الأحد، 2 فبراير 2014

خلسة


خلسة


  الشوق إليك يأخذني..
 على  شاطيء  حانوت السمك
 نبيذك اﻻبيض يرسم ضحكة
 وقبلة ارتشفتها منك... 
 خلسة.
                                                                 ( عفيف)

السبت، 11 يناير 2014

أوان النزول


                    أوان النزول

  فصل الشتاء
 عميق وطويل
 وإن نظرت داخلك
 سترى السعادة !!

هو أوان النزول 
من سلالم قلبك
 الى وسط الحديقة 
 حيث نبتة الحبّ


                                                   شعر/ ماريو دي روسا 
                                                   ترجمة / بثينة الزغلامي


الثلاثاء، 31 ديسمبر 2013

السبت، 5 أكتوبر 2013

عرس جدّتي


      عرس جدّتي


زنّرت خصرَها بعناقيد السمّاق
سلّة التّين.. رقصة عرسها
مَشَت جدّتي حقولَ الجليل
ليمون حيفا.. مهر عرسها.

                               (عفيف دياب)

السبت، 21 سبتمبر 2013

جسور المطر



                                                                     جسور المطر



جميلة مسلماني

 ما زلنا ننتظر ما يأتي حتى لا يأتي
البوح مدينة تراص الشجر
الغد تقاطع الكون
وأنا أرقد في جفنك أصنع لك ما لا يأتي!!
الكون مرعوب بالريح وجذوره الى الهاوية!!
ماتت القامات وانتحرت مرؤة الرجال الرجال!!
أثقب العمر كي أملأ عينيك ولكن عبثا
 نحن مفجوعون بما صنعت أيدينا !
فلنخشع في صلاتنا
 لعل الله يستجيب لنا
 فلنحتضن الله حبا كي نرمم ما تبقى من الكون !!
وجهك ما رأيته يوما وهو يبكي
 فقد القمر إيحاءه وهو يحاول النجاة من نزف البشر ...
صار الحلم عذرنا الوحيد أمام تكدس الموت
 نحن أكثر دناسة من أن نقترب من سجادة الصلاة....
ابتهال الريح لا جدوى منه
 فقد غرق الهواء في الدماء من فرط جحدنا وقسوتنا !!
خنّا الأوطان
 خنّا الأقدار
 قسونا على الروح
زورنا أصواتنا
 واخترنا الكفر والدم والموت
 دونا عن الرحمة
لا الأرض صارت لنا
ولا السماء صارت لنا
 نحن العراة من كل شيء
 ليس لنا سوى الذنوب !!
كتبت بوجهي اسمك
 لعلك تجمع أشلائي
ولعلك تنثر على مهل
صوتك كي أحيا دون أرق!
الألم أن تولد من عينيك جثتي
 الألم أن تتكور أجسادنا جثثا
ولا تحفل بها كل اتساعاتك !!
من يثقب العمر
 ويبدل جدار القلب
من يقدر أن يولد من جديد
 ومن يريد أن يولد من جديد ؟؟؟
تستسلم الأرض كي تنتهي أما آن لها أن تستريح ؟؟
ليس لأننا نجهل الكلام توقفنا عنه
بل لأن لا جدوى منه!
لا شيء ينفع حين يصير السطر ركام
 وحين يصير الغيم مرقد الظلام !!
لا أستطيع ركوب الموج..
وأنت تكسر صدى طفولتي
وأنت تخنق حلم الحرف والصباح .
من أين تبدأ السماء
من أين يبدأ النهار
 كيف لي أن أعرف القرار؟؟
من يرصف العمر
يحيا بين يديك
 ينام على صوتك
يلتصق باسمك
 يزور شوارعك
 ويعشق أوطانك !!
ليست الأوطان لنا
ولكن الله لنا.......
 فمد لي كفيك كي أملأ خطوطك بالأمل !
أسميتني يوما الريح
وأسميك الآن المطر
من يأتي بعدك يشقى !!
حين تنحني للقصيدة .....تكون قد ملكت وطني
 وحين تهرول لصوتي ......تكون الضوء في حرفي!
قرار آخر للطغاة: مكانكم بين الموتى اعبروا اليه دون نقاش !!!
الجرح أعمق من القبر وأبقى
 هذا زمن هالك..
أفتح صوتي للجليد كي يطفأ ما بعدك
 وكي تموج أنفاسي اليابسة!!
ليس لي سوى بقايا
 سوى كلمات تحاور الرحيل
 والحلم والأمال لعل الجرح المفتوح لين الى حين !!
آن لك يا مطر أن تخترق أهدابي
وأن تعيد ترميم جراحي
يمتلئ وجهي بتقاطيعك
 اللغة أول الغيم وآخر الجنون..
أغلق عيني وأعرف أني أضيء
وأن الله كل شيء !!!
ما عادت الأرض بكر السقوط
من فعل الخطيئة
 ليس هلاك بل هو حق!!
من يحيا دون خطيئة ليس عاقل!!
أمشي بصوتي اليك
 لعل لنذوري مرقد في جفنيك!!
السماء تجهض النجوم
 وأرضك تفرغ أصداؤها في ضحايا السؤال
وجهي ملفوف باحتضانك أيها الموت
 لست صديقي.....
 الغيم بعيد فلا تلتهم أرض المظلومين
تاريجنا لا ينبت توهجا
 بل يحرق البحر
ويرقص للشيطان كي نشفى
العالم مهزوم ولا جدوى
ليس في الموت ما لا يعنينا
ليس في الحياة ما لا يعنينا
وامتلأت الأرض بالدموع
أيها الرفض أبصقنا كي ينتهي الدمع
انهارت الثنايا في خطوات التاريخ
 قادتنا المسافات تحت المحاجر
 الى آخر حدود الحدود .....
ولكن عبثا مقدر لنا هذا الهلاك
 مقدر لنا هذا الجنون
حين نجهل من نكون
 كيف لنا أن نحيا أو نتنفس
هكذا أرادوا لنا أن نكون أو لا نكون !!
لن تستريح الأرض حتى نموت
نحن شعوب محكوم عليها
لا تعرف كيف ترحل
 ولا تعرف كيف تعود
بل من أين تعود !!
أغسل صوتي باسمك
وأكتسي بك كي أضيئ

السبت، 22 يونيو 2013

عساف ابو رحال




عساف أبو رحال «محرّراً» مزارع شبعا






 عفيف دياب
قبل أن يحتدم النقاش حول «جنسية» مزارع شبعا وترسيمها، كان الزميل الشهيد عساف أبو رحال أوّل من أكدّ لبنانيّتها في 23 أيار 2000 مجرياً مقابلة مع اللبناني الوحيد المقيم هناك

أن تتحدّث عن ذكرى انتصار المقاومة وتحرير الجنوب من الاحتلال الاسرائيلي، بعد 13 عاماً، فهذا يعطيك دفعاً معنوياً جديداً في زمن فقدان الذاكرة وحروب زواريب الطوائف والمذاهب وملل المال. ملل تفعل ما في وسعها حتى تزني في فعل انتصار مقاومة كان جبناء يصفونها بالمجنونة لأنها فضحت انهزامهم أمام عدو رفع «العشرة» وخرج تحت جنح الظلام دون قيد أو شرط.
ذكرى انتصار المقاومة وتحرير الجزء الأكبر من الجنوب ليست حدثاً عابراً، أو تفصيلاً صغيراً في حياة الجنوبيين اليوم.
يحلو للبعض الرسمي وحتى الشعبي، أن ينسى، أو أنه نسي فعلاً هذا المجد العظيم المحروس بتضحيات شهداء لم ينصفهم هذا الوطن المأزوم. تجول جنوباً. ذاكرة أهل لم تخن «تحريرهم»، ولا انتصار مقاومتهم. ولهؤلاء وحدهم الحق في الاحتفال والفرح. فرح علّمهم كيف ينتصرون ويصمدون صوناً لزيتونهم وتينهم. فرح علّمهم كيف تبقى ذاكرتهم حية لا تخون، وأن الاحتلال لم يخرج بعد من مزارعهم وتلالهم حيث الرصاص اليومي يقتل بساتين كرزهم وتفاحهم ويسرق عذوبة مياههم.
في أعالي شبعا وكفرشوبا، المحتل لم يرحل بعد، والحقول الخصبة في مزارع بسطرة ورمثا والربعة وفشكول وخلة غزالة والقرن والنخيلة وزبدين وقفوة وبيت البراق ومراح الملول وكفردورة المشهد وتلال السماقة ورويسات العلم، تتمترس فيها الدبابات وغرف جند العدو ومدافعهم المصوّبة نحو حياة يقتلها برصاصه أيضاً النسيان الرسمي اليومي. مزارع وتلال نسيها بعض لبنان، وبعض آخر أزالها من ذاكرته ولم يعد يريد سماع «نصر وانتصار»، وبعض يتطلع الى استكمال مسيرة التحرير وحق مقاومة لا يضيع في استعادة أهل مزارع شبعا وتلال كفرشوبا لأراضيهم وحقولهم وبساتينهم المحتلة.
في ذكرى التحرير، يبقى شهيد «الأخبار» الزميل عساف أبو رحال شاهداً على لحظات عمر جميل، وحقبة من نصر مجيد كانت له بصمات في تحقيقه. حارس الحدود الجنوبية بأمانة وصدق، كان يرابط في أيار من عام 2000 على شرفة منزله في الكفير، ينتظر بفارغ الصبر لحظات الدخول الى حاصبيا وشبعا ومرجعيون وإبل السقي بعد طول غياب. يوم 23 أيار قررت وعساف الدخول الى مدينة حاصبيا المحتلة، وبث رسائل صوتية الى إذاعة صوت الشعب عن بدء تحرير القطاع الشرقي. رسائل أحدثت فعلاً شعبياً لم نكن نتوقعه. لم يبق عرقوبي أو حاصباني، مهجّر إلى البقاع أو صيدا أو بيروت، إلا وزحف نحو ميمس. حاصبيا وزغلة وعين قنيا وشويا استقبلت طلائع «الشعب» الزاحف، فاتحاً عهداً جديداً.
ظهر 23 أيار، جال عساف في شوارع حاصبيا فرحاً بالنصر. طارد دبابة ميركافا لالتقاط صورة لها قبل أن تصطدم بعمود كهربائي على طريق كوكبا ــ إبل السقي. الدبابة تهرب وعساف يطاردها. مطاردة لم تتوقف عند التقاط صورة لدبابة العدو المنهزمة. فيوم 24 أيار، كنّا أنا وعساف والزميلة هناء حمزة وفريق تلفزيوني فرنسي في مزرعة حلتا المتاخمة لمزارع شبعا. الراعي هيثم عبد العال أخبرنا أن لبنانياً يعيش تحت الاحتلال في مزارع شبعا، وأنه يمكن الوصول إلى الشريط الشائك عند مزرعة بسطرة والمناداة عليه لمقابلتنا. أقنعنا عساف بفكرة زيارة الراعي أبو قاسم زهرة الذي لم يغادر مزارع شبعا منذ أن سيّجها الاحتلال بشريط شائك سنة 1989. رحلة الوصول إلى الشريط الشائك تتطلب ساعة ونصف سيراً على الاقدام صعوداً في واد وعر. عثرت هناء على علم لبناني في مزرعة حلتا. حملته وقالت قد نستطيع رفعه فوق مزارع شبعا، أو يرفعه أبو قاسم زهرة فوق منزله.
عساف الذي وثّق تحرير منطقة حاصبيا والعرقوب، كلمة وصورة، وصل الى الشريط الشائك عند مزرعة بسطرة المحتلة. انتظر هناك حتى وصل الفريق، وتوزعنا الأدوار: ندخل أنا وعساف وعدنان والراعي هيثم إلى داخل بسطرة، وتنتظر هناء والفريق الفرنسي الآخر خلف السياج. حطّم هيثم بحجر قفل بوابة الحديد الإسرائيلية، وأخذ يصرخ «يللا فوتوا بسرعة». دخلنا ركضاً إلى بسطرة لتجنّب رؤيتنا من موقع الاحتلال في تلة رمثا.
من تحت سنديانة معمرة خرج الراعي أبو قاسم مستغرباً ومرحّباً بعدما علم بهويتنا «صرلي زمان ما شمّيت ريحة أهلي». أمضينا قرابة نصف ساعة في مزرعة بسطرة، كادت خلالها رصاصة إسرائيلية أن تقتل عساف وهو يسجل حديثاً مع أبو قاسم لنشره وتأكيد لبنانية مزارع شبعا، وأن لبنانياً وحيداً يعيش هناك رغم الاحتلال وممارسته. دورية الاحتلال الاسرائيلي التي طوّقت منزل أبو قاسم وأخذت تطلق الرصاص فوق رؤوسنا، طلبت أن يأتيها أبو قاسم. خرج العجوز المتعب من الأسر خلف الاسلاك الشائكة وأبلغ جنود الاحتلال هويتنا الصحافية. عاد اللبناني الوحيد المنسي خلف الشريط وطلب منا المغادرة فوراً. خروج واكبه إطلاق رصاص حتى أصبحنا في قعر الوادي.
قصة أبو قاسم زهرة، الصامد في مزرعة بسطرة قبل أن ينسحب بعد تحريرها سنة 2001 بترسيم الخط الازرق، كانت نصراً لعسّاف. اكتشاف حرّر قادة البلاد من جمودهم، وأصبح حديثهم الرسمي عن مزارع شبعا «لازمة» في كل خطاب وموقف. وحده عساف أبو رحال بقي يتابع يوميات أبو قاسم على مدى 10 أشهر بعد الإعلان الرسمي عن 25 أيار ذكرى للنصر والتحرير.
رحلة الدخول الى مزرعة بسطرة كانت أجمل لحظات عساف في مواكبة عملية تحرير الجنوب وانتصار المقاومة. مواكبة لم تضع حدوداً للإنسان الطيب. أصبح جزءاً يومياً من تفاصيل المزارع والتلال المحتلة. وثّق في عشرات التحقيقات الصحافية ما كان لبنان الرسمي ــ الطائفي لا يعرفه عن المزارع وأهلها وعن تاريخ مقاومة استشهد من أجل أن تبقى رصاصاتها نحو العدو.

فلسطينيو سوريا





فلسطينيو سوريا:

 من مخيّم إلى مقبرة مخيّم آخر




عفيف دياب

تقيم ستون عائلة فلسطينية نازحة من سوريا، في غرف أعدّت على عجل في مدافن مخيم الجليل في بعلبك. موضوعياً، حلّ هذا الإجراء جزءاً من مشكلة الإيواء في المخيّم، لكن ماذا عن تداعياته؟
*****
أن تكون فلسطينياً، يعني أن لعنة الأمة المهزومة من المحيط إلى الخليج ستبقى تطاردك في لجوئك ونزوحك، وستبقى تتفرّج على نومك بين القبور الصامتة وشواهد الموت. أن تكون فلسطينياً، يعني أن الحياة لا تليق بك. كتب عليك أن تبقى مشرّداً من خيمة في الوعر إلى مخيم محاصر بالنار. أن تكون فلسطينياً نازحاً اليوم من مخيمات الحزن في سوريا، يعني أنه ما عليك إلا أن تصنع من «مقبرة» أجدادك وأولاد أرضك المسلوبة، مخيماً جديداً للموت البطيء. لقد أصبح حلم الحاجة أم حسين (78 عاماً) الهاربة من الموت في مخيم اليرموك، نسمة هواء تنعشها في غرفتها الصغيرة في حديقة مخيم الجليل الخلفية جنوب مدينة بعلبك. حلم العجوز التي تعبت من الترحال هو حلم كل أقرانها في مخيم مقبرة الجليل الجديد.
اختنق مخيم اللاجئين الفلسطينيين في بعلبك بقاطنيه. لم تعد غرفه ـ الزنازين، تتسع لرحيل جديد من أرض القهر في سوريا. ولم تعد مقبرة المخيم، وحديقة ما يسمى متنزه الجليل، تشكلان إلا موقعاً للجوء جديد. ستون عائلة فلسطينية تفترش أرض مدافن الجليل البعلبكي، اقيمت لهم على عجل 41 غرفة بين القبور. وحدها أم حسين تختصر المشهد وأمنية العودة الى مخيم اليرموك في دمشق: «مكتوب علينا يما نعيش متل اهل القبور»، و«محدّش بيسألهن شو مالكم... ولا إحنا كمان حد بيسألنا يما». أردفت وهي تستجدي بحبات مسبحتها ثواب الآخرة «تعال يمّا وشوف هالعيشة... يا ريت حدا يقدر يجبلي مروحة راح موت من الشوب». وتضيف ضاحكة: «إحنا يما عايشين بين القبور. احنا مش احسن من اللي ماتوا». تستغفر أم حسين الله وتدعوك للتفرّج على غرفتها «شوف يما هاي الغرفة متل القبر» تضيف: «أنت لسّا ما بتعرفش أم حسين. مش فارقة معايا أعيش بالغرفة او بالقبر المهم أرجع على فلسطين».
أكثر من 1600 عائلة فلسطينية نزحت من مخيمات اليرموك وخان الشيح وسبينة في سوريا، إلى مخيم الجليل في بعلبك. نزوح أرهق الجليل، إذ يقول عضو اللجنة الشعبية في المخيم عماد الناجي إن «قدرة الجليل على إيواء عائلات فلسطينية نازحة من سوريا أصبحت مستحيلة». ويوضح أن الإيواء هو «لبّ المشكلة التي نعاني منها»، وخصوصاً أن الواقع السكاني المستجدّ «بحاجة ماسة إلى تدخل سريع لتوفير المأوى والاحتياجات الأخرى الضرورية». ويلفت الناجي إلى أن أكثر من عائلة تعيش في غرفة واحدة، موضحاً أن إقامة مساكن سريعة للنازحين في مدافن المخيم كان «شرّاً لا بد منه». ويبدر أمله في أن تقوم «الأونروا» والمنظمات الإنسانية بالمساعدة على توفير مأوى للنازحين، مبدياً تخوّفه من ارتفاع أعداد النازحين في مقبل الأيام.
حركة حماس هي التي تشرف على أوضاع النازحين في مدافن مخيم الجليل، وقد أوضح أحد مسؤوليها أنهم اضطروا الى تشييد غرف صغيرة بين القبور وفي حديقة «الجبّانة» لاستيعاب العائلات النازحة. موضحاً أن الحاجة ألزمتهم بتنظيم إيواء لأكثر من ستين عائلة «كيفما اتفق». ويشير هذا المسؤول إلى أن هيئة الغوث الإنساني قدّمت كل ما يلزم لإنجاح فكرة الإيواء في حديقة مخيم الجليل وفي زوايا «المقبرة». لا تتجاوز مساحة الغرفة الثلاثة أمتار لكل عائلة. وإذ يعترف المسؤول بضيق المساحة، يلفت إلى حلّ يمكن اعتماد «أن يعمد الشباب إلى النوم تحت الأشجار في الحديقة». وكشف أن ضغط النزوح من مخيمات سوريا «ألزمنا بإلغاء مسبح أطفال المخيم (الجليل) والاستفادة من مساحته لتشييد غرف إيواء».
النوم تحت الأشجار وبين القبور لا يروق الفتى أحمد (14 عاماً) الذي تعب من كوابيس الخوف خلال نومه. أحمد الذي هرب مع أهله من مخيم خان الشيح في اطراف دمشق الى مخيم الجليل قبل ستة أشهر، يرهب أقرانه بكوابيسه. تتحدث والدته عن ليالي ابنها وخوفه الدائم من فكرة النوم على مقربة من الأضرحة. ابنة مدينة صفد التي ولدت في مخيم خان الشيح قبل أربعة عقود، تجد في اقامتها القسرية بين قبور مخيم الجليل «مكاناً آمناً» وأفضل من البقاء تحت القصف اليومي في سوريا. وتقول جارتها في غرفة ملاصقة شيدت قرب ضريح، ولد صاحبه في فلسطين سنة 1945 واستشهد في جنوب لبنان سنة 1981، انها كانت تتمنى لو بقيت في اليرموك ولم تسكن في مقبرة بـ«آخر هالعمر». وتختم أم عمر (47 عاماً) «تعبنا من المذلة يما. والمصحف الشريف تعبنا من المذلة».

السبت، 18 مايو 2013

خياط غازي كنعان الارثوذكسي




ايلي الفرزلي



عفيف دياب
قبل خروج نائب رئيس المجلس النيابي السابق ايلي الفرزلي (64 عاماً) من السلطة إثر انسحاب الجيش السوري من لبنان ربيع عام 2005، حقق نجاحات وإخفاقات متنوعة في مسيرته السياسية الطويلة منذ أن كان طالباً في كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية، حيث تخرج منها سنة 1972. برع «الفتى» الفرزلي في أواسط سبعينيات القرن الماضي في اللعبة السياسية المحلية في زحلة. وعندما اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية في 1975 تحول إلى «وسيط» غير معلن بين القوات السورية التي دخلت لبنان، وقادة زحلة السياسيين.
في حرب زحلة سنة 1981 أصبحت كلمة السر السورية في جيب الفرزلي. نشط في تدوير زوايا إنقاذ زحلة من التدمير. حقق مع صديقه النائب والوزير السابق خليل الهراوي إنجازات مهمة بعد أن نجح الأخير في إقناع الرئيس الراحل كميل شمعون بوجهة نظره القائلة إن زحلة محاصرة و«الجبهة اللبنانية» لا تستطيع فعل شيء لها، سياسياً وعسكرياً. فطلب شمعون من الهراوي عقد تسوية مع «السوري»، صاغ بنودها لاحقاً المحامي إيلي الفرزلي.
نجاح الفرزلي هذا لم يعطه «النعيم السوري»؛ إذ جاء الاجتياح الإسرائيلي للبنان صيف 1982، معيداً خلط الأوراق، فمكث ابن نجيب الفرزلي في بلدته جب جنين تحت الاحتلال متعرضاً لضغوطات كادت تنهي حياته السياسية قبل أن يبتدع خطة مكنته من الخروج من «سندان» الاحتلال وإعادة التنسيق مع «المطرقة» السورية التي كسرت الأبواب وشرعتها أمام الفرزلي الذي أصبح رقماً صعباً في المعادلة البقاعية، وخصوصاً في زحلة.
المحامي البارع وصاحب النفَس القصير في تدوير الزوايا السياسية، تربع على عرش «الدلال» السوري بإشراف مباشر من اللواء الراحل غازي كنعان الذي كلف الفرزلي بين عامي 1984 و1985 العمل على تعبيد الطريق لوضع الطرحة السورية على رأس عروس البقاع. حقق الفرزلي رغبة كنعان وأنقذ زحلة من حرب كان الجيش السوري سيشنها ما لم تنفذ رغباته الأمنية والسياسية. وجد كنعان في الفرزلي «مبدعاً وفناناً» في صوغ وربط أفكار سياسية، كان الأول يحتاجها لترتيب سلطته المحلية في لبنان عموماً والبقاع خصوصاً، فكانت ولادة «الجبهة الزحلية» سنة 1986 التي كلف الفرزلي رئاستها وضمت إليه خليل الهراوي وحشداً من الناشطين الزحليين في الحقل العام.
نجاحات إيلي الفرزلي على الساحة البقاعية، واحتفاظه بحسن العلاقة مع غازي كنعان وفريقه الأمني، أعطياه أدواراً كبيرة، منها ترتيب إقامة قائد القوات اللبنانية الأسبق إيلي حبيقة في زحلة بعد فشل الاتفاق الثلاثي سنة 1986. تمكن الفرزلي من إقناع الزحليين بإقامة حبيقة في مدينتهم، فكاد يدفع حياته ثمناً لذلك، يوم استهدف قائد القوات اللبنانية سمير جعجع كاتدرائية سيدة النجاة في زحلة بعبوة ناسفة سنة 1987 لاغتيال حبيقة ومعه الفرزلي وخليل الهراوي والمطران حداد. نجا الفرزلي من الاغتيال الجسدي، وبقي عصيّاً على الاغتيال السياسي حتى قفز بالمظلة السورية وعين نائباً عن مدينة زحلة بعد إقرار اتفاق الطائف، محققاً حلم والده نجيب، ووارثاً زعامة آل الفرزلي التاريخية. وتحول الفرزلي رقماً برلمانياً صعباً يمنع على أيّ أحد منافسته في دائرة البقاع الغربي وراشيا بعد نجاحه في انتخابات 1992 وما تلاها. واحتفظ بمنصب نائب رئيس مجلس النواب حتى عيّن وزيراً للإعلام في حكومة الرئيس عمر كرامي بناءً على طلب العميد رستم غزالي الذي ورث رئاسة جهاز الأمن والاستطلاع من سلفه اللواء غازي كنعان الذي كان قد بدأ يضيق على الفرزلي إثر «دعسات» ناقصة أقدم عليها خلافاً لرغبته. ومن هذه «الدعسات» محاولات تقربه من الرئيس أمين الجميّل وعقده لقاءات غير مصرح له بها مع النائب وليد جنبلاط وغبريال المر وبيار أمين الجميّل وآخرين في منزل جورج حاوي ببلدة بتغرين، وأخرى مع سفراء أوروبيين في بيروت.
إيلي الفرزلي الذي أخرِج انتخابياً من السلطة إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وأصبح عدواً لدوداً لتيار المستقبل وجمهوره في البقاع الغربي، اعتكف في دارته في جب جنين مستمتعاً بزراعة الورود. اختلى الرجل بنفسه وأعاد تقويم تجربته السياسية والشعبية. فوجئ بالهجمة الشرسة التي تعرض لها من قبل ناخبيه في البقاع الغربي وراشيا في انتخابات 2005 بعد زلّة اللسان التي سقطت منه حين وصف من اغتال الحريري بـ«الاستشهادي». لم يكن يتوقع أن خدماته لأبناء منطقته يمكن أن تتبخر بسرعة قصوى وتتحول العلاقة معه خيانة بعد أن كانت «حريراً» وبرداً وسلاماً. اختمرت في رأس الفرزلي إثر سقوطه في انتخابات 2005 فكرة «كل مذهب ينتخب نوابه»، فقال حينها في دردشة مع مقربين له في شتورة: «البلد قبائل، وكل قبيلة تنتخب شيوخها». ازدادت قناعة الفرزلي إثر انتخابات 2009 وفشله مرة ثانية في خرق الحصار المذهبي الذي استهدفه في البقاع الغربي وراشيا، وأخذ يعمل على بلورة أفكار و«شقلبتها»، ناسفاً كل أدبياته السياسية.
تلقف الفرزلي مشروع اللقاء الأرثوذكسي وعدّل فيه نسبياً. جاءت الفكرة في توقيت صائب للمحامي الشاطر المحبط من الحياة السياسية اللبنانية. وصل الرجل الليل بالنهار لإقناع الجنرال ميشال عون بفكرته. كان كل همه أن يقتنع الأخير بالاقتراح والباقي سهل الإقناع. «نشّف» الجنرال «ريق» الفرزلي حتى اقتنع ببدعة رجل عرف كيف يدخل خيطه في أصغر خرم إبرة. يوم لبس عون ثوب الفرزلي الانتخابي انفرجت أسارير ابن جب جنين وبدل خطابه الشعبي من وطني نسبياً إلى مذهبي وطائفي بحت. ارتفع الغضب الشعبي في البقاع الغربي على إيلي الفرزلي. نجحت ماكينة آل الحريري المذهبية في استهداف خياط «الأرثوذكسي». لم يعد أبناء كامد اللوز يجدون في إيلي الفرزلي مرجعاً يجب استقباله، ولا راشيا تجد فيه خطيباً يعمل من أجل «العيش المشترك وأهمية وحدة أبناء المنطقة»، حتى إنه خسر حليفه عبد الرحيم مراد الذي رفض بالمطلق اقتراح «إيليا» الذي لا ينقذ لبنان.





الخميس، 16 مايو 2013

لا سبيل لنا الا الحلم


ذكرى النكبة


                       لا سبيل لنا الا الحلم

هؤلاء الذين ترهقنا مفاتيحهم على الشاشات المضيئة
بين وطنين تنازعوا على أقلّ من حياة
حين يضحكون
يسرفون في الأمل
ولكّن دمعهم الخالي من الخوف
يهرب من رحابة تعاطفنا الى نهر قليل
اسمه الخجل
نحن لا نعرف أحجار بيوتهم السوداء
ولا خبزهم الذي ينير
مثل بهاق في العتمة
ونظلّ نأسى لأنّهم يحبّون كثيرا كثيرا
ولا يتعثّرون مثلنا بترف من أدمن اليأس
و لا يكتبون القصص الفاخرة زيادة في ترتيب مشاعرهم
ويصلّون للحزن دون صوت !

                                                                       (بثينة الزغلامي ـ تونس)

الثلاثاء، 23 أبريل 2013

حيّ على الجهاد




             مناصرو «الثورة»: حيّ على الجهاد



عفيف دياب

 «اللهم لا شماته»... لسان حال الشارع في البقاعين الأوسط والغربي حول التطورات الميدانية في ريف القصير والقصف الذي يستهدف مدينة الهرمل وأخواتها. والشماتة هنا لا تنبع من فراغ بالتأكيد، فهي تراكم من الأحقاد المتبادلة بين مناصري «الثورة السورية» ومعارضيها. لا أحد في سهل البقاع اليوم يعبّر عن رأيه في الآخر من دون حقد.

 فيوم قصفت عرسال بصواريخ الطائرات السورية، كانت الضحكة عند مناصري النظام السوري رطلاً، ويوم تعرضت الهرمل وريفها في القصر وحوش السيد علي وسهلات الماء لصواريخ «الجيش الحر»، لم تسمع من العرسالي أو من أحد أبناء البقاع الغربي والاوسط سوى الشماتة.
لم يعد أبناء سهل البقاع في وئام يذكر. قسمت أزمة سوريا المقسم، وأصبحت لغة المذاهب والطوائف خبز الفقراء من أقاصي الهرمل وعرسال شمالاً حتى البقاعين الأوسط والغربي جنوباً. والكل مشارك في جريمة سفك الدماء. لم يعد ابن عرسال ذاك الفقير الذي يشبه فقير الهرمل أو زحلة أو بعلبك. وفقراء حوض العاصي في ريف القصير السورية، لا يستحقون اليوم فعل التضامن من عرسال أو برالياس ومجدل عنجر وجب جنين. فالاشتباك السوري_السوري جزء من يوميات البقاعي وتفاصيل عيشه، حتى لو كان فوق صفيح ساخن ملوث بالدم.
لم يعد حزب الله هذا الحزب المقاوم في أدبيات شارع عرسال والبقاعين الاوسط والغربي. فالحزب اليوم عند مناصري «الثورة السورية» في سهل البقاع ليس إلا شريكاً في سفك دماء أهل «مذهبهم» في سوريا، وخصوصاً في معركة استعادة الجيش السوري لمدينة القصير وريفها الجارية الآن. ففي عرسال ومشاريع القاع وبرالياس وسعدنايل ومجدل عنجر وقب الياس وجب جنين والقرعون والرفيد وكامد اللوز وامتداداتهم الاجتماعية والسياسية، لا مجال لمعالجة الإحباط والتخفيف من حدة النقمة، و«ذبح» أهل القصير السورية ليس إلا ذبحاً لهم بسكاكين حزب الله، كما يقول الشيخ أبو وليد من «تنسيقية» دعم الثورة السورية في عرسال. ولا يكتفي أبو وليد عند هذا الحد من «الاتهام»، فهو لم يعد يجد في عبد الرحيم مراد إلا خائناً لوطنه وأهله وطائفته و«روح خبرو». ولا يجد أبو وليد حرجاً في وصف الشيخ عبد الناصر جبري بـ«المنافق» و«راح مبارح باعنا لبشار الاسد»، معلناً أن عشرات من الشبان سيتوجهون الى القصير للدفاع عنها. موجّها سؤالاً الى حزب الله: «حين قصفت عرسال لماذا لم تدافع عنها أو تطلب من الجيش اللبناني أن يرد على القصف؟». ويختم: «لسنا ضعفاء، وإذا سقطت القصير فلن تسقط الثورة».
«لماذا يريدون قتلنا»؟ يسأل أكثر من عرسالي عن معارك القصير وريفها. ويقول أحد المناصرين للجيش السوري الحر، إنه حين استهدفت عرسال: «لم نسمع من حزب الله وجماعته كلمة واحدة. فلماذا تريد منا أن نتضامن معهم بعد قصف أبطالنا للهرمل؟». وما علاقتك أنت بما يجري في القصير؟ يجيب بحدة: «نحن نتضامن مع القصير ولم نشارك في القتال كما يفعل حزب الله اليوم». ولكن سقط أكثر من شاب عرسالي في مواجهات مع النظام السوري؟ يرد الناشط الاعلامي في «تنسيقية عرسال»: «نحن ضد الظلم»، وحزب الله يقف مع المظلوم في قرى ريف القصير: «هذه كذبة كبيرة. بالنسبة لنا لم يعد هناك نظام أسدي في سوريا. الشعب السوري يقاتل نظام حزب الله».
هذا المشهد العرسالي الصغير، صورته طبق الاصل في البقاعين الاوسط والغربي. فعلى الرغم من أن النقاش مع مجموعة من المناصرين لـ«الثورة السورية» يوحي بأن قراءاتهم لما يجري في سوريا والقصير وريفها على وجه الخصوص، سياسية وليست طائفية، فإن منبع أحاديثهم مذهبي بحت، حتى وإن كان يسارياً سابقاً فقد مخزونه الفكري الوطني تحت تأثيرات موجات التعصب الطائفي الأعمى. يرى أحمد عبدالله الفتاح أن «واجب الجهاد فرض عين علينا»، وأن التوجه الى معركة القصير وريفها «ليس إلا واجباً دينياً وأخلاقياً». ويضيف: «لقد ذهب خمسة من خيرة شبابنا للتصدي لمن يقتل أهلنا في الشام». ويكشف أنه كان سابقاً فاعلاً في هيئة دعم المقاومة الاسلامية «ولست نادماً، ولكن للأسف حزب الله ليس مقاوماً اليوم». ويجد الحقوقي جمال أن ما يجري في سوريا و«قتل أهلنا في القصير وجديدة الفضل، مؤامرة إيرانية ينفذها حزب الله»، معرباً عن اعتقاده أن حزب الله «بدأ يدفع فاتورة نهاية خدمته كحزب مقاوم و«هو يقتل أهلنا في سوريا». ويتابع: «القضية ليست سنية ــ شيعية»، موضحاً بالقول: «النظام السوري نحر الشيعة قبل السنّة، وعلى حزب الله أن يفهم أن انخراطه في الدم السوري لن ينقذ النظام من السقوط». ويختم جمال: «أصبح من حقنا أن نتوجه الى سوريا للقتال والدفاع عن أهلنا».


            

الأحد، 21 أبريل 2013

الشاورما





              صراع الشاورما اللبنانية ـ السورية





 عفيف دياب

مطاعم، مقاه، صالونات حلاقة وحتى وسائل نقل عام. نقل السوريون مهنهم إلى لبنان، وافتتحوها بالعشرات لا سيما في قرى البقاع حيث تقيم النسبة الأكبر منهم. الأسعار المتهاودة التي يتعاملون بها تثير شكوى التجار والمهنيين اللبنانيين في حين تبقى الدولة غائبة حتى عن إحصاء الأعداد..
****
أعداد اللاجئين السوريين على أرض لبنان في ازدياد مطّرد. إحصاءات غير رسمية (حتى الآن) تقول إن أكثر من مليون ونصف مليون سوري دخلوا لبنان من بوابات العبور الشرعية مع بلدهم. منهم ما لا يقلّ عن مليون مواطن هربوا قسراً من الموت والقتل، وعبروا رسمياً بصفة لاجئ، و500 ألف دخلوا لبنان مفضّلين عدم تصنيفهم كلاجئين، وأقل من نصفهم استخدموا مطار بيروت الدولي محطةَ سفر إلى بلاد عربية وأوربية.
وتقول الإحصاءات غير الرسمية إن أكثر من 300 ألف سوري لبنان دخلوا عبر منافذ غير شرعية هرباً من الاشتباكات العسكرية الدائرة في مدنهم وقراهم المتاخمة للحدود مع لبنان بقاعاً وشمالاً.
هذه الأرقام لم تدقق الحكومة اللبنانية فيها، أو تحسم الجدل بشأنها ومدى صحتها، ولا الهيئات الدولية المعنية التي بدأت تقطير تقديماتها الغذائية والطبية. هي مجرد إحصاءات أجهزة أمنية لم تنه تدقيقها بعد. فعلى مدى السنتين الماضيتين، أصيبت الأجهزة الأمنية اللبنانية بشبه عجز عن حصر الأعداد الفعلية للسوريين في لبنان، كلاجئين أو حتى يد عاملة موسمية. وتعرب الأجهزة الأمنية عن اعتقادها أن أكثر من مليون عامل سوري يجب إضافتهم إلى أعداد اليد العاملة السورية الموسمية أو التقليدية في لبنان، التي كانت تقدر سنوياً (قبل انفجار الأزمة السورية) بنحو 600 ألف عامل.
العقم اللبناني واضح في ترتيب أوضاع اللاجئين السوريين، وتوفير داتا واضحة لأعدادهم وانتشارهم، وتالياً دراسة مدى تأثيرهم الإيجابي أو السلبي على الاقتصاد الوطني، واقتصاديات القرى والبلدات التي تحتضنهم. ففي البقاع، حيث اللجوء السوري هو الأكبر نسبيا في لبنان (إحصاءات الهيئات الدولية في البقاع قاصرة عن إعطاء رقم واضح ونهائي) بدأت التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية بالظهور. فعلى سبيل المثال، بات 16% من سكان بلدة المرج من السوريين، وفي سعدنايل 20%، وفي عرسال 32%، وفي مجدل عنجر 17%، وفي برالياس 28%. هذه التركيبة الديموغرافية الجديدة في قرى وبلدات بقاعية، بدأ تتجه أيضاً نحو نمو اقتصادي سوري، مع ارتفاع أعداد المؤسسات التي أطلقوها بعد استشعارهم بأن أزمة بلادهم ستطول، فبدأت المطاعم السورية بالانتشار، وكذلك المؤسسات التجارية وباعة الخضر والفاكهة المتجولون، وصالونات الحلاقة، ومؤسسة حرفية صغيرة ومتوسطة، في القرى والبلدات التي لجأوا إليها قسراً، ما فتح باب المنافسة والمزاحمة بين السوريين، وبينهم وبين اللبنانيين الذين بدأوا أيضاً بتأسيس أعمال تجارية مشتركة مع سوريين متمولين، أو نجحوا في تهريب أموالهم ومعدات مؤسساتهم للاستثمار هنا.
وفي آخر إحصاءات مصلحة الصحة في البقاع، أن منطقة البقاع الأوسط شهدت خلال الأسابيع الماضية افتتاح 260 مطعماً سورياً، ولا سيما في سعدنايل وبرالياس وعلى طريق المصنع الدولية. فيما لم تنجز الإحصائية حول أعداد المطاعم السورية التي افتتحت في البقاع الغربي وراشيا، بينما تشهد منطقة بعلبك نمواً خجولاً في افتتاح مؤسسات سورية. ويكشف أحد العاملين في مصلحة «صحة» البقاع لـ«الأخبار» أن دوريات المصلحة على المطاعم السورية في سهل البقاع، تظهر أن التزامهم القوانين المرعية الإجراء أكثر دقة من تلك التي ينفذها اللبناني، مشيراً إلى أن التقارير التي أعدتها المصلحة لم تلحظ مخالفات لشروط الصحة العامة، ولا في النظافة.
هذا الإقبال السوري على افتتاح مؤسسات وتوفير فرص عمل لسوريين حصراً، بدأ يحدث تململاً في بعض بلدات البقاع. فالمنافسة على أشدّها بين المطاعم اللبنانية والسورية. وأسعار سندويشات الشاورما أصبحت رهن البورصة اليومية للمنافسة غير المشروعة بين الطرفين. ففي جولة ميدانية لمقارنة الأسعار والنوعية والخدمة بين المعطم السوري واللبناني في سهل البقاع الأوسط، يتبين أن الزبون اللبناني يفضل المطعم السوري بسبب السعر الأقل والخدمة الأفضل، وهذا ما فتح المنافسة على مصراعيها، وألزم أصحاب المطاعم اللبنانية بخفض أسعارهم لمواجهة المنافسة السورية. ويقول «الزبون» اللبناني أحمد بو علي إنه يفضل شراء سندويشات الشاورما من مطعم سوري؛ لأنها أرخص وأكثر كرماً. لكن أصحاب المطاعم اللبنانية وجدوا في المنافسة السورية لهم عملاً غير مشروع، ويطالب أحد أصحاب المطاعم في برالياس بإقفال المطاعم السورية فوراً، ويقول إن كل المطاعم السورية تستورد موادها من سوريا، لا من لبنان، والفارق بين الأسعار في البلدين يسمح للسوري بالبيع بسعر أقل.
الواقع التنافسي بين اللبناني والسوري في الطعام على أرض سهل البقاع، ينفيه صاحب مطعم سوري يجد في الهجمة اللبنانية عليهم أنها غير واقعية. ويقول أبو عمار إن مطعمه لا ينافس أي مطعم لبناني، وإن ما يقدّمه غير متوافر في المطاعم اللبنانية هنا، موضحاً أنه افتتح مطعماً في برالياس بعد دراسة أجراها وتبين له أن ما سيقدّمه من أطباق شامية غير متوافر في المطاعم اللبنانية، كالفتة وطبق الغمة المكون من قوائم الخروف وأمعائه المحشوة بالأرز واللحم الناعم والمطيبات. ويلفت أبو عمار إلى أن أغلبية المطاعم اللبنانية في البقاع من السوريين والإدارة فقط لبنانية، معرباً عن اعتقاده أن ارتفاع عدد سكان البقاع بسبب اللجوء السوري «يسمح بافتتاح مؤسسات. فكلما ازداد عدد السكان، تزداد الحاجة إلى افتتاح مطاعم».

الطرطيرة وصالونات الحلاقة
تغزو الأسماء السورية السوق التجارية في البقاع، مثل «بوابة دمشق» و«الشام»، إضافة إلى أسماء المسلسلات السورية. وتتراقص وسيلة النقل الصغيرة، المعروفة شعبياً في سوريا باسم الطرطيرة، على طرقات البقاع الداخلية، مع انتشار مئات عربات بيع الخضر والفاكهة على الطرق ومفارقها. وعدا المطاعم وعربات البيع، بدأت صالونات الحلاقة الرجالية والنسائية السورية بالانتشار. ففي بلدة المرج أكثر من 15 صالون حلاقة لسوريين، وفي سعدنايل أكثر من 5، وفي برالياس افتتح سوريون 6 صالونات حلاقة وبأسعار متهاودة (قص شعر وحلاقة ذقن بـ 3 آلاف ليرة لبنانية).

الأربعاء، 6 مارس 2013

وينام القمر







    .. وينام القمر
 الصيف أسوء مواسم الغياب
كيف أضم يديّ إلى صدري دونكَ.. في هذا الحر
***
كلّما تذكرتكَ تقمّص عطركَ شكل جسدي
فأجمع من بقايا رائحتكَ جداولاً
هربت من ملامحكَ
***
هذه التفاصيل المنثورة على جسدكَ لي
والآه المرتعشة في حقل رغبتكَ لي
وبوح روحكَ لي
ينزف الحنين من أصابعي
فيرتجف الأرجوان النائم فيك
      ***
أشتاقكَ كالشمس التي تبتسم بين أصابعكَ
كالفراش الغافي على عنق السنابل
أشتاقكَ حتى ليكاد الخمر يشرب المطر
***
أيها المتوحد بتعددي ..والمتعدد بوحدتي
دعنا على شقائق شفاهكَ..و نوارس قلبي نصلي
لنخلق أنبياء الوقت والرماد
***
أخلع على هونٍ جسدي وأنا الأشتهيكَ عاري الذاكرة إلا مني
أنحني كما الزنبق على شفتيك..بين يديك
كم أحن إلى صلاتكَ ..قيامكَ.. قعودكَ
وخشوعكَ
وحزنكَ الشتائي الشهي
وجسدكَ القمحي..القصيدة
يحيطكَ بخار أنفاسي ليتشكل الغيم
ويلقيني في أرضكَ شمساً
ويلقيكَ في صدري قمراً
وأغتسل معكَ بكَ ..فتولد الحياة
***
أيها الموغل في الحب هبني من صمتكَ
اليبوحني صوتي
لأوقد القصائد وأهزم السبايا المتعبدات على شرفات عينيك
***
يا قرص شمسكَ
الكلّمات صلّت لعينيّ
قام كأس النبيذ حياً.. وصام المطر
أحبكَ ويغفو الكلام
وينام القمر.
(يسرى)

الثلاثاء، 5 مارس 2013

المطر حين يأتي








           ما أجمل المطر حين يأتي *


قال تسكنيني كالشمس وغاب في صمته
تأوه كأنه يحدث ذاته
ثم قال هذا البحر الذي آتيه لك أنت...
وغاب في صمته يستجدي النفس بأنفاسها
أغلق الهاتف ... دون أن يدرك أنه يعاكس المطر ...
يمسك يد المطر يحاول دونا ألآ يرتجف من رأسه حتى نخاع عقله وحتى قاع حنجرته
يبعثر الكلام ويأتي بقليل كثير..
يترك يد المطر
يدون الكون بحضرتها فوق العمر المتهاود أوله وآخره
وينتظر الى أن يحين موعد المطر
***
قال رافقيني الى حين
فالموج ساكن الآن
وأنت معي أكتشف معنى الابتهالات رغما عن تطرفي
رفعت عيناها بتحد وقالت بكبرياء كل النساء
أنت ما أدراك بالموج ؟؟
لا تتوهم السكون في أي حين
هذا السكون واهم
لا تنفع فيه أي من الأبتهالات
ولا يسعفه حتى تطرفك
قال معذورة أنت
قالت وعذري اليقين
قال وأي يقين هذا؟؟
فأجابت: انه اليقين بالشقاء
لم يستطيع أن يلهث أو يتأوه
بل قال لنا لقاء آخر ..
غادر حاملا معه بعضا من أشياءه وكراكيبه
تاركا وراءه لا شيء وكل شيء...
***
قال: صار انتظامك فيني التزام كالنفس
قالت: أنا ضد كل ألتزام
قال :ما بك يثير حسرة وارتباكا وشكوكا
قالت : في ماذا؟؟
قال : ما أظنك تحبيني ؟؟
وما أظنني رجل أحلامك ؟؟؟
ضحكت بجنون ...
قال محدقا فيها : أخشى الصمت
في عينيك الشقيتين
يقلقني...
قالت : بعض من الصمت جميل
قال : ليس اليوم
قالت: لماذا
قال: انه لقائنا الأخير ما قبل الرحيل
قالت حانقة ولماذا الرحيل ؟؟؟
ردد وراءها لماذا الرحيل ؟؟حتى تلبسي الحداد لأيام
و حتى اكتشف معنى العيش منفيا من دونك
وحتى تعترفي سيدتي
بأن بعض الرحيل جميل ولا بد منه
***
وقال اعذريني
أخاف أن أعد حبات المطر
أخاف أن أكيل المطر كي لا أجف
أخاف أن أبتل بك
أخاف المطر لأني لا أرى من خلاله
..
وأخشى أكثر أن يطهرني من جنوني وذنوبي وما أعود أنا أنا
أخشى أن يسقط المطر ويتوقف
أخشى أن أعاقبك حبا فتهربين
وأن أجاريك مطرا فيفيض الكون ويغرق
أخشى أن يذيب مطرك بدفئه هذا الجليد الرجولي
فأتحضر..
وأتورم ...
وأتعقل..
وأتجرد..
وأتلعثم ...
مازلت سيدتي في طور البدء
وما زلت أتعلم أحرف رجولتي
وما زلت كأول الخليقة
فيك رجل بدائي لا يتقن فن المطر سيدتي
فاعذري خوفي وجهلي بروعة المطر
فعمر رجولتي أبتدأ بك
أعترف سيدتي أني كنت دائما
أدون اللغات
دون أن آهتدي بها
أؤجج الثورات وأخاف أن أعالج ثوراتي
وأخشى أن أتورط بها
وأخشى أكثر أن تسقط ثوراتي عند سطور قدميك
...
تنهدت بعذر الكلام
لاحتقان البلل
واحتكرت في جعبتها طيفا من بعض الكلام
واتدثرت في سكون أوراقها
وأخفت جوعا عتيقا لوهلة الوقت القادم
وانكبت على أوراقها تمحور اكتشافاتها المتأخرة
وتتذكر أحلام وهي تقول لن أكتبه حتى أشفى منه
ولكنها تذكرت توأمها وهي تقول بل أكتبيه حتى تشفي منه.
                                                                    ( جميلة مسلماني )
 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
  * الى ميسون المطر