نعم. اعرف تفاصيل ايام تعذيبك في الزنزانة. لا تتعب نفسك في اخباري قصص حفلات التعذيب. لقد اخبرتني في لقاءات سابقة عن "ابداعات" الشرطة السرية في نظام "الممانعة" في خوض معارك التعذيب على جبهة جسدك النحيف.. عليك ان ترتاح قليلا بعد رحلة "سفرك" القسري كما تسميه حين كنا نسألك نحن الرفاق عن سر اختفائك المفاجيء ودون سابق انذار. نحن لا نعرف عنك انك من رجال الاعمال والمال، او من "طبقة" الضباط الذين يمعنون "تعذيبا" في جسد الوطن المسلوب في ارقام حساباتهم المصرفية، والمقتول يوميا على "بياض" صكوك التنازلات والخنوغ..
رفيقي..
لقد تعودنا على غيابك بين الحين والاخر. فجسدك الذي يشبه سنبلة قمح في سهل حوران ادمن جرعات التعذيب والقهر. ولكن ادمانك على "الصراخ" بصوت يعم البلاد ارعب الجلاد وافقده السيطرة على "ممانعته"!.
لم نكن نعلم يا رفيقي انك من جيش "المندسين". لقد كذبت علينا. لم نكن نعلم ان العاشق للارض والحرية والكرامة والمقاومة ليس الا "مندسا" يتلقى التعليمات من اعداء الوطن. كنتم مجموعة من "المندسين" في الزنزانة. قل لنا لماذا كذبت علينا يا "مندس" ويا عدو الوطن؟
رفيقي..
في ايام غيابك تحت سياط الجلادين اكتشفنا انكم (كمندسين) تريدون زرع الفتنة وتدمير الوطن، لان "الممانعة" تمعن في الممانعة ومواجهة المؤامرات الخارجية، وانتم مجرد عملاء تريدون "حرية". حرية؟ كم انت تافه وسخيف يا رفيقي. تريد حرية والمؤامراة على الوطن كبيرة. كم انت "قليل" العقل لانك تريد حرية. لماذا لا تفهم يا رفيقي؟ ولماذا "عقلك" لا يستوعب حجم المؤامرة الدولية على الوطن منذ نصف قرن؟ ولماذا لم تفهم بعد ان صمتك وقمعك وجوعك واهانة كرامتك يوميا هم من عناصر قوة "الممانعة" والتصدي للمؤامرة؟ الا تريد يا رفيقي ان تحارب الاعداء.. وان تحرر الارض؟
رفيقي..
انت لست الا متآمرا على الوطن! ايعقل ان تطالب بالحرية والوطن يستعد منذ نصف قرن للتوريث؟ ايعقل ان تطالب بالخبز والكتاب والحزب القائد يأكل ويقرأ ويكتب؟ كم انت تافه وسخيف يا رفيقي.. تريد لابنتك حرية وهي لم تعرف بعد شوارع الشام وحلب وحمص وطرطوس، ولم تسمع ببغداد وبيروت والجولان والقدس؟ وتريد لحفيدتك حرية وهي لم تولد بعد.. وتريد لها حرية وانت لم تلد صبيا يرث وطنا؟
رفيقي..
نعم. انت تريد حرية وهم يريدون قتلك باسم الوطن.
نعم .. اذكر ما قلته لي قبل سفرك الاخير الى زنزانتك :"حين اكون حرا وخبزي معي.. اصبح مقاوما لا ممانعا. وحين اكون مقاوما اصبح وطنا لابنتي. حريتي اغلى من حياتي.. انهم لا يفهمون صرختي. ولا يعرفون سر اوجاعي. حريتي هي خبزي وكتابي وقلمي ودفتري.. وسجادة صلاتي. حريتي هي ارضي وكرامتي. انهم لا يفهمون يا رفيقي ان جرحي يضيء قمحا وحبات الدم شمسا بلا غروب ".
(عفيف)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق