الاثنين، 26 ديسمبر 2011

بنات المحار..

قصة قصيرة
ــــــــــــــــــــــــــ



بنات المحار..
٢٣ كانون الأوّل ٢٠٠٨

  من يعتلّ بالحبّ أنا لا أواسيه أو أعاتبه
بل أشكر من بالهوى قسى عليه و عذّبه
فالرّوح لا طيب يعطّرها إلّا من أصابه الوله
و لاخلّ مثل الذّي علّم القلب قلمه و أبكى حممه..
فتحت الباب السّادس للقطار الذّاهب إلى باريس لحضور المعرض الذي فتح أبوابه للزوّار، قبل أيام، بعنوان «اللآلئ... التاريخ الطبيعي»....
جلست قرب النّافذة و أنا أتخيّل أشكالها وأنواعها بحسب القليل من المعلومات التّي أمتلكها مفكّرا في التّفاصيل والعناوين التّي قد تصلح لمقالتي الأسبوعيّة...
الطّقس كان باردا جدّا إذ لَثَمَني الصّقيع و نحن على أبواب الميلاد، كان القطار محتفلا و الأشجار على الأرصفة لبست حلّتها و زيّنت شعورها بالأضواء و الحرير و كأنّها تعبد الإله "نور" من جديد أو بالأحرى تغنّي لنجم الحياة السّعيد ...وكأنّ الربّ يدعو لنا ويقول لها في هذا العيد المجيد: ألبستك الشّمس بأنوارها و الرّياح بأوتارها و الأمطار بمائها و اللّوحات بأشكالها و مراحها لتري البشائر في فساتينها العائمة.. والفراش بألوانه يراقصك كالأميرة النّائمة على فِراش من سحاب بريش الملائكة.. فتسُكرين الكلام المباح وتضاجعين نور الصّباح.. فتغرين البشر بذبذبات عيونك دون اجتياح وتغلين دماء الشّوق و البرد عندهم دون قراح.. فتنزف دموع الفرح من سمائهم كما في البراح و ينعكس ضوء عيوني في فضائهم .. فينجب الحبّ يسوع أفراح...
فتّشت في ثيابي عن القدّاحة لأشعل سيجارتي علّها تساعدني على تمضية الوقت و على التّفكير. و لكن ما وجدتها، فالتفتّ علّ أحدا يعيرني الفتيل... كانت الشّموع تحيط بي و أنا معكتف في مجلسي و بين فكرة و فكرة... رأيت قمرا جالسا مغمض العينين في مقعد يبعدني بنحو مترين.... غاب كلّ البشر في دقيقتين و التهمني دخان سيجارتي الجديدة في نفسين و صرت أنا حارس الأقمار ببوصلتين يتيمتين وحيدتين...
كان الملاك نائما غير آبه بي أو بالشّباب العابث بالأبواب أو بالطّريق الفّار من الازدحام الإقطاعي..
تركت مكاني و قرّرت أن أستأنس بالنّار الحارقة في ذلك الرّكن الزّجاجي... تثبّتت في الفرو المغطّي قممها و بسيطتها..ما رأيت إلّا وجهها المتعرّي: أصداف محارها تبعث عرق لآلئها و كأنّها تبعدني، جنائن خدّها متفتّحة ورودها تبعث شدى و رحيقا يحرقاني كلّما ابتسم ثغرها و كأنّها تراني أراقصها في حلمي...
لم أستطع مقاومة جاذبيّة أرضها، فارتأيت أن أكون "تفّاحة نيوتن": اسطنعت سقوطي و هويت... ففتحت أصدافها و رأيت لوهلة في لحظة لمحة عن اللؤلؤة السوداء... و كأنّ آلة الزّمان و المكان حوّلتني إلى أخطبوط في جزيرة هايتي يحاول اقتحام مجرّة شفاه محارها السّوداء...
إلهي، يا خالق العينين و باعث الأكوان...
إلهي، يا من تنذر بالصبّر كلّ مؤمن و إنسان...
إلهي، بشّرتني بالعيد و بأمل وليد أحزاني...
ذاب الموت في ليلتي وصرت صائد ريم و غزلان...
اجعلني منجّما أو قارئا للطّالع و الكفّ و الفنجان...
أو ساحرا يتقن سحر الأميرات و العاشقات أو بهلوان...
يلاعب غادة الأقصوصات و الأغنيات، خليلة الزِّمان و المكان....
علّها سيّدتي، تطلبني، فأفرش الزمرّد رمال خطوطها عند الرّحمان...
فقد فاقت أجراس نَفَسِي و لهثات قلبي سرعة ضوء ألف و مائة حصان...
سألتني (باللّغة الفرنسيّة و عربيّة كانت لَكنتها): أتعرفني...؟؟؟
أجبت: لا..( لما لم أكذب؟؟؟ لما لم أدّعي أنّها تشبه زميلتي، قريبتي، أختي أو حبيبتي الغائبة الضّائعة؟؟؟ لما كنت جبان لحظتي و أنا سيّد الأزمنة وقتها و ترجمانها؟؟؟؟).
أعادت السّؤال: أتعرفني؟؟؟؟
فقلت: نعم أنا شادي الخطّاب، عربيّ، مقيم بفرنسا منذ ستّ سنوات بمدينة أميان، عيد مولدي في اليوم الرّابع من الكانون الثّاني، أعزب و صحافيّ محرّر صفحة الثّقافة بصحيفة "الشّرق الأوسط".. و أنت؟؟؟؟
اندهشت من ردّي السّريع و الدّقيق و كأنّها لا تعرفني...
صمتت ثمّ نطقت و أنا كان الحرّ يؤرّقني و الهشيم يتآكلني و ناره: أنا درّة...
- عرفتك، أنت عربيّة مثلي و اسمك يشبهك بل يعرّفك...
احمرّ ربيعها و نطق بابتسامة شكر و خجل و وجل و كأنّني شمس أضاءت شطآنها أو مهراجا رأى انبعاث لآلئها، فاشتراها بل غازلها و أرجعها إلى بحارها حرّة طليقة: بعثتك في أكواني طائرا حرّا، عشقا يرسم بالأزرق الدّافئ جدراني ... يبعث نورا في آخر نفق أرجواني.. بعثتك أبيات شموع تضيء أشعار قرآني.. فأصبحت حركات تزيّن بالتّنوين كلامي... بل صرت العشرين من عمري.. تنثرين عليّ كالصّغر و الشّباب والنقاء والرقيّ النّيازك المسافرة في الكون دون عنوان.
عرفت و أنا معها كيفية تكوّن اللؤلؤ وأماكن تواجده و طريقة زراعته و ألوانه وأسماءه و تصنيفه.
فكنت أنا صدفة بحيرة بيوا وكانت هي الملكة التّي تزيّن قلادة ماري انطوانيت و الثّوب الذّي يعلّق فيه بروش الملكة فيكتوريا ، و الأذنان اللّذان تعلّق فيهما أقراط المصمّمة الفرنسية كوكو شانيل ورأسها تاج الملك شارلز الخامس.
أغرقتني في محيطها الهندي، فكنت الخليج الفارسيّ و خليج المنار و خليجها المكسيكيّ و العربيّ... فأسميتها:إقماشة ...
سافرت و أنا معها إلى العالم. جلست جوارها لمدّة قصيرة، فأدمنتها. دعوتها إلى المعرض، فقالت: استيقظ يا سيّدي، هذه آخر محطّة، وصلنا.

                                                                           (رحاب السوسي)
                                                          تونس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

شهيد النبي صفا



  رسالة الى اخي شهيد النبي صفا

  نبيلة دياب   
بإسمي واسم الشهيد الحي الباقي شهيد الحق والواجب وباسم أهلي اللذين هم رمزاً للتضحية ورمزاً للتعبير عن الأهالي الفداء.  
أطلق كلماتي كما اطلق اخي رصاصاته، أطلقها لتبلغ الهدف لتسير نحو الغاية المنشودة فكلمتي الأولى الممزوجة بعطر الأرض الطاهرة
بأريج وعبير الحزب المتمايل فوق رؤوس الأهل والشعب.
أوجهها  إلى حضرة الأخ والرفيق جورج حاوي إلى حاضن وريقات الزهرات  الباسقة.
إلى كل الرفاق والأخوة اللذين أرى في مبسم كل منهم طيف أخي.  صمت رهيب في ظل سكون ضاحك ليخترق حدود الواجب
باقة يانعة من الشهداء امتدت جسراً يستند بأركانهم، فعبروا عليه بأقدام ناعمة ترتفع القدم الأولى فتعلو شوقاً ولقاءً لمعانقة رفاقهم في السماء، لتحط القدم الأخرى فتطئ بسكون هاديء أرض الكرامة فيرسم حلماً قانٍ يغطي غيوم السياسة  ويمحي عتمة المرارة  لتنير سجية الطهارة بدم نقي يتدفق في نهر الحنايا ليمحي حدود الإصطناع الشائكة.
ماذا جرى وحصل لأندفع وأقول؟  ليلة الثلاثاء  26-12-1989 قالت وأكدت استمرار الفداء والتضحية.
حسين النبي صفا كان هناك، ناداه نبيه محمد فاستجاب الدعاء فاصطفى النبي عند استجاب الدعاء  وكان اللقاء وكان الوداع
منتصف الليل لبوا  النداء ليسيروا ويسيروا حتى يصلوا الهدف المنشود  لتشرق شمس  الضياع.
لا لم يتفتح زهر أخي بعد ولم نروي عطشنا من حبنا له  لم نشبع من حلم يديه  لأنه أراد ان تتفتح أزرار زهره في البستان، لأنه اراد ان يروي بدمائه  عطش ارض العطاء.
لم نرتوي منه لأنه  اراد ان يحقق حلم رفاقه الشهداء.
فلنا جميعا الفخر والإعتزاز لأن أخي استشهد في الموقع الذي يجب أن ننطلق منه جميعاً إخترق حدود الفكر وحدود الكلمة  وحدود الوطن، وضع سياجاً من الياسمين  لإقامة حدود الواجب والكرامة.
إلى أخي براءة الشمس الساطعة
عنق المقاوم الرافع الراية
يا نبع الدمعة السخية
يا ضحكة يا بسمة
يا رمز الطلقة الصاخبة
امي وابي وأختي وأخي
بشرف شهادتك بيرفعوا البندقية
حتى يرتفع ويرتفع ويرفرف علم الحرية
على جبل الشيخ وتلال ضيعتك الحاضنة الخبرية
وداعك وفراقك شتتوا الغصة والبحة الخفية
وصنعوا الدمعة من شرايين دمك الراوي القضية
يا حسين يا زهرة ندية
ما تفتحت الا مع حزبك حلم الشعب والحرية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأحد، 25 ديسمبر 2011

إسراء الروح



    إسراء الروح
 شتوي البيات هذا الحب
ي
نتابني كلّما ضجّ عطر روحي
.....
وأرمي عطره كل مساء لأغفو..
وفي الصباح تنبت رياحينه من جديد
إمتطى صهوة الريح وغاب
فتهاوت مواسم التفاح ..وترنّح صوت الأنامل
بكت زمنه القصيدة
ووسن أغرق العيون
.....
يا طول التنهيد على شوق
ألملم من عينيكَ سرير القلب
يا لشفاهكَ التي تحبو من فوقها الأنهار
.....
أحتطب من شفتيكَ كلماتي ..
وأتلاشى بموقد أصابعكَ
وأرقب ندف همسكَ الصلاة
أغمر طيفكَ .. جسد يشتهي جسد
وثغر يحنّ لثغر من كرز
ونهد يشتهي شفاهكَ التي كضوء القمر
......
كلّما كوّنت صلصالي
تشكّل من جديد على هيئتكَ
كأنّكَ بين أصابعي
كالبحر أنتَ .. ملك المدى .. وأنا مداك
ترتّل القلب ترتيلا بمداد بوحكَ
أقرأ بين يديكَ فاتحة الموج
وسورة إسراء الروح إلى معارج الحب
.....
دثرني ببوحكَ يا ترنيمة الهطل
قبلكَ كيف كانت تُضاء مصابيح القمر
أتوق إليكَ وأنا بين حناياكَ أرتعش
وأتهجي جسدكَ وفي حواسي زوبعة من حب
فتورق عرائش الوقت حول سرّة العشق
......
حبيبي أنتَ وكل الرجال مرايا لكَ
وأنتَ النبي الذي عرّشَ البحر في قلبه
يا نصف الحياة ونصف طيفها الآخر
من يوم أن همستَ : يسرتي
فاض نهر الكوثر
وأنتَ القصيدة على جناح النورس
.............
أيا نبض الحياة في جسدي بغيابك تحتبس الأنفاس
ولا تكتمل..
وإذا عدت منهكة إلى صحراء القلب وجدتكَ
منقوشاً على رماله..
وأشتاق لذاكَ الحب الشتائي بطعم شفتيكَ
وتشتاق لنبعكَ أغصاني
يامن تخطفني وتزرعني وشماً بين كتفيكَ
ثم تنثرني كغيمة من قُبَل
......
يا رجلاً ينتفضُ الشوق من رئتيه.. فأتنفس أنا الحنين
يا رجلاً على بساط من تقاسيم الهوى يأتيني
أشتاق لشفتيكَ ناي الغيم
يا أنتَ كلّما مررتَ بخاطري أورقت شجرة غواية
لعصافير مبتلة بندى يديك ومطر شفاهكَ
يا رجلاً كلّما مررتَ بخاطري خرج نبضي عن الطاعة
.....
يا...
كلّما لامست شفاهي حدودكَ أتاهب للترتيل
فأنا قاب قوسين وأزكى من حبق صدركَ
يا لسهولكَ ما أرحبها
ويا لإرتعاشاتكَ كم هي حاضرة..كالدمع

(يسرى)

الثلاثاء، 20 ديسمبر 2011

حلب والسلطة



 حلب و"وزواج المتعة" مع السلطة

  

سماح عبدو 
ـــــــــــــــــــــ
حلب | لم تكن حلب يوماً خارج المسار العام للنبض السوري، لكنها أيضاً لم تكن يوماً رائدة في أي مسار يحمل أي تغيير، سواء على المستوى السياسي أو الثقافي في البلاد. زواج المتعة الذي عقده تجّار حلب مع السلطة، أضفى على المدينة ملامح لا تشبه ملامح أبنائها الثوريّي الهوى، لكن في الوقت نفسه، الصامتين لاعتبارات عدّة، منها ما يتعلق بلقمة العيش والخوف من القمع. لكل هذه الاعتبارات غير المقنعة بالنسبة إلى المدن التي التحقت بالحراك الشعبي، تأخّرت حلب عن الالتحاق بركب الحراك. اعتقد الحلبيون، وخصوصاً التجّار أن مدينتهم ستكون خارج دائرة ما يرى المعارضون أنه أقرب إلى «العقوبات الجماعية» التي يمارسها النظام، تحديداً في ما يتعلّق بأزمة الغاز والمازوت. وكانت المفاجأة أنّ حلب لم تختلف عن إدلب أو حمص أو درعا، فطاولتها الأزمة وطوابير الانتظار أمام محطات الوقود.
يقول أحد الأطباء في حلب إنه سُجِّلَت في الشهر الماضي «عشر وفيات لأطفال لم تتجاوز أعمارهم ثلاث سنوات نتيجة التهاب القصبات الهوائية الناتج من البرد الشديد». ويضيف أنّ هناك وفيات تحدث نتيجة الاختناق بغاز الكربون «لأن الناس يستخدمون الفحم وسيلة للتدفئة، فهو المتوافر والأرخص ثمناً» في ظل ندرة المازوت خصوصاً. معاناة حلب من البرد تصل إلى تقنين الكهرباء الذي طاول المحافظة شأنها شأن غيرها من المحافظات. ويرى متابعون لصمت حلب أن «هذا التصرف جعل حلب تدرك أنها أضاعت العنب، وأن الناطور سيُقتل لا محال». ويتابع الناشط الحلبي نفسه ليشير إلى أن الحلبيين استغلّوا «الرشى» التي قدمها النظام لهم في بداية الحراك الشعبي، «فقد تغاضت الدولة عن تراخيص البناء غير الشرعية فنشأت أحياء كاملة بلا رخصة قانونية، لكن في الجهة المقابلة كان هناك حراك شعبي خجول»، عُبِّر عنه بطرق مختلفة. على سبيل المثال، يكشف الرجل أنه «جرت حملة في حلب لمقاطعة المحال التجارية التي تعلّق على جدرانها صور الرئيس بشار الأسد»، ويلفت إلى أن هذه الحملة «نجحت نجاحاً ملحوظاً، بدليل أنه نادراً ما عدتَ ترى صوراً للرئيس في المحال التجارية». وتحت هذا الضغط الشعبي، قرّر التجار، كعادتهم، «التذاكي وحمل العصا من الوسط»، فأصدروا بياناً يقولون فيه إنهم سينتظرون شهر شباط المقبل ليروا نتائج انتخابات مجلس الشعب، ووفق النتائج سيحدّدون موقفهم. ويضيف البيان: «إذا كانت الانتخابات نزيهة، فسندعم النظام، وإذا لم تكن كذلك فسنأخذ خط الثورة».
هذا «التذاكي»، على حد وصف أحد الناشطين المعارضين، كلّف أحد صناعيي حلب، بل أشهرهم، حياته. فبسام العلبي، صاحب أكبر معمل نسيج في الشرق الأوسط، احترق مصنعه، ما أدّى إلى إصابته بسكتة قلبية قاتلة. وقُدِّرَت الخسائر وفق النتائج الأولية للتحقيق بمليار ليرة سورية. وهناك روايتان عن سبب الحريق: يقول أحد أصدقاء الفقيد إنّ المرحوم رفض أن يتابع تمويل «الشبيحة» الذين ينتشرون في كافة أنحاء المحافظة فحرقوا المعمل. ويقول صديق آخر للعلبي في الرواية الثانية إنه «يوم إضراب الكرامة (الأحد الماضي)، امتنع عدد من العمال عن الحضور إلى المعمل، فصرفهم بنحو تعسُّفي، وفي اليوم التالي انتقم منه العمال وأرادوا أن يجعلوه عبرة لغيره، فأحرقوا المعمل».
«تخبُّط» حلب بين الشائعات والرواية حول هذه القصة أو تلك الواقعة، له وجهان مختلفان، وكلٌّ يصدق الحقيقة التي تناسبه، لكن يبقى حراك الطبقة المثقفة من أطباء ومحامين وطلاب جامعيين أكثر جرأة من موقف طبقة التجار. ويشير محام ناشط إلى أن هناك «شبه اعتصام يومي للمحامين في القصر العدلي، للمطالبة بالإفراج عن زملائهم المعتقلين»، جازماً بأن عدد المعتقلين من زملائه قد تجاوز الخمسين محامياً. ويكشف أيضاً أن الأطباء «ليسوا أفضل حالاً، فكل طبيب يشارك في إسعاف متظاهر هو مشروع معتقل، أي مشروع شهيد، وخير دليل على ذلك الطبيب صخر حلاق الذي وُجد مقتولاً ومنكّلاً بجثته في ضواحي حلب».
المحامون والأطباء ليسوا وحدهم في وسط الحراك الحلبي الخجول حتى الآن. فالطلاب بدأت مدارسهم تشهد نوعاً من «التمرُّد» السلمي، وإن كان لا يزال محدوداً. ووفق شهادة أحد الطلاب، فهم عندما دخلوا الأسبوع الماضي إلى المدرسة، وجدوا الشعارات المناوئة للنظام منتشرة على جدرانها. ويتابع: «على الفور أخذ المدير على عاتقه معالجة هذا الأمر، وأقدم بنفسه على طلي تلك الشعارات». هذا التصرُّف السريع من مدير المدرسة، كان له وجه آخر في مدرسة أخرى عند أطراف مدينة حلب، حيث خرج الطلاب في تظاهرة داخل حرم المدرسة، فما كان من المدير إلا أن أبلغ الجهات المختصة ليرفع عن نفسه المسؤولية، وقد اقتيد الطلاب بالفعل إلى جهة معلومة نالوا فيها ما يلزم من «تأديب"
*نقلا عن جريدة الاخبار اللبنانية 
20 كانون الاول 2011
                      

الاثنين، 19 ديسمبر 2011

تحقيق

 

                مصابون في سوريا يقومون برحلة خطرة للعلاج في لبنان



سهل البقاع (لبنان) (رويترز) -
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
  يتلقى الطبيب اللبناني المسن رسالة على هاتفه المحمول هذا نصها "حقيبة الباذنجان الخاصة بك جاهزة." يقفز في سيارته الجيب ويسرع الى سفوح التلال على الحدود السورية بحثا عن المحتج المصاب الذي يعلم أنه بانتظار مساعدته.يقول الطبيب محمود الذي يستخدم اسما مستعارا "أحيانا أتلقى اتصالا لعلاج مغص لكنني (كثيرا ما) أجد سوريا هاربا مصابا برصاصة في جنبه. أرى الان واحدا منهم على الأقل في اليوم." وأضاف أن نقل المصابين عبر الحدود المتوترة والخاضعة لمراقبة مشددة تتطلب رسائل مشفرة. ربما تكون المخابرات السورية تراقب المكالمات والرسائل النصية من المعارضة السورية.
وأظهرت أحدث أرقام صدرت عن الامم المتحدة أن اكثر من خمسة الاف سوري قتلوا في الحملة على الاحتجاجات الشعبية ضد حكم الرئيس بشار الاسد منذ تسعة أشهر. ولا يجرؤ الاف اخرون من المصابين على طلب المساعدة داخل سوريا لان اصاباتهم بالرصاص والشظايا ستفضح سرهم للشرطة كمحتجين او متمردين. وينجح البعض في القيام بالرحلة القصيرة المحفوفة بالمخاطر الى لبنان لتلقي الرعاية الطبية. يتسللون متجاوزين جنود الجيش ويتحركون عبر الحدود الملغمة ويتحملون برد الشتاء القارس.
ويقطع محمود بمعدل شبه يومي الطرق الموحلة في بلدته الحدودية الفقيرة نحو منزل امن يختبيء بين المنازل الاسمنتية المتداعية المتناثرة وسط الجبال. في هذه المرة يعثر الطبيب على احمد مصابا في ساقه. جر أحمد نفسه على سفوح التلال التي كساها الجليد ليصل الى سهل البقاع بلبنان. اختبأ في الخمائل حين كانت القوات السورية تبحث عنه. قضى الليل بطوله ليقطع سبعة كيلومترات من قرية القصير السورية القريبة التي ينتمي لها.
وقال احمد "في سوريا الجيش والمخابرات في كل مكان حتى المستشفيات. نخشى جدا الذهاب الى هناك باصابات." وأضاف "اذا لم تدخل مستوصفا بطلقة في رأسك فقد تخرج منها على هذا الحال." ويقول المصابون الذين يأتون الى لبنان ان العيادات السرية المؤقتة التي تعمل الان في سوريا لا تتوفر لديها المعدات اللازمة لعلاج جروحهم. ويحملهم متعاطفون سيرا على الاقدام او على دراجات نارية او حتى على ظهور الخيل. وينتظر البعض أياما الى ان يصبح العبور امنا.
وقال حسن (24 عاما) وهو طالب "نزفت لساعات. كنت شبه غائب عن الوعي من شدة الالم ولم أستطع السير." فر حسن من حمص مركز الاحتجاجات التي شهدت أعمال عنف بعد أن اخترقت الاعيرة النارية ساقه اليسرى. وأضاف "لم تكن لدي أدنى فكرة عمن يكون معظم من ساعدوني. كنت مرعوبا من احتمال أن يكونوا من الشرطة السرية. لكنهم أنقذوني. وضعوني بين حاويتين بلاستكيتين للكيروسين على ظهر حصان فبدونا كمهربي وقود." 
ووصل مئات السوريين سواء من المحتجين العزل او المقاتلين المسلحين الذين يقاتلون الحكومة الى بلدة الطبيب محمود في سهل البقاع كبوابة للبنان. ويقول بعض السكان اللبنانيين ان البعض لاقوا حتفهم خلال انتظارهم فرصة للعبور. ويدعم مسؤولون محليون هذه الجهود لكنهم يطلبون عدم نشر اسم بلدتهم تفاديا لاثارة المشاكل. فعلى مقربة يوجد لبنانيون يؤيدون الاسد. وتنتشر على الطرق لافتات للرئيس السوري وهو يقف مع زعيم حزب الله اللبناني الموالي لسوريا حسن نصر الله. وحاولت سوريا أن تخمد بالقوة الاحتجاجات الشعبية ضد حكم عائلة الاسد المستمر منذ 41 عاما والتي اندلعت في مارس اذار كاحتجاجات سلمية. الان انشق بعض الجنود عن الجيش بأسلحتهم وكونوا قوة تهاجم آلة الأمن التابعة للأسد على الطرق وحتى في قواعدها.
وتقول الحكومة في دمشق انها تقاتل ارهابيين مدعومين من الخارج وانها فقدت اكثر من 1100 من أفراد قواتها في أعمال العنف التي تهدد بانزلاق سوريا لحرب أهلية. عمر (20 عاما) انشق عن الجيش وفر من كابوس. اتسعت عيناه البنيتان حزنا على فقد رفاقه.
وقال "أعتقد أنه تم اطلاق الرصاص علي 14 مرة." ويشير بيديه المضمدتين الى اصابات أعيرة نارية في صدره وذراعيه ومعدته. وهناك خط سميك من الغرز الجراحية في بطنه. وأضاف "استدعيت وحدتي لقمع المحتجين. قمنا باشياء لا أريد أن أتذكرها. حين أتيحت الفرصة هربنا الى حمص وبدأنا القتال."
 وخلال اشتباك مع الجيش منذ عدة أسابيع فقد عمر الوعي بين خمسة من زملائه سقطوا قتلى. ظل في مكانه لساعات لان أصدقاءه الذين كانوا يحاولون انقاذه انتظروا الى ان يتوقف اطلاق الرصاص. وتشبه مناطق من حمص التي جاء منها معظم المصابين الذين وصلوا الى لبنان في الآونة الأخيرة ساحة حرب. ويقول نشطاء ان الجيش يبحث عن المصابين.
وقال حماد وهو محتج يبلغ من العمر ثلاثين عاما من حمص انه اختبأ برفقة عشرات المصابين في مبان مهجورة حتى يحموا أسرهم من الاعتداءات أو الاعتقال إذا عثر عليهم في بيوتهم. وأضاف وهو مقطب الجبين فيما كان طبيب لبناني يغير الضمادة على الجرح الموجود بفخذه "انتظرت هناك لعشرة ايام. أخذت ساقي تتعفن." ويعمل المسعفون في المستشفيات الحكومية نهارا ويعالجون المحتجين في الليل. يتسللون للمساعدة متى تيسر لهم. لكن يجب تهريب الحالات الاسوأ. وحتى على الآراضي اللبنانية لا يشعر المصابون بأمان تام. ينقلون سريعا الى خارج سهل البقاع الذي يغلب على سكانه الشيعة والموالي لسوريا حتى لا يلفتوا الانتباه. وينقلهم الصليب الأحمر الى بلدة طرابلس الشمالية وهي معقل للسنة المتعاطفين مع احتجاجات الشعب السوري الذي يشكل السنة أغلبيته. 
 هناك أنشأ الطبيب السوري مازن الذي يعيش في المنفى مستوصفات سرية. وتعالج المستشفيات اللبنانية العامة المصابين السوريين لكنها لا تسمح لهم بالبقاء سوى أربعة أيام. وقال مازن (24 عاما) الذي تخرج في حمص في فصل الربيع الماضي "هذا لا يكفي لاصابة خطيرة. نحتاج الى مساعدة في علاج هؤلاء الناس لاشهر." لقد قضى الأشهر الاولى من عمله كطبيب في علاج اصابات بأعيرة نارية.
ورافق مازن فريق رويترز إلى جناح بمستشفى مهجور في طرابلس هو مقر مستوصفه بمساعدة متبرعين سريين لعلاج من سيحتاجون لأشهر للتعافي. ويستحيل ابلاغ عائلاتهم بمكان تواجدهم. وعلى غرار اخرين مرر عمر رسالة من خلال قنوات سرية ويتعشم أن يعلم والدته ووالده بأنه حي. وقال وهو يبتسم "أشعر كأنني مت وعدت الى الحياة. بمجرد أن أشفى أريد العودة وقتال النظام حتى الموت. اما نحن او هم."
                                     من  اريكا سولومون (شارك في التغطية عفيف دياب)
                                     رويترز ـ 14 ديسمبر - 2011

جبل الشيخ



 جبل الشيخ:
“متحف الحروب” ومركز التجسس وممر استراتيجي للتهريب*

عفيف دياب
     جبل الشيخ، جبل حرمون، بعل حرمون، شنير، جبل الثلج، الجبل المقدس، اسماء اطلقت على ما سماه العرب لاحقا بـ”جبل الشيخ” او “الجبل الشيخ”. جبل يشرف على لبنان وسوريا وفلسطين والاردن، يستطيع زائر قمته العالية (2814 م) ان يرى اماكن واسعة من سوريا ولا سيما دمشق وسهول حوران وبادية الشام والجولان وقسما من الحدود الشمالية الاردنية والفلسطينية وتحديدا جبال الجليل والخليل وسهل الحولة وبحيرة طبرية، ويستطيع متسلق الجبل ان يرى من على قمته كل جنوب لبنان وسهل البقاع وسلسلة جبال لبنان الغربية.
الجبل الصامد منذ العصر الجوراسي الاوسط، يشتهر بقممه العالية والشاهقة، وابرزها قمة قصر شبيب التي تعلو عن سطح البحر قرابة الثلاثة آلاف متر (يقول عنصر من قوات الطوارئ الدولية هناك ان الارتفاع يتجاوز الثلاثة الاف متر بنحو 15 مترا، ولكن المعلومات الرسمية تعطي رقم 2814 م.) فكان لهذا محط اطماع الامبراطوريات والممالك الغابرة وكان محطة تعبد لبعض المعتقدات الدينية.
الجبل لا تعرف قممه العالية من فصول السنة سوى فصلي الشتاء والربيع واروع ما يمكن لمتسلق “الشيخ” ان يشاهده من قمة الجبل “شروق الشمس” التي تخرج من اسفل معلنة بدء يوم جديد، حاضنة دمشق التي يراها الزائر وكأنها تخرج الشمس من بين بيوتها.
من سهل جنعم، شمال بلدة شبعا، وحتى قمة قصر شبيب، سبع ساعات من السير على الاقدام وقافلة المتسلقين الاحد عشر (من الجنوب والبقاع وبيروت) لم يستطيعوا اللحاق بقافلة “البغال” التي سبقتهم بأمتعتهم، فهي تحفظ عورة مسالك جبل الشيخ، وهي ايضا خبرت دروبه جيدا يوم كان ل”التهريب” عزه وتحولت اليوم الى حاملة أمتعة هواة ومحبي الوصول الى قمة “الشيخ”.
في الطريق الى قمة قصر شبيب تلتقي بالدوريات المؤللة ل”الاندوف” وبدوريات راجلة للجنود الدوليين يمارسون رياضة المشي تحت اشعة شمس حرموا منها بعد حصار طويل فرضته الثلوج عليهم.. وخلال المسير الطويل، تكون مياه الثلوج الذائبة نهارا (المتجمدة ليلا) خير معين للتزود بالمياه التي تحافظ على برودتها رغم اشتداد الحرارة، وكأنك كلما صعدت نحو الاعلى تلامس الشمس مباشرة.
بعد سير مضن على الاقدام، وصلت القافلة الى نقطة التجمع واقيم “المخيم” في حفرة صغيرة تلفها الصخور والثلوج، وحسب الدليل “انها افضل نقطة للتخييم والنوم واتقاء الرياح العاتية من الجهات الاربع رغم وجود “جبل” ثلجي يتجاوز ارتفاعه العشرة امتار.. وزيارة قصر شبيب لن تتم الا بعد الاستراحة ونصب الخيم واعداد طعام الغذاء.  
المتحف الحربي 
  جبل الشيخ، الذي كان في يوم من الايام، غنيا بالغابات الكثيفة من السنديان والبلوط والملول والقيقب واللبان والزعرور والخوخ البري والبطم، يصعب على زائره ان يجد ولو “عودة” حطب واحدة، وعلى المتسلق حمل “اكياس” من الفحم لاشعالها واستخدامها للتدفئة والشواء. فالارض هناك غنية اليوم بما خلفته الحروب بين جيش الاحتلال الاسرائيلي والجيش العربي السوري ولا سيما في حربي 1967 و1973، فكيفما درت في جبل الشيخ يقع نظرك على معدات حربية خلفها العدو الاسرائيلي خلال محاولاته احتلال القمم العالية هناك، وتشير المخلفات كم كانت المعارك شرسة ولا سيما خلال حرب تشرين. ويقول احد جنود “الاندوف” عندما سألناه عن هذه المخلفات ان “القوات الاسرائيلية كانت تتمركز في المنطقة وتقيم لها تجمعات عسكرية وان الجيش السوري استطاع السيطرة عليها بعد ان استهدفها بمئات الغارات الجوية والقصف الصاروخي وعمليات الانزال”. بقايا صواريخ “الغراد” المنفجرة والتي لا تعد ولا تحصى يخالها المرء انها نبتت هناك، فخلف كل صخرة وحجر تعثر على بقايا صاروخ او قذيفة مدفعية اضافة الى عشرات الحفر التي احدثتها صواريخ الطائرات.. وملايين الشظايا التي صنع منها احد جنود “الاندوف” صليبا تركه معلقا كذكرى فوق اعلى قمة في جبل الشيخ واكثر ما يلفت نظر الزائر ل”المتحف” الحربي في جبل الشيخ ما تركه العدو الاسرائيلي من اثار لمروحياته المدمرة خلال حرب تشرين 1973 واثار مواقعه المدمرة التي احتلها في حرب 1967 والاسلاك الشائكة التي حولها بعض الرعاة الى “زرائب”.
المواقع العسكرية الاسرائيلية في تلال جبل الشيخ ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلة، ترتبط مباشرة بطرقات معبدة ببعض المواقع الاخرى في الجولان العربي السوري المحتل، وابرزها مواقع ومراكز الرصد والتجسس، وهي تشكل العمود الفقري للاحتلال ولها اكثر من طريق معبدة وترابية وتظهر بوضوح اجهزة الرصد والتجسس والتنصت. فبعد ان سيطر الاحتلال على قمم ومرتفعات جبل الشيخ باشر بإنشاء شبكة من الطرق لربط مواقعه بعضها بالبعض الآخر. وتمتد هذه الشبكة من معسكر النخيلة عند الطرف الجنوبي الغربي لمزارع شبعا (300 م. فوق سطح البحر) مرورا بكافة المواقع داخل المزارع وتلال كفرشوبا وصولا الى قمم جبل الشيخ المشرفة على الجولان والجنوب اللبناني (ألفي متر وما فوق عن سطح البحر). وتبين خارطة مواقع الاحتلال الاسرائيلي هناك، ان قوات العدو قد قسمتها الى 3 محاور، جنوبي ووسطي وشمالي، ويبدو ان المحور الوسطي هو الاهم حيث تنتشر المواقع والمراصد ومحطات الانذار على شكل مثلث نقطته الاساسية في قمة الزلقا وتمتد اضلاعه الى نشبة المقبلة والفوار ومعاصر الدود مع نقاط عسكرية متفرقة تبدو وكأنها مخافر حماية ونقاط تموين للمواقع الاساسية. وهذا المحور الذي تتوزع مواقعه على ارتفاعات ما بين 1800 و2200 م. فوق سطح البحر يعتبر اكثر اتساعا وعرضا، كون جبل الشيخ تتفرع منه قمم عدة ويتسع تدريجيا نحو الجنوب والغرب (المزارع) مما سمح للاحتلال باستخدامها في اقامة مواقعه.   
رعاة الماشية 
  لا يقتصر التواجد في جبل الشيخ على قوات الاحتلال الاسرائيلي وقوات الاندوف.. فهناك ايضا رعاة الماشية الذين يعتبرون قمم واودية الجبل افضل مراع خصبة لقطعانهم من الماعز، كيف لا والربيع قد بدأ في هذه الايام في المنطقة بعد موسم زاخر بالثلوج. ويقول الراعي حسين مصطفى هاشم من بلدة شبعا انه يرعى الماشية في القمم العالية في جبل الشيخ منذ 12 سنة. فرعاة الماشية يبدأون بالتوجه الى جبل الشيخ اعتبارا من بدايات شهر تموز ولا يغادرون المنطقة قبل نهاية شهر ايلول من كل عام. ويعزو هاشم الاسباب الى ان فصل الربيع في اعالي جبل الشيخ يزخر بالنبات والمياه جراء ذوبان الثلوج: “الربيع بيبلش هون بنص تموز وبيظل لاول تشرين وحسب التلج”.. اكثر من 3 فرق تقوم برعي الماشية يتمركز افرادها ويسرحون بقطعانهم في اعالي قمم جبل الشيخ وهم حفروا اقنية لتحويل مياه الثلوج الذائبة نحو برك صغيرة لسقي قطعانهم.. ويتراوح عدد اعضاء الفرقة ما بين ثلاثة رعيان وستة يتولون امر اكثر من 1400 راس من الماعز بقيادة كل من حسين هاشم وقاسم دعكور وحسين يوسف صعب ويساعدهم افراد من اسرهم في نقل الحليب فجر كل يوم الى بلدة شبعا. ويؤكد هاشم ان تصريف انتاجهم من الحليب جيد جدا “اهل البلد كل يوم بينطروا حليبات عنزاتنا”.   

التهريب 
    حياة جبل الشيخ تحفل بمغامرات رجال التهريب. فالجبل، وككل منطقة حدودية بين دولتين او اكثر، تحول الى بوابة شاقة لممارسة اعمال التهريب بين لبنان وسوريا، على مدى عقود طويلة من الزمن. فالتهريب ليس وليد الساعة بل هو امتداد متوارث. وجبل الشيخ لوعورة مسالكه وانتشار عشرات القرى على سفوحه، الشرقية والغربية، كان المنطقة الافضل لممارسة عمليات التهريب بين لبنان وسوريا وبالعكس. كما انه كان بوابة لعمليات تهريب الى الاردن من لبنان عبر الاراضي السورية وبالعكس ايضا. فمن شبعا وعين عطا والكفير وميمس وراشيا وغيرها من القرى الحدودية كانت تنطلق قوافل المهربين تحت جنح الظلام لتلتقي مع “زميلات” لها من قرى بيت جن وريمي وعرنه والقلعة وبقاع سم والحضر وقرى اخرى في الجانب السوري.
المهربون الذين كانوا ينشطون على طرقات جبل الشيخ، في رحلات متواصلة، اندثروا اليوم بعد ان اصبحت الاسعار متقاربة جدا بين البلدين، واصبحت جميع المواد متوافرة في اسواق البلدين.. مما اصاب اعمال التهريب بكساد كبير. ويقول احد “المتقاعدين”: “خلصت ايام التهريب.. ولم يعد لها قيمة اليوم”!
رفعت اعمال التهريب من اسعار البغال التي كانت تسلك معابر جبل الشيخ. فالبغل الذي يتراوح عمره ما بين 5 و10 سنوات كانت اسعاره مرتفعة جدا مقارنة ببغال اكبر سنا، والبغل ذو البنية القوية وصل سعره، ايام عز التهريب (منذ اقل من 10 سنوات) الى اكثر من الفي دولار.. ووصل سعر البغل الذي يستطيع نقل الحمولة الى المنطقة المحددة دون مرافقة صاحبه الى اكثر من 10 الاف دولار اميركي.. بينما اليوم: “احسن بغل ما بيستاهل مليون ليرة”.. يقول احد المهربين الذي توارث المهنة ابا عن جد.   
قصر شبيب 
     هنا قصر شبيب.. المعبد الذي يعود الى الكنعانيين الذين اتخذوا جبل الشيخ إلها لهم وسموه “بعل حرمون” واقاموا على اعلى قممه هياكل ومعابد لا تزال اثارها بادية للعيان ومنها الجدار العائد لاحداها وطوله قرابة العشرة امتار ويعرف اليوم باسم “قصر شبيب” وقد عمدت قوات الاحتلال الاسرائيلي الى تدمير اجزاء منه في حرب 1967.
ويقول رعاة الماشية هناك ان قوات الاحتلال جرفت القصر ونقلت بعض حجارته الى فلسطين المحتلة، كما جرفت معبدا اخر مكملا له يقع شرقي القصر الذي تحول اليوم الى موقع لقوات المراقبة الدولية “الاندوف” التي منعت الدخول الى القصر وسمحت بالتقاط الصور من بعيد لانه “لا يحق لكم الدخول الى الاراضي السورية”. وتنتشر حول القصر او المعبد مغاور وبقايا حجارة قصر آخر يدعى “قصر عنتر” وهو في الجانب اللبناني من جبل الشيخ ايضا دمرته آلة الحرب الاسرائيلية في حرب ال67. 

 "الأندوف"
     تنتشر في قمم جبل الشيخ قوات دولية مهمتها مراقبة وقف اطلاق النار بين الجيش الاسرائيلي والجيش العربي السوري بعد حرب تشرين، وهذه القوات التي تعرف ب”الاندوف” تتوزع على مراكز ترتبط بطرقات ترابية خلفها العدو الاسرائيلي بعد هزيمته في تشرين 1973 وتنتشر في مناطق عدة من جبل الشيخ، وأبرز هذه المراكز المقام على أنقاض قصر شبيب على ارتفاع 2814 م. والذي دمره العدو الاسرائيلي ويشرف على الاراضي السورية وأجزاء واسعة من الجولان المحرر والمحتل، ويطلق على الموقع “الفندق الدولي” او “فندق حرمون” وهو مشيّد بأحدث التقنيات وتعلوه أبراج للمراقبة والصحون اللاقطة والمناظير الكبيرة وأجهزة اتصالات عبر الاقمار الاصطناعية وشبكة انترنت.. اضافة الى مستودعات لمواد التدفئة والمواد الغذائية ومولدات كهربائية تعمل على مدار الساعة، والموقع يرتبط مباشرة بالاراضي السورية من خلال طرقات ترابية بينما يرتبط بطريق ترابي آخر يصل الى مزارع شبعا المحتلة.
يخدم في “فندق” الاندوف في قصر شبيب 7 ضباط من الجنسية النمساوية، تلقوا تعليمات مشددة بعدم السماح للزوار بدخول الموقع والتجوال داخل بقايا قصر شبيب.. وهم يخدمون سنة كاملة قبل ان يعودوا الى بلادهم براتب شهري يفوق مبلغ ألفي دولار اميركي. ومهمة عناصر الموقع هي مراقبة ما يجري في محيطه بقطر كيلومترين فقط، أما اعمال الدوريات المؤللة التي تجول على قمم جبل الشيخ ومزارع شبعا فهي من مهمات مواقع اخرى.

                                                                   *السفير (السبت، 9 آب «أغسطس» 2003)
                              

الأحد، 18 ديسمبر 2011

في المقهى الثّقافي...




  •   في المقهى الثّقافي...

    قد يكون تاريخ الحبّ في عمري بعدد ارتسام البسمات على وجه ثغري...
    قابلتها في حديث للرّوح و بين زهر الأنغام و فصول الكلام و ألحان الغرام... كان في الحقيقة لقاء الكلمات بالمعنى، لقاء الحروف بأشكالها، لقاء الصّدر بالعجز، لقاء البيوت بقوافيها و لقاء العناوين بنصوص معبّريها...
    في بداية اللّقاء جالسني الحزن، بعثر أوراقه فوق طاولتي الفقيرة، راهنني و كسب الرّهان بالورقة الأخيرة. سألته بعد أن بادلته التحيّة المسائيّة: هل تعرف متى يأتي يوم أفرح فيه؟؟؟؟
    أقلقتني إجابته الحتميّة : يوم لا تحزن فيه أو لا تشعر فيه أنّك وحيد... يوم تقابل روح الإله في امرأة تعشقها و يوم تكون أنت إلاهها الوحيد، فتصلّيان سويّا شكرا للّه أو يوم ينزل البشر جميعهم دموعا و لا ترى إلا عيون الربّ ترعاك دون جفاء....
    انطفأت الأضواء، ثمّ أشرقت في لحظة ما و تقدّمت آنسة في عمر الزّهور لتعلن عن قدوم الشّاعرة المبتدئة المعلن عنها آنفا في ذلك المقهى الثّقافي...
    كنت أتسامر مع الحزن و لم ألتفت إلى أحد و لا إلى الصّوت القادم من أعماق الشّرق إلى أن استوقف مسمعي قولها:
    "لعمري أنّ هواك ليس بمسرف وإن تعنّى قلبي فليس بمعترف...
    فما رمقتني بلحظ ولا ناشدتني زيارة بمزدلف....
    تسامرت و أحرفي نشرب كأس الصّبر المتأفّف...
    فأشار لي بأن تعنّي فأهل الهوى لا يسلم منهم حتّى الشقيّ ...
    فسرت الهوينة أعصف بريحك و تعصف بي...
    لعلّ من دموعي تعصر خمرا يسكرذا القلب العفيّ...
    ولكنّها ما عرفت يوما أنّه ما من مسعف...
    فروحك بالطّيب تفوح و قلبي في ذكركم مستأنف."
    كانت خطوط صوتها ممتدّة واضحة... نورها واسع المدى و إشراقته يختزل فضاءاتها...كانت إيقاعات حروفها مختلفة و حسّها راق و ممزوج برقْتها الأنثاويّة الشّكل و المحتوى.... في إشباعاته شموخ و في ارتفاعاته علوّ و تحليق إلى الأعلى. أمّا انحناءاته، فتَظهر رشاقة و زهدا و خشوعا.. ف" كأنّ خطها أشكال صورتها، وكأنّ مدادها سواد شعرها، وكأنّ قرطاسها أديم وجهها، وكأن بيانها سحر مقلتيها، وكأن سكينها سيف لحاظها، وكأن مقطعها قلب عاشقها".
    كانت همذانيّة بكلّ رسم لها...بسيطة في كلّ شيء، تظهر تربيع و أناقة هندستها في كثير من التّفاصيل: كوفيّة بأتمّ معنى الكلمة.... بل إنّ كمالها ملأ الفراغات جميعها و تجاوز مداه و دلاله و تناسقه كلّ الأركان... فرقص رقصة أندلسيّة تشبه قصورها و علومها...
    استدرجت شجاعتي لدعوتها و لكن ما وصلت إلّا هتافات قلبي إعجابا بها، فقلت: في حضرتك يا سيّدتي، تنطقني الحروف مثل تسابيح في ليل عيدك.. في حضرتك يا مولاتي تبتهج القصور و تنبعث من روحك موسيقى ترقصُ ورودا تنشد موشّحات في وصف قدودك... في حضرتك تلفّني نار من شعاع شمس لهيبك... في حضرتك تشربني الفيافي فأرتوي من بحر عيونك.. في حضرتك يستنجد صممي بمكتبات و قواميس حروفك، فيتنهّد عمقي و يتهجّى في وصف سطور مكاتيب ورودك... في حضنك يبحر الشّاعر في بحور شعورك، فيصبح البسيط إعجازا و الكامل عمق قصيدك...
    هي الحسناء بشكل الأوركيد: لقّبها الفيلسوف الصيني (كونفوشيوس)بـ"زهرة عطر الملوك"، وكأنّه عرفها قبلي، فأولى اهتماما أعظم منّي بها ... وكأنّها تهديينا بعفافها و عفّتها الحياة و المستقبل الجميل... تعشقها الألوان بعمق عشقنا لها، فترتفع أعيننا لتراها في اكتمال قوس قزح ... هي الأصيلة بتاريخها و الرّفيعة برفعتها و سموّها... هي اللّوحة الأحلى في عزفي هذا والبراقة القوية الهادئة...
    تمثّلت لي في صورة أخرى عند تغيُّر ألوان ضحكتها بل ابتسامات أبياتها، رأيت فيها سحر زهرة "التوليب" الحمراء إذ كبر اهتمامي بها و غرامي لها... و كأنّها سلطانة في تدرّج طبقات جاذبيّتها... و كأنّي أنا ذلك الشّاب المتلهّف الخائف من ضياعها أوخسارتها، فيلقى هيامي بها حتفه...
    أكملت قصيدتها الأولى و الثّانية و الثّالثة و أنا ما زلت أنظر و أرى و أبصر.... نسيت الحزن بمركّباته وهي تبعث بغمزاتها عبر قسمات صوتها ودعواتها قائلة: تأمّل سماء عيوني.. و بحر انعتاق الحروف في حدودي.. تأمّل شراهة المفاتيح عند دندنة رقّ و عود.... تأمّل غناء و ترتيل حبّ لإله قريب بعيد..... تأمّل طيفي وهو يغطّي جسدك عند السّجود... تأمّل لغات الورود... ترى في كلّ حرف من بتلاتها ودّ و جود... اغمض عيونك و تأمّل نعاس العناق يلثمك مثل الوقود... لا تحتر كثيرا فالصّمت كلام الوجود...
    تعانقنا طويلا بعد اللّقاء، فحبيبتي لاقيتها بعد طول عناء... هي التّي فقدتها منذ الشّتاء و هاهي تعود إلى أحضان حبيبها المشتاق...
    لم أكن أحلم يا رفاق، فهي استجابت لندائي و للدّعاء....
    كنت حضورها و كنت الوحيد الذّي صفّق لها و الذّي جازاها بالانحناء...
    هذا عيدي و حبيبتي... فاذهب يا حزن و تعال يا حبّ بكلّ حروف النّداء...

                                                                                (رحاب السّوسي)

الأربعاء، 14 ديسمبر 2011

مهجّرو حمص

مهجّرو حمص يستنفرون عرسال




عفيف دياب
عشرات العائلات والأسر السورية المهجرة من مدينة حمص ومنطقتها تعيش في عرسال والقرى المجاورة لها. لم يجد هؤلاء النازحون قسراً من يوليهم اهتماماً، فكانت اللجان المحلية الأهلية المرجع الوحيد الذي استقبلهم
****
عرسال | غرفة صغيرة لا تتجاوز مساحتها الأمتار الأربعة. بصيص نور بالكاد يخترق زجاج النافذة المعلقة كرفع عتب في أعلى الجدار. مدفأة الحطب لا تقوى على مواجهة البرد القارس الذي يزحف نحو تفاصيل أجساد 13 شخصاً. هؤلاء لا يفصل بينهم وبين الأرض إلا ما تيسّر من بقايا سجاد و«بسط» و«طراريح»، ألوانها الزاهية تذكّر المقيمين في الغرفة، بمدينتهم حمص ورائحة خريفها الجميل، وهجرتهم القسرية هرباً من سرّ لم يفكوا أحجية رصاصه العبثي.
يزحف الخائفون على أطفالهم من حمص وريفها إلى بلاد شقيقة على مرمى حجر من حاراتهم وقراهم وحقولهم. التحفوا حفنة بارود، وشال لهب، وآثار دم من الوطن، واتجهوا من «حمصهم» جنوباً نحو قرى وبلدات لبنانية تبدأ من مشاريع القاع الزراعية إلى أعالي جرد عرسال وأخواتها، المزارع القريبة والبعيدة. هنا، حيث بقايا غرف وبيوت تهزّها الرياح وتغرقها الأمطار، لكنها عند فقراء الحزن تبقى اكثر أمناً من رصاص مجهول ـــــ معلوم.
يصرّ أبو جمال على حمل طفليه وزوجة لم ير دموعها منذ أن تشاركا مصارعة الحياة، كما يؤكد. يحكي الشاب الحرفي الكثير من القصص عن حمص المدينة والمحافظة في ظلّ الأوضاع الحالية: «ساء الوضع كثيراً، ولم نعد نقدر على البقاء دون طعام وكهرباء ومازوت». إلا أن السبب المباشر لاتخاذ قرار مغادرة المدينة هو الوضع الأمني، كما يقول أبو جمال «لقد ألزمنا بالهروب إلى البقاع، ولا أخفي عليك أنني ترددت كثيراً قبل اتخاذ قرار النزوح». لكن وجود طفلين كان أمراً كافياً لحسم الأمر. يقول: «تركت الغالي والنفيس في حمص من أجل طفليّ، حتى لا يكونا عرضة للموت جوعاً أو صقيعاً، فالأمور الأمنية أصبحت معقدة، والمدينة تحوّلت إلى خطوط تماس نتيجة المواجهات بين جيش النظام والجيش الحرّ».
أكثر من 65 عائلة نازحة من حمص ومنطقتها منتشرة اليوم في عرسال وجردها القاسي، وفي قرى مجاورة هي امتداد لعرسال التي استنفرت لاستقبال المزيد من النازحين، ولو في ظروف غير مناسبة. ففي غرفة من أربعة أمتار، أقام أبو جمال، النازح حديثاً من حمص، مع قريبه أبو علي وأولاده السبعة الذين هربوا من المدينة إثر توتر الوضع الأمني. يقول الأخير إنه غادر مدينته قبل شهرين «وقد أمّن لي أهالي عرسال هذه الغرفة، كما ساعدوني وعائلتي بالمواد الغذائية والثياب والحطب للتدفئة». ويبدو شاكراً لهذه المساعدة، وخصوصاً أنه اكتشف «أن أهالي عرسال فقراء مثلنا يحتاجون إلى من يمد لهم يد المساعدة». يتابع بصوت متهدّج متذكراً اليوم الذي غادر فيه حمص: «يوم خرجنا انتظرت 24 ساعة حتى يتوقف إطلاق الرصاص. استغللت لحظة هدوء وغادرت مع زوجتي وأولادنا، وحين أصبحنا في مكان آمن خارج حمص اتصلت بصديق أمّن لي خروجي إلى الحدود اللبنانية في منطقة القاع، ومن هناك توجهت إلى عرسال، بعدما علمت أن الأهالي يستقبلون النازحين ويؤمنون لهم منازل وطعاماً».
وبالفعل، فإن أهالي عرسال انتظموا في ورشة عمل محلية لتأمين مختلف متطلبات النازحين من سوريا، الذين بدأوا بالتوافد إليها منذ عدة أشهر. توزّع الأهالي مجموعات، لكلّ منها مهمة محددة. واحدة لتأمين منازل لإقامة النازحين، وأخرى لتوفير المواد الغذائية والألبسة والفرش والأغطية، وثالثة، وهي الأهم والأكثر دقة في عملها، مجموعة الطبابة وعلاج الجرحى من النازحين السوريين، وتوفير الأدوية اللازمة. ويقول متابعون لعمل هذه اللجان، إن أهالي عرسال يوفرون متطلبات النازحين من تبرّعات يجمعونها من بعضهم البعض. ويكشف أحد مخاتير البلدة أنهم أجروا اتصالات بمؤسسات رسمية لبنانية وأخرى دولية لتأمين بعض احتياجات النازحين «لكن للأسف لم يردّ أحد علينا، لذا نجمع تبرّعات محلية لتوفير ما يلزم للمهجرين من سوريا». ويوضح المختار أن «السلطات اللبنانية لم تكلّف نفسها عناء السؤال عن هؤلاء، أو حتى كيف يعيشون». ويسأل ساخراً: «ألسنا في وحدة مسار ومصير وشعب واحد في دولتين؟»، لافتاً إلى أنه اتصل «بمؤسسة دولية لتوفير مساعدات ما للنازحين، لكن علمت منهم أن الدولة لا تسمح لهم بالعمل».
هذا التقاعس الرسمي اللبناني عن متابعة شؤون النازحين السوريين إلى لبنان، وعلى الأقل في منطقة البقاع الشمالي، يتحدث عنه أيضاً منسّق «تيار المستقبل» في المنطقة بكر الحجيري، الذي يتابع توجيهات تياره بوحوب تقديم المساعدة الإنسانية إلى السوريين المهجّرين. يقول الحجيري «الحكومة اللبنانية لم تسأل عن هؤلاء النازحين قسراً، لذا فإن التوجيهات العامة في التيار هي مساعدة هؤلاء». ويوضح أن سجل الإحصاءات لدى منسقية تياره في البقاع الشمالي تتحدث عن أكثر من 68 عائلة سورية وصلت إلى المنطقة من حمص وإدلب وكناكر. ويكشف أن تياره أصدر أمراً بوجوب متابعة شؤون الجرحى الذين يصلون إلى المنطقة من سوريا.
معالجة الجرحى السوريين في لبنان هي الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة إلى اللجان التي تتابع الأمر على تخوم الحدود في البقاع الشمالي. يقول طبيب جرّاح التقته «الأخبار» خلال معالجته جريحاً سورياً مصاباً بطلق ناري في ساقه اليسرى، كان قد وصل للتو من منطقة حمص، إنه يعالج الجرحى في المنطقة وفق حالاتهم ونوعية إصاباتهم، موضحاً أن «الحالات الحرجة تنقل فوراً إلى طرابلس وعكار، لتوافر مستشفيات تستقبلهم، خلافاً لمستشفيات في البقاع ترفض هذا الأمر».
ويقدّم الطبيب شرحاً مرعباً ومأساوياً عن كيفية وصول الجرحى، إذ يقول إن الجريح السوري ينقل على دراجة نارية عبر مسالك ومعابر وعرة تجنباً للألغام وشرطة الحدود السورية (الهجانة). ويصف أن عمليات النقل تجري وفق المشهد الآتي: «يقود الدراجة سائقها، وخلفه آخر بركوب معاكس حاملاً الشخص المصاب!». ويتابع «هناك عشرات من المصابين لم تكتب لهم النجاة بسبب تعذّر وصولهم الى لبنان للعلاج، إما عادوا أدراجهم، وإما ماتوا على الحدود متأثرين بجراحهم»، كاشفاً أن الألغام السورية التي زرعت في اكثر من منطقة حدودية «تعوق عمليات إنقاذ المصابين بالرصاص ونقلهم الى لبنان».
كذلك يقدّم الطبيب لائحة بأسماء الجرحى والأمكنة التي تعرّضوا فيها لإطلاق الرصاص داخل سوريا، وموقع الإصابة في الجسم. وتفيد اللائحة التي اطلعت عليها «الأخبار» أن الطبيب وفريق المساعدين معه من ممرضين وصيدلاني، عالجوا 21 جريحاً في اقل من شهرين، وأن معظم المصابين تعرضوا لإطلاق رصاص حي، وأماكن إصاباتهم هي في: العين والصدر والأقدام والبطن والأعضاء التناسلية والرأس وأعلى الظهر، وإصابة واحدة في الفم وأخرى في الرقبة.
 ****
يروي مهجرو حمص الكثير من الحكايات عن مدينتهم.لا يخفون وجود حرب شوارع بين جيش النظام والجيش الحر. ويقول ابو جمال:" لم نكن نريد اسقاط ، بل فقط كنا نريد محاسبة المحافظالفاسد ». يتابع «شاركت في تظاهرات ضد المحافظ، وحين تعرضنا للرصاص صرنا نطالب بإسقاط النظام »، مؤكداً أنهم «شعب واحد مع الجيش ولسنا ضده" وحدة الشعب والجيش بؤكد  عليه السبعينية أم محمد، التي تتخذ من منطقة مشاريع القاع مقر إاقامة مؤقت. السيدة الصلبة رفضت بداية مغادرة  مدينتها و «جابوني بالقوة لهون ». تقول إنها كانت عائدة إلى المنزل حاملة فطائر لأولاد ابنها
الذين كانوا بلا طعام على مدى يومين «كان هناك جندي يراقبني وانا امشي  وحيدة في الشارع، فتقدمتمنه وقلت له هل تريد ان تأكل؟ . وتضيف «رفض الجندي بداية، قائلاً لي إنه أكل منذ قليل ». تضيف «أصررت عليه أن يأخذ فطيرة فوافق بعدما قلت له أنا مثل أمك ». وتتابع أم محمد «حين أخذ مني العسكري الفطيرة صار يبكي وقال لي: انا واحد منكم». وتختم «الجيش من أبنائنا، ولا يمكن أن نطلق عليه الرصاص".

الثلاثاء، 13 ديسمبر 2011

حواس سبع



  
                حواس سبع

  الفرق بينك وبين باقي الرجال
انك لا تحتاج الى رؤية شعري مسرّحاً
كي تقول لي إني السهل الذي تسرح فيه كحصان.
الفرق بينك وبينهم
انك لا تنتظر ان ترى حاجبيّ بارقين
كي تقول لي إني السيف الذي قطع اليباس
وانغرس فيك وردة.
لا تحتاج الى رؤية عينيّ مكحلتين
كي ترسمني خط استواءٍ على جسدك.
لا تنتظر ان تلتمس احمر الشفاه فوق فهمي
كي تعترف بأني الفاكهة الاشهى في بستانك.
لا تحتاج الى رؤية اظافري مقلمة ومطلية
كي تقول لي ان يدي جميلتان.
لا تنتظر ان تسمع رنين خلخال حول كاحلي
كي تدعوني الى رقصة مجنونة.
الفرق بينك وبين باقي الرجال
انك لا تحتاج الى تمرير يدك على بطني
كي تخبرني باني الأحشاء التي ستحتضنك.
                               (كريستين حبيب ـ لا تقطف الوردة)

الجحش قال للحمار

                  

 

                                   الجحش قال للحمار


الجحش قال للحمار
يابا اديني الحنطور
يابا إنت سنّك كبر
و وَجَب عليّا الدور
كَـحّ الحمار كَـحة
فزعِت لها الركاب
مش يابني بالصحة
ده كل شئ بحساب
وسواقة الحنطور
محتاجة حدّ حكيم
وإنت عينيك فارغة
همّك على البرسيم
قوللي تسوق إزاي
والتبن مالي عينيك
ده حتى حبل اللجام
واسع يا إبني عليك
إعقل و بطّل طمع
لا تسخّن الركاب
ماتجيش يا واد جنبهم
لا تبقى ليلة هباب
دول صنف ناس جبّار
قادر مالوهش أمان
يبان عليهم وَهَن
لكنهم فرسان
يابا دا نومهم تِقِل
و بقالُه يابا سنين
كل البشر صحصحوا
ولسه دول نايمين
يا جحش بطّل هبل
وبلاش تعيش مغرور
رُكابنا مش أغبيا
ولا عضمهم مكسور
بُكرة حيصحولك
ويزلزلوا الحنطور
وتلاقي في قفاك
تمانين خازوق محشور 
                                                   (احمد فؤاد نجم)
                                                                                 ـــــــــــــــــــــ

الأحد، 11 ديسمبر 2011

أكتب والدم ملهمي...

                     

                                        أكتب والدم ملهمي..


  يوم تناثرت الشمس قمحاً وبدأو يكتبون كانت روايتهم أبعد من أحد عشر كوكباً  فصارت أقرب من الوريد إلى حد السكين والقهر.
 حرائرهم الشامخات تحت نخيل الحكايا يزغردن سراً وعلانية على نهاية مجنون الدم فيسكر العمر رُطباً ..فحكاية المجنون ترسم لعشاق الحرية درب النصر.
 لم تعد قبورهم صامتة، أصبحت شرفاتٌ مُحنّاة برحيق الأمل.. أصبحت شطآناً تعانق عشق الحياة وتغمر القمر الحامل تعبه من عراك العشق الدائم النازف وطناً من جرح في الفؤاد.
تشكي لشرفاتهم حرائر النخيل .. تشكي لهم هجرة الفرح .. تبكي لهم تكدّس المدن فوق أجساد أبنائها وكيف تكوّمت خريطةٌ على عَلَمْ.
أكتب وملح قهرهم ملهمي..
أكتب كيف تلوّح الحرائر بالأحمر القاني على ملامح الجنون وتنشر الأخضر على جثث الأمل..
أكتب ودمعهم ملهمي..
أكتب عن وطنِ من شهداء كوّنهُ دماء عاشقيه تحت شجر الأمل..
أكتب عن أرضٍ كلّما طوت شهيداً طاب القمح أكثر وإتّقَدَ تَنور الحرية بصرخاتهم التي ايقظت المدى
أكتب والشهيد ملهمي..
أكتب ونداء الأحبة يبلل مسامعي وهو يناديهم فعادوا ليكونوا شهداء جدد عادوا من خارطة جديدة رسموها بحناجرهم من محيط المغرب إلى خليج المشرق..
أيادي امهاتهم الشتوية تحرّك إستدارة الأرض وتجعلها مبسوطة كالمدى..
أكتب إلى أجمل أجسادٍ .. تنهدّت قبل السكوت فأمطرت الحياة.
ودائع دموعهم أصبحت عنوان العنوان وفاض شلّال أمّة من أطفالٍ لا يكبرون إلا فيضان..
أكتب والبحر الذي كان يمشي جانبنا أصبح يمشي فينا ..
أكتب لأكفانهم التي بلون نعنع الجنة..
لطفل ظلّ مع السياط يصهل ويصهل..
أكتب لصرخاتهم التي نادت الحرية .. فسالت القضبان.
                                                                          (يسرى)

الخميس، 8 ديسمبر 2011

تــــــــــــرنيمـــــــة


                

                                    تــــــــــــرنيمـــــــة

         هــــــي طيــــــــــــــــور النّســـــــــــاك   تعـــــــــــــــــود
          من خلـــــــــف ذاك الافـــــــــــــق ،
          تَصــــــدّح زقــــــــــــــزقة الفــــــرح،
          عِشقـــــــــــــها تغريــــــــــــدة تعلو ذاك الـــــــــــواد
          فــــــــراشات حقل تحلّـــــق في النسمــــــــــــات ،
          فتشـــــــــــــرق شـــــــــــــموس الامل
          وتحـــط نوارس العــــــــــــشق
          فيشـــــــــــــهِرُ قلمـــــــــــي مـــــداده ،
          وأعـــــــــانق جنـــــــــــــائن الحـــــروف
          لأنســـــــــــــدل على تغريدة الكلمـــــــــــات
          وتهطــــــــــــل سمفــــــــــــونية عشــــــــــق على بياض الصفحات
          تُـــــرّنّم ترنيمـــــــــــة حبّ فاضت بها المشـــــاعر ...
                                                            (إخلاص الشاب)
         

الجمعة، 2 ديسمبر 2011

ليون غارابيتيان

            

                    ليون غارابيتيان: «السوفياتي» الأخير في زحلـة

 

عفيف دياب 
لا يخفي ليون غارابيتيان سعادته حين يتحدث عن زمن بلاد «الرفيق فلاديمير إيليتش لينين». فالرجل الذي يفتخر بأنّه «السوفياتي» الأخير في مدينة زحلة، لا يجد في وضع مجسم طائرة «الميغ» قبالة الـ«أف 16» سوى حتمية تاريخية على قرب هزيمة «العم سام».
****** 
يجلس ليون جورج غارابيتيان خلف طاولة صغيرة في منزله المتواضع في أقدم حارات زحلة، مار جرجس، أو الحارة التحتا، تتكدس أمامه صحف ومجلات. يقرأ ويقص العناوين التي تدغدغ أفكاره السياسية وتكون سنداً له في إشهار موقفه من هذه القضية أو تلك. هو «السوفياتي» الأخير في زحلة الذي لم يقتنع بعد أو يصدق أنّ الاتحاد السوفياتي قد انهار في لمحة بصر، مؤكداً للقاصي والداني أنّ «بلاد الرفيق فلاديمير إيليتش لينين ستعود أكثر قوة وتطوراً لتتحدى الغطرسة الأميركية».
أمضى غارابيتيان جلّ حياته (66 عاماً) في الحزب الشيوعي اللبناني منذ كان طفلاً يرافق والده مؤسس الحزب في بلدة رياق عام 1930 حيث كان يعمل بائعاً متجولاً على عربة صغيرة، واشتهر حينها في المنطقة باسم «جورج أبو عرباية». «كنت أوزع المناشير التي كان يحضرها والدي من دمشق، وقد اشترط عليّ أن أقرأ الكتب والمجلات حتى يحقّ لي الانتساب إلى الحزب» كما يقول، لافتاً إلى أنّ والده «كان مشتركاً في مجلات سوفياتية»، أبرزها مجلة «الأنباء» ثم «المدار»، و«منها تعلمت كل شيء، وأصبحت موزعاً لها ولغيرها من المجلات التي تصلنا بالبريد من موسكو، مثل المجلة العسكرية والمرأة السوفياتية». ويروي كيف أنه كان يشبه شخصاً في صحراء يتعطش إلى نقطة ماء واحدة «عندما كنت أنتظر مجلة المدار الشهرية»، قبل أن ينتقل إلى قراءة كارل ماركس ولينين وفريدريك أنجلز باللغة الأرمنية «حتى أصبحت أصولياً في الانتماء إلى مدرسة الاتحاد السوفياتي البولشفية العظيمة التي غيّرت وجه العالم».
تعمّق «السوفياتي» بالقراءات الفكرية والفلسفية حين اشتد عوده، وأنهى المرحلة التعليمية المتوسطة، متفرّغاً لاحقاً للعمل والشغل في التجارة مع والده الذي تهجّر من تركيا إثر الحملة ضد الأرمن أوائل القرن العشرين. استقر مع أهله في رياق قبل أن ينتقلوا إلى زحلة، و«بقيت أعمل في توزيع الصحف والمجلات كالأخبار والنداء والمطبوعات السوفياتية، وصرت أشتري الكتب دورياً وأتابع الإصدارات الفكرية الماركسية». يعلن أنّه «علماني حتى العظم، وأكره كل رجال الدين الذين يعتقلون الإنسان منذ لحظة ولادته». كره ليون لرجال الدين أدخله في هوايات لم تكن واضحة لديه في بدايات تكوين وعيه السياسي، فراح يجمع قصاصات من الصحف والمجلات وكل العناوين التي تتحدث عن مخاطر الطائفية والمذهبية، ويبرزها على رفوف مكتبته وجدران منزله، «أدمنت عليها منذ 30 سنة، وهدفي تنبيه كل من يزورني إلى هذه المخاطر». يقول: «رجال الدين يفسدون مجتمعنا. أحتفظ بكثير من الأدلة التي تدينهم، لا سيما أحاديثهم وتصريحاتهم».
لا تكتمل «مانشيتات» الصحف والمجلات التي تحضّ على نبذ الطائفية، وتزيّن منزل غارابيتيان في زحلة، من دون صور ماركس وأنجلز ولينين وستالين وتشي غيفارا وخالد بكداش وفرج الله الحلو وجمال عبد الناصر وكمال جنبلاط. «مانشيتات» وصور لم تترك له مساحة صغيرة من الهدوء وهو المدمن اليوم على القراءات العلمية بعدما تعب من الكتب الفكرية والسياسية والعسكرية.
الحرب الأهلية اللبنانية هجّرت غارابيتيان من مدينته زحلة حيث حوّلته هويته السياسية إلى متهم، فغادر زحلة إلى رياق ليؤسّس الجناح العسكري للحزب الشيوعي اللبناني هناك في بدايات 1976. ويشرح هنا كيف تعرض لضغوط كثيرة ومطاردات ومحاولة اغتيال، دفعته إلى الاستقرار في رياق حيث راح يدرب الشباب في عرسال واللبوة والهرمل وصنين وعينطورة. ويردف: «اعتقلت أكثر من مرة عند قوى حزبية وأمنية بسبب هويتي اليسارية، وهاجرت في 1986 إلى أرمينيا حيث لمست أهمية الاتحاد السوفياتي، الوطن الأول للشيوعية».
زار غارابيتيان «الاتحاد السوفياتي» أكثر من مرة قبل الانهيار وبعده. «كنت حين أزور ضريح لينين في موسكو أعود إلى لبنان أقوى. بعد الانهيار زرت أرمينيا مرة واحدة، وندمت كثيراً على هذه الزيارة. شاهدت كيف يأكل الفقر الناس هناك. هم نادمون على انهيار الاتحاد، لكنني قلت لهم: لا تخافوا، الاتحاد عائد لتصويب الأخطاء في العالم». ويردف: «لم أستطع العيش في أرمينيا. كل شيء تغير هناك، حيث نقلت نصف مكتبتي مع وثائق ورسائل سرية من أيام والدي في زمن النضال السري هنا وفي دمشق». ويستدرك: «أفضّل العيش هنا في لبنان على أن أعيش هناك في ظل دولة ضعيفة. يوم كانت أرمينيا ضمن الاتحاد السوفياتي، كانت الحياة أفضل». يبدو واثقاً بالعودة يوماً ما إلى الساحة الحمراء في موسكو التي «سترفرف الرايات الحمراء فيها مجدداً».
«ينبش» غارابيتيان أرشيف الاتحاد السوفياتي من مكتبته وخزائن منزله الصغير، و«نبكي دماً على انهيار الاتحاد الذي كان حليف الشعوب المقهورة ويتصدى للغطرسة الأميركية». هو لم يجد أمامه اليوم سوى وضع مجسمات صغيرة لطائرات «ميغ» مقابل طائرات «أف 16» الأميركية بطريقة توحي بأنّ «الميغ» أقوى و«أميركا ستنهار قريباً». يقرأ من كتاب يسحبه من المكتبة: «إن القدرة القتالية للقوات المسلحة السوفياتية هي سبيكة متينة من التجهيز التكتيكي الرفيع والمهارة العسكرية والروح المعنوية التي لا تلين...».
الروح المعنوية القوية التي لا تلين عند غارابيتيان لم تدعه ينهزم يوماً في حياته الاجتماعية التي يحافظ عليها، مبقياً خيوط التواصل مع «رفاق» قدامى أو من يحب أن يتعرف إليه من جيل الشباب للاستفادة والتعلم من تجربته. «صحتي جيدة وأمارس الرياضة يومياً. تركت العمل منذ شهر بعدما وجدت أنّ رب العمل يستغلني ولا يعطيني حقي». يبدو مقتنعاً بأنّ رجال الدين يسوقون الإنسان إلى معتقل المعابد. أرباب العمل يفعلون الشيء نفسه، فهم يفسدون الاقتصاد والعدالة الاجتماعية».


نظيفة وفاسدة
ينتقد ليون غارابيتيان العمل الحزبي في لبنان، «الأحزاب النظيفة في لبنان انتفت، الأحزاب المريضة والفاسدة هي الأقوى الآن». ويبدي حزنه على ما آل إليه وضع الحزب الشيوعي اللبناني، «فالحزب لم يعد كما كان، فقد صار أكثر من حزب، أبكي دماً عليه». ويعلن غارابيتيان أنّه سيبقى في وجه الطائفيين هنا... وفي موسكو.