الأحد، 13 مايو 2012

احاديث الناس








أحاديث الناس... قنابل موقوتة



د. فايز عراجي – رئيس حركة وعي -  لبنان
   ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
  
في دائرة
دخل عابسا" متجهّم الوجه. ألقى السلام على الحاضرين ثم دخل الى الغرفة المجاورة. ما لبث أن عاد والانزعاج ما زال باديا" عليه. "تشرب قهوة" سألته احداهن، أومأ برأسه علامة الرفض. رفع بنطاله وقال: " شو هالبلد التعتير.... مبلشين دق بالطايفة السنية.... كل ما واحد سني ربى دقن بيقولو عنو دغري سلفي (مع العلم أنه غير ملتحي)... شو هالاجرام هيدا.... بطعمونا أكل مسمّم... ناس بلا ضمير". استدار ليجلس مع الحاضرين. بدا الانزعاج باديا" على احداهن بعد أن استوت في كرسيّها قريبا" من المدفأة. قال: " يلاّ كلّو منكن.... كلّو من الجنوب... ما بتشوف غير مواد غذائية فاسدة عم تنكب بالمزابل في قرى جنوبية.... شو بدكن تقتلونا بعد بالأكل" متوجها" اليها. ثار جنونها: " لك ما تقول هيك.... شو نسيت المواد الفاسدة في الطريق الجديدة.... والدواء في مجدل عنجر.... خلص ما بقى تحكي وتهاجمنا". كان جوابه جاهزا": "أنا ما قصدتكم... عمبقول بالجنوب... شوفي التلفزيونات... شو ما عمتحضري أخبار". ثم علا الشجار والتلاسن حتى ظهر رئيس الدائرة فهدئ الجوّ قليلا".
 في جامعة
كنّ مجتمعات في غرفة الأساتذة يتابدلن أطراف الحديث. صادف أنهن من فصيل واحد حسب الأحوال الشخصية بالرغم من أن احداهن متزوجة من فصيل آخر. دخلن في نقاش حول مستوى الطلاب ومدى التزامهم حضور المحاضرات. "دخلك هاو المجموعة من وين... أكيد من صوب هونيك... في منن محجبين". أجابتها: " لأ... في بيناتن واحدة مش من هونيك". "وكيف ماشية معن... يا عيب الشوم عليها". أجايتها: "ليش ممنوع المخالطة... هودي تلاميذ جامعة... شو بدك الفرز يوصل لعندن... زرتي شي مرّة بعلبك". "أعوذ بالله... أنا بعد الفرزل ما بقطع". وقفت وتهيأت للانصراف بعد أن أجابتها: "يا عمي شو هالحكي عيب عليكي... اذا نحنا اللي بيقولو عنا النخبة بالمجتمع وعم تحكي هيك... ما في عتب عبقية الناس".
 في بلدية
بعد ساعتان ونصف وصلوا على الموعد. كان في استقبالهم نائب رئيس البلدية، فالرئيس غير مقيم في الضيعة. "قهوة أو شاي؟" سألهم قبل دعوتهم الى الدخول الى قاعة الاجتماعات في البلدية. كان هدف اللقاء مناقشة ألية العمل في المشروع التنموي المقرر للضيعة من احدى الجهات المانحة. انتهى الاجتماع الرسمي وراح الزائران يتبادلان أطراف الحديث مع نائب الرئيس. "شو بتشتغل ريس؟" سأله أحدهم. "أنا مهندس معماري وعندي شركة تعهدات". "أنتو من وين شباب؟" أجابه مسارعا" أحدهم "من زحلة". أسماء الزوّار لا تدلّ أن بينهم من هو أزرق في منطقة صفراء. "هلق ونحنا راجعين منوقف عند صاحبنا مناكلنا فرخ سمك ومنسفقلنا شي قنينة نبيذ؟ شو رأيك". أجابه زميله بالايجاب "أحسن فكرة". بدا لنائب الرئيس أن الخبيرين من جماعة عيسى بن مريم. وصل الحديث الى الشأن السياسي في البلد. تبيّن له علمانيتهما وفكرهما المنفتح. ربط الأمور ببعضها وخلص الى أنهما من المرجح أن يكونا قريبان من خط حليفه السياسي فاستفاض في شرح وثيقة التفاهم. خلص الى أن قوة هذا التفاهم هو تحالف أقليتين في محيط بحرٍ أكثري. سأله: "شو تحالف ديني ولا سياسي هيدا يا ريّس؟". "الظاهر هو سياسي لكن الباطن هو تحالفنا، نحن الأقليتين، لنصير قوة بوجه هوديك". ضحك أحدهما وقال له: "ولوّ يا ريّس أخدتني بالطوفة... مساقبي أنو أنا على التذكرة من هوديك!". حاول نائب الرئيس ترقيع الموضوع والتبرير بعد أن أحسّ أنّ تحليله خذله.  
 في عزاء
توفيت والدته. كان الناس كثرا" في تعزيته. فهو اضافة الى كونه من عائلة كبيرة لها وزنها في الشأن السياسي، مسؤول في أحد أهم الأحزاب اللبنانية. وصل أحد أصدقائه يرافقه وفد للتعزية. الانتشار حول المنزل يوحي بوجود شخصية مهمة. المرافقون في كل مكان. استفسروا عن الوفد قبل السماح له بالدخول الى القاعة الرئيسية. استقبلهم ابن الفقيدة بالترحاب، وقدم صديقه الى المسؤول المركزي الذي أتى للتعزية باسم أمين عام الحزب. اسم الصديق لا يسمح بمعرفة الكثير عنه. استكمل أحدهم الحديث مع المسؤول بعد أن اضطر الى قطعه عند دخول الوفد. "مولانا... انو يعني ليش الكلّ ضدنا بهالبلد". أجابه المسؤول: "يا مختار... نحن اضطهدنا كثيرا" عبر التاريخ... لا تخف... لكن الظلم علينا سيكون سبب حشرنا مع الأنبياء عند القيامة". أراد المختار الاسترسال مع المسؤول المركزي الذي أبدى رغبة" في متابعة الحديث معه، لكن ابن الفقيدة استلم دفة الحديث سريعا" وقال: "هالكلام غلط يا مختار، معليش اسمحلي... طيب مهالزلمي (أومأ بيده نحو صديقه) هو من أهم داعمين للوصية الأساس لحزبنا وهو مش منا". أحسّ المسؤول المركزي برهبة الموقف وفرح في قرارة نفسه من ابن الفقيدة الذي تدخل في الوقت المناسب والاّ وصل حديثه مع المختار الى المحظور في حضرة غرباء. "تفضّل أستاذ" قال المسؤول لصديق ابن الفقيدة. "من بعدك مولانا". ثم راح المسؤول المركزي يعطي محاضرة في التسامح والانسانية ونبذ الفتنة والضغينة والحقد محاولا" استيعاب الموقف لكن الأمور واضحة. بعدئذ تدخل صديق ابن الفقيدة متوجها" نحو المختار (وضمنا"المسؤول المركزي) قائلا": "يا مختار هالحكي ما بيجوز... اذا حاسس انو هاللي عم تتفضل في صحيح لازم تقولو عالملأ ومش بين أربع حيطان... واذا حاسس أنو غلط نصيحتي ما تحكي في حتى بين ربعك وبين أربع حيطان... هالحكي بولّد حقد وفتنة واذا بدنا نبني بلد مش هيك منحكي". انزعج المختار وضمنا" المسؤول المركزي لكن موقفهم حرج. في اليوم التالي اتصل ابن الفقيدة بصديقه ليقدم له الاعتذار عما بدر من المختار وضمنا" المسؤول المركزي وليؤكد لصديقه أن ما قيل لا يمثل وجهة نظر الحزب بل وجهات نظر شخصية.  
 في التحليل
ما سردناه ليس من بناة أفكارنا. انها قصص واقعية حصلت في مجتمعنا. تبيّن هذه الأحداث مدى استفحال الشعور العنصري الذي هو مزيج من الشعور الديني والمذهبي والمناطقي يضاف اليها شوفينية لبنانية. لا مكان للمنطق في أحاديث المجتمع. فالفساد الغذائي، والتعليم، والمعاملات الادارية وحتى اللياقات الاجتماعية كلها ارتبطت بالنفس العنصري. لقد تفككت بنية الدولة الجامعة وغاب أدنى حسّ وطني. لم يعد يجمع اللبنانيين حتى مشاكلهم الحياتية بل أضيفت هذه المشاكل الى لائحة خلافاتهم. والكلام عن عيش وتعايش مشترك هو تكاذب اجتماعي ما يلبث أن يظهر عند أي مفترق. لقد تقلّصت ثقافة الرأي المختلف وفقد الحسّ الانساني الجامع.
 ان لعبة الخطاب الديني – السياسي أصبحت لعبة خطرة في لبنان وهي سيف مسلّط على رقاب الجميع. فبعد أن كان فريق 14 آذار يدافع عن حرية الرأي ويُدخل في اطارها كلام البطريرك صفير والمفتي قباني بينما فريق 8 آذار يطالب بتحييد رجال الدين عن السياسة، انقلبت الآية وتبادل الطرفان الأدوار بعد انتخاب بطريرك جديد وتغيير جذري في خطاب دار الفتوى. وقد شجّعت هذه اللعبة الكثير من الظواهر الدينية – السياسية كان آخرها ظاهرة الشيخ الأسير. 
 نتساءل ما هو الحلّ؟    
باستثناء قلّة قليلة، بالتأكيد لا نيّة لأي من الأطراف السياسية تغيير قواعد اللعبة في لبنان. فالخطاب الغرائزي مطلوب خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات، وهو الخطاب الوحيد الذي يمكن أن يستقطب الناخبين اضافة الى المال السياسي.
 مرحليا"، المطلوب هو تطبيق القوانين اللبنانية التي تحظر أي كلام غرائزي، حتى على رجال الدين واسقاط هذه الحصانة المقدسة عنهم. فهم بالنهاية مواطنون لبنانيون ولا يمكن الا أن يكونوا تحت المساءلة والقانون.
 أما على المدى الطويل فالمطلوب نفض المناهج التربوية واعلان وزارة التربية والتعليم العالي وزارة سيادية الى جانب وزارة الثقافة ووزارة الشباب والرياضة. فحسب آخر التقديرات تدفع الدول المتقدمة أكثر من ثلث ميزانياتها على التربية فقط، ويطبع من الكتاب الواحد حوالي 85 ألف نسخة في انكلترا (معدل الطباعة من الكتاب الواحد هو 5 آلاف نسخة لكامل العالم العربي)، وتقدّر حجم تجارة الكتب في الولايات المتحدة الأميركية بـ 24 مليار دولار (4 مليارات فقط في العالم العربي).  
أما لهؤلاء الذين يحاضرون في لبنان النموذج فنقول لهم عن أي نموذج تتكلمون في بلد أصبحت فيه أحاديث الناس قنايل موقوتة.            

الأحد، 6 مايو 2012

وجد



 
  
              "وجد"

أغار من النّسيم حين يداعب وجهك
ومن عشق المساء حين يقبّل وجنتيك
***
أغار من الوردة تلمسها أناملك
وعبق شذاها يرنو إليك
***
أغار من عيون النّساء تطارد ودّك
وشهواتهنّ المفروشة بين يديك
***
أغار من الرّبطة الأنيقة حول عنقك
ومن طيب عطر الرجولة الطّاغي عليك
***
أغار من اللّحن الطّروب يهزّ روحك
ومن الصّوت الرّقيق يأسر نفسك
ومن كلّ اسم جميل يرتسم على شفتيك
***
أغار من حبّات المطر تحنو على خصلة شعرك
من إشراقة الشّمس تترصّد صحوك
من ضياء القمر لا ينفكّ يسكب ضياءه في مقلتيك
***
أغار من السماء والأرض والمسافة
من رمال البحر تدغدغ قدميك
***
أغار عليك وغيرتي حقّ
فإنّي منك ولأجلك وإليك.
(بثينة الزغلامي ـ تونس)

الثلاثاء، 24 أبريل 2012

فؤاد الترك




فؤاد الترك: النأي بالنفس خيار سليم





عفيف دياب
  يؤكد المدير العام السابق لوزارة الخارجية فؤاد الترك أن قرار الحكومة النأي بالنفس حيال الملف السوري كان صائباً، مبدياً أسفه لانتصار الأعراف في وزارة الخارجية على القوانين، و«تطويب» السفارات للطوائف
****
 يستغرب المدير العام السابق لوزارة الخارجية اللبنانية السفير فؤاد الترك انهماك الدولة اللبنانية في البحث عن مقر بديل لوزارة الخارجية، وهي التي تملك مبنى مؤلفاً من 6 طبقات في بعبدا منجزاً منذ سنوات للعمل. ويوضح في حوار مع «الأخبار» أن المبنى المذكور في عهدة الحرس الجمهوري، و«لا أعتقد، إذا طلبت وزارة الخارجية مبناها، بأن الجيش سيرفض طلبها». ويضيف، في معرض قراءته لواقع الدولة اللبنانية ومؤسساتها، «إننا نعيش في قصر ينهار ويتداعى»، لافتاً إلى «أنه لا رجال دولة في لبنان اليوم. جميعهم موظفون عند طوائفهم ومذاهبهم.
في لبنان رجال سياسة فقط، وهؤلاء يعملون من أجل مصالحهم الانتخابية والاقتصادية، بينما رجل الدولة يعمل للأجيال المقبلة». ويضيف: «في لبنان اليوم أذكياء لا عباقرة»، والفرق بينهما هو أن «الذكي يعرف كيف يوصل نفسه ويحمي مصالحه السياسية والاقتصادية (أي بجيبها من قلب السبع)، بينما العبقري هو الذي يوصل وطنه إلى غايته». ويتابع ضاحكاً: «شبعنا أذكياء. أصبحت لدينا تخمة منهم (...) للأسف رجل السياسة اليوم يعتبر لبنان ملكاً له، ولا يعرف كيف يميّز بين الشأن الوطني والشأن السياسي».
يؤكد الترك، المنكبّ حالياً على كتابة مذكراته وإعداد كتاب عن الوثائق السرية التي كان يرسلها من طهران إلى وزارة الخارجية إثر انتصار الثورة الإسلامية وثالت أدبي ــــ ثقافي، أن أفضل موقف سياسي اتخذه لبنان حيال الأزمة السورية «كان النأي بالنفس». ويوضح: «في الظروف الراهنة التي نمر بها، أعتقد أن قرار النأي بالنفس يعتبر حكمة، نظراً إلى تعقيدات الوضع اللبناني وعلاقته بسوريا». ويقول إن وزير الخارجية عدنان منصور، الذي كان مديراً لمكتبه سابقاً، «يطبّق مقولة إن لبنان مع الإجماع العربي في الملف السوري، ولأن الملف السوري لم ينل يوماً إجماعاً عربياً، فإن منصور ملتزم بتطبيق هذا المبدأ»، مشيراً إلى أن معلوماته تؤكد أن منصور «لا يقدم على خطوة من دون استشارة الرؤساء الثلاثة وإجماعهم عليها».
يأسف الأمين العام الأسبق للخارجية لشغور المنصب وعجز الحكومة عن تعيين مدير جرّاء الخلاف على الحصص. ويقول: «الأمين العام للخارجية هو الذي يصنع الوزارة. السياسون في لبنان شغلتهم فقط أن يختلفوا بعضهم مع بعض». ويتساءل: «إذا عيّن مثلاً شخص كاثوليكي سفيراً للبنان في الباراغواي، فهل سينتعش وضع الكاثوليك هناك؟»، كاشفاً أن وزيراً لخارجية الفاتيكان أخبره أنهم يريدون سفيراً لبنانياً مسلماً، و«لكن للأسف عندنا هنا يعتقدون أنه يجب أن يكون مسيحياً». يضيف الترك: «لا يجوز القول إذا عيّن فلان في هذا المنصب أو ذاك تكون طائفته قد نالت حقوقها»، مبدياً أسفه الشديد لانتصار الأعراف داخل وزارة الخارجية، «فلا يجوز للعمل الدبلوماسي تطويب هذه السفارة أو تلك لهذا المرجع أو تلك الطائفة والمذهب والحزب»، مؤكداً أن حقوق «شعوب» الطوائف في لبنان «تكون إذا أمنت لها الكهرباء والمياه والتعليم والسكن والخدمات العامة الأخرى، لا أن تسند إلى هذه الطائفة أو ذاك المذهب منصباً إدارياً في الدولة». ويتابع: «علينا تغيير المصطلحات في الخطاب السياسي اللبناني»، مشيراً إلى أن مشاكل لبنان تنبع من «ستة ولاءات: الشخص والعائلة والطائفة والحزب والجيبة والخارج». وانتقد مقولة «لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه»، لأن «هذا يدل بوضوح على أن ثمة فريقاً يشكّك في نهائيّته». كذلك يأسف لأن بلداً تصبح فيه «الآدمية» فضيلة وعبارة «لبناني صميم» ميزة، و«هذا يدل على أن بلدنا مريض»، مبدياً أسفه لوجود سفراء في الخارجية اللبنانية «يعملون في التهريب ويهدرون المال العام».
الترك الذي ترشح مرتين للانتخابات النيابية في دائرة زحلة ولم يحالفه الحظ (دورتي 2005 و2009) يؤكد أن مدينته زحلة «لم تعد مقبرة للأحزاب»، وأن هذه «المقولة سقطت». ويضيف موضحاً أن «الأحزاب في زحلة ناشطة ولها جمهورها، ولكن عليها أن تولي مصلحة زحلة ومنطقتها الاهتمام اللازم وتحفظ عن ظهر قلب سرّ تركيبتها الاجتماعية وحمايتها من التطرف والتعصب».
الدبلوماسي السابق يؤكد أنه ليس مع 8 أو 14 آذار، ففناجين الشاي (ماغ) داخل مكتبته في منزله ببعبدا مطبوع عليها صور نبيه بري ورفيق الحريري ونجله سعد وميشال عون وحسن نصر الله وسمير جعجع وأمين الجميّل والياس سكاف، موضحاً أنه ليس في وارد الترشح مرة أخرى للانتخابات النيابية، و«ربما أخطأت في الترشح سابقاً، لكنني لا أخفي أنني أدعم الكتلة الشعبية»، مؤكّداً أنه لم يعمل على تقريب المسافة بين «صديقيّ» النائب ميشال عون والوزير السابق الياس سكاف، و«أتمنى أن تعود الأمور بينهما إلى موقعها الصحيح والسليم».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
http://www.al-akhbar.com/node/62858

The Republic of Anjar






The Republic of Anjar 
 
Anjar has been the mystery of the Bekaa Valley since 1939, the year Armenians arrived there. The rest of the valley has not been able to solve this mystery whose legend was built by poor men and women forced out of the Iskenderun. Armenians have since passed this town down from father to son.
*****
“The Republic of Anjar,” which enjoys boundless autonomy under the banner of one-party rule [The Armenian Revolutionary Federation or Tashnag] overcame the surprised and disapproving looks from residents in nearby areas from the moment the first Armenian stepped foot here.
The poor and forcibly displaced refugees succeeded in taming the fields drowning in polluted water and were able to quickly build their own city. The cornerstone was laid down by France, Lebanon’s “compassionate mother,” when it bought, through cajoling and intimidation, about 1540 hectares of Anjar’s agricultural land.
In a short time, the Armenians of Anjar were able to transform the land that had been “discarded” into a commercial, agricultural, and industrial destination.
Mayor Sarkis Pamboukian says Anjar is 100 percent Armenian and adds laughing, it is “24-karat Armenian gold.”
From a Refugee Camp to a City
The Syrian presence in Lebanon played a role in establishing and protecting social stability for the Armenians of Anjar.Anjar began as an Armenian camp established in mid 1939 over swampland. It ended up a city with 1062 houses and 1250 families by mid 1941. It has 7,000 registered citizens today. About 3,000 reside in Anjar on a permanent basis while the number goes up to 4,000 in the summer.
Pamboukian explains that Armenian migration from Anjar happened over two stages. The first was in 1946 when a limited number – about 400 families – left to Soviet Armenia for good. “But the larger migration happened at the beginning of the Lebanese war in 1975,” Pamboukian says, pointing out that Armenians who leave Anjar today come back to “visit all the time,” emphasizing that good relations with neighboring areas has brought about social stability.
“That is why we don’t feel anything here threatening our existence. On the contrary, over the course of seven decades, we have become an essential part of the fabric of this area,” Pamboukian says adding, “An Armenian Anjar is a source of strength for the Bekaa. We don’t feel we’re strangers or that we don’t belong on this land.”
A Headquarters of the Syrian Security Leadership
The Syrian presence in Lebanon played a role in establishing and protecting social stability for the Armenians of Anjar. From 1982 until 2005, the city became a major base for the Syrian security, military, and intelligence leadership.
An Armenian man active in politics and not a Tashnag member confirms that “the Syrian presence helped protect us from repercussions of the Lebanese Civil War.” He says, “We did not ever feel that we are left to an uncertain future here even though we had major political differences with our neighbors.”
He points to the legal dispute between Dar al-Fatwa (the country's top Sunni institution) and the Armenians of Anjar over the ownership of agricultural lands on the outskirts of the town. He says this dispute “took on a sectarian character earlier but cooperation between the two sides prevented a fifth column from interfering in this dispute and today it is being addressed within a legal framework.”
He stresses that the relationship between the Armenians of his city and the people of Majdal Anjar, a neighboring town, is “very good even though there are political differences between them.”
In 2005, political differences emerged between Anjar and neighboring towns as the city was thought to be part of the March 8 alliance, turning it into a politically isolated island within a popular sea that supports March 14.Member of the Tashnag party committee in Anjar, Harutyun Atanas Lakasian, says that their relationship with the town of Majdal Anjar and the rest of the area is “very good. We respect each other and we exchange visits,” he says, pointing out that the Tashnag party “works to keep the relationship with neighboring areas good.”
He believes that the formerly cold relationship between Anjar and neighboring towns was “a normal outcome of the political differences that exist among them, specifically after 2005.”
He explains that the Tashnag’s decision to join an electoral alliance against the Future Movement led to “cold relations with our neighbors but we were able to change this cold relationship to a close one.”
Lakasian stresses that the Tashnag party in Anjar “does not discriminate between the various political parties in the area even though there are political differences at times.”

There Might Be Some Hardships
     
In 2005, political differences emerged between Anjar and neighboring towns as the city was thought to be part of the March 8 alliance, turning it into a politically isolated island within a popular sea that supports March 14. Anjar paid a price for this isolation and accusation until it managed to overcome this “adversity.”
Pamboukian says the alliance between the Tashnag and March 8 “did not prevent Anjar from building solid ties with neighboring areas whose residents support March 14.” He explains: “We are neither allies nor enemies with anyone. There are political interests and we don’t deny that relationships were strained.”
Pamboukian says that his city has suffered from economic stagnation during the past period because “the neighboring areas boycotted us as a result of edicts by clergymen.” But he affirmed that the relationship today is “very good and we are witnessing economic, commercial, and touristic growth.”
“Chant Represents Himself”
Anjar is self-sufficient and is governed by an independent political and administrative rule, creating a sense of security for a people who succeeded in limiting how much others mingle with them. They have also dealt patiently with the outcome of their political disagreement with their neighbors.
Lakasian says that MP Shant Janjanian “represents himself” and that he does not visit the whole community in Anjar but “visits a few people here” confirming that “Anjar is all Tashnag, 99.5 percent.” He adds, “but Shant is not Tashnag, he belongs to the Lebanese Forces. See how democratic Anjar is?”
MP Janjanian, who does not have the Tashnag stamp of approval, sees himself as a Lebanese Armenian representing the residents of Central Bekaa without exception.
There are other Armenian political parties and clubs beside the Tashnag, like the Ramgavar and the Hanshak.He tells Al-Akhbar: “My relationship with the Armenians of Anjar and the area predates my election to the parliament. I used to have an educational role in one of the schools in Anjar. Membership in the parliament cemented this relationship because of my practical and serious participation in the activities and meetings whether official, religious, or social that have to do with the Armenian community and with other Lebanese communities.”
Janjanian stresses that his relationship with Armenians in the region and specifically in Anjar is “characterized by honesty and transparency, especially after they realized that I don’t make bombastic promises that cannot be fulfilled.”
He is confident that his support among Armenians is “growing gradually because I adopt a policy of realism.”
Janjanian refuses to describe his relationship with the Tashnag as one of “defiance.” He sees the issue as a question of freedom. Freedom to run for office and freedom of expression based on the principle of public freedoms in democratic systems.
He says there are other Armenian political parties and clubs beside the Tashnag, like the Ramgavar and the Hanshak (Janjanian’s father and siblings are members of the Hanshak Party), and they have the right to engage in politics based on their own political views by running for office and voting just like the Tashnag.
Janjanian, who is trying to bring Armenians closer to the residents of Central Bekaa, does not hide the fact that mufti Khalil al-Mais asked for his help in solving the issue of the land disputed between the Muslim Waqf and the Armenians of Anjar.
Janjanian believes that unlike the rumors that have been propagated, this task is an indication that people in neighboring areas want to consolidate the strong relationship with Anjar. It also reflects the significance and role of the Armenian community in the Bekaa.



The Armenians of Zahle
Anjar’s total independence from its surroundings, its transformation into a republic inside the republic, and its stability did not reflect on Armenians in the city of Zahle where al-Midan neighborhood is their major stronghold.
Efforts to reconnect Armenians who left Zahle with their city are “going on around the clock.” Out of 1000 Armenians registered in Zahle’s official records, only 400 are left. An Armenian activist in the city says that the percentage of Armenians migrating from Zahle is very high compared to Anjar or those who were once in Chtoura (Jalala neighborhood) and left permanently.
He explains that Anjar’s stability in terms of security during the civil war contributed to creating social stability, something that Armenians in Zahle, who left Lebanon for good, lacked.
He says that efforts to reconnect Armenians who left Zahle with their city are “going on around the clock.” He points out that the political loyalty of the Armenians of Zahle is primarily to the Tashnag party. Only a very limited number is committed to the Hanshak and the Ramgavar parties or to political and economic interests with local MPs.
http://me.effectivemeasure.net/emnb_24_ArtCulture-NewsPolitics.gif

السبت، 21 أبريل 2012

سقوط القمر




                                            سقوط القمر
يسرى
ـــــــــ

   على حين حبٍّ يُشرق مارسيل خليفة فتنتابكَ الحياة من جديد.
  تقف على شرفاته .. ينتابكَ العشق والحنين والأنين فتغتسل روحكَ نقاءً.
  يعدّ لكَ الأرض كي تستريح عمراً.. فتستريح حدّ التعب وتنبض الآهات بين أوتاره كعاشق يتأوه غراماً.
  يثير حواسك إلى حد الدهشة.. فتصمت قبل ان ترقص. كيف لم ننتبه يوماً أن اللحن والكلمات تمارس العشق سراً وعلانية.
أما محمد فحكاية أخرى غفى صوت أميمة على روحه فخجل اللحن من صلاتها وتلاشى فأضاءت أوتار صوتها،
والحورية التي نام الحسون على كفها أيقظتنا طرباً من دفء أصابعها.
مارسيل.. كبف حولت المنفى بألحانكَ إلى وطن يغار منه الوطن القابع على ترابه بإنتظار الخلاص؟
لم تكن أغانيه في البال فقط. كانت الروح في أغنياته. كانت الآه في ألحانه فكنّا وكان القمر يناجينا من بين أوتاره
عيناها التي تاهت بالألوان على عشب صدر حبيبها سقاها المارسيل بصوته فانتصب الزنبق وراح يتأوه طرباً على سرير النغم.
مارسيل.. كيف أعدت لريتا صباها ونثرت سواد الليل على شعرها الأبيض فعادت صبيّة وأنجبت قبيلة من الآلهة؟
يا لمواويل هواك كيف تحيي وتميت.
مارسيل.. في دمشق لم يطير الحمام. أفترش الأرض وألحانك وأخذ ينقر حبات موسيقاك فيصيح قاسيون منتشياً آآآه..
سقط القمر يا أول آلهة المطر وآخر أنبياء الغيم.. حقاً سقط.

الثلاثاء، 17 أبريل 2012

راوول يوماران







راوول يوماران طبّاخ «الحركة الوطنية»



    عفيف دياب
   من العمل طبّاخاً في عدد من أبرز مطاعم لبنان، انتقل رويل نقولا يوماران، المشهور باسم راوول، إلى إعداد الطعام لمقاومي «جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية: بعدما تفرّغ في الحزب الشيوعي اللبناني. بعض من ذكريات الرجل الثمانيني مع «الزمن الجميل»
ــــــــــــــ
   لم تمهل معارك حرب الجبل سنة 1983 وليد جنبلاط لكي يتناول «الترويقة» التي أعدّها له رويل نقولا يوماران، المشهور في البقاع باسم راوول. يتحسّر الرجل على الوقت الذي أمضاه في المطبخ يعد طعام الفطور لجنبلاط، الذي كان في دمشق، وعرّج في طريق عودته على مركز الحزب الشيوعي اللبناني في سعدنايل لإجراء اتصالات بقادة حزبه في محاور الجبل: «بقيت شي ساعة زبّط بربّ الترويقة.. وصل الرفيق وليد وحكى على اللاسلكي مع الشباب بالجبل وضلّ رايح ركض من دون ما ياكل لقمة من ترويقتي». يتابع وكأن الأمر حصل بالأمس «كتير قهرني وليد جنبلاط».
رويل يوماران الآشوري ــ اللبناني، المولود في حيّ المعلقة في زحلة سنة 1928، احترف فن الطبخ الغربي والشرقي، وتحول إلى أكثر الرجال الموثوقين عند قادة «الحركة الوطنية اللبنانية»، مع بدايات الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975 بعدما تفرّغ كلياً في صفوف «الحزب الشيوعي اللبناني»، متولياً قيادة إعداد الطعام للمقاتلين على مختلف محاور القتال من بيروت إلى الجبل والبقاع، وصولاً إلى الجنوب. ويقول راوول، إنه بدأ منذ أواسط ستينيات القرن الماضي تعلّم فن الطبخ، لينطلق بعدها في رحلة العمل في أرقى المطاعم في وادي البردوني، زحلة، جونية، بيروت وانطلياس وشتورة «ومع بداية الحرب الأهلية تركت العمل في المطاعم وتفرّغت في الحزب الشيوعي بعدما طلب مني الرفاق ذلك».
لم يتعب راوول من «شرب العرق» رغم حالته الصحية الصعبة، رافضاً نصائح الأطباء. فهو يمضي ما تبقى له من عمر في بيت صغير في حي الأشوريين في كسارة جنوب زحلة، ويقضي معظم وقته في إعداد «سفرة» صغيرة له ولأقرانه الأشوريين الذين يضيّعون أوقاتهم في شرب العرق بعدما أتعبهم العمر وهجرة أولادهم إلى بلاد الله الواسعة «بس قوم من النوم، بشعّل الصوبيا وبحط الطاولة وقنينة عرق وشوية خيار وزيتون وصحن لبنة». ويضيف «ما عندي حدا. هون بالضيعة كم واحد متلي. منتسلى بشرب العرق»، مبدياً أسفه لأنه لم يعد يسمع جيداً و«ما عم شوف منيح كمان».
هاجر جد راوول هوميروس ووالده من شمال العراق إلى شمال تركيا أوائل العام 1910 هرباً من الظلم. يقول: «بعدها ذهبت العائلة كلها إلى روسيا، والتحق والدي نقولا بجيش القيصر هناك، وبعدها التحق بثورة الرفيق لينين وانتصروا». في العام 1920 قرّر والد راوول وأعمامه ترك موسكو والهجرة إلى أميركا «وصلوا إلى زحلة وما عاد يقدروا يروحوا على أميركا». أسس والد راوول حانوتاً صغيراً لصناعة الأحذية وترميمها في حيّ معلقة زحلة حيث ولد «الرفيق» راوول سنة 1928، ونزل إلى العمل في سنواته الأولى مساعداً لوالده الذي شمله لاحقا إحصاء 1937 وأصبح لبنانياً مع مجموعة من الأشوريين المهاجرين من روسيا والعراق وتركيا. «بقينا في المعلقة حتى العام 1969، ثم انتقلنا إلى كسارة بعدما شيّد مجمع الكنائس التابع للكنيسة الأشورية مجموعة من المنازل والغرف الصغيرة لأبناء الطائفة هنا، وصار للأشوريين ضيعة خاصة بهم».
عاش رويل يوماران فتوته وشبابه متنقلاً من عمل إلى آخر، ومع بدء تشكّل وعيه السياسي، اكتشف أن والده كان ناشطاً في الحزب الشيوعي الروسي قبل أن يصبح شيوعياً لبنانياً مع تأسيس الحزب سنة 1924 «لا أعرف كيف انتسبت إلى الحزب الشيوعي، لكني أعرف أن العائلة كانت في الحزب». يتابع «كنا نعمل بشكل سرّي، وأقام عندنا خالد بكداش حين هرب من سوريا في أواخر الخمسينيات، كما زارنا فرج الله الحلو في زحلة مرة واحدة». لا تسعف الذاكرة راوول كثيراً، لذلك يستعين الرجل الذي أصبح في الثالثة والثمانين من عمره، بصديقه وقريبه جورج لسرد بعض القصص المشتركة، أو تلك التي تشمل عائلتيهما منذ زمن الهجرة من شمال العراق الى تركيا وروسيا ولبنان واميركا وبلجيكا والسويد والمانيا والنمسا حيث يتوزع افراد عائلة يوماران الأشورية و«ما عاد في حدا غيرنا هون».
رفض راوول فكرة الزواج أو الارتباط. فالزواج مؤسسة فاشلة برأيه «كما أني أمضيت عمري في العمل الحزبي وتعلم الطبخ وشرب العرق. لم أفكر يوماً بالزواج. كنت أمضي وقتي في العمل وفجأة صرت كبيراً، أمضي ما تبقى لي من وقت هنا في الضيعة». يعيش راوول متقاعداً اليوم في منزله، ويتقاضى راتباً شهرياً من الحزب الشيوعي الذي أمضى فيه حياته: «تفرّغت في الحزب سنة 1975 بناء على طلب الرفيق فاروق دحروج الذي كان مسؤولا عن البقاع. قال لي الرفيق بدنا حدا نوثق فيه ويعمل أكل للشباب». بدأ راوول إعداد طعام المقاتلين في الحزب الشيوعي والحركة الوطنية في النبي سباط وعرسال وبريتال، وصولاً إلى بيروت والجنوب والجبل. ويفتخر كثيراً أنه أعدّ الطعام لشخصيات مثل جورج حاوي ومحسن ابراهيم وألبير منصور وجورج حبش وفاروق دحروج وانعام رعد وعاصم قانصوه والياس عطالله و«كنت أطبخ للشباب في ساقية الجنزير وتلة الخياط وراس النبع ومراكز كثيرة. كانت الحركة الوطنية تجتمع أحياناً في مراكز الحزب وكنت اجهز لهم الطعام».
بعد العام 1984 استقر راوول بشكل دائم في البقاع، حيث تفرّغ لإعداد طعام شباب «جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية» الذين كانوا يمرّون سرّاً على مراكز الحزب الشيوعي في سعدنايل وقب الياس و«كان كبار المسؤولين في الحركة الوطنية حين يعودون من دمشق يمرون على مركز الحزب وأجهز لهم الطعام. ويا ريت بترجع أيام النضال الحقيقي».


حنين إلى الصيد
يعشق راوول يوماران اصطياد الضفادع، لكنه لم يذهب إلى الصيد منذ زمن لأن «صحتي تعبانه». الرجل المشهور في منطقة البقاع بأنه أفضل من أعدّ صحن ضفادع وكأس عرق، كان يحمل صنارته وسلّته ويجول في البقاع الغربي لاصطياد أجود أنواع الضفادع التي كان بعض قادة الحركة الوطنية يتسابقون على تناولها. اليوم، يفتقد راوول الأيام السالفة، التي كان يستضيف فيها إلى مائدته العديد من الشخصيات التي كان كثيرون يتطلّعون إلى مجالستها والاستماع منها إلى أخبار لبنان. لكن الزمن لا يعود إلى الوراء.

معرفتي فيك




معرفتي فيك
  
صالح ملحم 
 لم يك لينسى تلك اللحظات التي يستفزها متعمداً فيصفها بالفتاة البرجوازية ، كان أمر مخجل ومحرجاً لها ، أما هو الذي يعي ذلك جيداً كان يهدف في لقاءاتهما إلى استفزازها بتلك الكلمات لا لشيء فقط ليدفع الحوار بينها إلى لحظة الانفجار بأسرع الطرق ثم يلي ذلك لحظة من الهدوء يتخللها فجأة صوتها تغني " معرفتي فيك " ثم تبدأ بالرقص على ايقاعات موسيقى لزياد رحباني  ......  تلك كانت أجمل اللحظات التي لا ينساها في عام 1984
 في المرفأ إلتقاها لأول مرة ، صورة الفتاة العشرينية الغنية ابنة صاحب العمل التي ترتدي الميني جيب و الممتلئة بالعطور ،  المغرورة إلى حد الغباء ،الجميلة لدرجة الدهشة ، التي أوقف  عمله ليتأملها وهي تعبر من جانبه دون ان تلتفت له، تلك الصورة لم تغادر أحلامه منذ صيف 80  
 يدق باب منزلهما بقوة ، فقد استطاع أن يحصل على شريط الرحباني الجديد " هدوء نسبي " ، وقد وعدها ان يستمعا إليه ، وهي لغاية الآن لا تفتح .....
" بلا ولاشي .......... بحبك
ولا في بهل  الحب مصاري
ولا ممكن في ليرات
 ولا ممكن في أراضي
 ولافيه مجوهرات  "  
كان يرافق الشريط مغنياً والابتسامة تملأ وجهه وهوينظر إليها  ، انتصر له زياد بهذه الأغنية  ........... كان ذلك في عام 1987
  في 16 أيلول من كل عام يحتفلان معاً في ذكرى اطلاق جبهة المقاومة  الوطنية وفق طقس بوهيمي ، يستمعان لأحدث أشرطة زياد ثم يتناولان العشاء مع النبيذ  لتبدأ بعده بالرقص ، حتى في تلك الأعوام القليلة التي تلت الاجتياح كانت تّصر على الرقص ، منفردة ً ترقص وتبكي وتغني ، تتذكر جورج وكمال وعمر وكل الرفاق الذين رحلوا تباعاً ، إلا أن هذا العام 1990 ليس كسابقه فهو لم يتناول العشاء معها ولم يحتس النبيذ ولم يستطع حتى استفزازها بكلماته عن منشأها البرجوازي ، فقد ودعها فجراً وهي متجهة لسفح جبل الشيخ بمهمة كلفت بها ...    
 لم تستطع ان تتحمل مشهد احتراق بيروت ، أو أن توافق على وجود جندي اسرائيلي في حيها  خلال اجتياح 82، أو أن تشاهد عبر التلفاز أطفال مخيم شاتيلا يذبحون . هي التي استهزأت منذ بضعة أشهر بكل من يقتل نفسه في سبيل فكرة أو عقيده أو أرض وضحكت منه هو تحديداً و اتهمته بأنه ساذج وأن أفكاره الغريبة المنشأ حول الحرية ورأس المال المتوحش والاشتراكية وغيرها مضحكة، فكان أن تركت ذكريات الطفولة و منزلها الفخم  و تركت أفكارها عن حب الحياة ، ومضت إليه ..... 
 اليوم يرتبط 16 ايلول بذكرى رحيلها ، لم ترجع في ذاك اليوم ،  كل عام يحمل شمعة ويمشي وبجانبه بعض رفاقه ، هؤلان الرجال والنسوة الخمسينيون يجوبون شوارع بيروت ،فلكل منهم فقده .... عندما يصل إلى قبرها يجلس ، لا يبكيها ، لكنه يغني لها كما كانت تحب دوماً اغنية " معرفتي فيك " .... إنه عام 2010
 ـــــــــــــــــــــــــــــــ
دمشق في  18 – 9 – 2010
*ملاحظة  
هذه القصة مهداة إلى ذكرى الشهداء جورج نصر الله و كمال الحجيري و عمر المحمد ... وإلى الاستاذ عفيف دياب لمقالته المنشورة في جريدة الأخبار عدد الجمعة ١٧ أيلول ٢٠١٠  
http://www.al-akhbar.com/ar/node/206639