الخميس، 7 أبريل 2011

عزف منفرد

عزف منفرد
    عندما يرتدي الموت تارةً زيّ العصابات المسلحة وتارةً زيّ المندسين يحتار المواطن السوري أين يختبئ وأيّ كفن يرتدي ليكون زيّه مناسباً لهذه اللحظة التاريخة.  يعرف السوريون أن أسهل موقف يختاروه الآن هو التصفيق و(كلّما كان حاداً كان أفضل) وكتابة القصائد الموزون منها وغير الموزون ..لكنّه يعرف أيضاً أنّ الساكت عن الحق شيطان أخرس فأين هو الحق الآن وكيف تستطيع أن تقوله وتبقى في وطنك إمّا معزّزاً وإما مكرّماً. لا نريد أن نكون طمّاعين ونطلب الإثنين معاً.
 بالنسبة لي إخترت أن أقول الحق لكن تحت سقف قانون الطوارئ كي لا يموت الديب ولا يفنى الغنم: عندما تنزف حوران دماً وتتناقض الروايات الرسمية بين تثبيت وجود العصابات المسلحة وبالتوازي مع ذهاب وفد رسمي للتعزية والإقرار بالمطالب المحقّة والمشروعة وإقتراح دفع "ديّة" لأهالي الشهداء تنتابك الحيرة. أتقف مع رواية الدولة أم رواية الدولة مع العلم أنّهما روايتان مختلفتان لمصدر واحد؟!
 عندما تصبح الحرية تهمة عليكَ صدّها بكل الأبواق السمجة التي تملكها كمواطن صالح، وعليكَ بالوقت نفسه أن تدافع عمّا إقترفته الدولة وبكل حرية..ماذا عليكَ أن تفعل، هل تنتسب إلى حزب "تعا ولا تجي" إنسجاماً مع الإنفصام الذي يعتريك؟!!
 عندما تخرج الإخبارية السورية إلى الشارع وتنقل نبض الناس وتشاهدهم وهم يقولون امام الكاميرا: لم نعد نحتمل الذل والقهر الذي يعاملنا به المحافظ أو مسؤول الأمن أو موظف الدولة في الدوائر الرسمية، بينما في نشرة سابقة لهذه المحطة كان الخبر العاجل: انّ المواطن السوري يعيش بكرامة و بحبوحة و(غنج) في ظل مسؤوليه.. ماذا عليك أن تفعل في هذه الحالة. هل تنتحر إنتحاراً بطيئاً بمتابعة أخبار هذه المحطة على أساس أنّك لا تستعجل الموت؟
 أن تفكر مئة مرّة وأنت تكتب السطور السابقة تُرى ماهو مزاج رجل الأمن في اللحظة التي يقرأ فيها هذه السطور لتستطيع أن تحدّد أين سينتهي بكَ المطاف بعد أن تنشر ما كتبت. أن تكون مع الدولة وضدها وبنفس الوقت ماذا تفعل هل تقول : "قل لا يصيبكم إلا ما كتب الله لكم أم بالروح بالدم نفديك يا سوريا"؟!
أنا مصاب بإنفصام حاد، ولن يشفيني منه إلا إدراك الدولة أنّ حرية الرأي واجب وطني وأنّ إلغاء قانون الطوارئ هو تضميد لجراح تنزف وتكاد أن تضع سوريا في دائرة الخطر.
(مواطن  سوري مشلوش)
دمشق 6\4\2011

ليست هناك تعليقات: