الأحد، 22 مايو 2011

لا حق لاحد في الغباء ـ ميشيل كيلو


لا حـق لأحـد فـي الغبـاء!

ميشيل كيلو
لا عيب في أن يغلط المرء، إلا إذا كانت غلطه يخرب بيت غيره. يحق لكل مخلوق أن يتبنى آراء خاطئة وأن يعبر عنها و»يناضل» من أحل تعميمها وإقناع الآخرين بها، ويحق لكل مخلوق رفض ما يقوله غيره والرد عليه بالطريقة التي تعبر عن مستواه العقلي أو النفسي - في حال كان بلا مستوى عقلي -، خاصة إن كان من ترفض آراؤه أو قراراته يؤمن بحق الآخرين في أن يكونوا على صواب، وحقه هو في أن يكون على خطأ، وفي أن يصحح خطأه. من حق أي كان التعامل مع الآخرين وكأنه لا يعرفهم، رغم أنه ربما يكون قد أمضى فترة مهمة من حياته في حوار معهم أو في صحبتهم. أخيراً، يحق لأي كان توزيع شهادات الوطنية ذات اليمين وذات الشمال، وتقديم النصح لمن يشاء من دون حساب. نحن، كتاب وكتبة هذا الزمن نطرح قراءتنا للواقع في سوق الآراء والأفكار والمواقف المتناقضة المتضاربة، ويعلم بعضنا أن ما يقوله هو مجرد اجتهادات تستند إلى فرضيات غالبا ما تكون ناقصة أو أحادية الجانب، وأن أقواله وآراءه ليست منزلة أو معصومة، وأن من الطبيعي أن تلاقي القبول أو الرفض، لأن هذه كانت حال البشر في كل زمان ومكان.لكنه لا حق لأحد في الغباء، خاصة إن كان من العاملين في الشأن العام. أقول هذا لأصوات متفرقة تعالت من أماكن بعيدة استنكرت لقائي مع شخصية رسمية سورية وتخوّفت منه، حتى أن أحدهم خشي أن أؤكل يوم أكل الثور الأبيض، وذكرني بأن ما فعلته في الماضي لم يحمني من السجن، ونسي أنني لو لم أفعله وأنا بكامل قواي العقلية لما أوصلني إلى السجن أي شيء! ما علينا، يستمد موضوع هذه المقالة أهميته من تباين مواقف الناس حول ما يدور في بلادنا: سوريا، التي نحبها جميعاً ونريد أن تخرج من أزمتها الراهنة إلى ما فيه حرية وحقوق شعبها، وسلامها وأمنها واستمرارها كدولة هي ركن المشرق العربي، إن أصابها ـ لا سمح الله ـ مكروه، كان في ذلك نهايتها ونهايته، خاصة بعد مأساتي فلسطين والعراق .سأستعرض في عجالة أحد محددات موقفي من أزمة سوريا الحالية، بدءاً بأشد تظاهراتها عمقاً: أعني إنكار طابعها كأزمة والتعامل معها كمؤامرة، مع ما يترتب على ذلك من مشكلات تزيدها، كأزمة، تعقيداً وتجعلها عصية أكثر فأكثر على الحل، بالنظر إلى أنها تدفع بعض مكونات الوضع وعناصره وقواه إلى الهامشية، وبعضها الآخر إلى مواقف تصعيد متقابلة تفاقم طابعها والأحوال العامة، وتضفي عليهما عنفاً لا يني يتعاظم، مع أن المطلوب حل الأزمة، بروية يُمليها وعي الواقع على حقيقته، كأزمة، ورؤية منفتحة على الإقرار بما قد يكون هناك من أخطاء والاعتراف بأن للآخر حقوقاً يجب أن تلبى.لا حاجة إلى القول: إن التعامل مع أزمة يختلف اختلافاً جذرياً عن التعامل مع مؤامرة. الأزمة مشكلة أو جملة مشكلات لم تحل. وهي تفقد صفتها كأزمة بمجرد أن توجد لها حلول تتفق مع طبيعتها، التي قد تضم عوامل اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية أو ثقافية... الخ، فإن أحجم المعنيون عن حلّها بوسائل تزيل أسبابها، تحوّلت إلى أزمة مستعصية وانعكست أكثر فأكثر على الحياة العامة في جملتها، خاصة إن كانت مركبة واكتسبت بعداً اجتماعياً يدفع الناس إلى المطالبة بإزالتها، عبر إصلاحات تتخطّى مظاهرها الخارجية إلى الأبنية العامة العميقة التي أنتجتها، إن كانت من طبيعة شاملة. في هذه الحالة، تغدو الأزمة عاملاً كاشفاً يفصح عن طبيعة الأمر القائم وأهلية القائمين عليه، ونوعية تفكيرهم وخياراتهم وارتباطاتهم، ينجم عنها تغيير يخرج الواقع من مأزق لا خلاص منه في إطار الوضع الذي أنجبه وبمفرداته، ويأخذه إلى بديل هو بداية تكوينية جديدة بالنسبة إلى سائر أطرافه. بقول آخر: ثمة في كل أزمة سياسات ومصالح ومجموعات اجتماعية وقوى سياسية وخيارات وثقافة وتوافق واختلاف وبدائل، فهي كالمرض تمتحن صحة الجسم السياسي والمجتمعي، وتبين قدرتهما على التفاعل، ونوع التفاعل، مع ما ينشأ فيهما من مشكلات، إن أهملا حلها انقلبت إلى أزمة، وإن استمرت أدت إلى انعكاسات تطاول مجمل البنيان المادي والروحي للبلد، والإجماع الوطني وعلاقات الحقل السياسي، ورؤى وخيارات مكوناته، وأنتجت تناقضات متفجرة الطابع، خاصة أن وقع خلاف بين أهل الحل والعقد حول سبل التصدي لها، تحول إلى صراع داخلهم قد يبدأ محدوداً لكنه يتسع ويتفاقم باستمرارها، إلى أن يصير جزءاً منها يسهم في شل قدرة من يتصدون لها وفي إضعاف مسعاهم، خاصة إن نشأ توازن بين القوى المتصارعة يمنع أو يصعّب الخروج منها، أو إذا دخلت قوى خارجية على خط الصراع، وشرعت تمسك بالمفاتيح التي تمكّنها من إدارته لمصلحتها. نحن اليوم ـ للأسف - على مشارف وضع كهذا، فالأزمة لا تحلّ بالوسائل التي تستخدم للتخلص منها، وهي تدخل أكثر فأكثر في طور احتدام واحتجاز داخلي، وتنفتح أكثر فأكثر على تدخلات خارجية ستبدّل طابعها، وتزيدها تعقيداً، وتضعف أطرافها. ليست الأزمة العامة: الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية... الخ، التي تواجه مجتمعاً أو نظاماً ما ولا يمكن أن تكون مؤامرة، ما دامت الأزمة التي تنجم عن مؤامرة من طبيعة أمنية/ سياسية، وبما أنها تكون محدودة وتتجه ضد أو تقتصر على قوى تعمل غالباً في الصعيد السياسي، وتنصبّ على جوانب من علاقات مكوّناته، وتستخدم في حلها وسائل سرية غالباً، وتذهب دوماً نحو العنف وكثيراً ما تنهض عليه، بحيث لا يعقل أن ينخرط مئات آلاف أو ملايين المواطنين في أي وطن، من المطالبين علانية بحقوق تنتمي إلى الحقل السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي، أو إلى هذه الحقول مجتمعة، في مؤامرة، أو يكون لحراكها طابع المؤامرة: الذي يتسم بطابع فئوي/ أقلوي وسري، ويكون غير دستوري وشرعي. من هنا، لا تقهر المؤامرة بالوسائل التي تحلّ الأزمات، ولا تنتمي إلى الحاضنة التي تنتسب الأزمة إليها، وإذا كانت الأزمات تستغلّ من قبل من يريدون الانخراط في مؤامرات، فإنها تبقى مختلفة عن الأخيرة، في طابعها ومداها وحواملها وسبل معالجتها، فالأزمة، متى صارت عامة بصورة خاصة، لا تعالج بالقوة، لأن موضوعاتها ليست أمنية أصلاً، رغم أنها تترك انعكاسات واضحة على صعيد الوحدة الوطنية والنظام العام، بينما تعالج المؤامرة بواسطة الأمن وسياساته.ثمة علامات تشير إلى أن النظام في سوريا لا يرى ما يحدث كمؤامرة، وإن قال إعلامه وتصريحات بعض مسؤوليه ذلك. لو كان يعتبره مؤامرة، لما قال بالحوار الوطني ووعد بإجرائه، علماً بأن الحل الأمني يعني، بالمقابل، أنه يتعامل معها، بما هي أزمة، من خلال وسائل لا تصلح للتخلص منها. هنا يكمن جزء مهم من المشكلة التي نواجهها جميعاً: مشكلة الإقرار الضمني بوجود أزمة يتم إنكارها علناً والتعامل معها بصفتها هذه، ومعالجتها كمؤامرة وبوسائل مكافحة المؤامرات، التي لن تنجح في حلها، لكونها تستهدفها حيث لا توجد، مع ما يترتب على ذلك من تفاقم في الأزمة خاصة، وفي الأوضاع العامة إجمالاً، ومن تخلق بيئة للتآمر ولقرينه: العنف، ليس النجاح في كبتها وحتى التخلص منها كافياً بأي حال للتخلص من الأزمة، التي ستستمر في التفاقم نتيجة الامتناع عن التصدي لها بصورة مباشرة وصريحة، حيث هي قائمة ومنذ فترة طويلة: في السياسة والاقتصاد والمجتمع والثقافة... الخ، كما في علاقات هذه الحقول بعضها ببعض، وعلاقات السلطة بالدولة والمجتمع والعكس... الخ.لا بد من معالجة الوضع السوري الراهن باعتباره نتاج أزمة لا تحل بالقوة، ولا بد من حل سياسي لها يتم في حاضنة عامة تجمع الأطراف الراغبة في حلها والقادرة عليه من سلطة ومعارضة، على أن يكون للمواطن العادي، المطالب بحلها، أي بحصته من الحرية والثروة، دور فاعل فيه، يبدل موقعه من الحياة العامة، ويتيح له الانتقال من هوامشها الخارجية إلى مركزها، ضمن علاقة جديدة بينه وبين السلطة والدولة، تنهض على أسس متوافق عليها يتم بلوغها حوارياً وسلمياً: من دون عنف أو إكراه وخارج أي فكر أو فعل تمليهما موازين قوى تفرض العنف والإكراه. هذا الحل يجب أن يتم في إطار وحدة الجماعة الوطنية السورية، وسلامة وأمن مكوناتها جميعها، ولا مفر من أن يكون نتاج تسوية تاريخية حاملها الرئيس المجتمع المطالب بالتغيير وتعبيراته السياسية، على أن يكون المتمتع الرئيس بثمارها وعوائدها، من دون أن يعني ذلك الانخراط في صراعات نهائية، ووقوع انقلابات لا يعرف أحد نتائجها، في بلاد صار من الواضح أنها تعاني من نقاط ضعف ترتبت على طول وتشعّب أزمتها، بعد أن نحّت نخبها السائدة السياسة عن علاقاتها مع مجتمعها، وأحلت محلها قدراً غير سياسي من العنف، كأنها لا تريد العقد الاجتماعي ولا تقبل أية صورة من صوره، ولا تعلم أن المواطن يتخلى للدولة عن حقه في العنف مقابل منحه الحق في الأمن، في جل مشكلاته بالسياسة وليس بالعنف، وأن احتكارها للعنف يعني امتناعها عن استخدامه، وإخراجه نهائياً من الشأن العام، وعدم اللجوء إليه خلال الأزمات، وحتى عند التصدي للمؤامرات، التي لا بد أن تفشلها السياسة ووسائلها: بصورة استباقية دوماً، فإن حدث ووقعت بالعنف في حدود دنيا ومدروسة تطاول المتآمرين أنفسهم، بينما يستمر بقية المواطنين في التنعم بالسلام والأمن، وممارسة أدوارهم العادية في أجواء من الطمأنينة والحرية.لا يحق لأي سوري التعامل بغباء مع وطنه، وإلا ضاع وأسهم في ضياعه. ولا يحق لأحد أن يخرجنا من الوضع الحالي إلى وضع أسوأ منه، حبا بشعارات براقة أو مغرية، أكان ذلك بالأصالة عن نفسه أم تقليدا لحالات عربية ودولية عرفتها بلدان أخرى، لا يضمن نجاحها هناك نجاحها في تحقيق الهدف ذاته هنا، كما لا يضمن بقاء سوريا على حالها الراهن، وطنيا ومجتمعيا. لذلك، لا بد من حل سياسي يتصدي بكل جدية للأزمة القائمة، وهي مزمنة وصعبة ومن نتاج السياسات والخيارات الرسمية، لننتقل سلميا وتوافقيا وفي إطار آمن يلبي حاجة جميع السوريين إلى نظام حريات يحفظ مكونات الحقل السياسي السوري، وإن أعاد النظر في أوزانها وأدوارها، ويضع بلادنا أمام تاريخ جديد هو لنا جميعا، نطوي معه ما نعانيه اليوم، وعانينا منه خلال تاريخنا الحديث كله، من ظلم وتهميش، نرى فيه الأمل الذي بقي لنا، وإسهامنا الوطني والقومي والإنساني في نهوض عربي نعيش بداياته، ولا بد أن يكون لنا فيه دور يليق بنا كمواطنين عرب أحرار يعرفون كيف يعالجون مشكلاتهم، ويحافظون على سلامة وقوة وحرية دولتهم ومجتمعهم.

                                                                        (السفير  : 21\5\2011 )

الأربعاء، 18 مايو 2011

عيناك فهرس يفسر فراغي

عيناك فهرس يفسر فراغي
 قال لها:
عدت ولم اجدكِ..
حملت جسدكِ على راحة عمري.
 عانقت قبلتكِ..
رميت مخدتي خارج السور..
الستِ سرير احلامي؟
رائحة ترابك .. مطر الله
ومكة؟
 غرفة راقصات..
خمرهن من نهر الفرات..
وبردى؟
يشبه حنين صوتكِ في كأس ..
وثمالة عمري بين شفتيكِ.
****
قالت له:
 ـ وهبتني الكوثر ولا أريده..
قبلاتك أشدّ عذوبةً..
أفكر أن أمددك على سمائي
 كي لا تحلق فيكَ سواي.

(عيناك فهرس يفسر غيابي)




الاثنين، 16 مايو 2011

ليس بالممانعة وحدها تحيا سوريا

ليس بالممانعة وحدها تحيا سوريا

الأربعاء، 11 مايو 2011

خوابي انوثتي

                                                                                      (الصورة لـ: كامل جابر)
‫           خوابي انوثتي

الفراشة تعشق الرقص على لهيب كلماتك.  اعشق كيف احاصرك باحرفي فتهزمني بنقاطك. ارسمك فاصلتي فترميني بين قوسي سرك المقدس من على حواف كاسك. ترجلت قبلة و نامت بين شفاهي وتأبى ان تستفيق. اعرف اني حروفك حين تعتلي جنونك صداك انا وحلمك بالحياة. يا قلب الدنيا وروحها  احبك خمس مرات في اليوم .. مرة لاكفر عن ماض لم تكن فيه ومرة لانك تبقى فيه، اما باقي المرات لاني اؤمن بك..اهزم الشوق حين اكتب اليك، ويهزمني الحنين حين تجيبني كلما ناديتك. اعشق التجويد.. وكلما اجبتني ادمعت روحي لعذوبة قداسك.اجمل عشق هو فضاء ارضه عينيك و سقفه صدرك.. اجمل السفر خيال حدوده انت. ارهقني التعب و انا التقط انفاسك يا عناقيدي. خوابي انوثتي تشتهي الثمالة بصحبة الامس.ايها الرجل الذي فقد ذاكرته في قلبي ليس هناك اشهى من رائحة جسدك وهو نائم، ورائحة رجولتك وهي تستيقظ.يا كل الرجال وبعضهم على جسدك اغدو وطنا لك وتغدو شعوبا لي.يا كل الحياة وبعضها يحدث الان.. اني استشهد لغيابك.
(يسرى)

الأحد، 8 مايو 2011

اقرأ في الافق


                 اقرأ في الأفق

بزوغ ضوء
ينبس بخفة
من طيف شامٍ
قادم كنسمة مع السحاب الآتي
ليشق الدجى..
جنوباً
ويحط من حيث يلتقي..
إنه سيدنا عيسى
أهي طبريا
بزرقة مائها وصفاءئها ؟
أتخيلها
وأراها كما أحلم بها
هل هو
النور الهادي
لامعاً بسيفه
من المدينة
ليحط
في رحلته الأولى
حيث يلاقيه
موج شامي
معتق بأموي..
حيث الشرق
من شرق دمشقي
أو انه مجرد حلم
يلوح في الأفق
ممزوج بعطر ربيعي؟
                                                                                                   (نبيلة)

الجمعة، 6 مايو 2011

كروم الشام

(ع.د.)
كروم الشام 

سماء روما تمطر نبيذك..
 القليل لي على شفتيك. 
 بيروت عطشى
 وبحرها رسول كأسكِ
ترقصين على ايقاعات هديلكِ..
***
الاموي يصرخ..
ساحات روما تضحك
ورقصة خلخالك رنين
نبيذكِ؟
***
اصنام العرب بلا عربة خيل
وانتِ؟
تغسلين وجهكِ
بنبيذ الشام وتفاح درعا
***
لنا حكايات اثينا
وآلهة تصنع حريتها..
ابناء آدم يسرقون تفاحتكِ..
خلخالك يزين ميدان حوران،
وكروم الشام .. ميدان رقصتكِ.
(عفيف)



الأربعاء، 4 مايو 2011

ايها الجاثمون

(الصورة لـ: كامل جابر)
 ايها الجاثمون 

 رغم الرغم سيبقى الأمل يجاور نفوسنا. فكل ربيعٍ يبدأ خجولا..  
رغم القهر والقتل سنظل ننحت إيقاعات صبرنا على آهاتنا.. فلا بدّ أن ينتبه الفرح لنا يوما.
 لن نيأس حتى ولو أزهرت على جنبات اليقين بعض الكآبة. إعتقدوا أنهم وأدوا بعض الصوت.. لكنهم دُهشوا كيف أنّ الروح لازالت تغني وأنّ للأمل بقية في  بقيتنا...
أيها الجاثمون على صدورنا ولئن  بات الخلاص أمل يقتات من شوك جهنم.. سنتبعه.  
غريبة هي الثورات كيف تجعل الأموات في موت واحد  .غريبة هي الثورات كيف تجعلكَ تبتسم وأنتَ ترى الشهداء يتناثرون كما يتناثر الحبّ من السنبلة..
(...)

الخميس، 28 أبريل 2011

يا همسي

يا همسي

 مرةً همستَ لي: أضمّكِ كعينٍ تحتضنُ بياضها
وها أنا أهمسُ لكَ : أحتويكَ كما الطهرُ يحتوي عفّتهُ وأُنشدكَ كما يُنشدُ الثائرُ نشيده الوطني.
يا أعمق الحكايا التي لها كلّ أوجه الزمن ..كم تنساب على قلمي  يا ذاكَ الرجلُ الذي أهديه سطري الأخير ..
يا سيد التفاصيل المختبئة في غصةِ البعاد..هل أحدّثكَ عن الغربة التي تحوّل إبتسامتي إلى جثّةٍ باكية حين لا أكون معكَ أم أحدّثكَ حين أتحسسسُ يدي فلا أجد في عمقها يدكَ أم حين أتوهُ خارجَ أسوار حضنكَ.
يا همسي وأنتَ بعيد عني قدري أن أنام وليلي مكسور القمر وأستغرب كيف تنام كلماتي على أزقّة معابدكَ.
يا فرحي..في كنفِ الياسمين أغزل لكَ جديلة مطرٍ وبُردة حب كخد القمر.
كهَطلِ رذاذ البحر المتناثر سكوناً بعد رقصته المجنونة على يديك. أشتاقكَ ورغم غيابكَ مازال الحرف إسمكَ ..طيفكَ الذي كلّما هامَ بي بكت الأشجار وأنكسرت سنديانة الروح.
اَهٍ يا صوته حين يجنح في الوجود أتعافى من الأنا..
اَهٍ يا صوته كيف يرسم شكل النايات على الشفاه عبقٌ غامض..
أنتَ وأنا وترٌ وعازفين .. أنتَ وأنا الرداء والشتاء.
كنتُ أنا وكنتَ أنت لا أعرف كيف كوّنتنا الآلهة يوم إلتقينا ونثرَتنا على العالم فصرنا شفاهي ويداك..
يا كل إبتساماتي الباكية لغيابك مائلةٌ لأفقكَ الشمس..فكيفَ تعتدلُ فصولي
يا كل دموعي المبتسمة لحضوركَ الطاغي  عندما تصدح ناياتي بعشقكَ الشجي يرقص العالم نشوةً.
يا كل ما أذكره من الحياة نضجَ الغياب فصار عمري كزهر البيلسان..
يا أيها الغافي بين ثنايا الروح وخبايا الجسد ألملم لحظاتنا من ذاكرتي لأخترع لكَ عطراً يشبه إنتظاركَ لتعرفَ كم أحبّكَ.
يا كل ضحكاتي التي أعلنت الحداد لغيابكَ..هل تذكر اَخر غربةٍ جمعتنا؟ .. ما زلت أحتضر
يا من أحبّ وأحب وأحب..عوسج فراقكَ يرتعشُ فزعاً.
(يسرى)

الأربعاء، 27 أبريل 2011

لن اخون تاريخي

                                                      (انطوانيت بشارة)

انطوانيت بشارة : لن اخون تاريخي


عفيف دياب

تعرف أنطوانيت بشارة أن الزمن الجميل للنضال قد ولّى. وتعرف جيداً أن عهد توزيع المناشير وتقدم الصفوف الأمامية للتظاهرات أيام «حزب الشغّيلة» قد أصبح ذكرى جميلة في ذاكرة لا تخون. المرأة الثمانينية لم تُضِع البوصلة في زمن «بيع وشراء» العقائد وهي التي قدّمت للبنان وفلسطين نقولا ولولا عبود
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنطوانيت جرجس بشارة، اسم قد لا يعني للبعض شيئاً، وربما بعض من يعرفها قد نسي هذه المناضلة الجنوبية، ابنة دير ميماس، التي تعيش اليوم بصمت على ضفاف بحيرة القرعون، حيث بلدة زوجها الزميل والشاعر الياس عبود، الذي رحل قبل سنوات بصمت، تاركاً أثراً جميلاً يحكي قصص النضال الوطني ومطابع الجرائد الثورية.
تصرّ أمّ فؤاد على حماية هذا التراث حتى الرمق الأخير، وهي التي قدمت أغلى ما عندها من أجل وطن حر وشعب سعيد، متقدمة الصفوف الأمامية للتظاهرات في الجنوب وبيروت وطرابلس والبقاع، من أجل حقوق العمال والفلاحين وصغار الكسبة، بعدما أصبحت عضواً في الحزب الشيوعي اللبناني أو «حزب الشغّيلة» كما تحب أن تسميه.
انتسبت أم فؤاد، المولودة سنة 1930، إلى الحزب الشيوعي اللبناني يوم كان عمرها 15 عاماً. البيت الذي ولدت فيه كان «شيوعياً» و«والدي الرفيق جرجس كان مناضلاً سرّيّاً منذ الحرب العالمية الثانية في صفوف الحزب، و«دخلنا كلنا، في البيت، أجواء العمل السري وتوزيع المناشير ونقل الرسائل الى الرفاق في الدير (ميماس) وصولاً الى مرجعيون والنبطية». وتضيف أنطوانيت بشارة «بعدما انتسبت الى حزب الشغيلة رسمياً، شاركت في أنشطة وتحركات الحزب في كل لبنان. أول تظاهرة كانت في ساحة البرج ببيروت، من أجل الخبز وكنت حاملة لافتة في مقدمة التظاهرة. حاول شرطي قمعي فضربته بها، واعتقلت لمدة 8 أشهر في سجن النساء، بتهمة محاولة تغيير النظام».
لم يزد الاعتقال الأول أنطوانيت بشارة إلا إصراراً على استمرار النضال والتمسك أكثر بخيارات الحزب الشيوعي، فحين أهدر دمها الرئيس الراحل أحمد الأسعد، يوم كانت توزع مناشير في قرى حولا وشقرا وكفركلا تدعو الناس إلى النضال ضد السلطة والتضامن مع فلسطين وشعبها و«انزعج أحمد الأسعد من نشاطي وحركتي، فقال لجماعتو اللي بيشوف هالبنت يقتلها ويجي لعندي ... تعمل لنا مشاكل وتحرّض الناس». لم تكترث ولم تخف منه ومن رجاله و«لا من عيون السلطة واستخباراتها. كنا نعمل بانتظام والناس تحمينا لأننا كنا في حزب الشغيلة معهم وهم معنا، وأنا اليوم أعلن أنني في الحزب الشيوعي ولا أتخلى عن مبادئه، ولا عن نضال كل الرفاق وإن كنت اليوم غير ملتزمة تنظيمياً».
في سنة 1952، توجهت أنطوانيت بشارة مع مجموعة من «الرفيقات والرفاق» من دير ميماس إلى مدينة طرابلس، كان الحزب ينظم تظاهرة دعماً لرفاقنا في كوريا و«اعتقلت لمدة 3 أشهر، وحين خرجت توجهت فوراً إلى مقر نقابة العمال، لأرى ابن عمي الرفيق فواز بشارة حتى يؤمن لي العودة الى دير ميماس، وهناك تعرفت على الرفيق الياس عبود الذي أصبح لاحقاً زوجي، وصرنا نناضل معاً في الحزب ومع العمال ونساعد عمال المطابع».
وتتابع «رفضت الاقتران بإلياس قبل أن أسأل الحزب عنه، وهو أيضاً سأل الحزب عني، إلى أن تم النصيب وصار نضالنا مشتركاً، وكل فترة نبدل منزلاً حين كنا نلاحظ أن أعين السلطة قد اكتشفته، لأنني وإلياس وبعض الرفاق كنا نوزع مناشير وبيانات وجريدة صوت الشعب الناطقة باسم الحزب».
بعدما تزوجت أنطوانيت بشارة، امتدت ساحات نضالها إلى سوريا حيث كان للحزب نشاط كبير هناك و«اعتقلت أنا وإلياس أكثر من مرة، وفي التحقيق لم أكن أقول إنه زوجي ولا هو أيضاً، وكنا نمشي مسافات طويلة حتى نوفر بعض النقود، فكنت أمشي في كل بيروت، موزعة الرسائل على الرفاق في البيوت السرية، أو لأخذ المناشير من المطابع حيث كان إلياس يهيّئها لي أو فواز بشارة الى أن اعتقلت مرة ثالثة خلال مهرجان دعم ترشيح مصطفى العريس، هذا المناضل المنسيّ الذي لا أحد اليوم يتذكره أو يحكي تاريخه». الاعتقال الثالث ليوم واحد أوجب على أم فؤاد أن تبدأ رحلة أخرى من النضال وهي نقل جريدة «صوت الشعب» سراً من بيروت الى دمشق و«صرت لف الجرايد على جسمي وبعدين ألبس التياب ونطلع دغري على الشام، وفوت على حمام بساحة المرجة شيل الجرايد وبتجي رفيقة بتاخذهن بنفس الطريقة بس اطلع».
تهريب «صوت الشعب» الى سوريا وضع أنطوانيت بشارة تحت خانة الاستفسارات الأمنية من قبل الاستخبارات السورية و«منعت يومذاك من دخول سوريا للاشتباه بتهمة تهريب جريدة منشورات من بيروت الى الشام». وتتابع ضاحكة «حتى كرمال إسبانيا تظاهرنا ببيروت ضد فرانكو، ورفعت ملصقاً عليه صورة فرانكو حاملاً فأساً وتحته الشعب ... كان نضالنا جميلاً، حياتنا كانت مليئة بالنضال «مش معقولي اليوم نبيع حياتنا بقشرة بصلة، لازم نبقى نحافظ على تاريخنا ونضالاتنا».
بعد ثورة 1958 لاحقت السلطة اللبنانية إلياس عبود وزوجته أنطوانيت بشارة: «جئنا الى القرعون واشترينا حماراً وبقرة وصرنا نزرع ونفلح الأرض، وبعدين صار الوضع منيح ورجع إلياس على شغل الصحافة ببيروت، وبقينا نطل كل فترة على القرعون، وصار عنا عيلة وولاد، الى أن جاءت حرب 1975 فتهجّرنا من فرن الشباك الى القرعون بعدما أحرق منزلنا والمطبعة التي كنا نؤسسها في منطقة التباريس».
لم تهدأ أم فؤاد في القرعون، ولم تترك الرفاق وحدهم «صرت هون تابع النضال مع الشباب والصبايا، وكانت المقاومة الفلسطينية في أوج عنفوانها، ونحن بالأساس تربينا على أن قضية فلسطين أولاً، وهي ستبقى عندي أولاً، وقدمت ابني نقولا شهيداً من أجل فلسطين، فهو أخذ خياره بكل اقتناع، وربيت أولادي على أن فلسطين لنا، ومن حقنا أن نقاوم لنحررها. وابنتي فيروز تعيش اليوم في فلسطين مع زوجها».
خلال اجتياح إسرائيل للبنان صيف 1982، أخذت أنطوانيت بشارة تتنقل بين القرعون وبيروت، وتنظم حملات الدعم لمقاومة الاحتلال، وحولت منزلها الى مستوصف لمعالجة الجرحى من المقاومين في القرعون وبيروت و«بعد احتلال القرعون سكنت في بيروت، وصرت أنظم اعتصامات وتظاهرات، وعاشت ابنتي لولا هذه الأجواء وانتسبت الى جبهة المقاومة الوطنية سراً، إلى أن استشهدت سنة 1985 خلال مهاجمتها مع الرفاق موقعاً للاحتلال قرب بحيرة القرعون، ولم أعرف بنبأ استشهادها إلا حين وصلت إلى القرعون». تتابع: «استشهدت لولا، وقامت رفيقة من القرعون بدفن جثتها حتى انسحب العدو بعد أيام، وأعلن الحزب والجبهة عن العملية واستشهاد ابنتي».

أم الشهيدين
لا تنسى أنطوانيت بشارة أن دير ميماس والقرعون وجهان لعملة نضالية واحدة. فـ«الدير جارة فلسطين، والقرعون كانت السباقة في احتضان الثوار والمقاومين ... وسأبقى صامدة في القرعون، هذه البلدة التي يحتضن ترابها ابني الشهيد نقولا وابنتي الشهيدة لولا». وتتابع ضاحكة «لا تعنيني المناصب والمراكز، لن أخون تاريخي ولا تاريخ حزبي».


جريدة الاخبار ـ 27\4\2011

حبة قمح


حبة قمح

وجهكِ يحمل شمس البلاد.
بلادكِ لوحة معلقة في سماء..
ريشتكِ ترسم خيطاً يلون الصحراء.
تضحكين ..وتمشين فوق روحي.
***
نملة تحضن حبة قمح
خبزها.. سركِ
وسركِ خبزي.
(عفيف)




http://yohttp//youtu.be/rpr57TUrgwwutu.be/rpr57TUrgww