الثلاثاء، 4 ديسمبر 2012

المستقبل وسكاف

 

 

المستقبل لسكاف: «تعا ولا تجي»



الترحيب «المستقبلي» لا يعني أن التيار بات جاهزاًً للتحالف مع «ابن سكاف» (أرشيف ـ هيثم الموسوي)
 
عفيف دياب
يبدي مسؤولون في تيار المستقبل ارتياحهم إلى زيارة رئيس الكتلة الشعبية في زحلة الياس سكاف للعاصمة السعودية. يرى التيار الأزرق في «حج» الزعيم الزحلي إلى الرياض «خطوة إيجابية»، رافضين الغوص في تفاصيل الزيارة، وآملين أن تليها زيارة ثانية يحكى عنها في كواليس التيار.
ويكشف مسؤولون في التيار الأزرق، في أول تعليق لهم على الزيارة، أن المحادثات «كانت جيدة وأعادت وصل ما انقطع نسبياً».
الترحيب المستقبلي المتأخر بالزيارة، يبرره بعض من في التيار بـ«تأخر تلقينا تفاصيل المحادثات». ويوضح هؤلاء أن سكاف عرض وجهة نظره «عموماً من دون الغوص في تفاصيل أسباب سوء الفهم» الناتج من «اصطفافه» مع فريق الثامن من آذار من 2005، ما «أدى إلى إحداث قطيعة بين الفريقين نتمنى أن تكون قد انتهت»، موضحاً أن سكاف ووزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل «لم يبحثا في الانتخابات النيابية اللبنانية قطعاً». وأكّد المصدر نفسه أن هذا الملف «لم يكن في جدول أعمال الزيارة أساساً»، التي «هدفت فقط إلى توضيح سكاف موقفه السياسي وأسباب اصطفافه مع فريق ضد آخر»، كاشفاً أن زعيم الكتلة الشعبية «طلب دعماً سعودياً لجهوده الهادفة إلى تحقيق استقلاليته السياسية واتخاذه موقعاً وسطياً، وسمع رداً وحيداً: إن شاء الله خيراً».
هذا الترحيب «المستقبلي» لا يعني أن التيار بات جاهزاًً للتحالف مع «ابن سكاف» في الانتخابات النيابية المقبلة في زحلة والبقاع الأوسط. ويرى أحد مسؤولي التيار أن من المبكر الحديث عن تحالف انتخابي، مشيراً إلى أن التواصل بين الطرفين «لا يزال خجولاً ومحدوداً ولم يصل إلى مستوى الصف الأول»، ولافتاً في الوقت نفسه إلى أن هناك تواصلاً على مستوى القواعد الشعبية والقادة المحليين في زحلة والبقاع الأوسط «بصورة غير رسمية». ويضيف: «لم تحصل لقاءات على مستوى عالٍ بيننا وبين سكاف منذ 2005»، مرحّباً بعقد لقاءات كهذه «حين يجد سكاف نفسه مستعداً لها أو يريدها». ويؤكّد المسؤول في المستقبل «أننا لم نقفل أبوابنا في وجه سكاف حتى في عزّ الخلاف بيننا، ولكنه هو من ابتعد، لا نحن»، مؤكداً أن أكثر من إشارة أُرسلت إلى رئيس الكتلة الشعبية لفتح قنوات اتصال وبدء نسج علاقة، و«لكنه لم يتجاوب مع إشاراتنا وبقيت العلاقة باردة رغم أننا وقفنا على الحياد في انتخابات بلدية زحلة (2010) ولم نتدخل فيها». ويشدّد على أن ما يحكى عن تحالف انتخابي «ليس صادراً عنا أو حتى عن سكاف، بل هو كلام الشارع لا أكثر ولا أقل»، مؤكّداً أن التحالف مع الزعيم الزحلي «يأتي من ضمن عقد سياسي ــــ انتخابي مع كل فريق 14 آذار، وليس مع طرف دون آخر».
يأتي هذا الكلام المستقبلي رداً على ما تردّد أخيراً عن إمكانية تحالف المستقبل ــــ سكاف على حساب القوات اللبنانية وحزب الكتائب في زحلة والبقاع الأوسط؛ إذ يؤكد المسؤول في المستقبل أن تحالف التيار مع القوات والكتائب «ثابت أساسي في الانتخابات المقبلة»، مشيراً إلى أنه «حين يعلن سكاف رغبته في الانضمام إلى هذا التحالف يمكن عندها الدخول في التفاصيل»، رافضاً الخوض في شروط تحالف كهذا. وأوضح أن لرئيس الكتلة الشعبية «حيثية لا يمكن إنكارها أو تجاهلها، ولكنه لم يحسم خياره السياسي بعد، وهو حتى الآن يُعَدّ في جبهة الثامن من آذار، وإن كان يتحدث عن قراره المستقل». وأعرب عن اعتقاده بأن سكاف «غير قادر على فك تحالفه مع حزب الله بغض النظر عن علاقته السيئة مع التيار الوطني الحر والنائب نقولا فتوش»، مشيراً إلى أن «لأصدقائنا في القوات اللبنانية قراءة مفادها أن سكاف أقرب إلى القبول مجدداً بالتحالف مع حزب الله وعون وفتوش وحركة أمل من التحالف معنا». ويستدلّ على ذلك بـ«التواصل شبه اليومي» بينه وبين حزب الله الذي يخصّص له «موازنة مالية شهرية». ويضيف أن سكاف «وضع الحزب في صورة زيارته للسعودية، وقد دعمه الحزب وشدد على أهمية القيام بها». ويضيف المسؤول المستقبلي أن وارث الزعامة السكافية في زحلة «وضع شروطاً على تحالفه مع عون وفتوش، وحزب الله يعمل على تقريب وجهات النظر وتوحيد الجهود، وقد حقق تقدماً»، معرباً عن اعتقاده أن إمكانية عودة سكاف إلى تحالفه الانتخابي السابق «أقرب من إقدامه على تشكيل لائحة مستقلة أو التحالف معنا».
شرط تيار المستقبل للتحالف مع سكاف «واضح وصريح»: «الانضمام إلى صفوفنا والابتعاد فعلياً عن حزب الله». هذا الشرط، غير المعلن حتى الآن رسمياً، سيسمعه سكاف إذا ما حصل لقاء رسمي مع تيار المستقبل تعمل أكثر من جهة على تنظيمه. ويوضح متابعون أن «وسطاء يعملون على ترتيب لقاء رسمي بين الجانبين في بيروت»، وإذا ما نجحت هذه المساعي فإنها «قد تتوج بلقاء بين سكاف والرئيس سعد الحريري في الرياض أو باريس».

الجمعة، 30 نوفمبر 2012

اليسار الديموقراطي








          «اليسار الديموقراطي»: 

                           نحن أمّ الصبي 

 عفيف دياب

  أين «اليسار الديموقراطي» اليوم؟ الحركة التي انطلقت بزخم قوي سنة 2004 طارحة نفسها نموذجاً جديداً لليسار اللبناني، سرعان ما دخلت في جمود تنظيمي أسهم في تراجع حضورها بعد استفحال الخلافات الداخلية حول موقعها ودورها، وتحوّلها من حركة سياسية كان يعوّل عليها لأداء دور في استنهاض اليسار، الى حركة تحتاج اليوم الى من ينفخ الروح فيها لتستعيد نشاطها السياسي والتنظيمي والفكري.
حركة اليسار التي شهدت، منذ تأسيسها، انشقاقات وانسحابات، يجد من بقي فيها مبررات لتراجع حضورها السياسي والشعبي. يؤكد امين سرها وليد فخر الدين ان الحركة بدأت بـ «حوار داخلي يمهد لإعادة إطلاقها بزخم وطني»، موضحاً أنها مرّت في مرحلتين: «الاولى تأسيسية أخذت زخماً في شارع اليسار، وطرحت نموذجاً وطنياً وقدّمت شهيدها الكبير سمير قصير على محراب الوطن». أما الثانية، فأسهمت في تراجعها بسبب «الاغتيالات التي تعرضت لها قيادات ١٤ آذار، وبالتالي فان هذا الأمر انعكس سلباً على الحركة، التي لم تستطع العمل بفعالية شعبية على امتداد خريطة الوطن، مما أدى الى انكماش جمهورها».
لا ينفي فخر الدين وجود «انكماش» تنظيمي داخل الحركة، ولهذا قرّرت في مؤتمرها الأخير «ضخ دماء شابة في القيادة للعمل على إعادة لمّ الصفوف، وبلورة برنامج عمل يناسب المرحلة، ويكون قادراً على إعادة تجميع التيار اليساري العلماني ضمن الإطار الوطني العام، تحت شعارات ١٤ آذار (الحرية والسيادة والاستقلال) ومشروع بناء الدولة». يؤكد فخر الدين ان اليسار الديموقراطي «أُسست لضرورة وجود تيار يساري علماني لبناني عابر للطوائف»، لكن هذا التوجه العام لا موقع للحزب الشيوعي اللبناني ضمنه، الحركة «على نقيض مع الحزب الشيوعي حول رؤية أي لبنان نريد». فالحزب، وفق أمين سرّ الحركة، «جزء من المحور الإيراني السوري، بينما نحن جزء من الرأي العام السيادي والاستقلالي»، كما يشير الى ان هناك خلافاً كبيراً حول موضوع اسقاط النظام السوري، فـ «نحن مؤيدون للثورة السورية، وندعم الثوار سياسياً، ومع اسقاط ذلك النظام الديكتاتوري». مؤكداًَ في الوقت نفسه «أننا على علاقة جيدة مع حركة إنقاذ الحزب الشيوعي المعارضة لقيادة الحزب».
حركة اليسار الديموقراطي لا ترى في الحزب الشيوعي رافعة لليسار في لبنان، فالحزب الذي ولدت من رحمه «يتخبط»، و«ابتعد نهائياً عن الهم الوطني اللبناني»، و«تحوّل الى تابع لقوى الأمر الواقع السوري، وهو منخرط بالكامل في مشاريع الممانعة ويقع تحت سيطرة حزب الله وسوريا». ويلفت فخر الدين الى ان النائب السابق إلياس عطا الله، الرئيس الحالي للحركة، «كان عضواً قيادياً في الحزب الشيوعي، وكان يتقدم الخط المواجه لسوريا في القيادة، والرافض لهيمنتها على الحزب والمقاومة الوطنية اللبنانية».
الكلام عن عطا الله في حركة اليسار الديموقراطي يفتح الباب على مدى هيمنته على الحركة وتأثيره المعنوي عليها، يقول فخر الدين إن عطا الله «قاتل إسرائيل وسوريا»، وهو «مؤسس جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية وفي قلب المعركة اليوم مع النظام السوري»، موضحا أن «الجميل» في عطا الله «واقعيته، فهو تنحى من موقع أمانة السر للحركة طواعية وفتح الباب أمام جيل الشباب ليتبوّأ مراكز قيادية فيها»، مؤكداً ان النائب السابق «يحرص على استكمال الحوار مع المقاطعين للحركة وعلى توسيع قاعدة اليسار الديموقراطي».
حركة اليسار الديموقراطي، التي شهدت ابتعاد ابرز مؤسسيها، الياس خوري ونديم عبد الصمد وزياد ماجد وغيرهم، عن واجهة المشهد السياسي والتنظيمي للحركة، تجدّد تأكيدها انها مكوّن مؤسس لحركة 14 آذار، وتعتبر نفسها «ام الصبي»، كما يقول فخر الدين الناشط اليوم في عقد حلقات حوار داخلي مع رفاقه المغادرين او المعتكفين، لاعادة الحركة الى زخمها، واخذ موقعها «الصحيح». يؤكد ان «همّ» حركته اليوم، عدا الداخلي ــــ التنظيمي، هو «عدم انحراف 14 آذار عن التوجه الاستقلالي وبناء الدولة»، موضحاً «أننا في الامانة العامة لـ14 آذار نؤدي دور المشاغب ونرفع الصوت حين نشعر بأن دور قوى 14 آذار السياسي يتراجع عن الثوابت، ونعمل على اطلاق دينامية تبقي ١٤ آذار في قلب الحدث، وتحافظ على انجازات الرأي العام الـ١٤ آذاري وتخرجه من التناقضات التي يمكن أن تؤثر في أدائها وتبعدها عن جمهورها». ويشدّد على ان «14 آذار وجدان وحس شعبي قبل أن تكون أحزابا وشخصيات لا يمكن اختزالها أو تجاوزها». لكنكم لا تتمايزون عن الموقف العام لـ14 آذار؟ يرفض وليد فخر الدين هذا «الاتهام او التبعية»، مذكّراً بأن حركته «عارضت» الاتفاق الرباعي وانتخاب الرئيس نبيه بري رئيساً لمجلس النواب و«عارضنا اتفاق الدوحة ومفاعيله، ورفضنا صيغة الـ (س ــــ س)، وبالتالي بقيت الحركة محافظة على موقعها المتمايز والمستقل».

منير بركات







            منير بركات (أبو الثوار):

              لسنا يساراً درزياً أو جنبلاطياً


عفيف دياب
تغلب قائد «الحركة اليسارية اللبنانية» منير بركات (ابو الثوار) على المرض الذي كاد يفتك به قبل سنوات. المتمرد «صاحب الارواح السبعة» الذي طرد من الحزب الشيوعي عام 2005، يتهمه شيوعيو لبنان بأنه «صنيعة» النائب وليد جنبلاط لاثارة البلبلة داخل الحزب وتقسيمه مجموعات. ولأن «اكرام الميت دفنه»، كانت لدى جنبلاط وبعض الشيوعيين داخل الحزب وخارجه نظرية تتحدث عن «موت الحزب» ووجوب تقاسمه حصصاً وفق الالوان المذهبية، فكانت مجموعة منير بركات من حصة النائب الاشتراكي ومجموعة اليسار الديموقراطي من حصة تيار المستقبل، الى مجموعات خرجت من الحزب والتقت مع التيار الوطني الحر وحزب الله وصولا الى نيل النظام السوري حصته من الحزب أيضاً. هذه النظرية يرفضها بركات جملة وتفصيلاً، ويتهم قادة في الحزب بـ «فبركتها» لتشويه حركته الاعتراضية او حركة رفاق آخرين انشقوا عن الحزب «نتيجة فشل محاولات التطوير الديموقراطي داخل الحزب، وهيمنة المتشددين عليه وخطفه الى مواقع سياسية وتحالفات طائفية لا تعبّر عن موقف الشيوعيين اللبنانيين، كحال تحالفه اليوم مع حزب الله والنظام السوري».
في مدينة عاليه، حيث يقطن بركات ويتخذ من منزله مقراً رئيسياً لحركته و«أبيع ارضاً ورثتها عن اهلي لاعيش»، يرفض اتهامه بأنه «صنيعة جنبلاطية»، ويقول: «لست منير بركات جنبلاط كما اتهمني الرفيق زياد الرحباني على اذاعة صوت الشعب». ويضيف: «انفصلنا عن الحزب لاسباب منها التنظيمي والفكري والسياسي، وحركتنا الاعتراضية داخل الحزب تعود الى ما قبل 2005»، لافتاً الى ان خلافه مع الحزب الذي انتسب اليه «شبلاً مقاتلاً في الجنوب» سنة 1969 يعود الى قناعته بأن «التغيير من داخل الحزب أصبح مستحيلاً». يرفض بركات بشدّة أن تكون «انتفاضته» قد جاءت بدعم وتحريض من جنبلاط لتصفية حساباته مع الحزب الشيوعي، مؤكّداً ان علاقته بالزعيم الدرزي «تعود الى ايام الطفولة في المختارة». ويشدّد على ان جنبلاط «اكثر حرصاً مني»، مؤكّداً ان «مشاكل الحزب الداخلية من مسؤولية الحزب أولاً وأخيراً».
«قصر نظر» 14 آذار في القراءة السياسية، يسمح لمنير بركات بانتقادها بشدة، ولا سيما أن قوى هذا التجمع «خانت مبادئ ثورة الارز واضاعت فرصا كثيرة على لبنان». ويقول: «رفضنا ان نكون في الامانة العامة لقوى 14 آذار، وهم يعتبرون الرفيق الياس عطا الله ممثلا لليسار ولا يريدون الاعتراف بغيره». يؤكد بركات ان بين حركته اليسارية و14 آذار «نقاطاً خلافية ابرزها التراجع عن مشروع بناء الدولة»، ويقول: «لا وجود اليوم لـ14 آذار الا بالعودة الى مشروع بناء الدولة»، نافيا ان يكون انتقاده نابعا من عدم تلقي حركته دعما ماليا من تيار المستقبل. واعتبر ان موقف جنبلاط من اغتيال اللواء وسام الحسن «كان عاقلا اكثر من موقف تيار المستقبل وبقية مكونات 14 آذار»، مشيراً الى أن «14 آذار ادارت معركتها بطريقة خاطئة. وحده جنبلاط ادارها على نحو صحيح. فسدّد سياسياً على رأس المتهم بالاغتيال (النظام السوري) وهادن الاطراف الداخلية (حزب الله) منظماً الخلاف معه». ويلفت الى ان 14 آذار «تريد فتح معركة على كافة المحاور وتهديد السلم الاهلي، بينما الرفيق وليد (جنبلاط) يريد حماية البلد ويرفض الحروب الداخلية المجانية».
«ابو الثوار» يؤكد ان حركته «اقوى مما يعتقد البعض، وهي منتشرة في كل لبنان وتضم المئات من مختلف الطوائف والمذاهب»، موضحاً ان «الثقل» يتركز في جبل لبنان الجنوبي، من دون أن يعني ذلك أن حركته درزية، لافتاً الى أن البيئة السياسية التي تعيش فيها «تتميز بطيف سياسي وطائفي متنوع»، لكن «بحكم وجودنا في جبل لبنان الجنوبي فان انتشارنا اكبر في الوسط الدرزي والسني والمسيحي».

الأربعاء، 28 نوفمبر 2012

آية الشتاء





                         آية الشتاء



الشتاء آية لا يُتقن تجويدها إلّاكَ

تعالَ .. يحلو  بكَ الشتاء
***
 سبَحت بشفاهكَ أرجائي منتشية

.. وكبّرت!
                                                    (يسرى)



الأربعاء، 14 نوفمبر 2012

رغبة الملائكة



               رغبة الملائكة



 سهواً سقطت بين موجكَ..
عمداً أقطف العنب من شفتيك..
ترسم بشفتيكَ خط الأفق لحظة غياب
فترقص عليه ملائكة الرغبة.. ذات جنون ومدى
وأصابع الشهوة تجمع الموج
ويموج على جسدها البحر عارياً
يرتل صلاة تشبه قبلاتك
***
آخر الهاجس أنتَ..وأول المستحيل
آخر بقعة في خارطة رحلتي
وأول تيه لحقائبي بين تمرد الأنواء والمطر
وأنتَ أول الشعر عند صهيل التلاقي.
(يسرى)


الأربعاء، 7 نوفمبر 2012

المستقبل




 «المستقبل» وعوارض الــــشيخوخة المبكرة


عفيف دياب
أظهرت الأحداث والتطورات الأمنية والحراك الشعبي المنظم والغوغائي، خلال الساعات الماضية، أن تيار المستقبل لم يعد ذاك التيار الأنيق. سماؤه الزرقاء أصبحت ملبّدة بغيوم سوداء لا تهطل إلا إطارات مشتعلة. أثبت التيار في الأحداث الأخيرة أنه لم يعد يملك الشارع، وكذلك قراره ومساره وحتى مصيره. لقد تراجع «المستقبل» وفقد السيطرة على من يدّعي تمثيلهم، وهو حكماً سيحتاج الى جهد كبير لمعرفة سر إصابته بالشيخوخة المبكرة.
من السابق لأوانه القول إن تيار المستقبل انتهى. يقول أحد قادة التيار البارزين في تقويمه لما جرى في الشارع منذ الإعلان عن استشهاد اللواء وسام الحسن. يعترف الرجل بـ«دعسة ناقصة» حصلت، و«لم تكن في الحسبان». يرى أن دعوة التيار إلى المشاركة الشعبية في تشييع الحسن كانت «إعلامية، ولم ننزل الى الأرض للمواكبة والمتابعة». ويكاشف في دردشة مع «الأخبار» أن قوى تعيش بين ظهراني التيار كانت «أسرع منا في السيطرة على الشارع وقطع الطرق وإشعال الإطارات». ويوضح أن المسلحين الذين انتشروا في أكثر من منطقة لبنانية «لا يتلقون أوامرهم من تيار المستقبل، بل هم مجموعات فاتحة على حسابها».
محاولة «المستقبل» الهروب من تحمّل عبء الأخطاء التي حصلت قبل تشييع الحسن وخلاله وبعده «لا يعفينا نسبياً من تحمل المسؤولية». ويتابع القيادي في التيار إن «الخطأ الذي وقعنا فيه هو عدم دفع جمهورنا الواعي الى النزول وقطع الطريق على الغوغائيين». يضيف: «كان علينا أن نحشد أكثر ونعمل ميدانياً بطريقة منظمة». يعيد السبب الى «حجم خسارتنا المفاجئة للواء الحسن والبلبلة التي أصابتنا». ويؤكد أن «الظهور المسلح يعرفه الجيش اللبناني جيداً، ومن يقف وراءه، ومن هم هؤلاء المسلحون ولمن يتبعون»، معلناً براءة تياره من أفعال المسلحين وحواجزهم والاعتداء على المواطنين وفق هوياتهم المذهبية. و«على القوى الأمنية توقيف هؤلاء وإنزال أشد العقوبات بهم».
نفي قادة في «المستقبل» التهم الموجهة إليهم، وأن يكون ما وقع في الشارع من إنتاجهم أو قراراً صدر عن «شيخهم» الرئيس سعد الحريري يدفعهم إلى إلقاء التهمة على «متطرفين إسلاميين استغلوا اغتيال اللواء وسام الحسن ودعوة التيار الى تشييعه شعبياً وفعلوا ما فعلوا». ويضيف أحد مسؤولي التيار إن «أخطاءً حصلت وأبلغنا الجيش اللبناني أننا لسنا مسؤولين عما كان يحدث في الشارع»، كاشفاً عن أن تعاون «الزرق» مع الجيش اللبناني «أثمر إعادة الأمور الى طبيعتها في أكثر من منطقة، ولا سيما في البقاع وبيروت».
محاولات التيار تبرئة ساحته مما جرى في الشارع وتنصله من تحمل المسؤولية، لم تمنع فتح نقاش داخل «المستقبل» عن مدى حضوره اليوم في الشارع. ويكشف متابعون في التيار لـ«الأخبار» أن القيادة اتخذت قراراً بإعادة تقويم وضع التيار شعبياً، وأين كانت الدعسات الناقصة وكيفية تفاديها على أبواب الانتخابات النيابية. ويعترف أحد المسؤولين بأن التيار أصيب منذ سنة بترهل تنظيمي وحتى سياسي، متحدثاً عن ضرورة «إجراء نقد ذاتي». ويتابع: «نعم، هناك أخطاء تراكمت الى أن حصل ما حصل». ويضيف «علينا أن لا نجلد أنفسنا كثيراً»، معدداً أبرز هذه الأخطاء:
ــ خلل تنظيمي حيث عملت المحسوبيات السياسية والمناطقية على وضع مسؤولين لا يتمتعون بحسّ القيادة وأخذ زمام المبادرة، و«نحن كنا قد بدأنا بإجراء تعديلات منذ عدة أشهر». فقدان التواصل بين القيادة والقواعد الشعبية وغياب مبدأ المحاسبة التنظيمية. تراجع الخدمات التي كان يقدمها التيار لجمهوره وإقفال مؤسسات اجتماعية وطبية نتيجة شح المال. تحول التيار الى شركة يتقاضى موظفوها رواتبهم آخر الشهر، بغض النظر عن مدى فعاليتهم وحضورهم وإنتاجيتهم.
أما على الصعيد السياسي، فإن الأخطاء المتراكمة منذ سقوط حكومة الرئيس سعد الحريري «ليست ذات قيمة كبرى»، يقول المسؤول «المستقبلي»، لكنه يعترف بوجود «إدارة سياسية سيئة» داخل فريق 14 آذار «انعكست على جمهورنا الذي شعر بإحباط من أدائنا». يقر بأن المشاركة الشعبية في تشييع اللواء وسام الحسن «لم تكن بقدر ما توقعناه، رغم أنها كانت مقبولة نسبياً. فالحشد الشمالي والبقاعي كان أقل من المتوقع».
سياسة
العدد ١٨٤٣ الخميس ٢٥ تشرين الأول ٢٠١٢

سعدنايل والاسير










سعدنايل تقاطع الأسير و«خطاب الفتنة»



رفعت لافتات ترفض الطائفية والكلام المذهبي (أرشيف ـ مروان طحطح)
عفيف دياب
تقدمت بلدة سعدنايل البقاعية خطوة الى الأمام بمقاطعتها العارمة لحفل خطابي للشيخ احمد الاسير اقيم عصر امس في منشية البلدة. رفض سعدنايل احتضان الاسير ليس موقفاً ضد الرجل على المستوى الشخصي، بل هو رفض لخطابه السياسي التحريضي والمثير للغرائز الطائفية والمذهبية، الذي ترفضه البلدة. مقاطعة سعدنايل لاحتفال الشيخ الاسير ومعه القيادي السابق في تيار المستقبل محمد سلام، سبقتها مروحة واسعة من الحوارات في البلدة حول جدوى إقامة احتفال تضامني مع سوريا وثورتها ضد نظام الرئيس بشار الاسد، يكون خطيبه الاول الشيخ الاسير. وافتتح نقاش مستفيض طوال الاسبوع الماضي مع رابطة شباب البلدة لاقناعها باقامة الاحتفال التضامني من دون إشراك الاسير فيه، لما يحمله خطابه من تطرف واثارة للغرائز وتالياً احداث نوع من الشقاق مع الجوار البلدة بغنى عنه. وقالت جهات متابعة للاتصالات ان سعدنايل تدعم الثورة السورية، لكن التضامن لا يكون بخطاب سياسي يثير النعرات المذهبية. وقد اقنع هذا الكلام تيار المستقبل، الذي اوعز الى مناصريه بعدم المشاركة في الاحتفال، وهذا ما تحقق فعلياً، امس، من خلال مقاطعة التيار مع باقي مكونات البلدة السياسية الاخرى اللقاء، الذي اقتصر حضوره الشعبي على جمهور احضره الاسير معه من صيدا في 5 حافلات نقل كبيرة، اضافة الى مشاركة نحو 100 شخص من حي العمرية التابع اداريا لسعدنايل، وعدد محدود جدا من ابناء البلدة، تقدمهم المدان بجرم التعامل مع إسرائيل زياد الحمصي.
استشعار سعدنايل خطر خطاب الشيخ الاسير عليها وعلى علاقاتها مع الجوار ومدى الانعكاس الاقتصادي على سوقها التجارية، ألزم بلدية البلدة اول من امس باجراء اتصالات مع الاسير لاقناعه بعدم الحضور إلى سعدنايل، لكن المحاولة باءت بالفشل مع اصرار الاسير على الحضور متذرعاً بعدم قدرته على رفض دعوة وجهت اليه من رابطة شبابية في البلدة. وقال المتصلون به لـ «الاخبار» ان الشيخ الصيداوي تنبه الى وجود مقاطعة شعبية له في سعدنايل، فأحضر جمهوره معه من صيدا حتى يعطي ايحاءً اعلاميا بأن له مناصرين في سعدنايل ومنطقتها. وقال رئيس بلدية سعدنايل خليل الشحيمي لـ « الاخبار» ان البلدية عملت طوال الاسبوع الماضي على تدارك اقامة لقاء سياسي يتقدمه الاسير . واضاف ان بلدته مجمعة على الابتعاد عن التوتر والخطاب الطائفي ـ المذهبي، موضحا ان سعدنايل تريد افضل العلاقات مع الجوار وصولا الى بعلبك ـ الهرمل و« نرفض كل من يثير الغرائز. فسعدنايل ليست منبراً لتوجيه الشتائم السياسية إلى اي طرف لبناني مهما كان الخلاف السياسي معه»، مؤكدا ان بلدته تدعم الثورة السورية و«لا يمكن لاحد ان يزايد علينا في هذا الامر». وتابع: « يوم فتحت سعدنايل ابوابها لاستقبال اللاجئين السوريين لم يكن احد موجوداً، ومن غير المسموح به الاتجار السياسي باسم البلدة او القول انها تتبع لهذا الطرف او ذاك»، معلنا ان سعدنايل « ترفض ان تكون شرارة للفتنة ».
خطوة سعدنايل السياسية اللافتة، ورفع لافتات في الشارع الرئيسي معلنة رفض التعصب والكلام المذهبي، حوّلاها الى ثكنة عسكرية، امس، مع اصرار المنظمين على اقامة الاحتفال في مكان عام، لم تنجح محافظة البقاع في منعه وفق القوانين المرعية الاجراء، بعد ابلاغ المحافظ انطوان سليمان رفض البلدة إقامة احتفال سياسي كهذا. وأكد رئيس رابطة شباب سعدنايل، صاحبة الدعوة، عمر الحلبي لـ «الاخبار » أن الدوائر الرسمية لم تطلب الغاء الاحتفال، «بل طلبوا ان لا نقيمه على الطريق العام». وأوضح أن الرابطة ابلغت رئيس البلدية الاسبوع الماضي نيتها اقامة احتفال تضامني مع سوريا بمشاركة الاسير، «ووافق الريس، متمنياً علينا ان لا نرفع لافتات تحمل كلاما سياسيا لاذعاً»، لكنه قال إن الرابطة فوجئت بعد يومين باتصال من احد اعضاء البلدية « يطلب الغاء الاحتفال والاعتصام... ولم نتمكّن من الغاء اللقاء لأننا حددنا مكانه وزمانه وخطيبه الشيخ احمد الأسير والصحافي محمد سلام ». ولفت الى ان الاحتفال « مر على خير ولم يحدث مكروه».
وتحدّث الأسير في الاحتفال أمس، مكرراً كلامه المعروف عن سوريا ونظامها، وتهجمه المعهود على حزب الله، كما تحدث سلام ومختار حي العمرية في سعدنايل محمد الأحمد باسم رابطة شباب البلدة.
سياسة
العدد ١٨٥١ الاثنين ٥ تشرين الثاني ٢٠١٢

السبت، 27 أكتوبر 2012

هنا حلب







                                            هنا حلب ..


 يسرى 

هنا حلب:
  ويخبو الوقت في عين المدى
يوم يُنثَرُ الخوف في مجرات الروح
وتجري الريح ولا تصل..
هنا حيث رائحة الموت تنتشر ولا تبقى.

هنا حلب:
ركام أحجارها يعانق موتاها في مشهد لا يشبهه إلا حضن أم نام على صدرها طفلها الجائع للأمان..
هنا حلب:

حيث الآه تبتلع الأحلام والآمال والحياة وتئن الدموع على ملامح أبنائها وهم يلملمون أشلاء أحبّة كانت تصرخ للحرية ففاجأها الموت بطائراتٍ لم تمهلهم حتى أن يصرخوا آآآآآآآآآه..
هنا حلب:

حيث السعادة نوع واحد ..  هو البقاء حيّاً.
هنا حلب:

حيث يجتمع من بقي حيّاً ليرفعوا من قتلاهم مئذنة يحج إليها يوماً معتمروا الحرية والكرامة.
هنا حلب:

حيث ترسم بقلعتها خط الأفق لحظة موت
فترقص عليه ملائكة الخلاص .. ذات جنون ومدى.
هنا حلب:

حيث النازحون والموتى والجرحى يرتجفون خوفاً من الموت الذي يقرع أبوابهم بشدّة لأنهم لا يملكون قبوراً تكفي لستر جثثهم.. وأمهاتهم لاتملك ثمن ملابس سوداء.
هنا حلب:

 حيث نحفر قبر الطاغية بجثثنا لتصاحبه أنّاتنا لتمضية الأبد الذي ينتظره.
هنا حلب:

 حيث تأبى الحياة أن تموت  رغم كل هذا الموت.
هنا حلب:

 حيث الشعب الواحد الأحد
الإله الصمد
الذي لم يكن له كفواً أحد

هنا حلب...


الثلاثاء، 23 أكتوبر 2012

مقابلة



إمامة ضد حمل سنّة لبنان السلاح في سوريا



عفيف دياب

يرفض مؤسس التيار السلفي في البقاع وأحد أبرز منظّريه ومشرّعيه في لبنان، الشيخ عدنان إمامة، أن يشارك أنصار التيار أو أبناء الطائفة «السنيّة» في العمل العسكري الداعم للثورة السورية ضد نظام الرئيس بشار الأسد. يقول الدكتور إمامة لـ«الأخبار» إنه يدعو «إخوانه» في التيار السلفي و«الطائفة السنية» إلى دعم إخوانهم السوريين «بما لا يؤدي الى زعزعة الاستقرار في لبنان». يضيف: «لا نريد أن نحرق لبنان في أتون الثورة السورية». ويؤكد أن الثوار في سوريا «ليسوا في حاجة الى رجال، بل إلى مال ومن يؤوي أهلهم وينصر قضيتهم في الإعلام». فبرأيه، «مفاسد مشاركة اللبنانيين العسكرية في الثورة السورية أكبر بكثير من مصالحها».
يدرك إمامة أن «فتواه» أو رأيه السياسي _ الديني سيتعرض لهجمة من سلفيين متشددين لا يرى أن لهم فعالية تذكر في لبنان، و«هم في الأساس لا يتجاوز عددهم 50 الى 60 سلفياً متشدداً»، داعياً الى «النظر في ميزان المصلحة أولاً». ويوضح: «إذا شجعنا السنّة في لبنان على حمل السلاح ليقاتلوا النظام السوري، فمعنى ذلك أننا نقول للفريق المناصر لنظام بشار الأسد أن يحمل السلاح. ونحن من أنصار ألا تنتقل الفتنة السنية _ الشيعية من العراق الى لبنان، ولا من سوريا الى لبنان».

سوريا وحزب الله وأهل السنّة

يوجه إمامة انتقادات لاذعة لحزب الله: «قامت ثورتك على أنها ثورة المظلومين، وأنك تحيي ذكرى الحسين الذي مات مظلوماً، والحسين كان يمثّل ثورة المظلوم على الظالم، والحق على الباطل، وثورة الدم على السيف»، سائلاً حزب الله: «لماذا انقلبت المعادلة في سوريا؟ أبشار الأسد هو مظلوم أم عبيد الله بن زياد أم هو الحجاج». يضيف: «إننا نحكي عن شعب بقي 8 أشهر يقاوم بصدره العاري، وكنا ننبّه من مخاطر تسلح الثورة السورية. فنحن نريدها سلمية، ولكن ماذا تريد من إنسان تنتهك حرماته أن يفعل؟ أتريده أن يواجه بالسلمية؟».
ألا ترى أن حزب الله يناصر النظام السوري لأنه داعم لحركات المقاومة وليس من خلفية طائفية أو مذهبية؟ يجيب «منظّر» التيار السلفي الوسطي في لبنان بعد أن يقسم بالله العظيم: «لو كان الذي يقوم في سوريا بهذه المجازر سنيّاً لدعونا إلى قتله، حتى لو كان قاتلاً للعلويين والنصارى والشيعة». ويتابع: «لسنا ضد الشيعة كشيعة، بل ضد الشيعية السياسية (...) وليقل لي حزب الله ما سر هذه المصادفة العجيبة: لا يقف مع النظام السوري الآن إلا شيعة العراق وإيران ولبنان. فسّر لي هذه المصادفة؟ فإذا كان النظام السوري يصنّف نفسه علمانياً، فلماذا تحول الامر الى طائفي عند الشيعية السياسية وعند حزب الله؟».
انتقادات الشيخ إمامة لحزب الله أو ما يفضّل تسميته «الشيعية السياسية»، لا تمنعه من «تمجيد» مقاومة حزب الله للاحتلال الإسرائيلي. يقول إن «كل من يقاوم إسرائيل هو شريف، وكل من يقاوم هذا العدو فنحن معه بغض النظر عن عقيدته (حتى لو كان ماركسياً). ونرى أن العدو المشترك لنا هم اليهود، ونتمنى لو أن هذا العدو المشترك يوحّد اللبنانيين». ويؤكد أنه «مع حزب الله في قتال إسرائيل»، ولكنه يبدي أسفه لأن الحزب «لا يريدنا أن نكون معه في قتال إسرائيل».
يجدد التأكيد أن «خلافنا ليس مع حزب الله، بل مع العقيدة الاثني عشرية». ويتابع: «الشيعية السياسية تصنف الحركة السلفية على أنها تنظيم قاعدة وإرهاب، وتعاملنا في لبنان كما يعامل القاعدة في العراق». ويقول: «هناك صدام بين العقيدتين السلفية والشيعية، ولكن هذا لا يعني على الإطلاق أننا نعتبرهم أعداءنا»، متمنياً «لو أننا بنينا جسور حب وتعاون وتواصل حتى نعيش وإياهم في هذا الوطن».
الشيخ عدنان إمامة لا يوفر من انتقاداته تيارات سلفية في لبنان. يجزم بأن المتطرفين في التيار السلفي في لبنان «أقلية». ويقول إن التيار السلفي الأكبر في لبنان «هو التيار الوسطي الذي يدعو إلى السلفية بشكل صحيح، وهو تيار لا يقبل التطرف والتشدد، ويرفض الاعتزال عن المجتمع». ويضيف: «تيارنا الدعوي هو تيار حركة ولا يقبل أن يعيش في الصوامع والكهوف ويترك الناس والدنيا». ولكن ألا يعتبر التيار السلفي المتشدد هو الأقوى وحضوركم تراجع لصالحه؟ يؤكد إمامة أن التيار السلفي المتشدد أو المتطرف «لا يتجاوز عدد أعضائه 50 إلى 60 شاباً». ويضيف: «لأنهم قاموا بأعمال عنفية ومخلّة بالأمن، سُلِّطَت عليهم الأضواء، والإعلام هنا وفي الخارج يسلط الضوء على ظاهرة التطرف والجماعات المسلحة». يؤكد أن التيار السلفي المتشدد «يعتبر دخيلاً على السلفية»، موضحاً أن النبي محمد «لم يكن يقول للناس أنا داع للموت والذبح». ويرى أن تنظيم القاعدة «أخلّ بأصل من أصول الشريعة... فالسلاح يجب أن يكون محقّقاً للحياة والخير والمصلحة لا أن يعود على المسلمين بالخراب والدمار والهلاك».
كيف تصنّف الداعية السلفي عمر فستق بكري؟ يجيب مؤسس التيار السلفي في البقاع وأحد كباره في لبنان: «عمر فستق بكري ليس له أتباع. هو ظاهرة صوتية يريد أن يقول أنا موجود».
الحوار مع الشيخ عدنان إمامه يتناول ظاهرة الشيخ أحمد الأسير، ولا سيما أن لقاءات عقدت بين الرجلين. يقول إمامة إن «وهج الشيخ أحمد بدأ يخفت». ويضيف: «نحن وقفنا مع الشيخ أحمد وهو قام بصرخة حق، ولكن للأسف أخطأ، وخطأه كان كبيراً حين قطع طريق صيدا». ويكشف أنهم كهيئة علماء مسلمين اجتمعوا مع الأسير وطالبوه بالانضمام إليهم لـ«نصرة قضايانا، ولم يقبل»، موضحاً أن الأسير من جماعة التبليغ، و«هذه الجماعة منغلقة، والشورى عندها غير ملزمة».

  الحريري ليس على قدر الأمل

 في انتخابات 2009 النيابية، واجهت الرئيس سعد الحريري مشكلة رفض السلفيين الاقتراع للوائحه كاملة. استعان الشيخ سعد بالشيخ عدنان. عقد لقاء في قريطم بحضور مشايخ سلفيين. «أفتى» إمامة بوجوب الاقتراع للوائح تيار المستقبل و14 آذار «زي ما هيي» لأنها «أقرب إلى مصالح المسلمين من لوائح تيار 8 آذار، وتيار 14 آذار لا يستهدف ديننا وعقيدتنا». هذه الخدمة الجليلة التي قدمها إمامة للحريري على ما يبدو لم تترك أثراً عند الرئيس الشيخ، حيث يبدو العتب كبيراً. ويقول إمامة: «زرت الشيخ سعد سابقاً وقلت له أنت تمثل اليوم الشارع السنّي، ويجب أن تكون عند مستوى الطموحات». يضيف: «للأسف، الشيخ سعد لم يكن على قدر الأمل، والطائفة السنيّة لا تقف عند شخص إذا تراجع دوره أو لم يحسن تمثيل الناس». وهل ستدعمون الحريري مرة ثانية؟ يجيب «نحن سندعم من يحقق مصالح الطائفة السنيّة. عندنا عتب على الرئيس سعد الحريري».

وجهة نظر



ماذا قدّم «الثنائي الشيعي» للبقاع الشمالي؟



عفيف دياب

 ماذا قدّم حزب الله وحركة أمل لبلاد بعلبك ــ الهرمل؟ عشرون عاماً و«الثنائي الشيعي» يحتل المقاعد النيابية والوزارية ووظائف الفئة الأولى المخصصة لقضائي بعلبك ــ الهرمل. عشرون عاماً وحركة أمل وحزب الله ينطقان رسمياً وشعبياً باسم «البلاد المحرومة». عشرون عاماً و«الأمر لهما» من دون منازع أو منافس. عشرون عاماً وخطاب سياسي واحد لم يتغير حرفاً لوضع حجر أساس لمشروع تنموي واحد. عشرون عاماً تغيّر خلالها شكل ممثلي الثنائي الوزاري والنيابي، فيما بقي مضمونه عصياً على التغيير. عشرون عاماً و«شتلة» الحشيشة تنتظر بديلاً... وعشرون عاماً وخطاب «الثنائي» عن الحرمان والمحرومين في بلاد بعلبك ـــ الهرمل لم ينتهِ بعد.
عشرون عاماً ومستوى الخدمات الإنمائية والتنموية والثقافية يتراجع حتى وصل إلى الخط الأحمر، فاستيقظ الثنائي لاستدراك خطأ أو لاستيعاب قلاقل بدأت تقضّ مضاجع يومياتهم السياسية في زمن الانقسامات العمودية في لبنان. ففي جردة أولية وسريعة، يتضح أن نواب حركة أمل وحزب الله في بعلبك ــــ الهرمل، لا تختلف يومياتهم التشريعية والسياسية والاجتماعية عن يوميات غيرهم من نواب لبنان. فالرئيس نبيه بري الذي ينشط هذه الأيام لوضع البقاع تحت راية الدولة اللبنانية أمنياً، يعرف جيداً أن البقاع الشمالي أرهقته المناشدات للدولة بتنفيذ مشاريع إنمائية. وهو يعرف أيضاً، إذا ما عاد إلى خطاباته السابقة في شمال البقاع، أن جدول مطالبه لإنماء المنطقة لم يتغير بنداً واحداً منذ 20 عاماً. فلا المشاريع التي نادى بها تحققت، ولا فرص العمل توافرت، ولا الهجرة الداخلية التي تزداد نسبتها سنوياً توقفت، ولا الزراعات البديلة تحققت، ولا بناء سد العاصي وسدود أخرى وبرك مياه اصطناعية واستصلاح الأراضي الزارعية قد نفذت، ولا طرق الموت أوقفت حصدها لفقراء الشمال البقاعي. وإذا أردت تعداد ما طالب به الرئيس بري وحزب الله على مدى عقدين، اكتشفت أن من حق ناس بعلبك ــ الهرمل أن يسألوا هذا الثنائي: «ماذا قدمتما لنا من تنمية ومشاريع إنتاجية وأنتما رب السلطة والحكومات المتعاقبة؟».
  عشرون عاماً وحركة أمل وحزب الله في السلطة التنفيذية، أو إن قرار صناعتها بيدهما. فمطالب نوابهما وخطاباتهم المملة ومجموع وزرائهما طوال العقدين المنصرمين، ليست إلا إدانة واضحة وصريحة لتقصير هذا «الثنائي» الذي لم ينجح حتى الآن في تشغيل مستشفى حكومي واحد، ولا شق طريق واحدة «متل الخلق» أو حتى تعبيدها بشكل لا تفوح منه رائحة فساد. ولولا التدخل الإيراني المباشر لشق أوتوستراد بعلبك ــــ الهرمل، لبقيت الطريق على الحال التي كانت عليها منذ أيام الانتداب. وهما لم ينجحا حتى في توفير فرصة عمل واحدة من دون ذلّ طالبها. ولم يحققا لأهلهما و«شعبهما» ما حُرموه منذ تأسيس لبنان الكبير. وبالتالي فإن من حق ناس بعلبك ـــ الهرمل أن يسألوا ممثليهم في السلطتين التشريعية والتنفيذية: ماذا قدمتم لنا وماذا فعلتم بنا؟ وبماذا قصّرنا معكم حتى تقصّروا معنا؟ أين مشاريعكم الإنمائية، وأين مؤسسات الدولة التي تتحكمون بها؟ ولماذا تطلبون منا ما عجزتم عن تحقيقه في عقدين من الزمن؟

على الحدود




                                               

              ثوار سوريا اللبنانيون عبء على الثورة


عفيف دياب


من مشاريع القاع وجرود عرسال، وصولاً الى الطفيل وقرى سورية ثائرة على الضفة الأخرى من الحدود، عشرات المقاتلين اللبنانيين ينتشرون مع مقاتلي المعارضة السورية في الأودية وخلف المتاريس. يمارسون هواياتهم في التمرد والفوضى والتهريب. وحدهم ضباط من «الجيش السوري الحر» يعملون على وقف هرطقات أولاد لبنان الشقيق 

****

يخرج زائر خط الحدود اللبنانية ــ السورية، وبعض الداخل السوري، بانطباعات قاتمة. أصبح اللبنانيون قادة ثورات وخبراء في فنون العسكر والقتال واستراتيجيات «هزّ» كيانات أنظمة، ومعلمين في فكّ حروف لغات الانتفاضات الشعبية. أصبح كل لبناني يقطن على مقربة من حدود سوريا وعلى تواصل يومي مع شعبها، إن تهريباً أو علاقة مصاهرة أو صادقاً في حبه لفقرائها، صاحب حق في رسم مسار ثورة وتقرير مصيرها.
يعود زائر حدود لبنان الشرقية مع سوريا بمشاهد متنوعة. المناصرون لـ«الثورة» ضد نظام الرئيس بشار الأسد، تخالهم وصلوا للتو من معسكرات تشي غيفارا في غابات كوبا، فيما يوحي مناصرو النظام اللبنانيون بأن الرئيس السوري لا يقدم على خطوة عسكرية من دون استشارتهم. وحدهم السوريون يدفعون ثمن «تخبيصات» مجموعات لبنانية، موالية ومعارضة، تصفّي حساباتها اللبنانية بالرصاص على أرض حمص والقصير وجوسية وربلة والنزارية، مروراً بفليطا وعسال الورد ورنكوس وأطراف الطفيل بجانبيها السوري واللبناني، وصولاً إلى دمشق ومزارعها الغربية والجنوبية.
يجلس «الثائر» اللبناني أحمد مع مجموعة من المقاتلين السوريين في أطراف مشاريع القاع. لا يتجاوز عمر الشاب العقدين. يرسم للسوريين الخمسة خطة هجومهم على موقع للجيش النظامي. يرسم على التراب، بسكين صغيرة، خريطة الهجوم والاقتحام... والانسحاب إلى لبنان. يستمع الخمسة، بانتباه شديد، إلى «القائد» أحمد وأفكاره العسكرية. يعيد الشرح مرة تلو أخرى. يستفسرون عن بعض النقاط الملتبسة في الخطة، فيشرح مجدداً. يسدل الليل ستاره. تنطلق المجموعة للهجوم. أقل من نصف ساعة وتسمع رصاص الاشتباك المتبادل بين «الثوار» وحامية الموقع غير البعيد عن قرية ربلة. يحاول «القائد» أحمد، بعد نصف ساعة من الهجوم، الاتصال بالمجموعة. لا أحد يجيب: «يمكن استشهدوا» يقول. ويتابع: «ما التزموا بالخطة اللي حطيتها»!
تسأل «القائد الثائر» عن علومه العسكرية والمعارك الحربية التي خاضها. الشاب البقاعي المتحمس لإسقاط نظام الأسد لا يعرف من «العسكر» إلا بندقية كلاشنيكوف تدرب على الرمي بها في جرود قريته بالفطرة: «السوريون مساكين ما بيعرفوا شي. لازم نساعدهن». لكنك سببت مصيراً مجهولاً لخمسة أشخاص؟ يجيب الذي لا يعرف إلا مهنة التهريب منذ أن ولد: «هني ما فهموا عليّ»!
يدّعي لبنانيون مناصرون لـ«الجيش السوري الحر» أنهم «أهل الصبي»، وأن «الثورة» السورية تحتاج إلى خبرات عسكرية لبنانية. ففي جولة على مواقع مقاتلين لبنانيين وسوريين يتبين أن المجموعات اللبنانية ليست إلا عبئاً على «الثورة». لا يخفي أحمد «أمّيته» في العلوم العسكرية، لكنه لا يجد حرجاً في التعلم... تعلّم يبدو أنه يودي بحياة شباب سوري متحمس يعمل ضباط سوريون منشقون على وضع حدّ له ووقف «هرطقات» بعض اللبنانيين. يقول النقيب أمجد على محور فليطا ــــ عرسال إن مجموعته تضم «ثواراً» من لبنان، و«لكننا لا نسمح لهم إلا بتوفير الدعم اللوجستي». ويؤكّد: «نحن نقرر أين ومتى وكيف نشنّ هجماتنا على مواقع الجيش» السوري، مشيراً إلى أن هناك مجموعات سورية لبنانية مسلحة تهاجم مواقع للجيش السوري «من دون تنسيق معنا وفاتحة على حسابها».
كلام النقيب أمجد لا ينطبق على أرض الواقع؛ فمشهد «القائد» أحمد يتكرر في أكثر من نقطة حدودية تقع تحت سيطرة مقاتلين سوريين ولبنانيين لا علاقة «عسكرية» لهم مع «الجيش الحر». على الخط الحدودي اللبناني ــ السوري بعمق نحو كيلومترين داخل الأراضي اللبنانية، ويمتد على مسافة تقدر بنحو 90 كلم من مشاريع القاع، مروراً بجرود رأس بعلبك وعرسال، وصولاً إلى الطفيل وامتداداتها نحو لبنان وسوريا، تنتشر مجموعات قتالية أو مراكز تدريب محدودة ومتواضعة «لا يمكن وصفها بمواقع ذات قيمة عسكرية يعول عليها»، بحسب أحد اللبنانيين كان قرب قرية معربون المتاخمة للحدود مع سوريا. يوضح الشاب الثلاثيني أن هذه المواقع هي «محطة انطلاق أو استراحة قبل اجتياز الحدود الدولية نحو الأراضي السورية»، مؤكداً أن تجمعاتهم ليست ثابتة. ويوضح قائلاً: «ندخل إلى الأراضي السورية وننفذ عمليات ضد الجيش النظامي، ثم نعود إلى الأراضي اللبنانية قبل القيام بهجوم آخر». ويقول مقاتلون لبنانيون وسوريون يتخذون من وعورة جرد رأس بعلبك مواقع آمنة، إن عبورهم لمناطق مختلفة من ريف دمشق المتاخمة للحدود مع لبنان «يكون ليلاً ونهاراً بالتنسيق مع جنود نظاميين يتلقون رشى مالية»، ويكشفون أن «مهماتهم تقتصر على تهريب بعض البنادق وذخائرها، ومواد غذائية». ويقول أحدهم: «أحيانا نهاجم دورية إذا اعترضت طريقنا».
هل «المساعدة» اللبنانية لـ«ثوار» سوريا، تقتصر فعلياً على مجموعات من المهربين وجدوا في دعم «الجيش السوري الحر» باباً للارتزاق كمعيار أول؟ يجيب عن هذا السؤال «ثائر» لبناني من عرسال: «لا ننكر أن ثمة مهربين يستغلون الوضع في سوريا»، موضحاً: «إننا والجيش الحر نحتاج إلى خبرات المهربين». ويؤكد «أبو القعقاع» العرسالي، من جهته، أن «الواجب العقائدي ــ الطائفي هو أساس دعمنا للثورة على بشار الأسد»، مشيراً إلى أن «المصلحة المشتركة» تقتضي التعامل مع مهربين، و«إن تدخلوا في أمور عسكرية لا يعرفونها».
في جرود عرسال الجنوبية ــــ الشرقية يتخذ لبنانيون مع عدد من المقاتلين السوريين في واد محصن طبيعياً موقعاً لهم. يعبرون تحت جنح الظلام إلى داخل الأراضي السورية. قتل 3 منهم خلال الأسبوعين الماضيين، أحدهم لبناني، خلال اشتباك مع الجيش السوري قرب مزرعة قارة السورية. لا يخفي أحد «الفدائيين» السوريين، من خارج ما يعرف باسم «الجيش الحر»، أن المهربين اللبنانيين «يساعدوننا كثيراً». لكن كيف أصبحوا قادة معكسرات تدريب لـ«الثوار»؟ يؤكد «أبو الوليد» أن «المصيبة جمعتنا. كلنا نريد إسقاط الأسد». هنا يتدخل ابن مجدل عنجر الذي نذر نفسه لدعم «ثوار سوريا» لينفي تهمة «المهرب» عن نفسه. ويقول: «كنت أخدم في الجيش اللبناني. وعندي خبرة عسكرية كبيرة. لست مهرّباً». ويضيف محتداً: «حتى اليوم، نفذت أكثر من عملية ضد جيش الأسد»، مؤكداً أنه درّب 30 سورياً على استخدام السلاح.
من قرية معربون اللبنانية، صعوداً نحو الطفيل، ومنها إلى أطراف قرى عسال الورد وحوش عرب ورنكوس السورية، خط تماس عسكري بين الجيش السوري و«الجيش الحر» ومجموعات لبنانية تتخذ من البساتين والجرود الوعرة في شمال شرق الطفيل من المقلب السوري مواقع قتالية لها. لا يخفي المقاتلون أن الجيش النظامي يحاصرهم من الجنوب والشرق، وأن سيطرتهم على «جيب» حدودي مع لبنان (أكثر من 25 كلم) وفّر لهم دعماً مقبولاً. ويقدم العقيد السوري المنشق عن الجيش النظامي «أبو هيثم» قراءة عسكرية لما يجري هناك، مؤكداً أن غارات المقاتلات السورية قرب الطفيل «قبل أيام لم تصب أهدافها»، وأن الصواريخ التي أُلقيت هدفت إلى قطع التواصل مع لبنان، موضحاً أن المناطق المتاخمة للطفيل اللبنانية، وصولاً إلى عسال الورد وحوش عرب ورنكوس والمزارع الصغيرة المتناثرة هناك «تُعَدّ ساقطة عسكرياً بيدنا»، معرباً عن اعتقاده أن قوات «الجيش الحر» «ستسيطر قريباً على خط حدودي مع لبنان، يضمن لها التوسع جنوباً وشرقاً وفكّ الحصار».


بلاد بلا أخلاق

أن تكون صباحاً في أعالي جرود الطفيل وعرسال، ومساءً في مشاريع القاع، فهذا يعني أن لعنة الجغرافيا والتاريخ والعلاقات المشتركة بين سوريا ولبنان، ستبقى تطاردك لأنك لم تعد تفهم حقيقة ما يجري في الأودية وبساتين التفاح. فما بين بلاد «سوا ربينا» من فرح وحزن وقتل وأوجاع تحملها ممارسات سلطة مسّها الشيطان هنا، وقمع قاتل هناك، سيبقى الموت خبز الفقراء بلا منازع. في أزقّة فقراء قرى المصاهرة والعلاقات الإنسانية الجميلة على جانبي الحدود، البراءة يخنقها حوت طوائف القتل هنا... وتمساح الدموع هناك.
أن تكون في جمهوريات الحدود اللبنانية المنسيّة أصلاً وفصلاً منذ أن وجد «لبنان الكبير»، فهذا سيدخلك الى حلبة رقص الطوائف والمذاهب، وكيف نصفي حساباتنا اللبنانية هناك، وكيف ننقل عدوى «مذاهبنا» الى بلاد شقيقة خلف الجبال الوعرة والسياج الأسود منذ عقود. تسمع قصص الوجع هنا وهناك، وتحزن لموت بطيء يزحف نحو يباس الحقول. عند الحدود، تتصارع شعوب لبنان من أجل تدمير وطن شقيق. هذا مع النظام، وذاك مع ثورة. وما بين النظام والثورة فعل شيطان يأكل من اللحم اللبناني ـــ السوري، حيث لا فعل لنا ولهم إلا الرقص على حدود موت بلاد بلا أخلاق.

الأربعاء، 10 أكتوبر 2012

امين وهبي









عفيف دياب
 جدل سياسي وشعبي يثيره النائب أمين وهبي منذ وصوله إلى المجلس النيابي على صهوة جواد تيار المستقبل في البقاع الغربي. لم يخطر بباله أن ينتقل بسرعة الضوء من حركة سياسية حديثة الولادة إلى مقعد نيابي. أسئلة كثيرة تطرح عن وهبي وموقعه ودوره في التيار وسرّ انتقاله من «الحاكورة» الحمراء إلى قريطم الزرقاء
 لا يكترث النائب أمين وهبي كثيراً بالجدل الذي يلاحقه كظله. ويجد في التساؤلات والاستفسارات الشعبية ــــ الحزبية عن موقعه ودوره في المجلس النيابي وخارجه مشروعية محقة، وبالتالي لا يخفي رأيه السياسي: «أنا في 14 آذار، وعندنا قضية عادلة». ويتابع رداً على التساؤلات: «في البلد انقسام حاد عنوانه سلاح حزب الله. وفي اقتناعي أن الدولة يجب أن تكون مكتملة السيادة». هذا العنوان السياسي الواضح والصريح، لا يجد تربة خصبة عند شريحة شعبية في البقاع الغربي تعتبر وهبي ممثلاً طائفياً لها. فطبيب القلب والشرايين لم يصل إلى قلوب هذه الشريحة التي توجه إليه الانتقادات المتنوعة بسبب الاختلاف السياسي بين الطرفين، فضلاً عن شكواها من غيابه عنها وعن همومها ومشاكلها.
دقّات قلب مشغرة وسحمر ويحمر ولبايا وزلايا وقليا وميدون وعين التينة (القرى ذات الغالبية الشيعية في البقاع الغربي)، صفراء وخضراء، لا تلتقي مع نبض وهبي الأزرق بعد أن كان أحمر. وفي الانتخابات الماضية، حصل شاغل «المقعد الشيعي» على أقل من 7 في المئة من أصوات ناخبي هذه القرى (في إحداها لم يحصل على أي صوت. وفي مسقط رأسه لبايا، حصل على 212 صوتاً من أصل 1856 مقترعاً). وهنا لعضو كتلة نواب المستقبل قراءة تقول إنه في «قمة الغلوّ المذهبي، أصبحت هناك أخطاء في المفاهيم». ويوضح: «النائب يمثل كل الشعب اللبناني، وحين يقال إن في البقاع الغربي على سبيل المثال مقاعد نيابية لهذه الطائفة وذاك المذهب، فهذا لا يعني أنه يمثل الشيعة أو السنّة». ويوضح أن المقصود بذلك «أن هذا القضاء يجب أن يكون نوابه من مختلف التلاوين، وفي المحصلة النائب يُنتخب من تلاوين عدة ويمثل الجميع».
كلام وهبي لا يعني أن تواصله مع جمهور حزب الله مقطوع أو غير قائم في البقاع الغربي، فـ«التواصل مستمر وقائم ولم ينقطع يوماً، قبل النيابة وبعدها» يقول وهبي. ويتابع: «قد يفاجأ البعض بأن لي لقاءات وجلسات حوار وتواصل مع بلديات ومخاتير وقوى اجتماعية في قرى جنوب سد القرعون»، مؤكداً تواصله أيضاً مع مناصرين ومسؤولين في حزب الله وحركة أمل. لكنه يشدد على أنه لا يطمس في خطابه معهم «جوهر الخلاف السياسي، وهناك إمكانية لكي نعبّر عن خلافاتنا باحترام». أما الحوار في لقاءاته مع مختلف التلاوين السياسية «فيكون من السياسة إلى الإنماء»، موضحاً أنه مع «التعبير عن الأمور كما هي، فأنا ابن لبايا وأعرف سحمر ويحمر ومشغرة بيتاً بيتاً».
أمين وهبي انتسب إلى الحزب الشيوعي اللبناني عام 1970، وحمل السلاح في بدايات الحرب الأهلية على محور الشياح قبل أن يغادر إلى موسكو لدراسة الطب. وفي عاصمة الاتحاد السوفياتي تولّى مسؤولية تمثيل الحزب الشيوعي بين 1979و1982 وبين 1987و1988. يؤكد أنه كان جزءاً من «الصح والخطأ» في الحزب قبل أن يغادره عام 2000 للمشاركة في تأسيس حركة اليسار الديموقراطي مع النائب السابق إلياس عطا الله وحنا صالح ونديم عبد الصمد وزياد ماجد وإلياس خوري والشهيد سمير قصير وآخرين. الشيوعي العلماني حامل رايات «المنجل والمطرقة» في «كعب الحاكورة» في قريته لبايا أيام «النضال»، يؤكد أن تيار المستقبل «حتماً ليس عقائدياً». ويقول: «في التيار تجد الليبرالي والعلماني والمتدين والمؤمن المنفتح»، مضيفاً أن التيار «ليبرالي وأولوياته في هذه المرحلة استعادة سلطة الدولة والتنمية المستدامة والترقي التدريجي»، مؤكداً أن التيار الأزرق «يتسع لبعض التلاوين أو الشرائح الفكرية المتنوعة».
ولكن تيار المستقبل اليوم هو ناطق باسم طائفة في لبنان؟ يجيب وهبي بأن هذا التوصيف للتيار يناسب «من عنده رغبة استثنائية في تظهير التيار مذهبياً لتقابله مذهبية أخرى، ويناسب بعض المتشددين أو المتدينين في الطائفة السنية ليوصّفوا التيار بهذا الشكل حتى يأخذوه إلى موقعهم وتشددهم». وحسب رأي نائب البقاع الغربي، فإن تيار المستقبل «هو كما هو، يتسع لتلاوين متنوعة ويشبه في ذلك تنوع حركة فتح سابقاً».
ترشح وهبي على لائحة تيار «المستقبل» في البقاع الغربي عام 2009 ليكون من حصة «اليسار الديموقراطي» التي لم تستطع أن تقنع الرئيس سعد الحريري بأخذ مرشحها في عكار نعمة محفوض على لائحة التيار، و«ما بقدر زعّل (النائب السابق) عصام فارس»، كما قال يومها الحريري لإلياس عطا الله الذي أبعد عن الترشح مرة ثانية في طرابلس (كما رواها عطا الله لـ«الأخبار» سابقاً). أسقط في يد الحركة التي أخذت تبحث مع أعضاء فيها وإعلاميين ومع النائب وليد جنبلاط عن حل سحري لتمثيلها نيابياً. جاء الحل الذي فوجئ به وهبي حين أبلغ بقرار الحركة ترشيحه عن المقعد الشيعي في البقاع الغربي. وعن ذلك يقول: «ترشحي لم أصنعه أنا، بل حركة اليسار التي اتفقت مع سعد الحريري وسلمتني الاتفاق لتنفيذه». ويضيف: «التزمت القرار، وكان الاتفاق يقضي بأن أكون في تكتل المستقبل النيابي». مشى وهبي في الاتفاق إلى أن جرى بينه وبين حركة «اليسار» كباش سياسي.
بدأ «الكباش» عندما شكّلت حكومة الرئيس الحريري، إذ تنوعت الآراء داخل الحركة بين حجب الثقة عن حكومة الحريري الابن، أو التغيب عن الجلسة في حدّ أدنى. وهبي كان من جناح إعطاء الثقة، «كنت مؤمناً بأن الخروج من المأزق الذي نعيشه في لبنان لا يكون إلا بالحوار»، وأن «الحريري شكل حكومة وحدة وطنية تضم الجميع، وبالتالي أبقت التواصل بين جميع اللبنانيين للحدّ من الانقسام العمودي الحاد وتوفير بيئة للحوار الوطني». ويتابع وهبي سرد قصة إحراجه لإخراجه من حركة «اليسار»: «كان رأيي ألا نحجب الثقة عن حكومة كهذه (...) وحينما ناقشت بيانها الوزاري شددت على الحوار الوطني، لأننا في ظروف استثنائية ويجب أن نحافظ على السلم الأهلي». تمسك وهبي بقراره، و«صار هناك خلاف في وجهات النظر، ولاحقاً أخذت حركة اليسار تبتعد عني ولا تدعوني إلى اجتماعات أو لقاءات». ويوضح أن الحركة لم تفصله، لكنها «أنجزت استحقاقات تنظيمية عدة ولم تشركني فيها أو في مناقشاتها». ويتابع: «أنا رسمياًَ في كتلة تيار المستقبل النيابية، وأتعاطى مع التيار كحركة سياسية». وعمّا إذا كان سيترشح لدورة ثانية مع التيار، يرى أنه «بعد بكير. لنرّ القانون الذي سيعتمد أولاً. في المبدأ، أنا أشتغل سياسة قبل النيابة، وبالتالي لن أنسحب من الحياة السياسية، لكن في موضوع الترشح بعد بكير».