الأحد، 28 أغسطس 2011

قصيدة مرتبكة

قصيدة مرتبكة
زمرة من كتب ممدّدة
كامرأة على فراش محموم
تطاردُ لهاث البحّار
آتياً من صوب العدم!

كتبٌ تستلقي على ظهرها
بخبث أنثويّ مقصود
و أخرى تتأوّه
ببراعة غانية عطشى
تخاف ليلة شحّ عنيد
يربك رغبة.. يطفئ حمم!

و كتبٌ أخرى
لا تشبه الدّمى
تتثاءب كملاك منهك
أعياه شوق الخطيئة
رائحة التفاح الأحمر
إغراء جنيّة في ثوب مثير
لكنه يقاوم الخطيئة
بصلاة رتيبة
تصيّره ليثا
يهدّئ الشهوات بالزئير!

و كتبٌ خجلى
كعينيّ لحظة التقينا
لحظة اختفينا
في لحظ العيون
في دفء السكون
يومها ..أتذكُر؟ إنهمر المطر!
مطر..مطر..
صاحَ اهربوا
تسكعوا في الشوارع
كالجياع
تعرّوا كزهر اللوز
سأكسيكم ..بالمطر
يومها ..أتذكُر؟ ..سقط المطر

و كتبٌ ثكلى ..
كشفتيّ ..
ساعة افترقنا
فانشقّت الدروب
و زحف الضباب
خلف السحاب
يتبع الهباء
ينشد العدم!
و كتب ثكلى
كشفتيّ
ساعة افترقنا
فاعتصم الحمام
في رحم السلام
عبثا
لا صوت للحمام
كلّ الصوت للقدر
كلّ الجور للقدر
أهطل يا مطر
يا أغنية الجياع
تلوح في الأفق شريدة
أهطل يا مطر
شاركني المصيبة
كآبتي في أرض غريبة
وطنا كان بحّاري
على صدره غفوت
فانشقّ الجماد
من لحده الصخري
و قام الرماد
خاصر الجمرات
و صهيل خيول دوى
و شهقة أخيرة
تعلن البداية
عاصفة و خيل و صهيل
ومطر ..مطر ..
أتذكر ؟..يومها سقط المطر

و كتبٌ رمادية كوجعي
قديم جديد وجعي
امتداد للعصور
جسر للعبور
صراع أزمنة
أنين لا يبور!
رماديّ اللون يا وجعي
و رؤيتي ضعيفة..
حواسي تتآكل
مذ رحل البحّار
يجمع المحار
في مرايا الماء!

زمرة من كتب ممدّدة
مبعثرة كالرياح الهاربات
أتعثر بها في ليلي
تملء غرفتي السوداء
فأهرب منّي إليها
و أعود جريحة
مصلوبة
على خشبة الكلمة
فكلّ الكلمات أنت
و كلّ القصص أنت
و كلّ الروايات أسطورتنا
رحماك أيّها الأدب!
دانا تقي))                                                       

السبت، 27 أغسطس 2011

لقاء ـ أميمة الخليل

ِلقاء  ـ أميمة الخليل
مداها الأفق وصوتها المدى ..
 يخجل الوتر من عذوبة صوتها فتحتويه وتشدو

حوار يسرى عقيلي
@أعرف أن السؤال عن تجربتك مع مارسيل خليفة أصبح ممّلاً، أو الأصح متعباً. لكن من أدمن الوفاء مكتوب عليه أن يتعب لهذا أسألك:  كنت غيمةً ممطرةً في سماء مارسيل خليفة هل تتوقين لسماء لك وحدك؟
     مع مارسيل أنا أحلّق في سمائه وبحريّة كبيرة وقناعة أكبر. أما منفردةً فالمساحة أكبر هي مساحة حضور صوتي إن على خشبة المسرح أو في التسجيلات، فلا أتقاسم هذه المساحة مع صوت اَخر لأ أكثر ولا أقل. إذن السماء سمائي منفردة أو بصحبة مارسيل العزيز.
@سؤالي السابق فرض نفسه بعدما سمعتك في دار الأوبرا السورية(في ذاكرتي). كنت  تستحقين هذا الحفل الخاص بك لأنّك مع مارسيل كنت صدى أغانيه أمّا بدونه كنت الأغنية بكل أصدائها هكذا أحسسناك أمّا ماذا أحسست أنت فهذا ما أنتظر إجابته ؟
   أنا جزء من مشروع مارسيل خليفة الفني والثقافي وبالتالي لي حضوري معه ضمن رؤية شاملة لهذا المشروع تتمّمه عناصر عدّة ومكونات متنوعة في الأداء، ولكن في حفلاتي المنفردة أقدّم نفسي بالإضافة لرؤية مارسيل نفسه بإطار ومفهوم عملت على إنشائه مع موسيقيين اَخرين منهم هاني سبليني وعبود السعدي وعبدالله المصري وبول سالم، وشعراء اَخرين منهم محمد العبدالله وجرمانوس ونزار الهندي وعبيدو باشا وزاهي وهبي. وبطبيعة الحال الأمر يفرض نفسه في حفلاتي كوني مسؤولة كل المسؤولية عنها وعن صدى  أغنياتي وبكل تفاصيلها. وفي نهاية الأمر أستمتع بعملي إستمتاعاً حقيقياً غير مرفق بالحسابات والمعادلات المرهقة، والتي لا توصل إلى مكانٍ مرجوٍ. هذه أنا وهذه طبيعتي أما كيف يصل إلى المتلقي فهذا يتعلّق بالمتلقي نفسه ولا أدّعي اليقين بما يحسّ هذا المتلقي عندما يشاهد هذا العرض الذي أقدمه ولا أجزم بمعرفتي إلى أين سأصل به.
 @ ألقيتِ عباءة اللحن عنكِ وغنيّتِ في حفلة دمشق أغنيةً عاريةً إلّا من صوتك. أعرف أنّك لست بحاحة إلى إثبات عذوبة صوتك لكن هل أردت أن تثبتي أنّ سكوت  الموسيقى يفضح عورات أصواتهم ويلبس صوتك بهاء المدى الحر ؟
   اللحن هو ما يحملني على الغناء وبحريّة ضمن خطوطه الواضحة. تعبيري أيضاً في غناء اللحن أيضاً حر وواضح في كثافته الحسيّة. هذا التعبير يكون كافياً أحياناً وأحياناً أُخرى أرى أنّه يحتاجها لإكتمالها، وهذا يرتبط بطبيعة اللحن أو المقطوعة بالنسبة لي أفضّل غناء الـAcappela بدون اَلات موسيقية، لا لعرض العضلات أبداً، فبرأيي كل من لديه صوت قوي قادر على الأداء المنفرد إنّما أنا أميل لهذا النوع من التعبير الفني الذي هو أقرب ما يكون إلى طبيعتي. فالهدوء والتعبير الموغل في العمق .. عمق الحس الإنساني البعيد عن بهورة العضلات والقشور هما عنصران أساسيّان في تركيبة هذا النوع من التعبير.
  @الإلتزام موجع وقد كبّرك قبل أوانك. أعرف أنّك لست نادمة لكنّي أعرف أنّه حصرك بالنخبة. هل تأخّرت حتى تداركت ذلك ؟ وهل لوجود هاني سبليني فضلٌ بذلك ؟
   الإلتزام واحد من عدّة مكوّنات لشخصيتي. عندما كنت طفلة ولاحقاً مراهقة تعمل مع فنان جاد وجد فيها ما يكفي من الجديّة ليثق بها و يحمّل صوتها موسيقاه لتشاركه في أدائها بطبيعتي جديّة..لاهية أحياناً لكن في حدود حياتي الخاصة أمّا فيما يخص فني فالموضوع ليس موضوع هزل ولهو إنّه ممتع بجديته والتسلية لها أوقاتها وأمكنتها. وإذا كانت النخبة هي من تقدّس الفن بإحترامه وتحديثه بما يحمل من قيّم إنسانية موّحدة للبشر فليكن. أنا مع  هذه الفكرة عن الفن وكيّفية تقديمه للناس.  هاني يشاركني هذه الرؤية للفن وما حققناه معاً حتى الآن يجيب عن هذا السؤال. فالموسيقى فضاء رحب نريد أن ننهل منه ما إستطعنا لإغناء حياتنا وتجاربنا الموسيقية، وهنا لا نستبعد أيّ نوع من أنواع الموسيقى أو الإيقاعات .. إيقاعات الحياة ولكننا نطوّعها بما يتلاءم مع أفكارنا وتعبيرنا وطريقة عرضنا إيّاها.  بالنهاية الإلتزام غني ومحاولة حقيقية وجادّة لمعرفة كينونة الإنسان الآخر وفهمها واحترامها هذا ما قصدته.
 @ أصبح لكل حزب في لبنان مغنون ولكل طائفة عازفون وما يجمعهم واحدٌ وهو الثورة حتى النصر على بعضهم البعض. أميمة الخليل لمن تغنين ؟ وكيف ستغيّرين ذاك التحزّب حتى في الغناء والموسيقى ؟
  لا أحبّ التعصّب مهما كان ولا حتى بالموسيقى، وليس فقط بالسياسة والأديان. ما أفعله هو التعاطي بهدوء وتفهم لخوف أي إنسان يجهل فكرة أو طريقة إعطاء الآخر فرصة للتعبير عن نفسه، فلا يجد سبيلاً إلّا التعصّب، وبالتالي أغني لكل أنواع البشر الذين يتشابهون أينما وجدوا مع إختلاف حضاراتهم. طبعاً بإستثناء سياسيّ ما يُسمى الدولة اليهودية الذين أعتبرهم من كوكب غير كوكب البشر.  فالقيم الإنسانية خطوطها العريضة(فاقعة الوضوح)أغني لكل من يلتزم في حياته هذه القيم ويتعاطى مع الآخر على اساسها. لست ممن يتوهمون القدرة على التغيير. أنا أعمل وأقدّم نفسي ضمن هذه المفاهيم ،وما تسمعونه أو ترونه عني هو إنعكاس هذا العمل أو هذا المفهوم، وإن كنت قدوة كفنانة هذا شيء يفرحني طبعاً، لكني لا أتحرك بهاجس أن أكون قدوة للغير.
 @ أميمة الخليل هل هناك أمل ؟؟؟
    طبعاً الأمل موجود دائماً طالما أنّ هناك أمهات متنورات يربين أجيالهن على الخير وحب الوطن ورفض الذل. وطالما أنّ هناك مثقفين ينيرون دربنا بالحب والسلام سيظل هناك يوم جديد اَتٍ.

الجمعة، 26 أغسطس 2011

قصيدتكما كل مرة /إلى ضياء وسامر

 

 

قصيدتكما كل مرة /إلى ضياء وسامر

يحفزني ألم في قصيدة
لأسأل :
هل يلتهم الحبُّ قلوب العاشقين
كما العقرب الأم ،
تقدم لحمها وجبةً لصغارها ؟
هل يصبح العاشقون أهدافاً
لقناص ماهر كان عاطلاً عن العمل ؟
هل يحزن الله لأمرهم
أم أنه حين يرفعون رؤوسهم الى السماء
يشير بسبابته إلى اليافطة مذّكراً :
نهاياتُكم لا تُرد ولا تُبدل
وانتظروا ثلاث حيوات لتشفوا !
وها نحن الآن ننتظر ،
نفّرغ احشاء ثلاجة الطعام في احشائنا
ونضغط على أزرار الريموت كونترول
كمن يضغط على الزناد
ونغتسل بمياه حارة كالجحيم
لعلّنا نحترق ..
وها نحن ننتظر في حانة
صديقاً سعيداً يبتسم كأبله
يسألنا مئة مرة ،كيف الحال
فنقسم بأننا لن نرى وجهه ثانيةً
في كل مرة ...
و في المكتب ننتظر
نشوّه الحكمة الهندية
"إعمل كأنك تلعب " 
ونكتب رسالة استقالتنا
كلّ مرة ..
وحين نفتح باب منزل في انتظارنا
في المساء
يغشو عيوننا بياض متسخ
بسبب شجاراتنا كل صباح
ونرغب لو نعود أدراجنا
كلّ مرة ...
وها نحن ننتظر في السرير
نعدُّ "نجوم الظهر" في الليل
ونسأل :
هل سنشفى من الألم
ام أن حيوات ثلاث
مرت ككل مرة دون ان ننتبه؟ 


(هيفاء راضي)











الأربعاء، 24 أغسطس 2011

خمرة اللقاء




              خمرة اللقاء



 أتهجّد بإسمكَ وأستغفرُ صدود الزمن
فأسبّح لإقترابه وأصلي لدنو المسافة
ثم أنوي صيام عمرٍ من ربيع كي تحلّقَ في شتائي.
***
على صدرِ إفتقادكَ..أعانقني
وأبحثُ عن الهدوء في وجنتي صدركَ
أئن تحت خط الغياب منذُ هبوبكَ بي مطلعُ الحب الفائت.
....
أعشاش شموسي ترتوي من ماء نهركَ
والمطر ينحاز لإغتسال حرائقها..
ترى كم قمراً ستمنحني إبتسامتكَ؟؟
كرعشةِ عشقٍ..كنورس في جعبته عشبة الخلود
مبحوحة الإيقاع عند نحيب مإذنةِ الشوق
على تخوم خمرةِ اللقاء أصلي كي نبقى
....
أيها الغافي على قلبي..
كيف إستطعنا أن نخترعَ
حبّاً من التوّ البعيد؟!
يا كلّ حبي وهمسي..
يكتبكَ حرفي ويأخذكَ حيث ولّى.
(يسرى)




الأربعاء، 17 أغسطس 2011

لولا الشعر لماتت الآلهة





                                              لولا الشعر لماتت الآلهة



يا للحزن الذي لا يغادرنا
كـمحطة دائمة..
الحزن لا يستبق مجيئه بتذكرة
ولا يتأخر أبدا..

الحزن الذي يجعلنا جميلين في حياة بشعة
يتركنا ننوء تحت صخرة
ونكتب قصيدة ذابلة
يعلقها على الباب
ويمضي..

الحزن الذي لا يملك أجنحة
يتسلقنا مثل عشب المقبرة
مثل عفن خبز الفقير
مثل دماء الشهداء على ملابس أحبتهم..

الحزن..
الحزن
هو كل ما نهرب منه
وكل ما نقع فيه..

الحزن الذي يكره الفرح فلا نعود نعرفه
حاضرا أم غائبا..
ودائما في المقعد المجاور
الرفيق الذي لا يبادلنا التحية
الرفيق الذي نرمقه بنظرة
نلقيها على غلاف الكتاب الذي يقرأ
ونبتسم لبلاهة ما يقرأ..

الحزن..
يجبرنا أن نكون سكيرين وشعراء..
يا للحزن أن نكون شعراء
يا للحزن الذي لم يغادرنا
فأصبحنا شعراء..


(مريم عبدالله)

الثلاثاء، 16 أغسطس 2011

اللحن المسفوح


اللحن المسفوح
سأحضنكَ كالخيط الأبيض حين يكبح شبقَ المساء..
كاللحن المسفوح على قارعةِ ناي شجي.
كالحياةِ أوقفها فاصل غيابكَ ..ولم تعد تواصل.
كالنهايات الحزينة في أقاصيص الغياب.
(يسرى)

الجمعة، 5 أغسطس 2011

«المراسل الفلاح» لم يخن شرفاء بلاده

عساف أبو رحال: «المراسل الفلاح» لم يخن شرفاء بلاده

عفيف دياب  ـــــــــــــــ
عام مرّ على استشهاد الزميل عساف أبو رحال. عام مرّ، وكلّ استعادة لقصة تحوّل عساف إلى صحافي تؤكد ارتباط هذه المهنة بالناس. ارتباط نسيه الكثيرون في زمن التحوّلات الذي نعيشه. «الأخبار»، التي تفتقده، وتوجه إليه تحية في الذكرى الأولى لاستشهاده، تدعو مع عائلته إلى قدّاس يقام على راحة نفسه عند الساعة العاشرة من صباح غد في بلدته الكفير
*****

لم يكن عساف أبو رحال شخصاً عابراً. لقد ترك أثراً كبيراً في يوميات أسرته ورفاقه ومعارفه الكثر على امتداد مساحة البلاد. كان يفاخر بتاريخه النضالي من زمن جورج حبش في راشيا الفخار والعرقوب، إلى زمن جبهة المقاومة الوطنية وأذرعتها السياسية والتنظيمية والتعبوية واللوجستية، وصولاً إلى العمل الإعلامي منذ أواسط ثمانينيات القرن الماضي في صحافة الحزب الشيوعي اللبناني، ثم عبوره لاحقاً بعد أفول صحافة الحزب في وسائل إعلامية لبنانية وعربية من دون أن يحقق الاستقرار المهني والاقتصادي الذي كان ينشده ويطمح اليه، إلى أن استقر في «الأخبار» حتى لحظة استشهاده. كيف أصبح عساف أبو رحال مراسلاً صحافياً؟ يقول الزميل طوني فرنسيس الذي واكب أبو رحال منذ بداياته في «النداء» وصولاً إلى «المستقبل»، إن عساف نموذج مميّز للمراسل المناطقي.
كان يسميه تودّداً «المراسل الفلاح»، لأن «ارتباطه بالأرض أهم خبر سياسي عنده، بمعنى أن خبراً مثل الموسم كان أهم بالنسبة إليه من خبر حرب كونية». اما عن علاقة عساف بالنداء، فيقول فرنسيس إنها بدأت بوصفه مناضلاً في الحزب الشيوعي، «كان يرى أن من واجبه أن يوصل لجريدة الحزب أخبار منطقته».
مع توقف «النداء» عن الصدور، غاب عساف عن المراسلة لفترة قصيرة قبل أن يستعيد نشاطه مراسلاً لجريدة المستقبل في البقاع الغربي وراشيا. ويقول فرنسيس إنه حين تولى الإشراف على الإعداد لإطلاق الجريدة وتولي مهمة المراسلين: «فكرت فوراً بعساف». وقد برز الأخير فيها وكان مميزاً بين زملائه.
في هذه المرحلة شهدت المنطقة التي يغطيها عساف أحداثاً مهمة، أبرزها تحرير الجنوب عام 2000. وقد نشط عساف في التغطية.. حتى كان يعتبر أن قمة عمله الإعلامي مراسلاً مناطقياً قد تحققت خلال مواكبته عملية التحرير، إذ نفذ تغطية ميدانية على مدار الساعة لعدة وسائل إعلامية لبنانية وبعض محطات التلفزة التي كانت تنهل من معلوماته مجاناً. ويقول فرنسيس إن عساف كان «أبا المراسلين المواكبين لعملية تحرير الجنوب والمعتقلين من سجن الخيام، والتحرير أعطى عساف حقه المهني بعد تعب طويل».
بروز عساف أبو رحال مراسلاً في منطقتي حاصبيا ومرجعيون بعد التحرير، حوّله الى مرجع لعدد من الزملاء في بيروت الذين كانوا يعدّون منزله في الكفير ممرّهم الإلزامي وقاعدة انطلاق لهم نحو إجراء تحقيقات صحافية في المناطق المتاخمة لمزارع شبعا والخط الأزرق، موفراً لهم سبل الراحة والمواد الاخبارية الأساسية لإنجاز تحقيقاتهم وفتح خزانة أرشيفه لهم بكل رحابة صدر، لا سيما أن عمله مراسلاً «أصبح نوعاً من الالتزام المهني بعدما كان مهمة نضالية سياسية».
لم يضع عساف أبو رحال خطوطاً حمراء لعمله. كان ينقل الخبر بأمانة وبوقائعه المطلقة. كان يقول: «أنا رح أبعت الخبر كما هو. هيك صار، ليش بدنا نخبي عن الناس؟». كان وفياً لمبادئه، ولم يخن يوماً طبقته الاجتماعية وفقراء بلاده النائية. أرهقته أشكال تعاطي الأجهزة الأمنية وأنواعها معه خلال عمله في منطقة البقاع الغربي وراشيا. لم يكن يفقه ما يسمى «الرقابة الذاتية» وقد تسبّب له الأمر في بعض المتاعب مع أمنيين وسياسيين كان ينتقدهم من دون حرج أو خجل. وهنا لم يعد جائزاً إخفاء السر حين ضغطت شخصية أمنية على مرجعية سياسية لإزاحة عساف ابو رحال من وسيلة إعلامية لصالح آخر كان مخبراً «شاطراً» عند الأمني غير الوطني. لم يكترث «أبو مازن» لهذا الضغط ولم يعطه قيمة تذكر. تابع عمله مراسلاً في منطقة نائية ووجد في جنوبه المحرّر لاحقاً ما يعطيه الأمان في مهنة وقعت أسرارها بين يديه صدفة. صدفة غيّرت مجرى حياته وحياة عائلته التي تحولت إلى خلية نحل من أجل نصر إعلامي لرجل متعدّد المهن والمواهب قبل أن يسقط بصمت تحت فيء شجرة.
الاخبار ـ 6\8\2011