الأربعاء، 19 ديسمبر 2012

نازحو اليرموك





       نازحون من اليرموك: «تركنا كل إشي وهربنا»



عشرات الحافلات التي تقلّ النازحين الفلسطينيين عبرت الحدود 

 كأنّ قدر الفلسطيني أن «يترك كل إشي» ويهرب. أن يهرب من القتل والغدر، مرّة من أرضه فلسطين، ومرّات في النبطية وتل الزعتر وصبرا، واليوم في اليرموك. يحمل صرّته ومفتاح بيته، ويتأبط زوجته وأطفاله، ويهرب من الموت. قضيتهم كانت دوماً قميص عثمان، كل من أراد أن يدّعي الحق أمسك بها. وعند اقتتال الإخوة، نالوا نصيبهم من القتل. اليوم يهجرون من اليرموك من جديد، يروون حكايات عن مخيم بات «مدينة أشباح» بعد نزوح أهله، وعن قصف مجنون لطائرات وصواريخ، وعن حسرة وألم مما يجري في سوريا، ومما ينتظرهم من تهجير. معاناتهم لا تنتهي مع دخولهم الى لبنان، فهنا أيضاً دولة قررت «النأي بنفسها» حتى عن المساعدة الإنسانية
عفيف دياب, أسامة القادري
البقاع | لم تنم الحاجة أم محمود ملء جفنيها مذ غادرت أرض قريتها، الصفصاف، في الجليل الفلسطيني قبل 6 عقود من الزمن. زمن، لم تذق فيه أم محمود س. (74 عاماً) الا طعم حمل «صرّة» ثياب النزوح من فلسطين، الذي ورثته أباً عن جد، وأورثته مرّ التعب الى أولاد وأحفاد يجولون اليوم في أصقاع الأرض بحثاً عن مذاق طيب لا صواريخ طائرات فيه، ولا سكاكين «مالحة» تُمعن قتلاً في مخيمات أم محمود من النبطية الى تل الزعتر وصبرا وصولاً الى اليرموك في دمشق.
في حافلة الهروب من «مقتلة» اليرموك، روت أم محمود قصة «فلسطينها» في طبعتها الجديدة. غادرت المخيم قهراً وقسراً ووجعاً. صبت جام غضبها على «أمة العرب» من المحيط الى الخليج: «شو بدي خبرك يما... تركنا كل إشي وهربنا». منذ 3 أيام وأم محمود خارج «يرموكها». نامت على قارعة طريق قرب ساحة السبع بحرات في دمشق، قبل أن تصعد حافلة مع جيرانها الى حدود لبنان، فمخيم عين الحلوة في صيدا: «راح انزل عند بنتي بالمخيم». خرجت مع جارتها منى سيراً على الأقدام تحت وابل من القصف المدفعي «قصفوا المخيم بالطائرات... وقالوا لنا أن نغادر. وأنا ما عندي الا بنتي هون بعين الحلوة. وين بدي روح بالشام؟».
أكثر من ألف فلسطيني من مخيم اليرموك في دمشق، وصلوا أمس، الى الحدود اللبنانية، في محلة المصنع. منهم من استقل حافلات وسيارات أجرة ومنهم من وصل سيراً على الأقدام. يروون حكايات وحكايات عن المخيم، وعن القتل والقصف والرصاص وصراعات الإخوة وحروب الشوارع والأزقة. يعتب الحاج أبو علي ج. (69 عاماً) على كل من استهدف المخيم من داخله وخارجه «ما عرفنا كيف طلعنا». ويتابع «آخر إشي كنت افكر فيه أنو ارجع على عين الحلوة بعد هالعمر». ويردف «أصيب منزلي بقذيفة هاون، والله نجانا».
أبو علي، الذي وصل الى المصنع اللبناني ظهر أمس، مع أحفاده السبعة وأمهاتهم الثلاث، يقص علينا، وعلى من تجمهر من سوريين هاربين، قصة اليرموك «يمكن ما يظل مخيم. لأنو كل الناس طلبوا منها تفل». ويقول إن الجيش السوري الحر سيطر بالكامل على المخيم «وانضم اليه عناصر من القيادة العامة والجبهة الديموقراطية والجبهة الشعبية». ويتابع أنه «غادر المخيم قبل يومين الى حي المزة، الى أن وصل (أمس) الى المصنع، فمخيم الجليل في بعلبك».
من بقي اذاً في مخيم اليرموك في دمشق؟ يقول الشاب طه إن نحو 70 في المئة من السكان غادروا الى وسط دمشق، والأغلبية منهم ينوون التوجه الى لبنان، مشيراً الى أنّ المخيم تعرض صباح أمس لقصف عنيف من راجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة. وأضاف أن الدمار «لا يوصف، وهناك جثث في الشوارع لمقاتلين ومدنيين»، موضحاً أن «الجيش النظامي السوري يتمركز عند مداخل المخيم»، وأن اللجان الشعبيه فيه تلقت أوامر بإبلاغ السكان بمغادرة منازلهم ما بين الخامسة والتاسعة صباحاً (أمس وأول من أمس).
وليد هـ. (45 عاماً)، الذي غادر مخيم اليرموك مع زوجته وأولادهما الأربعة، يقول إن المياه والكهرباء مقطوعة عن المخيم منذ 4 أيام، لافتاً الى أن أغلبية السكان الفلسطينيين غادروا المخيم أو نزحوا الى أحياء أكثر أمناً في داخله. ويوضح وليد، الناشط في تنظيم فلسطيني داخل اليرموك، أن الجيش السوري النظامي أرسل اليهم قراراً بوجوب الابتعاد عن مسرح العمليات العسكرية أو الخروج من المخيم تمهيداً لـ«طرد المسلحين الغرباء منه».
وعند دخولهم الى نقطة المصنع الحدودية عانى النازحون إشكاليات إدارية منعتهم من الدخول الى لبنان، واضطر بعضهم الى المبيت أمام كافيتيريا الأمن العام اللبناني، الى أن أتت موافقة المدير العام للأمن بدخولهم، قبل أن يتوزعوا عند أقاربهم في المخيمات الفلسطينية في الجليل في بعلبك، وفي برج البراجنة في بيروت، وعين الحلوة في صيدا.
«رحلة التيه للعائلات الفلسطينية لم تتوقف عند مخيم اليرموك في دمشق. منذ 40 عاماً، تنقلت هذه العائلات في عمليات تهجير قسرية من مخيمي البرج في بيروت، وتل الزعتر. واليوم تعود الى ذاكرة الفلسطينيين، معاناة التهجير يشهد عليها جيل جديد ما كان بحسبانه أن يوماً سيأتي ويتهجرون منه من دمشق، الى لبنان»، يقول أنور الذي قضى ليلته برفقة عائلته المؤلفة من طفلتين وصبيين، إضافة الى زوجته، أمام مبنى كافيتيريا الأمن العام.
ويقول أنور إن السبب كان يتعلق في كون أوراق أطفاله الثبوتية ناقصة، «مع أنني حصلت على اذن موافقة مغادرة لي ولزوجتي من ادارة الهجرة والجوازات السورية، وعلى أساسه سمحوا لي بالخروج من سوريا»، فكان خياره المبيت في البرد القارس عوضاً أن يعود أدراجه خوفاً من الموت المتنقل في جميع المناطق السورية. يتابع وهو يوضب أغراضه في احدى السيارات المتجهة الى برج البراجنة «انتظرنا من الساعة السابعة مساءً حتى العاشرة صباحاً والحمد لله أتت الموافقة».
لم تنقطع دمعة ربى، ابنة العشرين ربيعاً، وهي تتحدث عن الخوف الذي يسيطر على المواطنين، تقول «الوضع أسوأ من اللي بتشوفوه بالتلفزيون، الخوف ملاحقنا من زاوية لزاوية». تروي كيف بدا المشهد الأخير للمخيم، بعدما تلقت، كما غيرها، عبر رسائل نصية على الهواتف الجوالة، وجوب ترك المخيم أول من أمس. من الساعة الخامسة فجراً حتى التاسعة صباحاً «أصبح المخيم متل مدينة أشباح. دمار وغبار، وصوت مدافع ورصاص». وتسرد حكايتها كيف انتقلت مع باقي أفراد أسرتها من المخيم الى منطقة السبع بحرات، ليتمكنوا من الحصول على موافقة مغادرة الى لبنان، باعتبار أن لديها أقارب لوالدتها في «الجنوب ولاد خالتي بمخيم عين الحلوة».
ومع تدفق النازحين الفلسطينيين برزت مشاكل متعددة لم تكن في حسبان الوافدين في مثل هذه الظروف الامنية والإنسانية السيئة، حيث إن السلطات اللبنانية لم تتخذ قرارات استثنائية لإزالة العراقيل أمام إدخال هذه العائلات في ظل واقع انساني يفرض نفسه يوماً بعد يوم.
لم يكن بحسبان جهاد وزوجته وأطفالهما الثلاثة، الآتين الى أقارب لهم في مخيم الجليل، أن تكون إحدى العراقيل ثمن دخوله الى لبنان، بحيث تقدر التأشيرة بـ25 ألف ليرة عن كل شخص، فكل ما يملكه من أموال، دفعها لسيارات الأجرة التي نقلته من مكان الى مكان داخل سوريا، الى أن نجح في الوصول الى كاراج السومرية، ما اضطره للانتظار ريثما يأتي قريبه من صيدا الى المصنع كي يدفع له 50 ألف ليرة ثمن تأشيرتين له ولزوجته. يقول «هين الانتظار ثلاث ساعات جنب اللي شفناه من الساعة الخامسة فجراً حتى الثالثة عصراً» ساعة وصوله الى نقطة المصنع الحدودية. حال أم طالب السبعينية، ليس أفضل، فهي تنتظر إنجاز معاملة دخولها مع أبنائها الى لبنان، الى مخيم عين الحلوة في صيدا، عند درج مبنى الأمن العام، تقول باكيةً «الله كاتب علينا النزوح، وان نُبقي مفاتيح ديارنا كي تذكرنا بالأيام الصعبة، الله يهدي البال ويرجع كل الناس على ديارهم».
اما أحمد العلي الذي عاد أدراجه هو وزوجته وأولادهما الأربعة، لأنه لم يتسن له الحصول على اذن مغادرة من ادارة الهجرة والجوازات في منطقة السبع بحرات، فيقول «رحت السبع بحرات، ومبنى الهجرة والجوازات مزدحم بالناس، يعني اذا وصل دوري انا وحظي يمكن يعطوني اذن ويمكن لأ، فما اتوقعت أن الأمن العام اللبناني يرجعنا في مثل هذا الظرف الاستثنائي».
كما برزت مشكلة أخرى تتعلق بالنازحين الذين يحملون جواز سفر فلسطينياً صادراً عن السلطة الفلسطينية، ويؤكد محسن أنه كان قد حصل على إذن مغادرة قبل اسبوع لكن «الأمن رجعنا لأننا نحمل جواز السلطة الفلسطينية، ومعي اذن مغادرة من سوريا، ايش السبب ما بعرف».
وفيما توزع بعض النازحين على أقارب لهم في لبنان، ملأ البعض الآخر ساحات البلدات في مجدل عنجر وبرالياس وتعلبايا وسعدنايل على أمل ايجاد مكان يؤويهم، بعدما أصبح إيجاد شقة أو سكن من سابع المستحيلات في تلك القرى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عربيات
العدد ١٨٨٦ الاربعاء ١٩ كانون الأول ٢٠١٢

الأحد، 16 ديسمبر 2012

النازحون السوريون






                              «الحاجة أم الاختراع»... كرتون وبقايا أخشاب وزيوت مستهلكة للسيارات للتدفئة

         النازحون السوريون ... هربوا من «النار» فهل «يفترسهم» الصقيع؟


بيروت - من عفيف دياب |

.. في مزرعة كانت سابقاً مخصصة لتربية الأبقار وتحولت غرفاً لايواء النازحين السوريين الى سهل البقاع اللبناني، تخوض «ام خالد» معركة وقف تسرُّب مياه الامطار الى الغرفة التي خُصصت لها ولافراد عائلتها المؤلفة من زوج مريض و4 اولاد كانوا يرتجفون من البرد القارس الذي بدأ يضرب البقاع.
لم تعتد ام خالد على هكذا «حياة» قاسية يوم كانت في مدينتها حلب قبل ان تنجو من قذائف المدفعية وغارات المقاتلات الحربية. تحكي بحزن قصة حياة لم يُكتب فيها يوم هادئ منذ ان غادرت بلادها قسراً الى لبنان. في هذه الحكاية تجد في «حربها» مع فصل الشتاء «معركة مصير» لها ولاولادها وزوجها المريض العاجز عن العمل بعدما خضع لاكثر من عملية في القلب.
قلب ام خالد الذي استوعب قسوة قتل النظام السوري ليومياتهم الجميلة في حلب، لم يستوعب بعد قسوة المؤسسات الانسانية وهيئات الاغاثة اللبنانية والعربية والدولية التي تقف عاجزة عن تأمين الحد الادنى من متطلبات حياة آمنة في غرفة صغيرة تشبه «قبراً» كما تحب السيدة الحلبية وصفها.
اكثر ما يقلق ام خالد وأولادها اقتراب موسم تساقط الثلوج والحاجة الى «مقاومته» بالتدفئة. وتقول السيدة التي لن «تنهزم» ان المدفأة التي تتوسط الغرفة ليست الا شكلاً هندسياً «قد يُشعرنا وجودها بالدفء»، وتضيف «لقد أشفقتْ عائلة لبنانية علينا ومنحتنا هذه المدفأة ولكن من اين سنحصل على المازوت لتشغيلها؟».
وتشكّل معاناة هذه السيدة عيّنة مما تواجهه آلاف العائلات والأسر السورية اللاجئة الى سهل البقاع اللبناني والتي تقف اليوم عاجزة امام زحف البرد وهطول الامطار وتدني درجات الحرارة.
يتدبّر السوريون اللاجئون توفير المأكل والمشرب، ولكنهم الآن يقفون عاجزين امام توفير التدفئة المطلوبة خصوصاً شراء مادة المازوت التي يصل سعر الصفيحة منها الى 18 دولاراً اميركياً وهي لا تكفي ليومين لمواجهة البرد القارس. وتقول جهات متابعة في هيئات اغاثة دولية تعمل في منطقة البقاع ان توفير المازوت للعائلات الهاربة من سورية «غير ملحوظ في برنامجنا حتى الان، ولا يمكن لنا توفير المساعدة في هذا الامر».
وتكشف هذه الجهات لـ «الراي» ان قراراً لم يصدر بعد من المؤسسات الدولية الرسمية لتوفير المازوت للعائلات السورية اللاجئة الى لبنان، عازية الامر الى ان الامكانات المالية محدودة.
تقاعس هيئات الاغاثة عن توفير «التدفئة» للسوريين اللاجئين، لا يقف عند هذا الحد، بل يصل الى تخبط تعيشه هذه الهيئات والمؤسسات التي لم تنجز بعد عمليات احصاء أعداد اللاجئين في سهل البقاع. وتوضح اعمال هذه المؤسسات والهيئات ان مكاتبها في البقاع ليست سوى ادارية تتعاطى مع اللاجئين السوريين بفوقية وصولاً الى ابداء التذمر من اصرار اللاجئين على الاسراع في وضع حد لفوضى الاغاثة وتوفير المساعدات ولا سيما مع بدء فصل الشتاء.
ويكشف رؤساء بلديات قرى لبنانية التقتهم «الراي» في اكثر من منطقة بقاعية ان قدرات بلدياتهم لا تسمح لهم بتوفير مادة المازوت للعائلات اللاجئة القاطنة في قراهم. ويقول رئيس بلدية في سهل البقاع الاوسط انه ألزم اهالي بلدته بان يؤمّن كل شخص منهم عدة ليترات من المازوت لعائلات سورية لاجئة. واذ يوضح «نستطيع الزام الاهالي لمرة واحدة، واكثر من ذلك لا يستطيعون»، يشير الى ان «المؤسسات الدولية وهيئات الاغاثة لم تعط آذاناً صاغية لنا حين بدأنا بمناشدتهم الاستعداد لتوفير مادة المازوت للسوريين اللاجئين». ويضيف: «ان البرد القارس سيصيب اللاجئين بأمراض متنوعة ونحن نقف عاجزين. واتصالاتنا مع الهيئات الرسمية اللبنانية لم تعط نتائج حتى الان لتوفير المازوت».
معاناة العائلات السورية في سهل البقاع مع بدء فصل الشتاء، لا حدود لها. ففي بلدة المرج يقطن السوري محمد وزوجته وطفليْهما بعدما هربوا من منطقة تلكلخ قبل عدة اشهر.
فَقَدَ محمد شقيقه نتيجة قصف منزله، وانقطع التواصل مع والدته المجهولة المصير في تلكلخ. يرفض ان يذهب الى مركز اغاثة دولية لتسجيل اسمه، ولكنه لم يرفض «منحه» مدفأة من جار لبناني لا يختلف في فقره عن حال محمد.
ويقول اللاجئ من تلكلخ انه سيكتفي بـ «منظر الصوبيا» في وسط الغرفة ولن يقوم بإشعالها، موضحاً انه يمضي جل وقته ملتحفاً اغطية ويتابع مجريات التطورات العسكرية على ارض بلاده. ويضيف: «حالتنا صعبة جداً ولكن لن استعطي من احد لمنحي المازوت. هيئات الاغاثة تتفرج علينا وتريد اذلالنا وهذا ما لن أقبل به».
ويكشف الرجل الاربعيني ان عائلة سورية قريبة له «عادت الى تلكلخ ورفضت ان تبقى هنا منتظرة الموت من البرد. وانا سألحق بهم قريباً».
لا احصاءات دقيقة اليوم في سهل البقاع لأعداد العائلات السورية اللاجئة الى المنطقة، ولا لتلك التي عادت الى سورية لمواجهة الموت بدل «المذلة» هنا نتيجة تقاعس المؤسسات الدولية والانسانية.
وتشهد قرى البقاع يومياً تدفق المزيد من العائلات الهاربة من القصف والغارات الجوية، وعودة البعض جراء القهر. ففي بلدة سعدنايل اليوم اكثر من 1200 عائلة سورية لا توجد منازل لاستيعابهم حيث في البيت الواحد اكثر من عائلة تحتاج الى المازوت. نسوة وأطفالاً ورجالاً عادوا الى ارض المعركة. وهكذا الحال في بلدة عرسال حيث يوجد اكثر من 1600 عائلة تعيش بلا تدفئة، فيما الاحصاءات الاهلية المحلية تتحدث عن وجود اكثر من 100 ألف سوري لاجئ فقط في منطقة البقاع اكثر من نصفهم لم يسجَّلوا في جداول الهيئات الانسانية ومؤسسات الاغاثة ولم تلحظهم الحكومة اللبنانية التي لا تعطي أرقاماً دقيقة عن اعداد اللاجئين السوريين.
ويكشف متابعون في سهل البقاع ان غالبية العائلات السورية اللاجئة هي من النسوة والاطفال، وبالتالي فان امكان قيام احد افرادها بالعمل لتوفير الاموال لشراء المازوت محدود جداً. وتقول سيدة لاجئة من داريا في ريف دمشق وتتخذ مع اولادها السبعة مقراً للاقامة في محل تجاري سابق حوّله صاحبه الى 3 غرف للسكن، انها تجمع الكرتون يومياً لاشعاله في المدفأة مع بقايا أخشاب كان يمنحها اياها صاحب منشرة بالتساوي مع جيرانها في المحل التجاري. وتقول أم عبدالله ان «صاحب المنشرة لم يعد يستطيع تقديم ما يلزم للتدفئة فاضطررت لجمع الكرتون»، مشيرة الى «اننا مع بدء ساعات المساء الاولى «ننزل» جميعاً تحت الاغطية ونختبئ من البرد القارس».
ما توفره أم عبدالله لاولادها من كرتون للتدفئة، نجح الحاج احمد خ. من حمص في التفوق عليها فيه. فالرجل السبعيني القاطن في غرفة في سهل قب الياس استطاع جمع كميات من زيوت السيارات المستعملة يستخدمها في اشعال المدفأة. ويقول الحاج الذي يعيش مع أحفاده الستة ان هذا الحل الذي توصّل اليه «سيقضي علينا لاننا نتنشق روائح سامة». ويختم ضاحكاً: «اذا ما متنا من القصف راح نموت من الزيت المحروق».







الثلاثاء، 4 ديسمبر 2012

المستقبل وسكاف

 

 

المستقبل لسكاف: «تعا ولا تجي»



الترحيب «المستقبلي» لا يعني أن التيار بات جاهزاًً للتحالف مع «ابن سكاف» (أرشيف ـ هيثم الموسوي)
 
عفيف دياب
يبدي مسؤولون في تيار المستقبل ارتياحهم إلى زيارة رئيس الكتلة الشعبية في زحلة الياس سكاف للعاصمة السعودية. يرى التيار الأزرق في «حج» الزعيم الزحلي إلى الرياض «خطوة إيجابية»، رافضين الغوص في تفاصيل الزيارة، وآملين أن تليها زيارة ثانية يحكى عنها في كواليس التيار.
ويكشف مسؤولون في التيار الأزرق، في أول تعليق لهم على الزيارة، أن المحادثات «كانت جيدة وأعادت وصل ما انقطع نسبياً».
الترحيب المستقبلي المتأخر بالزيارة، يبرره بعض من في التيار بـ«تأخر تلقينا تفاصيل المحادثات». ويوضح هؤلاء أن سكاف عرض وجهة نظره «عموماً من دون الغوص في تفاصيل أسباب سوء الفهم» الناتج من «اصطفافه» مع فريق الثامن من آذار من 2005، ما «أدى إلى إحداث قطيعة بين الفريقين نتمنى أن تكون قد انتهت»، موضحاً أن سكاف ووزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل «لم يبحثا في الانتخابات النيابية اللبنانية قطعاً». وأكّد المصدر نفسه أن هذا الملف «لم يكن في جدول أعمال الزيارة أساساً»، التي «هدفت فقط إلى توضيح سكاف موقفه السياسي وأسباب اصطفافه مع فريق ضد آخر»، كاشفاً أن زعيم الكتلة الشعبية «طلب دعماً سعودياً لجهوده الهادفة إلى تحقيق استقلاليته السياسية واتخاذه موقعاً وسطياً، وسمع رداً وحيداً: إن شاء الله خيراً».
هذا الترحيب «المستقبلي» لا يعني أن التيار بات جاهزاًً للتحالف مع «ابن سكاف» في الانتخابات النيابية المقبلة في زحلة والبقاع الأوسط. ويرى أحد مسؤولي التيار أن من المبكر الحديث عن تحالف انتخابي، مشيراً إلى أن التواصل بين الطرفين «لا يزال خجولاً ومحدوداً ولم يصل إلى مستوى الصف الأول»، ولافتاً في الوقت نفسه إلى أن هناك تواصلاً على مستوى القواعد الشعبية والقادة المحليين في زحلة والبقاع الأوسط «بصورة غير رسمية». ويضيف: «لم تحصل لقاءات على مستوى عالٍ بيننا وبين سكاف منذ 2005»، مرحّباً بعقد لقاءات كهذه «حين يجد سكاف نفسه مستعداً لها أو يريدها». ويؤكّد المسؤول في المستقبل «أننا لم نقفل أبوابنا في وجه سكاف حتى في عزّ الخلاف بيننا، ولكنه هو من ابتعد، لا نحن»، مؤكداً أن أكثر من إشارة أُرسلت إلى رئيس الكتلة الشعبية لفتح قنوات اتصال وبدء نسج علاقة، و«لكنه لم يتجاوب مع إشاراتنا وبقيت العلاقة باردة رغم أننا وقفنا على الحياد في انتخابات بلدية زحلة (2010) ولم نتدخل فيها». ويشدّد على أن ما يحكى عن تحالف انتخابي «ليس صادراً عنا أو حتى عن سكاف، بل هو كلام الشارع لا أكثر ولا أقل»، مؤكّداً أن التحالف مع الزعيم الزحلي «يأتي من ضمن عقد سياسي ــــ انتخابي مع كل فريق 14 آذار، وليس مع طرف دون آخر».
يأتي هذا الكلام المستقبلي رداً على ما تردّد أخيراً عن إمكانية تحالف المستقبل ــــ سكاف على حساب القوات اللبنانية وحزب الكتائب في زحلة والبقاع الأوسط؛ إذ يؤكد المسؤول في المستقبل أن تحالف التيار مع القوات والكتائب «ثابت أساسي في الانتخابات المقبلة»، مشيراً إلى أنه «حين يعلن سكاف رغبته في الانضمام إلى هذا التحالف يمكن عندها الدخول في التفاصيل»، رافضاً الخوض في شروط تحالف كهذا. وأوضح أن لرئيس الكتلة الشعبية «حيثية لا يمكن إنكارها أو تجاهلها، ولكنه لم يحسم خياره السياسي بعد، وهو حتى الآن يُعَدّ في جبهة الثامن من آذار، وإن كان يتحدث عن قراره المستقل». وأعرب عن اعتقاده بأن سكاف «غير قادر على فك تحالفه مع حزب الله بغض النظر عن علاقته السيئة مع التيار الوطني الحر والنائب نقولا فتوش»، مشيراً إلى أن «لأصدقائنا في القوات اللبنانية قراءة مفادها أن سكاف أقرب إلى القبول مجدداً بالتحالف مع حزب الله وعون وفتوش وحركة أمل من التحالف معنا». ويستدلّ على ذلك بـ«التواصل شبه اليومي» بينه وبين حزب الله الذي يخصّص له «موازنة مالية شهرية». ويضيف أن سكاف «وضع الحزب في صورة زيارته للسعودية، وقد دعمه الحزب وشدد على أهمية القيام بها». ويضيف المسؤول المستقبلي أن وارث الزعامة السكافية في زحلة «وضع شروطاً على تحالفه مع عون وفتوش، وحزب الله يعمل على تقريب وجهات النظر وتوحيد الجهود، وقد حقق تقدماً»، معرباً عن اعتقاده أن إمكانية عودة سكاف إلى تحالفه الانتخابي السابق «أقرب من إقدامه على تشكيل لائحة مستقلة أو التحالف معنا».
شرط تيار المستقبل للتحالف مع سكاف «واضح وصريح»: «الانضمام إلى صفوفنا والابتعاد فعلياً عن حزب الله». هذا الشرط، غير المعلن حتى الآن رسمياً، سيسمعه سكاف إذا ما حصل لقاء رسمي مع تيار المستقبل تعمل أكثر من جهة على تنظيمه. ويوضح متابعون أن «وسطاء يعملون على ترتيب لقاء رسمي بين الجانبين في بيروت»، وإذا ما نجحت هذه المساعي فإنها «قد تتوج بلقاء بين سكاف والرئيس سعد الحريري في الرياض أو باريس».

الجمعة، 30 نوفمبر 2012

اليسار الديموقراطي








          «اليسار الديموقراطي»: 

                           نحن أمّ الصبي 

 عفيف دياب

  أين «اليسار الديموقراطي» اليوم؟ الحركة التي انطلقت بزخم قوي سنة 2004 طارحة نفسها نموذجاً جديداً لليسار اللبناني، سرعان ما دخلت في جمود تنظيمي أسهم في تراجع حضورها بعد استفحال الخلافات الداخلية حول موقعها ودورها، وتحوّلها من حركة سياسية كان يعوّل عليها لأداء دور في استنهاض اليسار، الى حركة تحتاج اليوم الى من ينفخ الروح فيها لتستعيد نشاطها السياسي والتنظيمي والفكري.
حركة اليسار التي شهدت، منذ تأسيسها، انشقاقات وانسحابات، يجد من بقي فيها مبررات لتراجع حضورها السياسي والشعبي. يؤكد امين سرها وليد فخر الدين ان الحركة بدأت بـ «حوار داخلي يمهد لإعادة إطلاقها بزخم وطني»، موضحاً أنها مرّت في مرحلتين: «الاولى تأسيسية أخذت زخماً في شارع اليسار، وطرحت نموذجاً وطنياً وقدّمت شهيدها الكبير سمير قصير على محراب الوطن». أما الثانية، فأسهمت في تراجعها بسبب «الاغتيالات التي تعرضت لها قيادات ١٤ آذار، وبالتالي فان هذا الأمر انعكس سلباً على الحركة، التي لم تستطع العمل بفعالية شعبية على امتداد خريطة الوطن، مما أدى الى انكماش جمهورها».
لا ينفي فخر الدين وجود «انكماش» تنظيمي داخل الحركة، ولهذا قرّرت في مؤتمرها الأخير «ضخ دماء شابة في القيادة للعمل على إعادة لمّ الصفوف، وبلورة برنامج عمل يناسب المرحلة، ويكون قادراً على إعادة تجميع التيار اليساري العلماني ضمن الإطار الوطني العام، تحت شعارات ١٤ آذار (الحرية والسيادة والاستقلال) ومشروع بناء الدولة». يؤكد فخر الدين ان اليسار الديموقراطي «أُسست لضرورة وجود تيار يساري علماني لبناني عابر للطوائف»، لكن هذا التوجه العام لا موقع للحزب الشيوعي اللبناني ضمنه، الحركة «على نقيض مع الحزب الشيوعي حول رؤية أي لبنان نريد». فالحزب، وفق أمين سرّ الحركة، «جزء من المحور الإيراني السوري، بينما نحن جزء من الرأي العام السيادي والاستقلالي»، كما يشير الى ان هناك خلافاً كبيراً حول موضوع اسقاط النظام السوري، فـ «نحن مؤيدون للثورة السورية، وندعم الثوار سياسياً، ومع اسقاط ذلك النظام الديكتاتوري». مؤكداًَ في الوقت نفسه «أننا على علاقة جيدة مع حركة إنقاذ الحزب الشيوعي المعارضة لقيادة الحزب».
حركة اليسار الديموقراطي لا ترى في الحزب الشيوعي رافعة لليسار في لبنان، فالحزب الذي ولدت من رحمه «يتخبط»، و«ابتعد نهائياً عن الهم الوطني اللبناني»، و«تحوّل الى تابع لقوى الأمر الواقع السوري، وهو منخرط بالكامل في مشاريع الممانعة ويقع تحت سيطرة حزب الله وسوريا». ويلفت فخر الدين الى ان النائب السابق إلياس عطا الله، الرئيس الحالي للحركة، «كان عضواً قيادياً في الحزب الشيوعي، وكان يتقدم الخط المواجه لسوريا في القيادة، والرافض لهيمنتها على الحزب والمقاومة الوطنية اللبنانية».
الكلام عن عطا الله في حركة اليسار الديموقراطي يفتح الباب على مدى هيمنته على الحركة وتأثيره المعنوي عليها، يقول فخر الدين إن عطا الله «قاتل إسرائيل وسوريا»، وهو «مؤسس جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية وفي قلب المعركة اليوم مع النظام السوري»، موضحا أن «الجميل» في عطا الله «واقعيته، فهو تنحى من موقع أمانة السر للحركة طواعية وفتح الباب أمام جيل الشباب ليتبوّأ مراكز قيادية فيها»، مؤكداً ان النائب السابق «يحرص على استكمال الحوار مع المقاطعين للحركة وعلى توسيع قاعدة اليسار الديموقراطي».
حركة اليسار الديموقراطي، التي شهدت ابتعاد ابرز مؤسسيها، الياس خوري ونديم عبد الصمد وزياد ماجد وغيرهم، عن واجهة المشهد السياسي والتنظيمي للحركة، تجدّد تأكيدها انها مكوّن مؤسس لحركة 14 آذار، وتعتبر نفسها «ام الصبي»، كما يقول فخر الدين الناشط اليوم في عقد حلقات حوار داخلي مع رفاقه المغادرين او المعتكفين، لاعادة الحركة الى زخمها، واخذ موقعها «الصحيح». يؤكد ان «همّ» حركته اليوم، عدا الداخلي ــــ التنظيمي، هو «عدم انحراف 14 آذار عن التوجه الاستقلالي وبناء الدولة»، موضحاً «أننا في الامانة العامة لـ14 آذار نؤدي دور المشاغب ونرفع الصوت حين نشعر بأن دور قوى 14 آذار السياسي يتراجع عن الثوابت، ونعمل على اطلاق دينامية تبقي ١٤ آذار في قلب الحدث، وتحافظ على انجازات الرأي العام الـ١٤ آذاري وتخرجه من التناقضات التي يمكن أن تؤثر في أدائها وتبعدها عن جمهورها». ويشدّد على ان «14 آذار وجدان وحس شعبي قبل أن تكون أحزابا وشخصيات لا يمكن اختزالها أو تجاوزها». لكنكم لا تتمايزون عن الموقف العام لـ14 آذار؟ يرفض وليد فخر الدين هذا «الاتهام او التبعية»، مذكّراً بأن حركته «عارضت» الاتفاق الرباعي وانتخاب الرئيس نبيه بري رئيساً لمجلس النواب و«عارضنا اتفاق الدوحة ومفاعيله، ورفضنا صيغة الـ (س ــــ س)، وبالتالي بقيت الحركة محافظة على موقعها المتمايز والمستقل».

منير بركات







            منير بركات (أبو الثوار):

              لسنا يساراً درزياً أو جنبلاطياً


عفيف دياب
تغلب قائد «الحركة اليسارية اللبنانية» منير بركات (ابو الثوار) على المرض الذي كاد يفتك به قبل سنوات. المتمرد «صاحب الارواح السبعة» الذي طرد من الحزب الشيوعي عام 2005، يتهمه شيوعيو لبنان بأنه «صنيعة» النائب وليد جنبلاط لاثارة البلبلة داخل الحزب وتقسيمه مجموعات. ولأن «اكرام الميت دفنه»، كانت لدى جنبلاط وبعض الشيوعيين داخل الحزب وخارجه نظرية تتحدث عن «موت الحزب» ووجوب تقاسمه حصصاً وفق الالوان المذهبية، فكانت مجموعة منير بركات من حصة النائب الاشتراكي ومجموعة اليسار الديموقراطي من حصة تيار المستقبل، الى مجموعات خرجت من الحزب والتقت مع التيار الوطني الحر وحزب الله وصولا الى نيل النظام السوري حصته من الحزب أيضاً. هذه النظرية يرفضها بركات جملة وتفصيلاً، ويتهم قادة في الحزب بـ «فبركتها» لتشويه حركته الاعتراضية او حركة رفاق آخرين انشقوا عن الحزب «نتيجة فشل محاولات التطوير الديموقراطي داخل الحزب، وهيمنة المتشددين عليه وخطفه الى مواقع سياسية وتحالفات طائفية لا تعبّر عن موقف الشيوعيين اللبنانيين، كحال تحالفه اليوم مع حزب الله والنظام السوري».
في مدينة عاليه، حيث يقطن بركات ويتخذ من منزله مقراً رئيسياً لحركته و«أبيع ارضاً ورثتها عن اهلي لاعيش»، يرفض اتهامه بأنه «صنيعة جنبلاطية»، ويقول: «لست منير بركات جنبلاط كما اتهمني الرفيق زياد الرحباني على اذاعة صوت الشعب». ويضيف: «انفصلنا عن الحزب لاسباب منها التنظيمي والفكري والسياسي، وحركتنا الاعتراضية داخل الحزب تعود الى ما قبل 2005»، لافتاً الى ان خلافه مع الحزب الذي انتسب اليه «شبلاً مقاتلاً في الجنوب» سنة 1969 يعود الى قناعته بأن «التغيير من داخل الحزب أصبح مستحيلاً». يرفض بركات بشدّة أن تكون «انتفاضته» قد جاءت بدعم وتحريض من جنبلاط لتصفية حساباته مع الحزب الشيوعي، مؤكّداً ان علاقته بالزعيم الدرزي «تعود الى ايام الطفولة في المختارة». ويشدّد على ان جنبلاط «اكثر حرصاً مني»، مؤكّداً ان «مشاكل الحزب الداخلية من مسؤولية الحزب أولاً وأخيراً».
«قصر نظر» 14 آذار في القراءة السياسية، يسمح لمنير بركات بانتقادها بشدة، ولا سيما أن قوى هذا التجمع «خانت مبادئ ثورة الارز واضاعت فرصا كثيرة على لبنان». ويقول: «رفضنا ان نكون في الامانة العامة لقوى 14 آذار، وهم يعتبرون الرفيق الياس عطا الله ممثلا لليسار ولا يريدون الاعتراف بغيره». يؤكد بركات ان بين حركته اليسارية و14 آذار «نقاطاً خلافية ابرزها التراجع عن مشروع بناء الدولة»، ويقول: «لا وجود اليوم لـ14 آذار الا بالعودة الى مشروع بناء الدولة»، نافيا ان يكون انتقاده نابعا من عدم تلقي حركته دعما ماليا من تيار المستقبل. واعتبر ان موقف جنبلاط من اغتيال اللواء وسام الحسن «كان عاقلا اكثر من موقف تيار المستقبل وبقية مكونات 14 آذار»، مشيراً الى أن «14 آذار ادارت معركتها بطريقة خاطئة. وحده جنبلاط ادارها على نحو صحيح. فسدّد سياسياً على رأس المتهم بالاغتيال (النظام السوري) وهادن الاطراف الداخلية (حزب الله) منظماً الخلاف معه». ويلفت الى ان 14 آذار «تريد فتح معركة على كافة المحاور وتهديد السلم الاهلي، بينما الرفيق وليد (جنبلاط) يريد حماية البلد ويرفض الحروب الداخلية المجانية».
«ابو الثوار» يؤكد ان حركته «اقوى مما يعتقد البعض، وهي منتشرة في كل لبنان وتضم المئات من مختلف الطوائف والمذاهب»، موضحاً ان «الثقل» يتركز في جبل لبنان الجنوبي، من دون أن يعني ذلك أن حركته درزية، لافتاً الى أن البيئة السياسية التي تعيش فيها «تتميز بطيف سياسي وطائفي متنوع»، لكن «بحكم وجودنا في جبل لبنان الجنوبي فان انتشارنا اكبر في الوسط الدرزي والسني والمسيحي».

الأربعاء، 28 نوفمبر 2012

آية الشتاء





                         آية الشتاء



الشتاء آية لا يُتقن تجويدها إلّاكَ

تعالَ .. يحلو  بكَ الشتاء
***
 سبَحت بشفاهكَ أرجائي منتشية

.. وكبّرت!
                                                    (يسرى)



الأربعاء، 14 نوفمبر 2012

رغبة الملائكة



               رغبة الملائكة



 سهواً سقطت بين موجكَ..
عمداً أقطف العنب من شفتيك..
ترسم بشفتيكَ خط الأفق لحظة غياب
فترقص عليه ملائكة الرغبة.. ذات جنون ومدى
وأصابع الشهوة تجمع الموج
ويموج على جسدها البحر عارياً
يرتل صلاة تشبه قبلاتك
***
آخر الهاجس أنتَ..وأول المستحيل
آخر بقعة في خارطة رحلتي
وأول تيه لحقائبي بين تمرد الأنواء والمطر
وأنتَ أول الشعر عند صهيل التلاقي.
(يسرى)


الأربعاء، 7 نوفمبر 2012

المستقبل




 «المستقبل» وعوارض الــــشيخوخة المبكرة


عفيف دياب
أظهرت الأحداث والتطورات الأمنية والحراك الشعبي المنظم والغوغائي، خلال الساعات الماضية، أن تيار المستقبل لم يعد ذاك التيار الأنيق. سماؤه الزرقاء أصبحت ملبّدة بغيوم سوداء لا تهطل إلا إطارات مشتعلة. أثبت التيار في الأحداث الأخيرة أنه لم يعد يملك الشارع، وكذلك قراره ومساره وحتى مصيره. لقد تراجع «المستقبل» وفقد السيطرة على من يدّعي تمثيلهم، وهو حكماً سيحتاج الى جهد كبير لمعرفة سر إصابته بالشيخوخة المبكرة.
من السابق لأوانه القول إن تيار المستقبل انتهى. يقول أحد قادة التيار البارزين في تقويمه لما جرى في الشارع منذ الإعلان عن استشهاد اللواء وسام الحسن. يعترف الرجل بـ«دعسة ناقصة» حصلت، و«لم تكن في الحسبان». يرى أن دعوة التيار إلى المشاركة الشعبية في تشييع الحسن كانت «إعلامية، ولم ننزل الى الأرض للمواكبة والمتابعة». ويكاشف في دردشة مع «الأخبار» أن قوى تعيش بين ظهراني التيار كانت «أسرع منا في السيطرة على الشارع وقطع الطرق وإشعال الإطارات». ويوضح أن المسلحين الذين انتشروا في أكثر من منطقة لبنانية «لا يتلقون أوامرهم من تيار المستقبل، بل هم مجموعات فاتحة على حسابها».
محاولة «المستقبل» الهروب من تحمّل عبء الأخطاء التي حصلت قبل تشييع الحسن وخلاله وبعده «لا يعفينا نسبياً من تحمل المسؤولية». ويتابع القيادي في التيار إن «الخطأ الذي وقعنا فيه هو عدم دفع جمهورنا الواعي الى النزول وقطع الطريق على الغوغائيين». يضيف: «كان علينا أن نحشد أكثر ونعمل ميدانياً بطريقة منظمة». يعيد السبب الى «حجم خسارتنا المفاجئة للواء الحسن والبلبلة التي أصابتنا». ويؤكد أن «الظهور المسلح يعرفه الجيش اللبناني جيداً، ومن يقف وراءه، ومن هم هؤلاء المسلحون ولمن يتبعون»، معلناً براءة تياره من أفعال المسلحين وحواجزهم والاعتداء على المواطنين وفق هوياتهم المذهبية. و«على القوى الأمنية توقيف هؤلاء وإنزال أشد العقوبات بهم».
نفي قادة في «المستقبل» التهم الموجهة إليهم، وأن يكون ما وقع في الشارع من إنتاجهم أو قراراً صدر عن «شيخهم» الرئيس سعد الحريري يدفعهم إلى إلقاء التهمة على «متطرفين إسلاميين استغلوا اغتيال اللواء وسام الحسن ودعوة التيار الى تشييعه شعبياً وفعلوا ما فعلوا». ويضيف أحد مسؤولي التيار إن «أخطاءً حصلت وأبلغنا الجيش اللبناني أننا لسنا مسؤولين عما كان يحدث في الشارع»، كاشفاً عن أن تعاون «الزرق» مع الجيش اللبناني «أثمر إعادة الأمور الى طبيعتها في أكثر من منطقة، ولا سيما في البقاع وبيروت».
محاولات التيار تبرئة ساحته مما جرى في الشارع وتنصله من تحمل المسؤولية، لم تمنع فتح نقاش داخل «المستقبل» عن مدى حضوره اليوم في الشارع. ويكشف متابعون في التيار لـ«الأخبار» أن القيادة اتخذت قراراً بإعادة تقويم وضع التيار شعبياً، وأين كانت الدعسات الناقصة وكيفية تفاديها على أبواب الانتخابات النيابية. ويعترف أحد المسؤولين بأن التيار أصيب منذ سنة بترهل تنظيمي وحتى سياسي، متحدثاً عن ضرورة «إجراء نقد ذاتي». ويتابع: «نعم، هناك أخطاء تراكمت الى أن حصل ما حصل». ويضيف «علينا أن لا نجلد أنفسنا كثيراً»، معدداً أبرز هذه الأخطاء:
ــ خلل تنظيمي حيث عملت المحسوبيات السياسية والمناطقية على وضع مسؤولين لا يتمتعون بحسّ القيادة وأخذ زمام المبادرة، و«نحن كنا قد بدأنا بإجراء تعديلات منذ عدة أشهر». فقدان التواصل بين القيادة والقواعد الشعبية وغياب مبدأ المحاسبة التنظيمية. تراجع الخدمات التي كان يقدمها التيار لجمهوره وإقفال مؤسسات اجتماعية وطبية نتيجة شح المال. تحول التيار الى شركة يتقاضى موظفوها رواتبهم آخر الشهر، بغض النظر عن مدى فعاليتهم وحضورهم وإنتاجيتهم.
أما على الصعيد السياسي، فإن الأخطاء المتراكمة منذ سقوط حكومة الرئيس سعد الحريري «ليست ذات قيمة كبرى»، يقول المسؤول «المستقبلي»، لكنه يعترف بوجود «إدارة سياسية سيئة» داخل فريق 14 آذار «انعكست على جمهورنا الذي شعر بإحباط من أدائنا». يقر بأن المشاركة الشعبية في تشييع اللواء وسام الحسن «لم تكن بقدر ما توقعناه، رغم أنها كانت مقبولة نسبياً. فالحشد الشمالي والبقاعي كان أقل من المتوقع».
سياسة
العدد ١٨٤٣ الخميس ٢٥ تشرين الأول ٢٠١٢

سعدنايل والاسير










سعدنايل تقاطع الأسير و«خطاب الفتنة»



رفعت لافتات ترفض الطائفية والكلام المذهبي (أرشيف ـ مروان طحطح)
عفيف دياب
تقدمت بلدة سعدنايل البقاعية خطوة الى الأمام بمقاطعتها العارمة لحفل خطابي للشيخ احمد الاسير اقيم عصر امس في منشية البلدة. رفض سعدنايل احتضان الاسير ليس موقفاً ضد الرجل على المستوى الشخصي، بل هو رفض لخطابه السياسي التحريضي والمثير للغرائز الطائفية والمذهبية، الذي ترفضه البلدة. مقاطعة سعدنايل لاحتفال الشيخ الاسير ومعه القيادي السابق في تيار المستقبل محمد سلام، سبقتها مروحة واسعة من الحوارات في البلدة حول جدوى إقامة احتفال تضامني مع سوريا وثورتها ضد نظام الرئيس بشار الاسد، يكون خطيبه الاول الشيخ الاسير. وافتتح نقاش مستفيض طوال الاسبوع الماضي مع رابطة شباب البلدة لاقناعها باقامة الاحتفال التضامني من دون إشراك الاسير فيه، لما يحمله خطابه من تطرف واثارة للغرائز وتالياً احداث نوع من الشقاق مع الجوار البلدة بغنى عنه. وقالت جهات متابعة للاتصالات ان سعدنايل تدعم الثورة السورية، لكن التضامن لا يكون بخطاب سياسي يثير النعرات المذهبية. وقد اقنع هذا الكلام تيار المستقبل، الذي اوعز الى مناصريه بعدم المشاركة في الاحتفال، وهذا ما تحقق فعلياً، امس، من خلال مقاطعة التيار مع باقي مكونات البلدة السياسية الاخرى اللقاء، الذي اقتصر حضوره الشعبي على جمهور احضره الاسير معه من صيدا في 5 حافلات نقل كبيرة، اضافة الى مشاركة نحو 100 شخص من حي العمرية التابع اداريا لسعدنايل، وعدد محدود جدا من ابناء البلدة، تقدمهم المدان بجرم التعامل مع إسرائيل زياد الحمصي.
استشعار سعدنايل خطر خطاب الشيخ الاسير عليها وعلى علاقاتها مع الجوار ومدى الانعكاس الاقتصادي على سوقها التجارية، ألزم بلدية البلدة اول من امس باجراء اتصالات مع الاسير لاقناعه بعدم الحضور إلى سعدنايل، لكن المحاولة باءت بالفشل مع اصرار الاسير على الحضور متذرعاً بعدم قدرته على رفض دعوة وجهت اليه من رابطة شبابية في البلدة. وقال المتصلون به لـ «الاخبار» ان الشيخ الصيداوي تنبه الى وجود مقاطعة شعبية له في سعدنايل، فأحضر جمهوره معه من صيدا حتى يعطي ايحاءً اعلاميا بأن له مناصرين في سعدنايل ومنطقتها. وقال رئيس بلدية سعدنايل خليل الشحيمي لـ « الاخبار» ان البلدية عملت طوال الاسبوع الماضي على تدارك اقامة لقاء سياسي يتقدمه الاسير . واضاف ان بلدته مجمعة على الابتعاد عن التوتر والخطاب الطائفي ـ المذهبي، موضحا ان سعدنايل تريد افضل العلاقات مع الجوار وصولا الى بعلبك ـ الهرمل و« نرفض كل من يثير الغرائز. فسعدنايل ليست منبراً لتوجيه الشتائم السياسية إلى اي طرف لبناني مهما كان الخلاف السياسي معه»، مؤكدا ان بلدته تدعم الثورة السورية و«لا يمكن لاحد ان يزايد علينا في هذا الامر». وتابع: « يوم فتحت سعدنايل ابوابها لاستقبال اللاجئين السوريين لم يكن احد موجوداً، ومن غير المسموح به الاتجار السياسي باسم البلدة او القول انها تتبع لهذا الطرف او ذاك»، معلنا ان سعدنايل « ترفض ان تكون شرارة للفتنة ».
خطوة سعدنايل السياسية اللافتة، ورفع لافتات في الشارع الرئيسي معلنة رفض التعصب والكلام المذهبي، حوّلاها الى ثكنة عسكرية، امس، مع اصرار المنظمين على اقامة الاحتفال في مكان عام، لم تنجح محافظة البقاع في منعه وفق القوانين المرعية الاجراء، بعد ابلاغ المحافظ انطوان سليمان رفض البلدة إقامة احتفال سياسي كهذا. وأكد رئيس رابطة شباب سعدنايل، صاحبة الدعوة، عمر الحلبي لـ «الاخبار » أن الدوائر الرسمية لم تطلب الغاء الاحتفال، «بل طلبوا ان لا نقيمه على الطريق العام». وأوضح أن الرابطة ابلغت رئيس البلدية الاسبوع الماضي نيتها اقامة احتفال تضامني مع سوريا بمشاركة الاسير، «ووافق الريس، متمنياً علينا ان لا نرفع لافتات تحمل كلاما سياسيا لاذعاً»، لكنه قال إن الرابطة فوجئت بعد يومين باتصال من احد اعضاء البلدية « يطلب الغاء الاحتفال والاعتصام... ولم نتمكّن من الغاء اللقاء لأننا حددنا مكانه وزمانه وخطيبه الشيخ احمد الأسير والصحافي محمد سلام ». ولفت الى ان الاحتفال « مر على خير ولم يحدث مكروه».
وتحدّث الأسير في الاحتفال أمس، مكرراً كلامه المعروف عن سوريا ونظامها، وتهجمه المعهود على حزب الله، كما تحدث سلام ومختار حي العمرية في سعدنايل محمد الأحمد باسم رابطة شباب البلدة.
سياسة
العدد ١٨٥١ الاثنين ٥ تشرين الثاني ٢٠١٢