخبارات اللبنانية. واتهموا لبنان بالوقوف وراء مقتل رئيس الحكومة السورية فايق نايم.
***
 مشهد عاشر (سنة 2043)
 اصدر الرئيس اللبناني بشير ليث (وصل الى السلطة بعد رحيل والده محفوظ ليث) قرارا رئاسيا يقضي بانسحاب كامل للقوات اللبنانية المنتشرة في سوريا.
***
  نهاية مؤقتة او موقوتة: اندلعت احتجاجات في سهل البقاع اللبناني وشمال لبنان مطالبة برحيل نظام الرئيس بشير ليث القمعي ومنظومته الفاسدة ابا عن جد. 

(..وثبت بالدليل القاطع أن الخوف لا يلغي الفكرة فقط يؤجلها)