الجمعة، 6 أبريل 2012

ERROR





                                                     ERROR
                                                                         




  كتب: نادر فوز 
ـــــــــــــــــ
  
زمن الأبيض والأسود. لا يمكن أن تكون مع تحرير فلسطين وشعبها، فذلك يعني أنك مع قمع الأنظمة العربية لشعوبها. لا يمكن أن تعارض السياسة الأميركية، فبذلك تكون عنصراً في محور الممانعة. إذا أنت مقاوم أو عميل، ممانع أو أميركي. وعلى «القياس» اللبناني، عرعوري أم أسدي؟ يا سلام... ما أصعب الخيار! أنا شيء ثالث... أفضّل ألا أكون موجوداً.
باسم الممانعة، يرتكب «حلفاء المقاومة» المجازر. وباسم الحرية، يمارس الاعتدال العربي إرهاباً فكرياً. وبالتالي عليك الخيار، جزّار أو إرهابي؟
الأسوأ أن تُتّهم بهاتين الشناعتين في آن معاً. تكون قد اكتملت «فيشتك» لدى الطرفين. جزار تمارس إرهاباً فكرياً في الوقت نفسه!
«الإرهابي» يخبّئ عيوبه في رائحة ياسمين تونس وسقوط أبو الهول ونجله جمال في مصر. تسأله عن إمكانية التقسيم (ولو أنها فرضية وبدعة يسوّقها من يدافع عن الأنظمة)، فيجيبك عن زمن الحرية الآتي من صوب البحار. تسأله عن ثورة البحرين، فلا يعلم عما تتحدّث. البحث في قاموسه الخاص للربيع العربي يلزمه كاتالوغ. كاتالوغ إلكتروني تبحث فيه عن «دوّار اللؤلؤة»، يطلب منك الانتظار، فيعطيك ERROR. في الأصل هو مبرمج كي لا يفهم هذه الأمور. ماذا عن قمع السلطات السعودية لشعبها؟ أيضاً ERROR. أشار إلى الموضوع، عرضياً، النائب السابق مصطفى علوش، فنهشه بعض المطالبين بحرية الشعب العربي. ولا يزال قسم منهم يقاطعه حتى اليوم.
والجزّار يعجز عن رؤية عوراته، فلا يمكنه الاعتراف بها، وبالتالي لا مجال لمناقشته. في الأساس هو لا يملك وقتاً لذلك، مشغول بجسد «يصفّيه» في درعا أو بحيّ مدنيّ يقصفه في حمص. وفي نسخته اللبنانية، يموّل أفلام سينما وينتج مسلسلات «مشوّهة» عن المقاومة. قتال العدو الإسرائيلي مشروع لا تنتهي صلاحيته إلا بزوال الإحتلال. صحيح. لكن ماذا عن رواسب الاحتلال؟ العمالة مثلاً؟ ماذا عن العميل فايز كرم؟ تسأله عن شجب أو إدانة، «يُرَوكِب». فيعطي الـERROR نفسها.
طيّب بلا هذا الحرج، أين صرتم بالإصلاح؟ ERR... انقطعت الكهرباء وطفى حاسوب الجزار في لبنان.
زمن الأبيض والأسود هو زمن «الإيرورز»، لا مكان فيه لمواطنين عرب يطمحون، بصدق، للحرية والتحرّر.
***
استجدّت أمس محاولة اغتيال رئيس القوات اللبنانية.
سمير جعجع مع الغرب ضد العروبة. مع السلام ضد المقاومة. مع اليانكيز ضد الممانعة. ضيف مجالس عرب الاعتدال وخصم المنتشرين على جبهة فلسطين. مع الرأسمالية ضد العدالة الاجتماعية والمساواة.
كل هذه الأوصاف والاتهامات والوقائع لا تبرّر قتله. لو كان جعجع مرابطاً في إسرائيل ويحمل السلاح بوجه أبناء بلده لكان الأمر مبرراً، كان من الواحب قتله لا بل إعدامه.
عميل سابق؟ متعامل متقاعد؟ صحيح. لكن لماذا حصر الماضي به فقط؟
وقبل ست سنوات كان حليفاً انتخابياً لحزب الله وشريك الحزب في الحكم. شريك الحزب، أي شريك المقاومة. هذا ما يقوله الحزب كل يوم، صباحاً وظهراً ومساءً، «نحن المقاومة».
على خصوم جعجع الاتصال به فقط وتهنئته بالسلامة حفاظاً على ماء الوجه لا أكثر. من يعلم بما يخبئه الآتي من الأيام؟ ماذا سيكون موقفهم في حال حتّم عليهم المستقبل مشاركته في حكومة وحدة وطنية (الله يسترنا منها)؟

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 http://www.lebanonnews.com/details/5759/2

  

              

الجمعة، 30 مارس 2012

أحبـــــــــــــــك




                  أحبـــــــــــــــك

أحبــــــــــــك حبّــــــــا شــــــــــــامخاً أبيـــــــــــــــــا
حبّــــــــــــاً لا يقبــــــــــــل التــــــــــــــــأويـــــــــــــلا
حبّـــــــــــاً لا يعــــــــــرف أنصاف الحلـــــــــــولا...
فاختــــــــــــر
فاختــــر إمـــــــــا أن تسجــــــن في فردوس عواطفي
أو أن تلسعــك نار بعـــــــــــادي ....
وستنتظـــــــــــــرني
ستنتظــــــــــــــرني آتيك من خلف الغمــــــــــــــام
سابحـــــــــــة في الافـــــــــق البعيـــــــــــــــــــــد
مغـــــــــــــرّدة في فضــــــــــــــاء الحــــــــــــب ...
وستــــــــــــدعونـــــــــي
ستدعوني يوما الى حفــــــــلات الجن والجـــــان
وسنشـــــــــــــرب سويـــاً نخب عشقنـــــــــــا الابدي ....

                                                            (إخلاص الشاب)
                                                                 بيروت
   

الثلاثاء، 27 مارس 2012

لكَ من روحي مطري


 لكَ من روحي مطري

·
هنا حين يستريح الإله على كتفي..تكون أنت
وحين يُعلن الشفق عن ملامحكَ..تكون أنت
وحين يرحل الغسق إنتحاراً لغيابك..تكون أنت
اَه من أنت.. كم إبتلاء الروح أنت
لو كنت اله ما أوجدت شمساً ولا قمراً
إلا أنت
أنتَ الروح وتفانين العشق وعطر الكون في إنسدال الليل
أنت
اه لو تأتي لأزهرتُ منك
لقبّلت الوصل منك أنت
وأعشق  كل ما لكَ وأشتهي كل مالكَ
اَه منكَ ومالكَ أنت
.........
لكَ في كل نبضة..روح ورعشة
في كل تنهيدة..روح ورعشة
في كل لمسة..روح ورعشة
لكَ أنت
.............
هناكَ تماماً في منتصف العشق
حين غاب الجسد بالروح وتاهت الروح بالجسد
حين تعرّقت الروح وصلّى الجسد..أمطرنا حباً من لؤلؤ ومرجان
هناك في منتصف العشق حيث كانت القبلة الأولى
واللمسة الأولى..والرعشة الأولى
والريحانة الأولى
كان الخلق الأول..كنا أنا وأنت
كانت مداعبة الشفاه تسبيح
وهمسكَ بأنحائي أذان وأول معنىً لقرآن العشق
..............
هنا في الحد الواصل بين روحي وجسدي
تركتَ بعضاً من جسدكَ في ذاكرتي
وكل روحكَ في جسدي
سرقتَ رائحتي وشفاهي ولمساتي
ورحلت
هنا تماماً توقف العمر عن الحياة
ونبض القلب عن النداء
حرفٌ أنا لا أبجدية لي ..إلا أنت
............
وأتمددكَ كغيمة أتظلل شفاهكَ دفئاً وأحلاماً
ألملم فيكَ بعثرتي وأسكن سوسنكَ
وحدكَ إلهي الأسبحه
وحدكَ رجلي الأكتبه
وحدكَ من تمسح على صدري ما تبقى من رطوبة الغياب
وتهدهد روحي بكفٍ من بياض
وأنقل إليكَ أخبار الشوق وأرتّل لكَ حكايا الجنون
أسرق من شفتيكَ الحب
وتسرق من شفتيّ الجنون
وأقطف من على صدركَ التين والزيتون وطور سنين
وتقطف من روحي مطري
وبهمس أصابعي على مساحاتكَ تتوضأ
يا أنا يا أنتَ..يا أنتَ يا أنا
..............
كأنكَ تنزف حليباً فيزداد إسمراري بياضاً وشهوةً
ويكبر ظلكَ على قلبي ..وتتسع روحي لصليبكَ
وأخشع كلّما رتلت قرآنكَ
يا أنتَ بحثت عنكَ في كل رجال الأرض
وكنتَ غافي على كتفي
..............
يا أنا يا أنتَ..يا أنتَ يا أنا
في يوم عيدكَ ..أكبّر على مآذن عشقنا
أحبّكَ يا طعم الكوثر.
                                                                           (يسرى عقيلي)




السبت، 24 مارس 2012

من ميشيل كيلو الى حسن نصرالله




                                                                                                             
                                         فرص انتصار النظام تتلاشى أكثر فأكثر   


  / ميشيل كيلو /
      تحية المودة والوفاء، تحية الحرية والتحرير: حاضرا ومستقبلا بإذن الله وإرادة الشعب، تحية الصابرين على الظلم والضيم، وبعد،
لا أفكر لحظة واحدة أن أضع نفسي في موضع من يشرح لسماحتكم أبعاد ومنطويات الأزمة السورية القائمة، التي أرى أن لها وجهين متعارضين يكمن أولهما في مطالبة قطاعات واسعة من الشعب السوري بما هو حق لها: الحرية والكرامة والعدالة، وثانيهما في الطريقة المفجعة التي آثر النظام اعتمادها لمعالجة مطالب أقر أول الأمر بشرعيتها وأحقيتها، لكنه سرعان ما تصدى لها بعنف لا مسوغ له، ولا يصلح، فضلا عن ذلك، لمعالجتها، بزعم أنها مؤامرة خارجية لا بد من القضاء عليها، بما لديه من قوة، الأمر الذي ساق سوريا إلى وضع أنتم أدرى الناس بمخاطره وعقابيله القاتلة. ومع أنني سأقبل الفرضية التي ترى أنه كان هناك عناصر استخدمت العنف منذ بداية الحراك الشعبي ضد أفراد ومراتب جيشنا السوري، فإنني لا أستطيع قبول الزعم بأن الحراك كان مسلحا ومخططا له من الخارج، وأن رد الفعل الرسمي، العنيف والمتعاظم الاتساع عليه، كان الرد المناسب على مسلحين اغتالوا ضابطا هنا أو جنديا هناك، وأنه لم يكن هناك من وسيلة أخرى للتصدي لهؤلاء غير إطلاق آلة القمع والعنف ضد الشعب، في مدنه وأريافه، وزج الجيش في مواجهات دامية مع الشعب، وإغلاق باب السياسة ورفض الحوار، والسير على طريق، تبين منذ وقت طويل أنها مهلكة، وأن من أفاد منها، هم هؤلاء المسلحون وأنصار العنف، الذين أزاحوا بدورهم خط السياسة والحوار، على الرغم من أنه كانت له شعبية حقيقية لدى المعارضة وفي الشارع، وأسهموا من جانبهم في إيصال البلاد إلى حال الانقسام الراهنة، التي تنذر بنشوب حرب أهلية بدأت بوادرها تلوح في كل مكان، حتى ليمكن القول بخوف: إن السلاح والسلاح المضاد سيوديان بسوريا الدولة والمجتمع، فلا بد من أن يمد محبوهما والمؤمنون بدورهما يد العون لهما، ليساعدوا على وقف العنف وكبح التطرف وروح الانتقام الطائفي وغير الطائفي، ويعيدوا الأمور إلى سكة يمكن معها الخروج من احتجاز قاتل قائم، لم يستطع النظام معه إخراج الشعب من الشارع، أو منع تفشي السلاح إلى كل بيت في سوريا. وفي المقابل، عجز الحراك عن إسقاط النظام، بينما تعاظمت قدرة الخارج على التلاعب بالأزمة والإفادة منها، وتحديدا منه الخارج الصهيوني، الذي يريد تدمير الدولة والمجتمع السوريين، والتسيد لعقود طويلة قادمة على المشرق العربي، المهشم والمحترب. واليوم، يبدو جليا أن فرص انتصار النظام تتلاشى أكثر فأكثر، وأن امتداد القتال اليومي إلى دمشق العاصمة، يقدم لنا الدليل على ما بلغته أوضاع السلطة من تهالك، في حين يعلن من يعلن من العرب رغبته في كسر التوازن الهش، القائم من خلال تسليح خصومها إلى الدرجة التي تمكنهم من قصم ظهر نظامها (ليس هذا التعبير لي، بل هو لمعلق سعودي معروف بصلاته مع القصر الملكي).
سماحة السيد
أخاطبكم في هذه اللحظة الصعبة، لاقتناعي بأنكم تعلمون أكثر مني ما قد تنتهي إليه الأوضاع في المشرق برمته، إذا ما طال الصراع على سوريا وتفاقم، وانكشفنا جميعا أمام خارج أميركي / إسرائيلي متربص، أو إذا انتصر متطرفون مذهبيون في الصراع الحالي. لا مصلحة لكم ولنا في الانكشاف أو في انتصار المذهبية والتطرف. لذلك أعتقد أنه حان الوقت لوضع أيدينا في أيدي بعضنا من أجل تحقيق هدف رئيس هو وقف العنف من جميع الأطراف، كما اقترحتم سماحتكم. وأضيف من عندي: على أن يتلازم ذلك مع إيجاد حل يحفظ سوريا دولة ومجتمعا، ويحفظ لجميع السوريين، أكرر لجميع السوريين، إلى أية جهة انتموا، حقهم في الحرية والكرامة والعدالة والأمان، ويضع حدا لتطور بدأ قبل خمسين عاما، قدم وعودا حقق عكسها، وآل إلى ما ترونه من تعقيد مذهبي وطائفي ووطني، ومن تدخل خارجي، لن تكون نتيجته غير خراب عام سيحل بالجميع. لن تكون سوريا ـ في حال ضربها لا سمح الله ـ غير ركام لا ينفع لشيء، حتى إن انتصر نظامها على شعبها، أو على قطاعاته الواسعة التي تنزل يوميا إلى الشارع. فاية تنمية سينجز نظام قوض ركائز مجتمعه ودولته؟ وأي تحرير للأرض سيحقق؟ وكم سيحتاج كي يردم الهوة التي ستفصله عن مواطنيه؟ وأي أمن سيكون لقادته ورموزه والموالين له؟ هذا إن افترضنا أن القوة ستمكنه حقا من قهر شعب تتزايد بسرعة أعداد المسلحين منه، وقد تصل إلى مئات الآلاف في حال توفر السلاح الكافي، بينما يتعاظم تلاعب الخارج الدولي والإقليمي والعربي بأوضاعه، وتتسع فرص تدخله فيها وتحكمه بمصائر البلاد والعباد، وبنتائج الصراع الدائر في سوريا وعليها، خاصة إن تم فرض حل دولي عليها.
سماحة السيد
إن استمرار هذا الصراع سيودي حتما بسوريا الدولة والمجتمع، وإن أنقذ النظام، ولأنني أتذكر مناشدتكم العراقيين عام 2003 الوقوف وراء نظامهم درءا للعدوان والغزو الأميركي للعراق، رغم ما كان ذلك النظام يكنه لكم من عداء، وأعلم أنكم تراهنون على الدول والمجتمعات أكثر مما تراهنون على نظم وأشخاص، فإنني أتوجه إليكم لأطالبكم، باسم شراكة المصير، القيام بمبادرة توقف العنف في سوريا، وتتبنى مشروعا للحل تسمو أهدافه على مصير الأشخاص، تضعون وزنكم الكبير ورمزيتكم، ونضع معكم جهودنا المتواضعة من أجل إنجاحه، ليس فقط كبحا لتدخلات الخارج وتحقيقا لرهان معاكس لرهاناته، بل كذلك إنقاذا لأرواح السوريات والسوريين، أطفالا ونساء وشيوخا وشبانا، ولوحدة مجتمعهم ودولتهم، وصيانة لمعادلات الصراع القائمة اليوم في المشرق بيننا وبين العدو، التي ستنهار في حال تم تدمير دولة سوريا ومجتمعها، أو بقي نظامها الراهن، بعد المآسي التي أنتجتها سياساته الكارثية خلال العام المنصرم.
سماحة السيد
لم يفت الوقت بعد، وإن كان يضيق بسرعة. إن العمل على وقف العنف في سوريا يعني العمل على فتح باب العقل والحل، وهذا مصلحة عليا لكم ولنا، سيكون من الخطأ الجسيم إفلات فرصتها، الأخيرة ربما، من أيدينا، وإلا ندمنا ساعة لن يفيدنا معها ندم.
أجدد احترامي لشخصكم المجاهد والمناضل، وثقتي باحترامكم لحق الشعب السوري في الحرية والكرامة والعدالة، وبحرصكم على سوريا الدولة والمجتمع، ومحبتكم لشعبها، الذي لن يخذلكم يوما بإذن الله، لعلمه أن لعينكم الساهرة وساعدكم القوي دورا كبيرا في حماية وطنه، وتمكين مواطنيه من الذهاب يوميا إلى النوم بأمان.
بإخلاص وإكبار ووفاء 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
http://www.assafir.com/Article.aspx?EditionId=2109&articleId=2494&ChannelId=50309&Author=%D9%85%D9%8A%D8%B4%D9%8A%D9%84%20%D9%83%D9%8A%D9%84%D9%88





                                                         



الجمعة، 23 مارس 2012

مدن الاشباح




«الراي» عاينت جرود عرسال ومنطقة مشاريع القاع بعد قصفها

هاربون سوريون إلى لبنان تحدثوا عن «مدن الأشباح»: الجيش النظامي يُصعّد خشية تحوّل الحدود ممرات آمنة

سوري في سهل البقاع
سوري في سهل البقاع


| بيروت - من عفيف دياب |

  لم يكن قصف الجيش السوري النظامي (ليل الاربعاء) منطقة مشاريع القاع في شمال سهل البقاع اللبناني بعدد من القذائف المدفعية من مرابضه في مرتفعات جوسة الخراب الشرقية عادياً، فهذا التطور يعتبر الاول من نوعه منذ بدء الأزمة السورية وعكسَ مخاوف متزايدة من ارتداداتها على الواقع اللبناني ولا سيما في المناطق الحدودية في الشمال والشرق.
وجاء قصف منطقة القاع وتعرضها لرشقات نارية ما ادى الى اصابة مواطن سوري كان نزح سابقاً الى لبنان هرباً من الاعمال الحربية في مدينته حمص، ليقلق سكان القرى اللبنانية المتاخمة للحدود السورية (التابعة لمحافظة حمص)، ويعطي صورة جديدة عن تطورات الاوضاع الميدانية في القرى والمزارع السورية الحدودية التي تشهد عمليات كر وفر بين الجيش النظامي و«الجيش السوري الحر».
وقد رصدت «الراي» في الساعات الأخيرة عمليات عسكرية داخل مزرعة الحسيبية السورية التي تعرّضت لقصْف مدفعي مركز ادى الى تدمير عدد من المنازل ونزوح عدد من السكان المعارضين لنظام الرئيس بشار الاسد الى داخل الاراضي اللبنانية.
وقالت سيدة كانت تستقل دراجة نارية خلف زوجها وتحمل بعض الامتعة لـ «الراي» ان الجيش السوري النظامي «سيطر بالكامل على الحسيبية والنزارية والزراعة بعد انسحاب الجيش السوري الحر من هذه البلدات». واضافت «ان الجيش السوري النظامي يقصف بشكل متقطع كل ساعة مدينة القصير التي تعتبر اليوم تحت سيطرة الجيش الحر بالكامل».
واذ اوضحت السيدة «ان المدينة تحوّلت مدينة اشباح بعد نزوح غالبية سكانها الى داخل الاراضي اللبنانية»، قالت وهي تبكي ولا تلتزم بمحاولات زوجها لمنعها من الكلام: «لم نعد نقدر على البقاء في منزلنا لاننا نُعتبر من المعارضين للنظام». واضافت: «لقد دمر جيش بشار (الاسد) منزلنا، وهربنا بين البساتين ولا نعرف الى اين سنذهب، علماً ان في المزرعة موالين ومعارضن للنظام وكرمى لعيون الموالين دُمرت منازلنا وتهجرنا».
عمليات الكرّ والفرّ بين الجيش السوري النظامي و«الجيش الحر» على طول خط الحدود المتاخمة للبنان قرب عرسال ومشاريع القاع نزولاً حتى مدينة القصير، تحدث عنها مصدر امني لبناني لـ «الراي»، فقال ان المنطقة الحدودية السورية المتاخمة للبنان «تحولت مناطق اشتباكات عسكرية على مدار الساعة بين الجيش النظامي والمنشقين عنه»، موضحاً «ان الجيش اللبناني يرصد عن كثب تطورات الاوضاع العسكرية داخل الاراضي السورية المتاخمة لحدود لبنان».
وكشف المصدر الامني «ان حركة النزوح المدني السوري الى داخل الاراضي اللبنانية وتحديداً الى شمال سهل البقاع تراجعت نسبياً بعدما اصبحت القرى السورية شبه خالية من السكان الذين إما نزحوا الى لبنان او الى عمق الاراضي السورية»، لافتاً الى ان الجيش السوري النظامي «بدأ يمسك ببعض المعابر غير الشرعية مع لبنان».
واكد المصدر نفسه «ان الجيش اللبناني نجح خلال الايام الماضية في توقيف اكثر من مجموعة مهربين لبنانيين كانوا يعملون على نقل اسلحة ومواد متفجرة الى الجانب السوري بواسطة بغال»، موضحاً ان المهربين من جميع الطوائف اللبنانية ولا ينتمون الى اي حزب لبناني موال للنظام السوري او حتى معارض له، ومشدداً على ان الاجهزة الامنية اللبنانية التي تتابع اوضاع الحدود مع سورية «تسمح فقط بعبور الجرحى المدنيين، إما عبر المنافذ الشرعية او تلك غير الشرعية»، ولافتاً الى ان الاجراءات الامنية لم تلحظ عبور افراد من «الجيش الحر» او عناصر سورية مسلحة.
هذه الاجواء الامنية والعسكرية على طول خط الحدود في شمال سهل البقاع، تابعتها «الراي» ميدانياً حيث جالت على مدى يومين في جرود بلدة عرسال ومناطق مشاريع القاع، ليتبيّن ان غالبية نقاط العبور غير الشرعية بين عرسال وسورية اقفلت بسواتر ترابية عدا الالغام المضادة للافراد والاليات.
ويقول السيد ابو محمد حجيري الذي رافقنا في جولتنا على اعالي جرد عرسال ان سكان البلدة «لم يعودوا يعبرون الى داخل الاراضي السورية». واذ يوضح انه منذ بدء الثورة ضد الرئيس بشار الاسد «تراجعت حركة عبور المدنيين من الجانبين»، اشار الى ان الالغام التي زرعها الجيش السوري «ساهمت في امتناع الاهالي عن العبور»، ولافتاً الى عامل آخر ساهم في عرقلة عمليات العبور بين البلدين، وهو تراكم الثلوج «التي لا تسمح لاحد من عرسال بالعبور الى داخل الاراضي السورية او بالعكس».
عرسال التي تحتضن اليوم اكثر من الف عائلة سورية نازحة من قرى وبلدات في ريفيْ دمشق وحمص، انقطع تواصلها مع الجانب السوري بعد انحيازها الى الثورة السورية ضد نظام الاسد. ويقول ابو محمد ان عرسال «اخذت الجانب الانساني من العلاقة مع سورية، والاهالي يحتضنون اقاربهم واهلهم السوريين»، كاشفاً عن ان الجيش اللبناني واستخباراته «يعرفان جيداً حقيقة الامر في عرسال».
وعن تهمة تهريب الاسلحة الى الثوار السوريين يوضح ابو محمد الحجيري ان امكان تهريب الاسلحة «صعب جداً» بسبب اجراءات الجيش اللبناني ونظيره السوري في الجانب الاخر من الحدود «عدا عن العوامل الطبيعية التي لا تسمح بعبور المهربين المفترضين»، ليخلص الى ان «امكان تهريب الاسلحة من لبنان الى سورية اصبحت مستحيلة بسبب اجراءات الجيش اللبناني».
وفي موازاة الاجراءات اللبنانية، فان الجيش السوري النظامي وسّع نطاق زرْعه للالغام على طول حدوده مع بلدة عرسال وصولاً الى مرتفعات وجرد مشاريع القاع التي تبعد رمية حجر عن اقرب منزل سوري. ويقول ابو فهد «ان الالغام السورية لا تسمح لاحد بتهريب حتى ربطة خبز، فكيف بالاسلحة؟»، موضحاً «ان الجيش اللبناني يعرف تماماً حقيقة الواقع الميداني وهو موجود على الارض في مشاريع القاع».
ويضيف ابو فهد، الذي امضى يوماً كاملاً في متابعة شؤون مجموعة من النازحين السوريين من الحسيبية والنزارية والزراعة وجوسة الخراب لتأمين المسكن والمأوى لهم، «ان الجيش السوري اصبح يطلق الرصاص حتى على الحيوانات التي تتحرك قرب الحدود». ويتابع ضاحكاً: «حين نسمع ليلاً صوت انفجار لغم، نقول في سرّنا لقد خسرنا بقرة شاردة من مزارعنا».
الرجل الستيني، يوضح ان اكثر من 3 الاف عائلة لبنانية تقطن في مشاريع القاع الزراعية «وهم يرتبطون بقرابة مع عدد مماثل من السوريين في الجانب المتاخم لهم، ولذا لا يمكن ان نقف متفرجين على ما يتعرض له اهلنا، واخلاقنا لا تسمح لنا الا باغاثة المظلوم»، معدداً اصحاب المنازل الذين اصيبت بيوتهم ومزارع ابقارهم برصاصات سورية او شظايا قذائف المدفعية.
ابو فهد، الذي اصطحبنا الى الساتر الترابي الذي يفصل سورية عن لبنان، يشير الى ان الجيش السوري النظامي يسيطر تماماً على بلدة جوسة و«لا يمكن لاي انسان ان يعبر بطريقة غير شرعية، فلماذا يستهدفنا بالقصف والقنص؟»، طالباً من السلطات اللبنانية «التدخل لوقف اعمال الترهيب السوري للمدنيين اللبنانيين في منازلهم ومزارعهم».
في مشاريع القاع التي تعتبر نقطة وصل بين الداخل السوري والآخر اللبناني، تجمعات كبيرة لعائلات نازحة. ففي مسجد المنطقة الصغير حيث كانت قد وصلت 4 عائلات من مدينة حمص السورية، قال ابو وليد (48 عاماً) انه اضطر للمكوث في المسجد ريثما يستطيع تأمين مأوى لأفراد عائلته، بعدما اضطر نتيجة القذائف المدفعية ورشقات الرصاص الى ازلة الخيمة التي نصبها في بستان مشمش. واضاف: «ان المسجد قد يحمينا من القنص السوري وشظايا القذائف اذا سقطت مجدداً على مشاريع القاع»، معرباً عن اعتقاده ان الجيش السوري يستخدم رصاص القنص ورشقات عشوائية لمنع النازحين من اقامة خيم للسكن في البساتين و«حتى لا نحوّل المنطقة مخيماً للنازحين، وخصوصاً ان فصل الربيع بدأ، ويخشى النظام في الداخل ان نحوّل الجانب الحدودي اللبناني مخيمات وتتطور لاحقاً الى معابر ومناطق عازلة آمنة».


آثار القصف السوري على مشاريع القاع
آثار القصف السوري على مشاريع القاع
بقايا رصاص القنص السوري على منازل لبنانية
بقايا رصاص القنص السوري على منازل لبنانية     
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ   http://www.alraimedia.com/Article.aspx?id=337907&date=24032012   

عـــــام





                                                                        عـــــام

  عام وانتفاضة السوريين لم تهدأ، انها حرب بينهم وبين النظام. كل يوم يمر هو أيضاً انتفاضة. آلاف في كل يوم تنزل في كل مكان لتهتف بسقوط النظام. في كل يوم ويوما بعد يوم يكبر جبل القتلى ويقدم عشرات، هنا أو هناك. أنفسهم قرابين جديدة. لم يكسروا فقط حاجز الخوف، بل طردوا الخوف، وبعد عام نكاد لا نصدق انهم ما زالوا في الشارع، بعد عام لا نكاد نصدق انهم ما زالوا يشرعون صدورهم للرصاص. بعد عام لا يزال النظام يقتل بلا جدوى، لا يزال يقتل ولا تزال دباباته وصواريخه تقصف لكنه هو الذي يخرج من الأحياء، هو الذي يغادر حيا بعد حي، هو الذي يخاف. بعد عام الشارع يصنع البطولة اليومية، الشارع هو الطاقة التي لا تنفذ، هو القوة التي تتجدد، هو الفينيق الذي ينبعث كل يوم من الرماد. بعد عام نعرف انه مهما اشتد العسف. مهما اتسعت حقول القتل، مهما زادت الخرائب ومهما تهدم وتدمر، عنف النظام الذي لا يحسم. سيتحول شيئاً فشيئاً إلى تراجع. ستكون المعادلة معكوسة هذه المرة. كل قوة للنظام ترتد عليه، كل عنف ينقلب على صاحبه، كل عسف يتحول إلى قوة للخصم، كل استبداد ينقلب إلى ضعف، كل مجزرة تقع تفت في عضد النظام، كل تدمير يدور عليه. ما دام استفرغ عنفه، ما دام عسفه بلغ الأوج. ما دامت شراسته لم تجد. ما دام كل هذا لم يفعل شيئاً في حركة الشارع. ما دام لم يؤثر في يوميات النضال وفي زخمه وفي مداه. فإن عنف النظام سيغدو ميتاً. قوة النظام ستغدو صفراً، ضغطه سيرتخي من حاله. هنا سيفقد أسلحته. هنا ستغدو جبال القتلى بلا أثر. هنا سيفقد الرصاص والصواريخ والقذائف فاعليتها، ستغدو جميعها هراء. ستغدو أي شيء إلا ان تخيف، أي شيء إلا ان تفعل. ستكون جدواها أقل من الهتاف، ستغدو قدرتها أقل من الصدور العزلاء. لقد أحبطوا أسلحته، لقد أحالوها هواء، لقد جعلوا الموت نفسه بلا قوة، لقد أحالوه إلى صفر. النار، الحرائق، الدمار، الجوع، كلها لا تخيف. انهم يلتهمون النار ويلتهمون الدمار والرصاص. هنا يبدو الشارع مارداً. هنا يبدو جباراً وعملاقاً. هنا يظهر كل يوم جبروته وقوته. لقد تعطل كل سلاح في وجهه ويوما بعد يوم سيصمد، يوماً بعد يوم سيقف مارداً. يوما بعد يوم سيخاف النظام من نفسه، سيخاف من سلاحه. يوما بعد يوم سيتحرك الشارع من الخرائب ومن الحرائق ومن الدمار. سيتقدم كل يوم وفي النهاية سيترك الآخرون أسلحتهم ويتراجعون عنها.
انها معركة إرادات، النظام لن يكون الإرادة الوحيدة، ثمة إرادة في وجهه، إرادة تكبر كل يوم وعناد مضاد. معركة إرادات والإرادة الأقوى ستلوى الإرادة الاخرى. مهما يكن فإن النظام الذي عمر أربعين عاماً وأكثر لن يكون ارشق ولا أقوى إرادة. هناك لائحة من الإدانات في عنقه، هناك عمر من الأخطاء: الفساد والتسلط والانتهاك، عمر من الأخطاء يثقل عليه ولا يستطيع معه ان يكون سريع الحركة، عمر يثقله بعدد سنينه وعدد آفاته، عمر ينخر إرادته ويهدها. الشارع بعد ان تجاوز الخطوة الأولى، بعد ان قفز فوق الرصاص وفوق الحرائق وفوق الدمار، العنف والقتل صارا وراءه. انه الآن يصنع إرادته، يجبلها ويصنعها من آلام كل يوم ومن عناد كل يوم ومن تضحيات كل يوم. انه دين هائل يحمله في عنقه. انها إرادة لن تكسر ما دام ثمنها كل هذا الدم وكل هذه الخسائر. انها حرب إرادات، ما دام السلاح لم يعد العمدة، ما دام القتل لم يعد الرهان. الإرادة الافتى، الإرادة الأجد، الإرادة الأكثر عناداً، الإرادة التي تصقلها الخسائر وتشحنها الآلام وتقويها العذابات، هذه الإرادة ستنتصر.
من اليوم الأول ربحت الانتفاضة التحدي. لقد زلزلت الأرض تحت النظام. ليس مهما العدد، ليست مهمة النسبة. من اليوم الأول، وبالهتاف وحده، بالحشد في الشارع، وبالمصابرة على القتل وعلى الجراح وعلى الحرائق وعلى الدمار، بالمصابرة على السجون وعلى التعذيب حتى الموت وعلى الانتهاكات الفظيعة، بذلك كله سقطت هيمنة النظام، ظهرت برانيته، صارت شرعيته على الأرض. من الأيام الأولى للانتفاضات، لم تعد الأرياف في السلطة، لم تعد المدن في السلطة. صار النظام هو الدبابات التي تقصف والأسلحة والشبيحة. الشبيحة نعم، فرق الموت والإعدام على طريقة النظام السوري. من الأيام الأولى صارت الأحياء خارج السلطة، وخرجت السلطة من كل مكان. ماذا تجدي إذا المعركة، كيف تقدر السلطة على ربح معركة خسرتها مسبقاً. كيف يمكن لنظام ان يستعيد شرعية قامر هو نفسه بها. كيف يمكنه ان يسترد هيمنة انتهكها هو وتخلى عنها. من الأيام الأولى. صارت السلطة في خندق والشارع في خندق. إن تكن حرب حركة أو حرب مواقع وهي الاثنان معاً. إن يكن قسم من الشعب ما زال صامتا، مهما تكن نسبة هذا القسم فإن اعتراض الباقين ليس استفتاء. اعتراض الباقين لا يقدر بنسبة أو عدد. اعتراض الباقين حرب على النظام. النظام نفسه هو الذي حولها حرباً. كان يمكن لولا عسفه ان تبقى استفتاء. النظام هو الذي حولها إلى انتفاضة أو ثورة. النظام هو الذي وضع الجميع امام خيار أوحد إما الطاعة وإما الخروج، إما الطاعة وإما نزع الشرعية. النظام هو الذي دفع ومن الأيام الأولى، الأمور إلى هذا الحيز. نزع الهيمنة وعدم الاعتراف ليس الاستفتاء ومضحك ان يلجأ النظام بعد ان فعل ما فعل إلى الاستفتاء. مضحك وأجوف جمع الاستفتاء مع القتل والعنف. حين تنزع نسبة من الشعب الشرعية أو الهيمنة فإن النظام يغدو بدونهما، الاستفتاء أسلوب ديموقراطي وفي الديموقراطية لا تقتل المتظاهرين. في الديموقراطية لا يستمر حاكم إذا نزع قسم كبير من الشعب الشرعية عنه، لقد سقط النظام سياسياً. سقط إلى لا عودة. شجاعة وصمود الشارع جعلاه بلا أي مبرر. شجاعة وصمود الشارع أسقطاه من الأساس. ما يحدث من ذلك الحين اختبار هذا السقوط. ما يحدث هو التأكيد اليومي المتكرر عليه.
في بلد ديموقراطي يخير الشعب بين أمرين، لكن الخيار والرصاص والقذائف في الميدان ليس سوى خيار وحيد: العسف أولاً وثانياً، الاستبداد أولاً وثانياً وثالثاً وإلى الأخير. لا خيار مع الرصاص، مع ذلك حين يخير النظام العالم بين الاستبداد والإرهاب الأصولي فإن كل شيء بما في ذلك الإرهاب الأصولي يقع على عاتق النظام الذي لعب كل الألعاب الخطرة التي ترتد في النهاية عليه. الاستبداد يخلق كل شيء بما في ذلك الإرهاب الأصولي، فهذا أمر لا يقع على عاتق الشعب، والخيار الأوحد يبقى على الدوام: الاستبداد أو الحرية، الاستبداد أو الديموقراطية.
أيها الشعب السوري. لقد اعدت لنا اعتبارنا، ان شجاعتك مفخرتنا وعام من انتفاضتك هو أيضاً عام من كرامتنا وحريتنا، شكراً لك. سيكون المستقبل بعلو آلامنا وجبل شهدائنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 جريدة السفير - 23\3\2012

الأحد، 18 مارس 2012

الخطف المنظم



               مفاوضة الجهات الرسمية مع الخاطفين دفعتهم إلى التمادي

          

  سهل البقاع اللبناني ...

 «يُنتج» عصابات «الخطف المنظّم»


         




| بيروت ـ من عفيف دياب |

اكثر من عملية خطف «منظمة» لمواطنين لبنانيين وسوريين سجلت خلال سنة وحدة في سهل البقاع، انتهت جميعها «على خير» بعد دفع ذوو المخطوفين مبالغ مالية لإطلاق سراح أبنائهم.
هذه «الظاهرة» التي بدأت تقض مضاجع اللبنانيين والسوريين على حد سواء، وقفت الاجهزة الامنية عاجزة عن وضع حد لها وإلقاء القبض على مرتكبي أعمال اصبحت تهدد الامن الاجتماعي المحلي، ولا سيما ان غالبية المخطوفين من لون طائفي معين، والخاطفون من لون آخر.
وقد استدعى هذا «التسيُّب» تدخل جهات رسمية وحزبية وإبلاغ الجهات الامنية بوجوب حسم الجدال حول «فورة» الخطف التي كادت ان تؤدي الى مواجهة مذهبية في منطقة بعلبك اثر خطف عصابة لفتى هدّد والده وافراد عائلته بتنفيذ حملة «قتل» لكل من يمتّ الى الخاطفين المفترضين او المتهَمين على مختلف درجات القرابة.
وفي معلومات خاصة لـ «الراي» ان الاجهزة الامنية اللبنانية انجزت «داتا» معلوماتها وتحرياتها حول هوية افراد العصابة، او العصابات، التي قامت باعمال خطف منظمة على مدى 4 اشهر في سهل البقاع وطاولت رجال اعمال لبنانيين وسوريين اضافة الى اطفال وفتيان من الجنسيتين المذكورتين.
ويتهم مصدر امني جهات رسمية لبنانية بالوقوف وراء «منع القوى الامنية من تنفيذ مهماتها»، موضحاً ان جهات رسمية «فاوضت الخاطفين اكثر من مرة لاطلاق سراح مخطوفين، وهذه المفاوضات ساهمت في تمادي هؤلاء بافعالهم».
ويكشف المصدر ان اولى عمليات الخطف تعرض لها رجل الاعمال السوري محمد ايمن عمار ومساعده نور قدورة يوم 26 /8/ 2011 على طريق دمشق ـ بيروت الدولية في وسط سهل البقاع و«قد اجريت اتصالات من جهات رسمية امنية بالخاطفين افضت الى انهاء عملية الخطف الابتزازي بسلام بعد دفع فدية مالية للخاطفين»، لافتاً الى ان الخاطفين «طلبوا فدية 5 ملايين يورو، ولكن لا نعرف كم هو المبلغ الذي دفع لاطلاق سراحه».
ويضيف المصدر الامني ان عملية الخطف الثانية جرت في جنوب بعلبك وطاولت رجل الاعمال اللبناني احمد زيدان قرب مصنعه في ديسمبر الماضي، حيث اقتيد الى جهة مجهولة و«قد تدخل رئيس مجلس النواب نبيه بري شخصياً وعمل على اطلاق سراح زيدان واستقباله في مقر اقامته في عين التينة ببيروت، ولم تعرف الاجهزة الامنية كيف أُطلق سراحه وما المبلغ المالي الذي دُفع مقابل ذلك».
ويؤكد المصدر انه حين وجد الخاطفون «جهات رسمية تفاوضهم لاطلاق سراح هذا او ذاك، تمادوا في فعلتهم وأصبحوا اكثر تنظيماً وجرأة على تنفيذ عمليات الخطف، اذ اقدموا اوائل السنة الحالية على خطف رجل الاعمال السوري محمد الجابي على طريق المصنع ـ شتورة «واطلقوا سراحه بعد دفع فدية مالية قدرت بمليون ليرة سورية وقطع ذهبية»، لافتاً الى ان «عمليات الخطف الابتزازي تواصلت حيث خطف في 11 فبراير الماضي 3 اشقاء سوريين على طريق شتورة ـ الحدود السورية خلال توجههم الى دمشق وهم هشام وعماد واسامة عبد الرؤوف، والموظف لديهم خالد عبد السلام حمادة، وفي اليوم التالي اطلق سراح اسامة لإحضار فدية بقيمة مليونيْ دولار لتحرير شقيقيه والموظف وبعد اسبوع افرج عنهما ولم نعرف اذا كانوا قد دفعوا الفدية ام لا».
خطف الأخوة الثلاثة واطلاق سراحهم دون معرفة القوى الامنية، استُتبع بعملية خطف اخرى في 28 فبراير الماضي، حيث اقتحم مسلحون منزل رجل اعمال سوري قرب مدينة زحلة وخطفوا الفتى براء محمد عز الدين وشقيقه علي، وقد طلب الخاطفون فدية مالية قدرها 3 ملايين دولار لتنتهي العملية بطريقة غامضة ويفرج عن الفتيين بعد 24 ساعة دون تسجيل عملية توقيف واحدة لاي من الخاطفين من الاجهزة الامنية اللبنانية.
وهذا الامر الذي طاول سوريين تطوّر ليشمل اولاد رجل اعمال لبنانيين. فقرب مدينة بعلبك خطف في 29 فبراير الماضي الفتى زياد ابو اسبر (16 عاماً)، وطالب الخاطفون والده بفدية مالية تقدر بمئة وخمسين الف دولار ليطلقوا سراحه بعد 4 ايام ويتوجه الوالد خالد قاسم أبو إسبر بالشكر إلى قيادات وعناصر القوى الأمنية من جيش وقوى أمن داخلي وأمن عام، لمبادرتها إلى السعي لمعرفة مكان احتجاز زياد والعمل الحثيث للإفراج عنه. كما شكر القوى السياسية والدينية والاجتماعية والإدارية والنواب ورؤساء البلديات والمخاتير والعشائر والعائلات ولجان الإصلاح و«كل من تضامن مع العائلة في محنتها، وكل من تكبد العناء للبحث عن زياد أو للتوصل إلى أي معلومة تفيد بتحريره من خاطفيه».
ويقول المصدر الامني لـ «الراي» ان اعمال الخطف هذه «سلطت الضوء على عمل لم يكن من تصرفات اعمال العصابات المنظمة التي اقتصر عملها على السرقة وسلب السيارات مقابل فدية، وتطور الامر الى خطف اشخاص بهدف الابتزاز المالي، الامر الذي ألزمنا بوضع خطة عمل امني لمواجهة هذه الظاهرة التي لم يعد مسموحا التمادي بها»، كاشفاً ان «كل المعلومات اصبحت متوافرة وان القاء القبض على المتهَمين اصبح قاب قوسين او ادنى».
اعمال الخطف بهدف الابتزاز المالي، توقفت عندها جهات سياسية فاعلة على ارض سهل البقاع. وقالت في دردشة مع «الراي» ان هذه الافعال الجرمية المنظمة «تستفيد من تربة خصبة وفرت لها النمو وتطوير افعالها»، متسائلة «كيف يمكن لعصابات ان تخطف على مدى سنة اكثر من شخص دون توقيف واحدة من افرادها؟». واضافت «يبدو ان هناك تقصيراً امنياً ناجماً عن تقصير سياسي، او حماية سياسية لهذه العصابات». واردفت ان عمليات خطف رجال اعمال سوريين «ليس صدفة. فلو خطف واحد لقلنا ان في الامر صدفة، ولكن ان تتكرر مع اكثر من رجل اعمال، فهذا مؤشر الى وجود روابط قد تكون ممتدة الى ما يجري في سورية».
وتكشف هذه الجهات ان ظاهرة خطف رجال اعمال سوريين «وصلت الى سورية، حيث تسجل عمليات خطف منظمة لرجال اعمال، إما حاولوا تهريب اموالهم الى خارج سورية، او انهم يصنَّفون ضمن خانة المعارضين للنظام». وتوضح هذه الجهات ان رجال الاعمال السوريين الذين خطفوا في سهل البقاع «لهم مصالح اقتصادية هنا، وربما عملية خطفهم كانت رسالة لكل رجل اعمال يحاول تعويض خسائره بعمل تجاري ما في لبنان».
«
أول السبحة» خطف بولندييْن ثم الأستونيين السبعة
ظاهرة الخطف في البقاع مقابل مبالغ مالية، بدأت مع خطف 7 استونيين في مارس 2011، حيث انتهت العملية بعد 97 يوماً «لاسباب سياسية» بقيت مجهولة، بدفع نحو 3 ملايين يورو للخاطفين عقب مفاوضات استمرت عدة اشهر.
وهذه العملية التي لا تزال تفاصيلها غامضة، انتهت بقتل عدد من الخاطفين والادعاء على 11 متهماً موقوفاً او فاراً. وكان قد سبقها بعام عملية خطف سائحين بولنديين قرب الهرمل سرعان ما اطلق سراحهما بعد نجاح القوى الامنية بقتل احد الخاطفين، والقضية حتى الان غامضة التفاصيل. وكانت عمليات الخطف في لبنان قد راجت خلال فترة ثمانينات القرن الماضي لاهداف سياسية اثناء الحرب الاهلية، ومنذ العام 1990 تعتبر عمليات الخطف في لبنان نادرة الحصول الى ان عادت الى البروز أخيراً وإن لخلفيات أخرى.
«
خطْف إرادي» لتحصيل فدية
في غمرة «رواج» الخطف الابتزازي في البقاع، برزت عملية «وهمية» للفتى ع.م حاول «مبتكروها» الاستفادة من فدية مالية، الا ان «المخطوف إرادياً» كشف الأمر. وقد اوضح بيان صدر عن شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي تفاصيل هذه القضية اذ اعلن انه «نتيجة الاستقصاءات والتحريات، تبيّن أن الفتى القاصر ع. م. (مواليد 1994)، الذي قال لذويه إنه خطف في عين بورضاي البقاعية، هو من دبّر عملية خطفه بالتنسيق مع خاطفيه».
واعترف الفتى، وفق البيان، بأن هدف الخطف المزعوم كان لتحصيل فدية مالية من ذويه، يتقاسمها مع «خاطفيه»، وقيمتها مئة ألف دولار. لكن «الفتى أعاد حساباته، بعدما تم التفاوض مع ذويه، وتراجع عن اتفاقه، ثم عاد إلى منزل ذويه، دون علم أحد من الخاطفين».
وفور وصوله، ادّعى أمام مخفر درك بعلبك بأنه خطفه أشخاص مجهولون، قائلاً إنهم أطلقوا سراحه بعد يوم واحد في سهل عدوس - بعلبك. لكن بعد اعترافه بحقيقة الأمر، استدرجت القوى الأمنية كلا من شريكيه ح. ج. (مواليد 1985)، وع. ع. (مواليد 1983)، واعترفا بقيامهما بتدبير عملية الخطف      .
 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    http://www.alraimedia.com/Article.aspx?id=336307&date=18032012