الاثنين، 16 يناير 2012

الكتابة على ضوء بندقية


    

الكتابة على ضوء بندقية

    تلقّيتُ من صديقتي دعوة لحضور ملتقى حول حوارالحضارة و الأديان بمدينة سوسة في أفريل 2009. تردّدت في البداية، ثمّ وافقت بعد إصرار منها.
وصلت قبلها إلى بهو النّزل، فانتظرتها جالسة إذ كان معظم النّزلاء و الزّائرين وقوفا متأهّبين لافتتاح الأشغال و النّدوات..
رأيته يينما كان يحادثهم. رأيته بينما كان يقنعهم، يبتسم لهم و الثّلج المعطّر في ثغره يلمع كلآلئ قلبي له.
فتّشت عن حقيبتي اليدويّة التّي رميتها على الطّاولة لأراني، فربّما عبث بي الهواء قبل أن يطلّ الهوى.
استرقت النّظر إلى عيونه المفكّرة الهادئة المشعّة ذكاءا و أدبا و رصانة. يا ترى من أيّ بلد هو؟؟ من يكون؟؟؟ ما اسمه؟؟؟
عيونه زرع فيها تفْاحا أخضر. فنمى بخدوده التْفاح الأحمر بينما سقى شهده العسل المقمر...
وقفت لوهلة للبحث على صديقتي لاستعجالها في القدوم إليّ فلم أجدها. فأطلت الوقوف لأسدّد ما استطعت من سهامٍ إليه علّني أتعلّم الرّماية أو الخطف أو... لم أعد أدري ما أريد وقتها..
قلت له :أهلا. فأجابني:"نوّرتِ".
آهٍ!!!!!!!!! آهٍ منك يا زمنُ!!!!!!!!! حريق بدمي ينشبُ. شهريار الذّي كان في قصوري يحكمُ أراه اليومَ بأحبابه يستنجدُ....
خالني الصحفيّة التّي ضربت معه موعدا إذ بعد نهاية الوقت المخصّص للسّياسيين للتّرحيب بالحضور، سمحوا لنا براحة بغاية تناول القهوة.
فاستغلّيت الوضع و رحتُ أسأل و أسأل و أسألُ.
نسيت أن أقول أنّه دكتور و محاضر في الأدب و أنّه من أرض اليُمن و الطّيب، من أرض المرج الخصيب، من أرض جامع الأمويين و باب الحبّ للقلب، من دمشق الحبيبة.
ما رمقني و لا أقلقني بل تجاوز أسئلتي إلى ملاحظاتي إلى أوعيتي الدمويّة، إلى شوقي، إلى حبري، إلى حِمَمي...
اليوم عندما أذكره، أتذكّر إصراره على مدّي بهاتفه وبريده الالكتروني. إذ لم تنقطع حبال الودّ بيننا أبدا إلّا بعد أن ثارت جيوش بلده على أمل أن يرزقوا بواقع أفضل و قسط من الحياة أوفر و...
غاب و لم أدر أيّ شيء عنه وعن أخباره... هل الخوف يمنعني أم أنا بالغيب أستشعر..؟؟؟ إذ يجول بذهني قوله أنّ الكتابة تكون على ضوء بندقيّة و أنّ الأدب ليس من الواجب أن يكون دائما صادقا.. 
و للقصّة بقيّة..
                                                 (رحاب السوسي)
                                                         تونس

ليست هناك تعليقات: