الأربعاء، 6 يونيو 2012

انه زمن البلطجية




إنه زمن "البلطجية"



 




ماهر ابي نادر
عرفته في منتصف  الثمانينيات من القرن الماضي باسمه الحركي «سيمون». كان فتى يافعاً ذا شخصية هادئة وصوت خافت، لكن عينيه تضجان بحيوية متفجرة وتفضح عناداً في الموقف حيال القضايا التي يؤمن بها. في ذلك الزمان، كانت القضية الأساس لـ «سيمون» هي المقاومة. لم أعرف في حينه أنه ابن بلدة كفرشوبا الحدودية، ذلك أن السؤال عن الانتماء المناطقي لم يكن ذا قيمة في ذلك الزمن المقاوم. كانت سعدنايل مقراً أمامياً ينطلق منه المقاومون الشيوعيون لمطاردة العدو وعملائه داخل الجزء المحتل من منطقة البقاع الغربي. مرّت الأعوام وتلاشى دور الشيوعيين في المقاومة ومضى كل منهم في طريق البحث عن لقمة العيش. وشاءت الصدف أن التقي «سيمون» في أروقة إذاعة «صوت الشعب» في بيروت، حيث اختار أن يعمل مهندساً للصوت. هناك عرفت اسمه الحقيقي: عفيف دياب.
لم يطل الوقت حتى قرر عفيف دياب خلع ثوب «سيمون» المقاوم بالبندقية ليتحوّل إلى ثوب المقاوم بالقلم، ويوقع باسم عفيف دياب بداية كمراسل لـ«صوت الشعب» في منطقة البقاعين الأوسط والغربي ومن ثم لعدد من الوكالات الأجنبية، وهو في موقعه هذا، لم يكن أقل إقداماً منه عندما كان مقاوماً بالبندقية، فلم تثنه غارة إسرائيلية عن مطاردته للحقيقة.
في اليوم الأول للتحرير، أذكر كيف كانت فرحة عفيف عارمة. وعيناه كانتا تشعان فرحاً عندما جلسنا على «مصطبة» منزل أهله المتواضع في كفرشوبا، الذي كان مهجوراً طوال فترة الاحتلال، واحتفلنا معاً بفنجان قهوة على أمل أن يكون الاحتفال أغنى بعد أن يؤهل المنزل، ولكن أخذتنا الأحداث ولم نحتفل أبداً. أن تمتد إليك يد العمالة في وضح النهار، وفي قلب مدينة شتورة، التي أحببت، في وقت تنحر الخراف لعميل إسرائيل زياد الحمصي، ويستقبل بالطبل والزمر، هي ذروة السخرية يا «سيمون». أن يصبح المقاوم مطارداً على أيدي عملاء إسرائيل في قلب الوطن، الذي قالت حكومته الحالية في بيانها الوزاري إنها تؤكد تلازم دور الشعب والجيش والمقاومة في الدفاع عن الوطن، هي ذروة الكذب على الوطن والمقاومة.
إلى السيد حسن نصرالله،
ألا ترى يا سماحة السيد أن بقاءكم في حكومة النأي بالنفس بات مكلفاً جداً ليس لكم فحسب بل لكل الوطن؟ لقد قلتم في إحدى خطبكم إن العمالة للعدو ليست وجهة نظر، ولكن ها انتم اليوم تغضون الطرف عن التعامل معها بهذه الصفة، من يحمي المقاومين من عملاء إسرائيل طالما أن أيدي هؤلاء العملاء باتت تتجرأ على ضرب مقاوم في وضح النهار؟ أعرف أنك لن تجيب على سؤالي. ولكني أعرف أيضاً أنه سيحفر عميقاً في وجدانك، لما للمقاومين عندك من منزلة غالية، فأنا لن أنسى ما حييت كلمات قلتها لي في مكتبك في الضاحية الجنوبية لبيروت قبل ساعات من استقبال جثمان نجلك المقاوم «هادي»، وطلبت مني عدم نشرها في ذلك الحين، والتزمت حينها. ولكني استميحك عذراً بأن أنشرها اليوم فقط لضرورة الموقف ولمرور الزمن على ذلك القول. قلت لي يومها: «لن أدع قادة العدو يتمتعون برؤية دمعتي»، هل ستسمح لقادة العدو أن يتمتعوا برؤية دموعنا، ونحن نذرفها على مقاومين يُعتدى عليهم على أيدي عملاء اسرائيل في ظل حكومة تتفيأ بعباءة المقاومة؟
إلى الرفيق خالد حدادة،
في مثل هذا اليوم قبل ثلاثين عاماً، أطلق الشيوعيون المقاومة الوطنية عندما كانت المقاومة حينها فعل إرهاب وكان عملاء إسرائيل يقودون أجهزة الدولة الرسمية من أعلى قمة الهرم إلى أسفله. وحققوا إنجازات على طريق التحرير لا يمكن أن تلغيها إنجازات «المقاومة الإسلامية» التي أكملت الطريق. يومها قال الشيوعيون لكل الوطن: إلى السلاح دفاعاً عن الأرض والكرامة الوطنية. اليوم ومع الموجة المتصاعدة لإطلاق عملاء إسرائيل من السجون ووصف الفارين منهم إلى عمق الكيان بـ «بالمبعَدين» بدأ العملاء يتجرأون على مد اليد على المقاومين في وضح النهار، هل يتجرأ الشيوعيون بالدعوة مجدداً إلى السلاح، دفاعاً عن المقاومين وعقاباً للخونة والجواسيس؟
إلى الدكتور أمين وهبي،
أمضينا عمرنا معاً في مواقع النضال، وأنت لم تكن في البلاد عندما كانت المقاومة الوطنية في أوجها، لكن ما أبعدك عن بلدتك لبايا هو أنك انطلقت في مهمة لا تقل نبلاً عن العمل المقاوم في ذلك الحين، إذ توجّهت إلى موسكو لتحصيل العلم لمساعدة أبناء الفقراء في البقاع الغربي عند عودتك. غير أن عائلتك الكريمة لم تبخل في دعم المقاومة ولم تبخل في بذل الدماء من أجلها، خاصة أن شقيقك «اسحق» أحد الشهداء الذين رووا تراب تلة برغز بدمائه في مواجهة بطولية مشهودة مع نخبة من جنود لواء «جولاني». فماذا تقول اليوم أيها «الرفيق» السابق في الاعتداء على الرفيق «سيمون» على أيدي عميل إسرائيلي، مع العلم ان ليس «سيمون» مَن أكد عمالته في مقالة صحافية بل تأكدت عمالته بالأدلة الدامغة، خاصة أن المعتدي وبلطجيته يتلطون بعباءة التيار السياسي الذي بتّ تنتمي إليه؟

الخميس، 31 مايو 2012

الى الشهيد يزن..







                                 يزن .. لك المجد ولنا الدموع

 (إلى يزن الشهيد الذي أخذ معه كل المجد والنصر)

عندما تقترب السماء من ظلكَ الغافي على وطني أدرك أن لا عيد يعبق خمراً .. إلا إذا صليت بإسمكَ وكأن همسكَ الـ" يرتل" إسمي إنشودة مطر وهيل  مد لي  يد السماء ما قبل المطر.. وما قبل ولادة الغيمة:
 لتشرب الحوريات ظل كأسكَ
هو الأنتَ على فم الوقت..
وهي الأنا  لغة  تتجلى  فوق  حسدكَ
وأسبقكَ إلى الصيف الذي يسكنكَ
في دهشة الماء..
وأحرس تفاحي الـ "يتعرى" من إحمراركَ
لأجمعك ضوءاً .. ضوءاً
وإنني بعضكَ الينسج على خمركَ..
رغبة صلاة

(يسرى)

الجمعة، 25 مايو 2012

جلم



     
                                          حلم          

              (ع) 

كيف لي أن أتجنّب العشق وأنت لا تكف ّعن جمالك ؟

            (ف)


مزاجي طيّب اليوم
لن أغار عليك من قريتك التّي يكثر فيها
الزّبيب والتّين
فعلى كتفي حيث يدك التّي إتّكأت طويلا
نبتت دالية !!


             (ي)


ما زلت تلك الغجريّة التّي تخطف من السّماء
نجمة بإسمك
فتومض حين تدخل أنت أحلامي
وأهمس لك: لا ترحل عن تراب الغجر
فطيني مجبول بمائك
وهذه أنفاسك فاكهة
والحبّ رئتيك

           (ف)


لي ما أعشقه
فيروزيّات الصّباح
والصّحف التّي تهرشها أنت عمدا
وتحيك الشدة فوق الحروف
وقهوتي التّي تتسلّل إليها كقطع السكّر
كلّما نظرت إلى عروق يديك تنبض بي
تصبح أجمل أكثر فأكثر !!


                                                    (بثينة الزغلامي ـ تونس)

الجمعة، 18 مايو 2012

متعة الريح




 متعة الريح

يا لمسائك  كم هو شهيّ !!
مثل نيران تنقدح من قهقهات غجريّ أرعن
يداعب قلبي فتستفيق تلك الأنثى التّي نسيت أن تكبر
وتعبّئ ثغرها بسكريّ النجّوم والضّحكات
وتستدين متعة الرّيح وهي تراقص ظفائرها وتنّورتها التّي لا تلين
فينقدح تحت خطوها الطّريق !

        
        ( بثينة الزغلامي ـ تونس )

الخميس، 17 مايو 2012

اشتعال




 
اشـــــــــــــــتعال

على ضفاف احلامي
تبـــــــدّى صمــــــــــتٌ  صـــــــــــارخٌ
فـــــــــــارتبكـــــــــــــت حـــــــــــروفي خفـــــــــراً
تنــــــــــــــادَت الغيمـــــــــــــات ... لتظلّــــــــــــــــــل اشتعـــــــــــال العبارات
تغـــــــــــــامـــــــــزَت نجمـــــــــــــات
وشـــــــــــــــــــــربّت نخبهــــــــــــــــا المجـــــــــــــــرّات
فتــــــــــــراكضـــــت العبـــــــــــــارات مُتـــــــــــرعة
حبــــّاً وهــــــــــــــوى
وتفلّتــــــت من قيـــــــــــــــــدها الكلمــــــــــــــــــــــــات

                                                           ( إخلاص الشاب )

الاثنين، 14 مايو 2012

عرسال تستقبل امانة 14 اذار



            عرسال تستقبل «حجّاج» أمانة 14 آذار

عفيف دياب
  لم تجد قوى 14 آذار سوى عرسال لزيارتها في زمن مناصرة الثورات العربية. زيارة تقدّمها فارس سعيد، من دون أن يحمل معه «أمانة» الوعود التي أغدقت على البلدة المشاكسة لتطوير مستوى الخدمات فيها، حيث فوجئ الرجل ورفاقه بالحرمان الكمي والنوعي الذي تعانيه «قبلتهم» الجديدة
****
  مسكينة عرسال، البلدة البقاعية المنسية عند الحدود مع سوريا. لم يكن ينقص العراسلة بعد الا زيارة الأمانة العامة لقوى 14 آذار حتى تكتمل يومياتهم المرة والصعبة. صقور 14 آذار من الغرب ونسور سوريا من الشرق يحاصرون البلدة التي لم تكن تنتظر من الأمانة العامة الا حمل «الأمانات» التي وعدت بها منذ 2005، إذ لا همّ للعراسلة اليوم الا واحداً، وهو رفع مستوى الخدمات في مدينتهم وتطوير بناها التحتية وغيرها من الأحلام الوردية. لا يخفي بعض العراسلة أن زيارة التضامن كان يجب أن تكون معهم قبل أن تكون مع غيرهم، وإن كانوا شركاء في الهم والأوجاع. فهم وحدهم في أعالي الجبال القاحلة، ولا أحد في بيروت او باريس او الرياض ولا حتى في دمشق وطهران وموسكو وبكين، يسمع أنين أوجاعهم كحال أقرانهم من النازحين السوريين الذين هربوا من فقرهم وموتهم الى بلاد أفقر منهم يتشاركون مع أهلها الخبز المر وتقاسيم الوجوه الواحدة.
لم يكن ينقص مآسي عرسال أمس، إلا زيارة الأمانة العامة لـ14 آذار وبعض نواب مدينة زحلة والبقاع الأوسط والغربي، لرفع مستوى الحزن من جديد. فرح العراسلة بوسائل الإعلام التي زارت بلدتهم مواكبة لرحلة «حج» فارس سعيد ورفاقه، إذ اعتقدوا، للوهلة الأولى، أن قافلة الأمانة العامة ووسائل الاعلام المرافقة جاءت لنقل أوجاعهم، أو أن فارس سعيد وايلي ماروني وجمال الجراح وعاصم عراجي وانطوان سعد وطوني ابو خاطر وزياد القادري وشانت جنجنيان وامين وهبي وإدي ابي اللمع، يحملون في سياراتهم الفخمة وجيباتهم المصفحة وعود الشيخ سعد الحريري و«ثوار» 14 آذار ببناء مستشفى، او على الأقل إعادة افتتاح مستوصف تيار المستقبل الذي أُقفل من دون مبررات مقنعة، او مشروع شبكة صرف صحي ومياه شفة، او خرائط تعبيد وتوسعة طرقات، او ترميم مدرسة رسمية وتأمين فرص عمل وتصريف منتجاتهم الزراعية.
فارس سعيد أكد أنه ورفاقه جاؤوا الى عرسال «لبنانيين من مختلف المناطق والطوائف والأحزاب في إطار 14 آذار للتضامن مع أهلها، وزيارة عائلاتها وزيارة العائلات السورية النازحة». أضاف: «جئنا لنقول من عرسال وعبرها، الى من يهمه الأمر، إننا نطالب الحكومة بالاهتمام الفوري بأهالي عرسال والبقاع، كما بوضع العائلات النازحة من سوريا من خلال تأمين الحاجات لها عبر الهيئة العليا للإغاثة». وطالب وزارة الصحة بتحمل مسؤولية تأمين الجرحى والمصابين في المستشفيات على نفقتها، ودعا الحكومة الى «التدخل الفوري لوقف انتهاك سيادة لبنان من جيش النظام السوري بإرهاب اللبنانيين ومنعهم من استثمار اراضيهم الزراعية». واكد أن قوى 14 آذار «تعدّ عرسال ووادي خالد وجبل الشيخ والعريضة ومنطقة القاع، مناطق مستهدفة من جيش النظام السوري»، آملاً من نواب 14 آذار «تأليف لجنة متابعة من اجل تأمين التواصل مع كل المعنيين لدعم صمود هذه المناطق وغيرها التي تستقبل النازحين السوريين، وتقدم إليهم المساعدات الإنسانية».
كلام سعيد لم يرقَ إلى حدّة كلام رئيس بلدية عرسال علي الحجيري، الذي دعا «كل عرسالي» الى وضع بندقية حربية في سيارته للدفاع عن نفسه ضد موجات الخطف في المنطقة و«يا قاتل يا مقتول»، مؤكداً «وقوف عرسال مع الثورة السورية»، ومطالباً الدولة بحماية الحدود في منطقة عرسال. ودعا منسق تيار المستقبل في عرسال الى «الانتصار لقوى 14 آذار للوصول الى السلطة».
وبعد انتهاء الاستقبال وإلقاء الكلمات «العنيفة»، دار نقاش بشأن عمليات الخطف التي تحصل في منطقة عرسال وبعلبك والهرمل، إذ طالب البعض من وفد الأمانة العامة بمعرفة مصير المواطن العرسالي خالد عز الدين الذي خطف في منطقة النبي عثمان. وقالت معلومات لـ «الأخبار» إن خطف عز الدين «يعود لأسباب مالية»، فيما أشارت معلومات غير مؤكدة إلى أن عز الدين يتعاون مع مقاتلين سوريين يناوئون النظام السوري.
خطف عز الدين ليست الحادثة الوحيدة التي سجلت في شمال سهل البقاع، ففي داخل الأراضي السورية المتاخمة للحدود مع لبنان أقدم لبنانيون على خطف 15 سورياً من آل رحيل، رداً على خطف مسلحين من العائلة الأخيرة لثلاثة من آل جعفر الذين يقطنون داخل الأراضي السورية في مزرعة تعود ملكيتها إليهم. وقال مصدر امني لبناني لـ «الأخبار» إن اتصالات سياسية وامنية أُجريت للإفراج عن السوريين المخطوفين، موضحاً أن هذه الاتصالات لم تثمر نتائج تذكر لاشتراط إتمام العملية بالإفراج عن المخطوفين من آل جعفر. وكشف المصدر أن اتصالات أجريت مع الجانب السوري الرسمي و«ننتظر الرد لإتمام الصفقة». وأكد المصدر الأمني أن السوريين المخطوفين «ليسوا داخل الاراضي اللبنانية، بل هم في مكان يعدّ ضمن الأراضي السورية وهو خارج عن نطاق السيطرة الأمنية السورية الرسمية».

في وجه ماروني
خلال عودته من عرسال اخترقت سيارة موكب النائب إيلي ماروني في زحلة قرب بيت الكتائب، حيث شهر أحد ركّابها مسدسه الحربي بوجه المرافقين. وقال ماروني لـ «الأخبار» إن الاختراق كان عرضياً، ولن ادّعي على سائق السيارة حيث أصبح الملف بعهدة الأجهزة الأمنية الرسمية التي باشرت تحقيقاتها، وقد أوقفت سائق السيارة المدعو ب. هـ.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
سياسة
الاخبار ـ العدد ١٧٠٦ الاثنين ١٤ أيار ٢٠١٢
  

حمص




حمص





أيها الإله الهرم
أيها النبي الأعزل إلا من ذاكرة محطمة.. معلّقة على بقايا السور..
أيها اليتيم حديثاً إلا من فضول مصور أو بضع شاشات صغيرة ..
هل تعنيك مبادراتهم وخططهم ومراقبيهم؟!
أيها الأب.. أيها الأبي:
هل يكفيك رؤوسهم إن علقناها على بقايا العمود كي يطغى حلو القهوة على مرار الريق؟؟!!

                                            (يسرى)
                                                                  

الأحد، 13 مايو 2012

احاديث الناس








أحاديث الناس... قنابل موقوتة



د. فايز عراجي – رئيس حركة وعي -  لبنان
   ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
  
في دائرة
دخل عابسا" متجهّم الوجه. ألقى السلام على الحاضرين ثم دخل الى الغرفة المجاورة. ما لبث أن عاد والانزعاج ما زال باديا" عليه. "تشرب قهوة" سألته احداهن، أومأ برأسه علامة الرفض. رفع بنطاله وقال: " شو هالبلد التعتير.... مبلشين دق بالطايفة السنية.... كل ما واحد سني ربى دقن بيقولو عنو دغري سلفي (مع العلم أنه غير ملتحي)... شو هالاجرام هيدا.... بطعمونا أكل مسمّم... ناس بلا ضمير". استدار ليجلس مع الحاضرين. بدا الانزعاج باديا" على احداهن بعد أن استوت في كرسيّها قريبا" من المدفأة. قال: " يلاّ كلّو منكن.... كلّو من الجنوب... ما بتشوف غير مواد غذائية فاسدة عم تنكب بالمزابل في قرى جنوبية.... شو بدكن تقتلونا بعد بالأكل" متوجها" اليها. ثار جنونها: " لك ما تقول هيك.... شو نسيت المواد الفاسدة في الطريق الجديدة.... والدواء في مجدل عنجر.... خلص ما بقى تحكي وتهاجمنا". كان جوابه جاهزا": "أنا ما قصدتكم... عمبقول بالجنوب... شوفي التلفزيونات... شو ما عمتحضري أخبار". ثم علا الشجار والتلاسن حتى ظهر رئيس الدائرة فهدئ الجوّ قليلا".
 في جامعة
كنّ مجتمعات في غرفة الأساتذة يتابدلن أطراف الحديث. صادف أنهن من فصيل واحد حسب الأحوال الشخصية بالرغم من أن احداهن متزوجة من فصيل آخر. دخلن في نقاش حول مستوى الطلاب ومدى التزامهم حضور المحاضرات. "دخلك هاو المجموعة من وين... أكيد من صوب هونيك... في منن محجبين". أجابتها: " لأ... في بيناتن واحدة مش من هونيك". "وكيف ماشية معن... يا عيب الشوم عليها". أجايتها: "ليش ممنوع المخالطة... هودي تلاميذ جامعة... شو بدك الفرز يوصل لعندن... زرتي شي مرّة بعلبك". "أعوذ بالله... أنا بعد الفرزل ما بقطع". وقفت وتهيأت للانصراف بعد أن أجابتها: "يا عمي شو هالحكي عيب عليكي... اذا نحنا اللي بيقولو عنا النخبة بالمجتمع وعم تحكي هيك... ما في عتب عبقية الناس".
 في بلدية
بعد ساعتان ونصف وصلوا على الموعد. كان في استقبالهم نائب رئيس البلدية، فالرئيس غير مقيم في الضيعة. "قهوة أو شاي؟" سألهم قبل دعوتهم الى الدخول الى قاعة الاجتماعات في البلدية. كان هدف اللقاء مناقشة ألية العمل في المشروع التنموي المقرر للضيعة من احدى الجهات المانحة. انتهى الاجتماع الرسمي وراح الزائران يتبادلان أطراف الحديث مع نائب الرئيس. "شو بتشتغل ريس؟" سأله أحدهم. "أنا مهندس معماري وعندي شركة تعهدات". "أنتو من وين شباب؟" أجابه مسارعا" أحدهم "من زحلة". أسماء الزوّار لا تدلّ أن بينهم من هو أزرق في منطقة صفراء. "هلق ونحنا راجعين منوقف عند صاحبنا مناكلنا فرخ سمك ومنسفقلنا شي قنينة نبيذ؟ شو رأيك". أجابه زميله بالايجاب "أحسن فكرة". بدا لنائب الرئيس أن الخبيرين من جماعة عيسى بن مريم. وصل الحديث الى الشأن السياسي في البلد. تبيّن له علمانيتهما وفكرهما المنفتح. ربط الأمور ببعضها وخلص الى أنهما من المرجح أن يكونا قريبان من خط حليفه السياسي فاستفاض في شرح وثيقة التفاهم. خلص الى أن قوة هذا التفاهم هو تحالف أقليتين في محيط بحرٍ أكثري. سأله: "شو تحالف ديني ولا سياسي هيدا يا ريّس؟". "الظاهر هو سياسي لكن الباطن هو تحالفنا، نحن الأقليتين، لنصير قوة بوجه هوديك". ضحك أحدهما وقال له: "ولوّ يا ريّس أخدتني بالطوفة... مساقبي أنو أنا على التذكرة من هوديك!". حاول نائب الرئيس ترقيع الموضوع والتبرير بعد أن أحسّ أنّ تحليله خذله.  
 في عزاء
توفيت والدته. كان الناس كثرا" في تعزيته. فهو اضافة الى كونه من عائلة كبيرة لها وزنها في الشأن السياسي، مسؤول في أحد أهم الأحزاب اللبنانية. وصل أحد أصدقائه يرافقه وفد للتعزية. الانتشار حول المنزل يوحي بوجود شخصية مهمة. المرافقون في كل مكان. استفسروا عن الوفد قبل السماح له بالدخول الى القاعة الرئيسية. استقبلهم ابن الفقيدة بالترحاب، وقدم صديقه الى المسؤول المركزي الذي أتى للتعزية باسم أمين عام الحزب. اسم الصديق لا يسمح بمعرفة الكثير عنه. استكمل أحدهم الحديث مع المسؤول بعد أن اضطر الى قطعه عند دخول الوفد. "مولانا... انو يعني ليش الكلّ ضدنا بهالبلد". أجابه المسؤول: "يا مختار... نحن اضطهدنا كثيرا" عبر التاريخ... لا تخف... لكن الظلم علينا سيكون سبب حشرنا مع الأنبياء عند القيامة". أراد المختار الاسترسال مع المسؤول المركزي الذي أبدى رغبة" في متابعة الحديث معه، لكن ابن الفقيدة استلم دفة الحديث سريعا" وقال: "هالكلام غلط يا مختار، معليش اسمحلي... طيب مهالزلمي (أومأ بيده نحو صديقه) هو من أهم داعمين للوصية الأساس لحزبنا وهو مش منا". أحسّ المسؤول المركزي برهبة الموقف وفرح في قرارة نفسه من ابن الفقيدة الذي تدخل في الوقت المناسب والاّ وصل حديثه مع المختار الى المحظور في حضرة غرباء. "تفضّل أستاذ" قال المسؤول لصديق ابن الفقيدة. "من بعدك مولانا". ثم راح المسؤول المركزي يعطي محاضرة في التسامح والانسانية ونبذ الفتنة والضغينة والحقد محاولا" استيعاب الموقف لكن الأمور واضحة. بعدئذ تدخل صديق ابن الفقيدة متوجها" نحو المختار (وضمنا"المسؤول المركزي) قائلا": "يا مختار هالحكي ما بيجوز... اذا حاسس انو هاللي عم تتفضل في صحيح لازم تقولو عالملأ ومش بين أربع حيطان... واذا حاسس أنو غلط نصيحتي ما تحكي في حتى بين ربعك وبين أربع حيطان... هالحكي بولّد حقد وفتنة واذا بدنا نبني بلد مش هيك منحكي". انزعج المختار وضمنا" المسؤول المركزي لكن موقفهم حرج. في اليوم التالي اتصل ابن الفقيدة بصديقه ليقدم له الاعتذار عما بدر من المختار وضمنا" المسؤول المركزي وليؤكد لصديقه أن ما قيل لا يمثل وجهة نظر الحزب بل وجهات نظر شخصية.  
 في التحليل
ما سردناه ليس من بناة أفكارنا. انها قصص واقعية حصلت في مجتمعنا. تبيّن هذه الأحداث مدى استفحال الشعور العنصري الذي هو مزيج من الشعور الديني والمذهبي والمناطقي يضاف اليها شوفينية لبنانية. لا مكان للمنطق في أحاديث المجتمع. فالفساد الغذائي، والتعليم، والمعاملات الادارية وحتى اللياقات الاجتماعية كلها ارتبطت بالنفس العنصري. لقد تفككت بنية الدولة الجامعة وغاب أدنى حسّ وطني. لم يعد يجمع اللبنانيين حتى مشاكلهم الحياتية بل أضيفت هذه المشاكل الى لائحة خلافاتهم. والكلام عن عيش وتعايش مشترك هو تكاذب اجتماعي ما يلبث أن يظهر عند أي مفترق. لقد تقلّصت ثقافة الرأي المختلف وفقد الحسّ الانساني الجامع.
 ان لعبة الخطاب الديني – السياسي أصبحت لعبة خطرة في لبنان وهي سيف مسلّط على رقاب الجميع. فبعد أن كان فريق 14 آذار يدافع عن حرية الرأي ويُدخل في اطارها كلام البطريرك صفير والمفتي قباني بينما فريق 8 آذار يطالب بتحييد رجال الدين عن السياسة، انقلبت الآية وتبادل الطرفان الأدوار بعد انتخاب بطريرك جديد وتغيير جذري في خطاب دار الفتوى. وقد شجّعت هذه اللعبة الكثير من الظواهر الدينية – السياسية كان آخرها ظاهرة الشيخ الأسير. 
 نتساءل ما هو الحلّ؟    
باستثناء قلّة قليلة، بالتأكيد لا نيّة لأي من الأطراف السياسية تغيير قواعد اللعبة في لبنان. فالخطاب الغرائزي مطلوب خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات، وهو الخطاب الوحيد الذي يمكن أن يستقطب الناخبين اضافة الى المال السياسي.
 مرحليا"، المطلوب هو تطبيق القوانين اللبنانية التي تحظر أي كلام غرائزي، حتى على رجال الدين واسقاط هذه الحصانة المقدسة عنهم. فهم بالنهاية مواطنون لبنانيون ولا يمكن الا أن يكونوا تحت المساءلة والقانون.
 أما على المدى الطويل فالمطلوب نفض المناهج التربوية واعلان وزارة التربية والتعليم العالي وزارة سيادية الى جانب وزارة الثقافة ووزارة الشباب والرياضة. فحسب آخر التقديرات تدفع الدول المتقدمة أكثر من ثلث ميزانياتها على التربية فقط، ويطبع من الكتاب الواحد حوالي 85 ألف نسخة في انكلترا (معدل الطباعة من الكتاب الواحد هو 5 آلاف نسخة لكامل العالم العربي)، وتقدّر حجم تجارة الكتب في الولايات المتحدة الأميركية بـ 24 مليار دولار (4 مليارات فقط في العالم العربي).  
أما لهؤلاء الذين يحاضرون في لبنان النموذج فنقول لهم عن أي نموذج تتكلمون في بلد أصبحت فيه أحاديث الناس قنايل موقوتة.