الجمعة، 4 نوفمبر 2011

انا كلب

  

 انا كلب
   
 
اورهان باموق*
   انيابي حادة وطويلة.. حتى ان فمي يتسع لها بصعوبة. اعرف انها تعطيني منظراً مخيفا، ولكنني مسرور منها. في احدى المرات نظر قصاب إلى أنيابي، وقال:" يااا، هذا ليس كلبا، انه خنزير". عضضته من رجله حتى احسست بأن أنيابي المغروزة في لحمه المدهن اصطدمت بعظمه. وهذا ليس أمرا بالنسبة إلى كلب. ليس هنالك أمتع من غرز أنيابه في لحم عدو سيء بحرص وغضب نابع من داخله. عندما تسنح لي فرصة كهذه، ويمر أمامي واحد كهذا، تسود عيناي تلذذاً، وتلمع أنيابي كأنها تتململ، ودون ان انتبه أخرج من بلعومي شخيراً يخيفكم.
أنا كلب، ولأنكم لستم مخلوقات معقولة مثلي تقولون: وهل يتكلم الكلب؟ ولكنكم تبدون أنكم تصدقون حكاية يتكلم فيها الأموات، ويستخدم أبطالها كلمات لا تعرفونها. الكلاب تتكلم، ولكنها تعرف كيف تستمع.
كان يا ما كان، في قديم الزمان، كان الغربال في التبّان، وكان هنالك عاصمة فيها جامع ضخم(...) وهناك واعظ لا يعرف اصول العلاقات اتى من مدينة ريفية، لعله كان مضطرا لإخفاء أسمه. ولكن عليه ألا يكذب في موضوع آخر غير الاسم، وهذا الرجل واعظ عنيد. في لسانه قوة تعادل ما في عقله ما شاء الله. كان كل جمعة يهيّج المصلين، ويبكيهم حتى أن هنالك من تجف عيناه، ويغمى عليه، وينصرع. ولكن انتبهوا، ولا تخطئوا، فهو لا يَبكي مثل بقية الوعاظ الاقوياء اللسان، بل على العكس، فهو يُبكي الجميع ولا يرف له جفن، وحديثه المؤنب للجماعة يعطيه قوة اضافية. يبدو أنهم لحبهم التأنيب فإن غلمان الخاصة والحلوانيين، وبقية السابلة، ووعاظاً كثيرين مثله صاروا بين يديه خدما وعبيداً. إنه ليس كلباً، إنه من بني البشر راضعي الحليب. داخ بإعجاب الجمهور. كما ان لإبكاء الناس طعما لا يقل عن طعم التخويف، انزلق معه العيار كثيرا (...).
ويقال ان الشيخ عندما يشتد انفعاله، ويتطاير اللعاب من فمه يصرخ: يا ايها المؤمنون! شرب القهوة حرام، ولان حضرة نبينا يعرف انها تخدر العقل، وتثقب المعدة، وتسبب الفتق والعقم، ولانها حيلة شيطانية لم يكن يشرب القهوة.إن المقاهي يقصدها اهل الكيف(...) ويخرجون عن الاصول، ويستمعون الى ما يحكيه الكلاب والجراء ويعتقدون انه صحيح. وهكذا يطلق الشيخ لفظة كلب علّي، وعلى الكفرة بديننا.
عن إذنكم اريد ان ارد على جملة هذا الواعظ الافندي الاخيرة. بالتأكيد تعرفون عدم حب جماعة الحجاج والوعاظ والأئمة لنا نحن الكلاب. أنا ارى ان اصل هذه القضية هو قيام حضرة محمد بقص طرف ثوبه الذي تنام عليه قطة لكي لا يوقظها. ويُذكر ان هذه الظرافة التي عوملت بها القطة لم نعامل بها نحن. وبسبب حربنا الازلية مع هذه المخلوقة التي يعرفها حتى اغبى بني الانسان، يراد استنتاج ان رسول الله يعادي الكلاب. وما اكلناه من ضرب على مدى قرون بمكانس القيمين على الجوامع ذات العصي الطويلة هو نتيجة التفسير الخاطيء المقدم بنية سيئة.
اريد ان اذكركم بواحدة من اجمل سور القرآن الكريم، وهي سورة الكهف، وليس لاعتقادي ان في هذا المقهى من لا كتاب له، ولكن لاجدد ذاكرتكم فقط اقول: تقدم هذه السورة قصة سبعة فتية سئموا العيش بين الوثنيين. لجأ هؤلاء الى مغارة وناموا. لقد ضرب الله على آذانهم، والبثهم ثلاثماية وتسع سنين. وفهم احد هؤلاء الفتية أنهم ناموا كل هذه المدة من العملة الباطلة بين يديه عندما اختلط بالناس ودهشوا منه كثيرا. وفي الآية الثامنة عشرة من هذه السورة التي تحكي عن الاخلاص لله، ومعجزاته، ومرحلية الزمان، ولذة النوم العميق، اذكركم ـ بعد طلب عفوكم ـ انها تحكي عن وجود كلب في مدخل تلك المغارة التي نام فيها السبعة اصحاب الكهف. طبعا كل مخلوق يتباهى بذكره في القرآن الكريم، انا ككلب اتباهى بهذه السورة. واقول: إن شاء الله يعقل الذين يقولون عن عدوهم :"كلب شارد".

                                                                                         * من رواية "اسمي أحمر"

الخميس، 3 نوفمبر 2011

ملــــّون بلـــــــدي



                       ملــــّون بلـــــــدي

صــــــــــريــــر قلــــق يُـــــراقص بوابــــــة عبــــــور
تنتفـــــض المـــــآقــــــي
تُستَصــــرخ الآذان
أبـــــواب النفــــس مُحتـــــرِقة
تُمعِـــــنُ لهيبــــاً مستعِــــراً
وتنهــــالُ الى لُجــــــج الخوف المتلاحق
عيـــــــون مشـــرئبّة
وهلـــــعٌ يســـــكن الــــوجدان
على عتبــــــة اللاوجـــــــــــــــود نمتهـــــن الـــوقوف
وطــــنٌ يذرف استعطــــافا ...
ملـــــوّنٌ بلـــــدي
أحــــاول أن أطمس  ذاك القلق المريـــــب
تغتـــــالني الكلمـــــات
حمـــراء ...صفــــراء ....وزرقاء
تنتحِـــــرُ الألـــــوان
وطنـــــي ....أيقونة عشــــقي المترامي
تَــــرتسِــــم في حنايا الـــــروح والوجدان ....

(إخلاص الشاب)

الثلاثاء، 1 نوفمبر 2011

آيات فجر الفقراء


                               
                           آيات فجر الفقراء
.. ولهم إنحناءات الفصول ووصايا السماء.. لهم القصائد النازفة
وشموخ الجبال وتجاعيدها.. لهم الهتاف وأهازيج الحرية ولافتات الساحات
والعّلَم ونشيده ونحيبنا الذي يتململ تحت أقدامهم، وارواحنا التي أحيوها بموتهم وبصمتنا القاتل

 *****
زيت مصباحنا آمالٌ معتّقة تضيء صمتنا لئلا يضيع صوتنا المبعثر على بقايا أمل..
لقد حان وقت الهطل والحصاد.. إفتحوا صدوركم يا اولاد الارض لقوافل الغيم. لم نعد نرغب بعدل الرب المتروك لأجلٍ غير مسمّى ..
قهرنا وصل إلى حدود الكفر بالله.. وصمته الموجع.
كل المدن تلوذ برداء الرب والرب مستقيل..
الماَذن تستجدي كلمة صدق، فيخرج نعيق غراب يسبّح بحمد جلاده ورصاص حقده..
ستكون لنا صلاتنا النقية وماَذننا البيضاء كقلوبنا وبياض ارواحنا المعتقة برائحة تراب حقولنا..
ينبض حلم في مهب اللوعة ونستفيق على وطن قبل أن نشيخ كالأمثال الجامدة..
بهدوء ينساب الضوء في تابوت الجثمان ويعيد تشكّل الهواء في رئتيه معلناً نقطة البدء الجديد لحريتنا المسلوبة.. عباءات صهيل الانبياء تغطي وجه القاتل.. وكتابهم الاصفر يرمي الطفل برصاصة! 
 *****
سيورق الليل صبحاً. إنه ليل عابر سيقتله الضوء يا ابناء آدم ..سنرتدي ظلّ من رحلوا ونقيم طقوس العناق  ونسجد لعشق حريتنا تحت محراب قمحنا.. وبين طيات مجد شوارعنا.
لقد دقت ساعة ولادة الحياة.  ها نحن نشعر بدفء غريب. تراه دفء الوجع والحنين؟؟
*****
يا قاتل.. لحنك هزيل وأغانينا تُثمِلُ الأصداء فارحل الآن قبل بزوغ الفجر.
كلّما فحّت ثعابينكَ .. جنّ رقص أمواجنا. لن يخذل البحر أمواجه، فموجنا غافٍ في دفءِ حلمٍ لا ينام.
يا قاتل.. سيجلدكَ الشعب على ناصية عرشه ؛ والعاصي الحزين كاَخر حكاية شتوية روتها جدتي، لن يبقَى حزيناً. وقاسيون سيمطر شهباً ..والشام ستلتحف ياسمينها من جديد تحت سماء تغطي وجه الله..
وستحل حوران ضفائرها سنابل قمح في وجه صبحٍ ..وسيكون الحصاد خبزا طيبا..
وجعنا أكبر من دمع.. وأشدّ من لهب، وقلوبنا الصغيرة نبضها كبير على وسع مدى حقولنا.
قلوبنا العاشقة للحرية تستطيع أن ترتّل قراَنٌ من الأمل في نبضة واحدة تشبه وجه جدتي..
*****
من على إبتساماتهم التي تعلو وجوههم الميتة ..ستكتب الحياة لهم.. لنا!
هكذا همست دمائهم لنا ذات بوح؛ ولبوح دمائهم أرائك من جلنار سنغفو عليها من اجل ربيع جميل..
سيشرق النبيذ من شفاه العطش.. ونروي عطشنا من شفاه التراب،
وسنكتب خاتمة الموت ..مسكاً وقصائد آيات فجر الفقراء..
بلادٌ منذورة للحرية أسمع وقع أقدامها المقدسة فوق عتابات مكة وبيت لحم.
حلم قريب  والفرح نبضه قدس حيفا وزيتون الجليل.. وتفاح مجدل شمس..
سوريا سيدة الصباحات تهزّ عرائش الله.. ونبيذ الخلاص يروي شرقنا.
                                                                                 عفيف \ يسرى

قمر أسود

                                قمر أسود

كانت تصطاد النّجوم .. بين نجم ونجم ضاع بريقها...
كانت تنسج من أضواءها مسبحة تدعوها عمرا و من ليلها سجّادة صلاة...
كانت تركع له و تنتظره من الدّجى إلى تبعثر شعاع شمسها...
كانت ترقبه كلّما اكتمل و أينع ربيعه في ظلامها...
إنّه القمر ترسل له مع هلاله موعدا...

سألته مرّة: أينك؟؟؟ فأجاب:
أكرهكِ، أنا أكره كلّ دمعة نزلت في حقّي و كلّ أصواتكِ التّي تعوّدتُ أن أسمعها لترسم لي مملكة دون قلوع... سأمسحكِ كالطّبشور من ألواح ذاكرتي وسأغسل بالورد جفوني.. و سأقلع عن تدخينكِ مرّة واحدة.. فحبّكٍ مرّ و حرف مسموم..

همهمت لحظة، ثمّ تبسّمت و قالت:
انظر كيف ينزل الغيم في عتم ليال شرقيّة..كيف الرّياح تغفو في بؤبؤ عينيك العسليّة... لا حاجة لي بأزمنة تفترش أقدارا وهميّة... فبوقع دقّاتك أمشي إلى آخر الدّنيا بسرعة سنوات محيطاتك الضوئيّة و براكين الفجر و الضحى في ابتسامات ثغرك الصوتيّة...
أردفت و أضافت:
أنا سيّدتكَ الجبال.. فارفعني لأسكن السّحاب و أتقن الغياب بين غيمة و غيمة...فألواني كلّها ساطعة لا تحجبها الحجب الماطرة...ارفعني و دعني أرى ظهور الشّمس دون شروق .. فضوء عينيكَ يكفيني لأراكَ دون سواء بعد نزع كلّ الأقنعة.....
أنتَ سمائي و فصولي الأربعة.. إذ أزهر الرّبيع في عينيك.. فرفيف جناحي فراشكَ يضحك..
أينعت، في أحداقك، ورودا لم أعرف غيراللّون اللّيلكي...
بل حتّى شعاع القمر تغيّر... بين أزرق و أخضر و عسليّ..
كيف لا و كلّ الفراشات على نهري ربيعك تسجد..
وأنا مثلهم أعشق قمرا أسود...

رحاب السّوسي
(تونس)

الاثنين، 31 أكتوبر 2011

طعمة تمو


طعمة تمو     
 
     بتذكر لما كنت صغير…ستي عزمتنا على كبة مشوية… وستي مشهورة بالكبة على مستوى الحارة ..و العالم بتحلف بكبكتها و بحشوتها…كنت صغير ابو صف اول و متخرج من الحضانة و ما حدا قدي و شخصيتي عم تتكون….انفردت هالطاولة و عليها كوشة اكلات محيطة بالكبة المشوية يلي هي ملكة الغدا لانو ستي مساويتها…و ستي من هدول النسوان الشوام يلي انو كبيرة العيلة و متسلطة و قوية و ممكن البعض يوصفها بأنها بنت حرام على قد ما كانت تحر بهالعالم و تعمل مشاكل و ما حدا بيسترجي يحكي..منشان ما تغضب عليه او عليها….و يروحو عجهنم..المهم..هالكبة على حسب تعبير العيلة كانت شغلة عالبغلة…و كنت شوف خوالي و عيلهون عم ياكلو هالكبة و الدهن عم يشر.. عضيت اول عضة و التانية..دمعو عيوني و لعت نفسي و تشربكت امعائي مع البنكرياس و قضيت ليلتها عم استفرغ…كانت اول و اخر كبة مشوية باكلها بحياتي….
بعد شي اسبوعين نعزمنا مرة تانية…كمان كبة مشوية بأشراف و تنفيذ ستي..فيعني العيلة رح تكون موجودة و الكل رح ياكل و يلقي خطابات المدح…و بلشت الوليمة و فجأة بيطلع ولد صغير و بيقول لامو هي عم تسكلبو كبة مشوية.. ما بدي هي ما بحبها..بدي بطاطا…الكل وقف اكل ….انو شو عم تحكي…شو ما بتحبها…لك هي كبة ام سمير…هي طيبة بس انت اجدب ما بتعرف طعمة تمك…..
بنفس الفترة..ستي التانية…يلي لسا اضرب من الاولانية و ادق رقبة…و فوق هيك بخيلة خير الله…ماكنت افهم ليش..بس انو هيك بخيلة..مرة عالعيد منشان توفر مصاري..راحت جابت قطعة قماش و خلت جارتها تخيط سبع بجامات و وزعتهون عيادي على هالكم صبي بالعيلة و انا من بيناتهون…البيجامة كانت زرقة غامقة و بتخري لدرجة انو فينا نعتبرها جريمة بحق الطفولة…وبأول يوم بالعيد و متل العادة كنت العيلة بتجتمع عند كبيرة العيلة يلي هي ستي….انا فرحان انو بدي روح و العب مع ولاد عمي و هالحركات..من وصلتنا..اجو اهالينا عطونا البيجامات منشان نلبسهون لانو ستي بدنا تشوفنا فيهون…لبست بجامتي و قلتلها لماما انو بتخري (طبعا ما قلت بتخري بس بما معناه…انو لهلأ اذا بقول هيك كلمة قدامها باكل خناقة للسما) المهم….ماما قالتلي خلص لبسها و تشكر ستك و بعدين شلحها و بعمرك ما تلبسها..طبعا هون ما بعرف اذا كلام والدتي كان من باب انو عم تدعم نمو شخصيتي..و لا لانو فعلا البيجامة بتخري..ولا ببساطة قصة كنة و حماية…بس انو هيك قالتلي..رحت على الغرفة محل ما الكل مجتمعين و اصطفيت جنب ولاد عمومي اصحاب البيجامات الزرقاء و الكل صار يتغزل بهل البيجامات…و قصائد الشعر انهالت على ستي ابتهاجا و فرحا…سئلتنا ستي اذا كنا مبسوطين بالعيدية..ولاد عمومي ابتسمو و هزو راسهون ايجابيا…جوابي كان لاء..ما حبيت البيجاما..الكل بالاوضة سكت… انو شو عم تحكي..و بابا زورني و ماما عرفت انو رح يصيرلها مشكلة مع حماتها..شو هالكنة يلي ما بتعرف تربي…و انو شو يلي مو عاجبك فيها…هي حلوة بس انت اجدب ما بتعرف طعمة تمك…
سنين بعدها…و كل ما في كبة مشوية عالطاولة…قبل ما اي حدا ياكل..لازم يعطو محاضرة لهل الصبي يلي بأنو اجدب و ما بيعرف طعمة تمو كل ما رفض ياكل كبة…..و صار ياخد عيدية اقل من ولاد عمومو..بحجة انو ستو ماضل معها فراطة….سبحانو الله..كل صبحية عيد بتنقطع من الفراطة وقت بيكون دوري بالعيدية…

هلأ هالقصتين يلي مارح يغنو ثقافة اي حدا منكون او يزيدكون معرفة… هنن قصص صغيرة صارت معي و صار متلها مع كتير غيري…..كلياتنا..او معظمنا على الاقل خلال فترة حياتنا قلنا لاء لشغلة روتينية و بديهية بحياتنا..او كان عندو رأي صغير مختلف عن الرأي العام..الشغلة طبيعية جدا..انو نعارض الشغلات يلي ما بتناسبنا بحياتنا…كلنا عارضنا شي بحياتنا..اي شي او شغلة شو ماكنت صغيرة و تافهة بس قلنا لاء….و غالبا لما اظهرنا رفضنا..او معارضتنا الها.. تعرضنا للتوبيخ او اكلنا شي زورة على الاقل…المعارضة هو تصرف بشري..لانو حجم دماغنا اكبر من باقي المخلوقات فصار عنا مجال نفكر و نكون رأي…او على الاقل نحاول يكون عنا رأيي…بس عنا غير…سوريا غير..
مجتمعنا بيفرض علينا الاستبداد بغلاف تناغم مزيف …..بتبلش بالعيلة…و كلام الكبير صح مهما كان جحش…بتكمل بالمدرسة…كلام الانسة ومدرب الفتوة صح مهما كانو جحاش……و الطالب يلي بيجادل مُسّلمة.. الله يعينو… اجدب و ما بيعرف طعمة تمو..انو ولد شو فهمك انت يا حمار..انا عم قول هيك و شوف انا شلون استاذ و معي شهادة اني بفهم و بالتالي اي شي بتقولو و بيعارض كلامي هو علاك و لو كان صح…..مو لشي بس لانك اجدب و ما بتعرف طعمة تمك….
منجي للدين… اساسا الدين اذا بيفكر الواحد يعارضو بأي شكل بيصير مرتد..حتى لو الدين نفسو بيسمحلو يعارض..اهل الدين و حماتو ما بيخلوك تعارض..فتنة..خيانة..زعزعة روح الوحدة الدينية…..انو جاهل الله يهديه..يلي هي النسخة الدينية من اجدب ما بيعرف طعمة تمو….
فهيك ربينا بمجتمع بيصادر الاراء يلي بتختلف عن الرأي الواحد..و الاختلاف ممنوع….و دائما في مصدر واحد للتشريع الاجتماعي و الراي المقبول…كلام الجد.. كلام القائد.. و كلام الحزب.. كلام الشيخ.. كلام اي شخص عندو صفة رسمية او اجتماعية هو الصائب و رأي اي انسان تاني ما معو نفس الصفة هو خاطئ.. ليش؟ اكيد لانو اجدب و ما بيعرف طعمة تمو…..كلنا لازم نكون على نفس الرأي و ما نخالف و نمشي متل بعض و نسمع الكلمة و نكره يلي لازم نكرهون و نحب يلي لازم نحبهون..منعلف وقت بيقلولنا علفو..و منمعي لما بيقلولنا معّو..
لما الواحد بيعيش طول عمرو بهيك اجواء مصممة لتخفي رأيوالمختلف..طبيعي يكبر و يتولد عندو ردة فعل نفسية و سلبية ضد مفهوم الشي يلي بيعارض العرف و العادات و التقاليد و سياسة القطيع لانو صعب نتقبل فكرة الاختلاف….و لما منضيف فوقها مفهوم “الواحد” يلي انزرع فينا…بيصير فينا انو منشوف كل يلي ما بياكلو كبة مشوية هنن جهة وحدة بيكرهو الكبة المشوية ..ما في فرق بين واحد و التاني…خلص كلو بيكره الكبة..كلهون مرتدين عن الكبة..و اذا كان بين الارهابيين يلي فجرو برج التجارة بنيويورك واحد ما بياكل الكبة…منصير لما منعرف انو جارنا ما بيحب الكبة..منحكي معو كأنو هو مرتبط بأرهابيين نيويورك..و لما منتخانق معو منشان شطف الدرج منقلو انتو الارهابيين هيك عقليتكون…بدكون حرية يا حيوانات!…
صعب علينا نشوف شي اكتر من “الواحد”…مو معقول يكون في اكتر..انو شو هي رأيين او تلاتة او حتى اربعة لا سمح الله؟ هو رأي واحد..توجه واحد..يا هيك..يا هيك..يا بتحب الكبة و انت مننا…يا اما بتكره الكبة و انت عدونا..هلأ اي نعم انت متلك متلنا و احلامك و طموحاتك و اهدافك متل اهدافنا..بس انت بتكره الكبة..و في واحد اسرائيلي بيكره الكبة..معناها انت واحد اسرائيلي صهيوني ماسوني كرتوني متأمر…و “انتو جماعة المعارضة هيك”. في واحد سوري..طول عمرو حرامي و ناهب البلد مع النظام..بين يوم و ليلة كره الكبة المشوية…و صارو جماعة الكبة المشوية بيعتبروه متلو متل اي مواطن درويش مابيحب الكبة…انو الاولاني كره الكبة لانو تخانق معها و كان بدو البيت بما حمل..فلما ما قدر..كرهها..بينما التاني بيكره الكبة لانو ريحتها طالعة صرلها عمر…زنخت البلد و عبتو زبالة و كولسترول و صار البلد مريض…فبيكرها لانها خربتلو حياتو و البلد…بس لانو مفهوم “الواحد” مسيطر علينا…صرنا منشوفهون واحد…خدام و لا غيرو…اي واحد بيقول لاء..هنن نفس الشي..لانو بعقلنا المأدلج و المريض..في حصرا لاء او نعم…ابيض و اسود…ثنائيي الابعاد و البعد التالت دحشو النظام بطـ**** على مر العقود منشان مانقدر نشوفو….و اذا شفنا عالم عم يقولو لاء.. فلازم يكونو نسخة عن بعض..متلنا تماما…قطيع واحد متناغم و عم يقودو راعي غنم و كلابو…
فالمشكلة انو لما انا بكون خاروف..مافيني استوعب انو باقي العالم مو خواريف..و لا سيما انو شكلهون متل شكلي..يعني المفروض من نفس الفصيلة….و بالتالي لازم يفكرو متلي..انو انا مافيني شوف او ستوعب غير شي واحد.. رئيس او راعي..فهنن اكيد مافيهون يشوفو غيرو ..و اذا عارضو هالواحد و شافو غيرو..معناها كل يلي غيرو لازم يكونو بس واحد…مو لانو هنن اصلا واحد…بس لانو انا خاروف و ما بقدر استوعب اكتر من واحد…
وواحد واحد واحد…و شكلو ما رح يجيب اخرتنا غير هالواحد و مفهوم “الواحد”…

و ربي يسر

                                                                                               (حشّاش سوري)
                                                                                  (نقلا عن نقابة المندسين السوريين)

الأحد، 30 أكتوبر 2011

شال عطري



         شال عطري

أتيتَ تحمل النهر لتروي عطشي
فغفوتُ بين رموش عشقكَ..
ماذا بعد؟!
يرقص شال عطري
وتثمل جرار نبيذي بحضوركَ
يراودني غيابكِ..
فتجهش رياحين..

                                                   (يسرى)

السبت، 29 أكتوبر 2011

همهــمــــــات روحـــي


همهــمــــــات روحـــي

هـــــــــــي طيـــــــــور النُسّـــــــــاك تعـــــود
من خلــــف ذاك الأفــــــــق
تصــــــــدحُ زقـــــــــــزقة الفـــرح
عِشقهـــــا تغريــــدة تعلو ذاك الـــواد
فراشـــــات الحقــــل تحلّـــق في النســـــمات
فتُشـــــرق شمـوس الامـــــل
وتحــــطُّ نـــــوارس العِشــــق
يُشـــــهِرُ قلمــــي مِـــداده
وأعـــانق جنائن الحـــــروف
أنصِـــتُ لانبلاج مشاعر الهوى
وأنعتِـــقُ الى متــــاهات الدُّجــــى
وأقـــفُ لاطــــارد همهمــــات روحي
أمتطـــي سجــــاجيد خيـــــالي
أنســـــلُّ خلف اختلاجـــــات ذاتي
لاستنشـــــق سحرا يتــــرقرق فوق نغمات فؤادي
تــــرتبِـــــكُ عبـــــاراتي....
فتتنــــــــــاثر خفـــــراً ....
                                (إخلاص الشاب)

الثلاثاء، 25 أكتوبر 2011

.. وانتصرت السنابل

                                    .. وانتصرت السنابل

هكذا كانت الحياة.. تمرح وتركض بين أزقّةِ أحلامهم وفي حقولٍ من دماء إعتنقت السنابل وأهدتها لهم كباقةٍ في أعياد الحرية تأكيداً على إنتمائها للحصادين وحريتهم.
تحطّ عصافير دعاء الأمهات على كتف أصواتهم، ويسيل دفء التراتيل من جِرارِ أحلامهم.. وينتفضون على صمتهم.
ينفخون في بوق الليل. ينهض الوقت من سباته. يسقط مفتاح الحلم من بين كتب الثورة ليفتح بوابة الفجر العالقة بين أوراق صمتنا الصفراء التي لم تزل مصابة بالخذلان من كل الحروف، حتى من نبض حروفي أمام وهج نقاء أرواحهم وثورتهم التي لم تتعب.
أصبح الصمت ترفٌ مقزز أمام تأوهاتٍ تكسر نوافذ الليل بحثاً عن ضوءٍ يكسر نوافذ العتمة من كل هذه الروعة.
لقد تناثرت أحجية الصمت والصم.. وسقط المنافقون وانتصرت السنابل.
كفى دجلا يا أبناء الله. يتألق الألم كأحد فصول الرواية تلك التي شاب القلب وأنا ألملم أطراف فصولها..مرّة يظهر بطلها على هيئة صديق منافق، وأُخرى يظهر كأنه عابر سبيل يصفق للظلم ويباركه وكأن حناجر اطفالنا كذبة.
حناجر اطفالنا يا ورثة انبياء الله.. كسرت الخوف بصرخة ظلّت تعلو حتى غطّت سماء الوطن.. لم تكن كذبة مثلكم. انهم اولاد المقتول الذين كشفوا زيف صمتكم وعهركم .. استمتعوا بخزيكم وعاركم وعباءات آياتكم..واستمتعوا بمسلسل قتلنا برصاص أمّة القاتل الخالدة.
                                                                       ع\ي

الاثنين، 24 أكتوبر 2011

حزام امني سوري؟

 

 حزام أمني سوري تحت الرماد؟

 
 
عفيف دياب
يخرج كمال من بستان المشمش الممتد بين الحدود اللبنانية ـــــ السورية في منطقة مشاريع القاع اللبنانية ومشاريع جوسة السورية. يرمي السلام بكثير من الحذر والخجل. يبتعد قليلاً ويتحدث بواسطة جهازه اللاسلكي مع شخص يبدو أنه مكلف مهمة مراقبة للنقاط العسكرية السورية القريبة. إنه «الأخ» عصفور، أو الاسم الوهمي في شيفرة مجموعة لبنانية منتشرة على طول خط الحدود اللبنانية مع سوريا من جرود عرسال شرقاً، مروراً بمشاريع القاع، وصولاً إلى مزرعة الدورة وأطرافها، وامتداداً إلى مجموعة سورية داخل الأراضي السورية. انتظم لبنانيون وسوريون في عمل واحد هدفه التعاون المشترك «لإسقاط» نظام حزب البعث في سوريا. السوريون بأمسّ الحاجة إلى وسائل اتصال ونقل الجرحى ومعالجتهم. لبنانيون وجدوا في الأجهزة اللاسلكية وسيلة اتصال مميزة، رغم تعرضها أحياناً لتشويش سوري. وزعت مئات الأجهزة على لبنانيين وسوريين موثوقين جداً، يقطنون على الحدود مباشرة. مهمة المجموعة المشتركة محصورة فقط بمساعدة الجرحى وضمان عبور منشقين من الجيش السوري. لا يخفي بعض أعضاء المجموعة اللبنانية أن الجيش السوري يعرف ما يجري، لذا بدأ بتنفيذ غارات أمنية داخل الأراضي اللبنانية.
كمال، هذا الشاب اللبناني، ليس سوى فرد في مجموعة وجدت في توفير المساعدة لسوريين مهمة سياسية قبل أن تكون إنسانية. يقولها بصراحة ومن دون «لف ودوران». يحكي كثيراً عن النظام السوري. لا يجد له إيجابية واحدة. لذا، حماسته لم تسمح له بتنفيذ ما وعدنا به عبر قنوات الاتصال المتعددة، بلقاء مع ضباط يقول إنهم منشقون عن الجيش السوري ووصلوا إلى لبنان. كانت الاتصالات قد أفضت إلى تنظيم لقاء مع هؤلاء الضباط الجرحى. رفض المنشقون اللقاء في آخر لحظة لحسابات أمنية، مفضلين توقيتاً أكثر أمناً لهم ولمناصريهم اللبنانيين، كما أبلغنا «الثائر» كمال. فالحراك الأمني اللبناني وغارات الجيش السوري المفاجئة ليلاً أو نهاراً، لم يسمحا له بتنفيذ وعده أو التزام ما اتُّفق عليه.
ما يجري على الحدود اللبنانية ـــــ السورية في شمال البقاع وشرقه، لا يمكن وصفه إلا بحرب سرية تدور رحاها في مناطق وعرة وتحت جنح الظلام منذ أكثر من 3 أشهر. وهي في تصاعد مستمر كلما تصاعدت وتيرة الأعمال والأفعال العسكرية المتنوعة داخل سوريا. فالغارات العسكرية السورية خلال الأيام الماضية على مزارع وقرى مأهولة بسكان لبنانيين وسوريين وعرب رحّل في مناطق «مشاريع القاع»، وفي عمق جرود بلدة عرسال، لم تكن الوحيدة أو الأولى من نوعها. وسكان الحدود هناك يؤكدون في الحوارات معهم، أن العمليات الأمنية السريعة التي ينفذها الجيش السوري أكثر من أن تعد وتحصى، وهي بالتالي تبقى بعيدة عن الإعلام. يتحدث مواطنون لبنانيون وسوريون بكثير من القلق والخوف، فيما لا تجد الجهات الأمنية والعسكرية اللبنانية الرسمية أي أمر جديد أو طارئ في هذه العمليات. لا يخفي بعض الأمنيين أنه أحياناً يجري تنسيق بين الجانبين السوري واللبناني خلال تنفيذ غارة أمنية هنا أو هناك. ويكشف بعضهم لـ«الأخبار» أن الأجهزة الأمنية اللبنانية غير متفقة على سبل التعامل مع ما يجري في المناطق الحدودية الممتدة من عرسال إلى جرود عكار. وتوضح هذه الجهات أن أجهزة أمنية لبنانية تتغاضى عن عبور منشقين سوريين وجرحى، فيما جهاز آخر يعمل على توقيفهم وتسليمهم إلى الجانب السوري أو ردهم على أعقابهم. وتتابع هذه الجهات، كاشفة أن أكثر من 90 جريحاً سورياً، مدنياً وعسكرياً، دخلوا الأراضي اللبنانية عبر معابر غير شرعية إلى البقاع خلال الأيام الماضية، وأن هناك مجموعة من الأطباء والممرضين اللبنانيين تتولى مهمة تضميد جراح وإجراء بعض العمليات لهم. ويكشف الأمنيون أن لبنانيين حولوا منازلهم إلى غرف عمليات جراحية لسوريين فروا إلى لبنان تجنباً لاعتقالهم في حال نقلهم إلى مستشفيات ومستوصفات سورية. ويؤكدون أن ما يجري على الحدود اللبنانية ـــــ السورية بقاعاً وشمالاً، ليس أمراً بسيطاً، وأن سوريا تتابعه بدقة. لذلك، بدأت بتنفيذ عمليات أمنية محدودة وسريعة داخل الأراضي اللبنانية و«نحن نراقب ذلك عن كثب». ويرفض هؤلاء تأكيد ما يحكى عن قرار سوري بتنفيذ عملية أمنية واسعة النطاق داخل الأراضي اللبنانية المتاخمة لحدودهم، ويقولون إن «كل الاحتمالات واردة، ولكن لا نعتقد أن الجيش السوري قادر الآن». يضيفون أن الجيش السوري «قد ينفذ بين الحين والآخر مهمات محدودة وسريعة هدفها مطاردة منشقين أو مهربين».
«الحرب السرية» الدائرة على الحدود البقاعية مع سوريا توسعت لتتحول إلى دخول عسكري سوري بصورة علنية إلى الأراضي اللبنانية. وما جرى في مزرعة الدورة التي تفصلها ساقية مياه جارية عن سوريا وهي حدّ طبيعي للحدود الرسمية، ليست حادثة نادرة. فالدخول السوري إلى المزرعة وتفتيش أغلبية منازلها وقتل وجرح 3 مواطنين وتوقيف أحدهم ونقله إلى سوريا، كل هذا أحدث إرباكاً في صفوف الأهالي الذين يغادرون المزرعة ليلاً ويعودون إليها نهاراً تخوفاً من عملية إغارة مماثلة. ويقول خالد ش، الذي كان يحمل جهازاً لاسلكياً، إن الجيش السوري دخل المزرعة بحثاً عن مطلوبين ومهربين، وفتّش المنازل مع إطلاق رصاص كثيف عشوائياً، موضحاً أن الجيش اللبناني وصل إلى مدخل الدورة ولم يدخلها إلا بعد مغادرة الجيش السوري.
دخول الجيش السوري إلى مزرعة الدورة الحدودية في سهل القاع، سبقته وتبعته عمليات دخول إلى الأراضي اللبنانية وتفتيش منازل متناثرة متاخمة لمنطقة جوسة وخرايب جوسة السوريتين ومشاريعهما. كذلك، سجلت أعمال مماثلة داخل البساتين والكروم اللبنانية قرب النزارية والصالحية وحوش السيد علي. ويقول مواطنون لبنانيون إن الجيش السوري يدهم منازلهم ليلاً بحثاً عن سوريين وفق لوائح اسمية. ويقول أبو حسين العرسالي (اسم وهمي) إن الجانب السوري سلم الجيش اللبناني هذه اللوائح، مطالباً بتوقيفهم وتسليمهم فور إلقاء القبض عليهم. ولا يخفي «أبو حسين» أن هناك مجموعات لبنانية تعمل على تنظيم عمليات عبور لسوريين، وخصوصاً الجرحى، متابعاً أن هناك «خلية» تعمل على توفير المساعدة وفق إمكانات الشباب و«المسألة إنسانية وليست سياسية، ونقوم بها بعلم السلطات اللبنانية».

عرسال وسوريا

 

الحدود المشتركة ووجـع العلاقة مع دمشق

 
عفيف دياب
لم تتعب عرسال بعد من إبريق زيت حدودها مع سوريا. أقراصها في كل الأعراس السياسية، لبنانية كانت أو سورية، وحتى أممية. يدوّن فتيان وشبان متحمسون شعاراتهم على جدران البلدة الفقيرة والمنسية في واد صغير مزنر بصخور موحشة. ولعرسال حكايات حدودها، وقصص لا يتعب «العراسلة» من سرد تفاصيلها المفرحة والمحزنة. فتسلل الدبابات السورية من تحصيناتها في أعالي الجرد الفاصل بين البلدين إلى داخل أراضي عرسال، لم يكن الأول، وحكماً لن يكون الأخير. ولكل «عرسالي» رواية خاصة مع سوريا، تبدأ من الأفراح والأتراح ولا تنتهي بالضرورة عند «وحدة» حال مواجهة قساوة الطبيعة.
هذه الـ«سوريا» التي لعرسال شراكة معها بأكثر من 50 كليومتراً من الحدود الوعرة و«التبادل» الاقتصادي والاجتماعي، لم تفهم يوماً عرسال وإشكالية قدر موقعها الجغرافي. وهي أيضاً عرسال التي لم «تهضم» يوماً حكاية سوريا البعث في زمن الوصاية المباشرة على لبنان، ويوم أفل هذا النجم الذي لم يظهر للبلدة منذ أن أصبح خلف الحدود الوعرة إلا وجهه القاسي. إنها حكاية «سوء الفهم» بين طرفين أسهمت الدولة اللبنانية في تغذيته منذ الاستقلال. وإنها عرسال التي لها لغة خاصة مع سوريا. وإنها سوريا التي لم تعرف بعد سر وجود هذه الكتلة البشرية الحزينة على حدودها الغربية. فما بين أبناء قاره وعسال الورد والبريج ودير عطية ورأس المعرة والمشرفة وغيرها من البلدات السورية، وعرسال وحدة حال ورغيف خبز من معجن واحد.
لا يخفي «العراسلة» أن حادثة تسلل الدبابات السورية إلى أراضيهم والعبث بمحتويات بعض المنازل، وإطلاق النار على مزارعين و صيادين وتدمير خزانات مازوت مهرب من سوريا، ليست الأولى من نوعها، أو أنها حادثة لم تحصل سابقاً. إنها أمر طبيعي ـــــ تقليدي درج عليه الجيش السوري أو فرق الهجانة (شرطة الحدود السورية) كما يقول عبد العزيز الفليطي الذي يقدم قراءة سياسية شاملة لواقع بلدته، ماضياً وحاضراً. و«إن كان التسلل طبيعياً في الأمس، فهو الآن يأخذ موقعاً سياسياً يقدم البعض له تفسيرات متنوعة، ويسقطه على مزاجه السياسي». يضيف: «عرسال ليست جزيرة معزولة عن محيطها، ولكل فرد فيها اليوم تحليله الخاص لما يجري في سوريا، والعبور السوري نحو أراضي البلدة ليس جديداً».
كلام الفليطي مبني على حوادث سابقة لم تشهد إثارة إعلامية وسياسية كما حصل في التسلل الأخيرة، ويجد الفليطي في إثارة الأمر «تضخيماً لحسابات سياسية محلية، ولا يمكن أحداً وضعه في نصابه الصحيح إلا الدولة التي عليها قول كلمة الفصل».
أما بشأن عملية تسلل الدبابات السورية نحو 7 كيلومترات داخل أراضي بلدة عرسال، فللمصادر الأمنية اللبنانية روايتها. تقول هذه المصادر لـ«الأخبار» إن الجهات السورية أبلغتها إثر وقوع عمليتي التسلل والقتل، أنها كانت تطارد «عصابات مسلحة» تهرّب السلاح إلى الداخل السوري. وتوضح هذه المصادر أن الرواية أبلغت رسمياً إلى مراجع لبنانية رسمية عليا، رافضة التحدث عن أسباب «امتناع» الجيش اللبناني عن إصدار بيان رسمي، كما جرت العادة، يشرح فيه ملابسات ما جرى في جرود عرسال، ولا سيما أن الجيش كان قد أصدر أكثر من بيان عن قمعه عمليات تهريب في دير العشاير وغيرها من المناطق الحدودية مع سوريا. وتؤكد المصادر أن الأجهزة الأمنية المعنية في الدولة اللبنانية تملك تفاصيل ما جرى في أعالي جرود عرسال، و«هي تملك معلومات موثقة عن عمليات تهريب أسلحة نحو الداخل السوري جرت عبر معابر غير شرعية في الشمال والبقاع». هذه الرواية السورية التي تتبناها السلطات الأمنية اللبنانية، يرفضها أهالي عرسال جملة وتفصيلاً. ويقول مختار البلدة محمد الحجيري إن القوات السورية تخرق الحدود يومياً، نافياً بشدة ما يحكى عن تهريب «عراسلة» أسلحة إلى سوريا و«أتحدى من يثبت ذلك. عرسال لا تملك السلاح، وكلنا يعلم في لبنان أين تقع مخازن الأسلحة ومن يهربها أو يبيعها للسوريين». يضيف: «أعتقد جازماً أن سوريا تعرف جيداً، وبالأسماء، من يهرب السلاح إلى أراضيها من لبنان، وكلنا يعلم أن عرسال لا تملك السلاح، وليس بمقدور أي مواطن عرسالي العمل في هذه المهنة». ولا يخفي المختار الحجيري أن «الدخل القومي» لعرسال يرتكز على السوق السورية، «لذا، لا مصلحة لنا في إثارة القلاقل مع جارتنا الكبرى، أو تدمير العلاقة بيننا. فنحن نعتاش اقتصادياً من سوريا، ولا أخفي أن الركود الاقتصادي في البلدة اليوم تجاوز الـ35 في المئة منذ بدء الثورة الشعبية السورية على النظام هناك».
تصرّف فردي
لا يخفي رئيس البلدية علي الحجيري وجود مضايقات متعمدة يقوم بها الجيش السوري منذ أن انتشر على الحدود إثر بدء التحرك الشعبي في الداخل السوري. ويوضح الحجيري أن علاقة بلدته مع الجوار السوري «عادية في الأيام العادية، ومتوترة في الأيام المتوترة». لا يجد رئيس البلدية حرجاً في القول إن ما جرى في جرود بلدته «قد يكون تصرفاً فردياً من ضابط سوري، وليس قراراً سياسياً أو أمنياً على أعلى المستويات»، مؤكداً أن عرسال لا تريد مواجهة سوريا و«عندنا علاقات اقتصادية واجتماعية واحدة، ولكن الحادثة الأخيرة عكّرت المزاج العام هنا».

السبت، 22 أكتوبر 2011

الوان الرمان

الوان الرمان
إنّي أغار من اللّيل إذا ناداك..
من نومك أغار ...
وأنت تتأنّقين للسّرير ....
تلثمين الوسائد و تعانقينها...
فتحترق أنفاسك فيها... فترتعد الخيام
إنّي أغار..أغار...
من شروق الشّمس فيك... من هديل الحمام
من ربيع يهديك وروده..
ومن شتاء يهديك الغمام..
فلا ثلجي يلمسك و لا ريحي ترحل بشعرك..
صعب أن أنام و موج البحر يأبى الصّيام..
و أنت تنثرين حدائقك بالرّمل و تغرقين الشّطآن..
ما أروعك و أنت تلوّنين الياسمين بالذّهب..
و تمزجين التّين بالعنب...
ما أروعك و أنت تتسلّقين الثريّا...
فتمتزج عندي الشّهوة بالغضب...
أهواك... و إنّي حطام.. حطام..
تركبين الموج و أنت نصف عارية..
فيسكر و يهيج... يلاعبك و يأبى القيام...
قولي متى ينتهي موسم يركع الرّجال فيه للحيتان...
فتّشت في دفاتري عنك..فلم أجدك...
فقولي أين المقام...
أفي قصور ملوك الرّوم أم وراء القضبان،
فالنّساء عندنا لا يتعرّين حتّى في الحمّام...
فهل يخجلن من بعضهنّ أم من أزواج هم لهنّ أقران..
أحبّ أن أرى كرز شفتيك و ألوان الرمّان..
أن تنبت السّنابل في شعرك ...
فأحصده ثمّ أزرعه على أكتافي..فيرتع السمّان...
أن أركع لنهديك وهما يرقصان لأنغام العيدان...
أن يستيقظ فيك الحبّ ..فتعايدين الحياة والأنغام..
غرت من كلّ هذا و نسيت أنّك لبست السّواد
و طليت وجهك بالأحزان...

                                        (رحاب السّوسي ـ تونس)

الثلاثاء، 18 أكتوبر 2011

.. وأنا العاشقة


      

        .. وأنا العاشقة
لا أملكُ إلا إرتعاش اللون في سمائكَ..
أنتَ الغافي على كف الشمس ..
يا عصفور العمر.. أهديتكَ قبلة قمح
فأهديتني سماؤكَ وحصاد خريفك
شجرة العمر أنت..
وكالقُبل المورقة أتمدد على غصن إنتظاركَ
........
لكَ الليل من قبل ومن بعد
أشدّكَ على صدري وأناجيكَ : أحبّكَ ولا ظل إلا ظلّكَ
وأنتَ واهب الحياة ..إذا ما أنبّتَّ فيني أضحيتُ مهداً
وأنتَ كل البدايات وأنا العاشقة التي تحبو على أطراف شوقي إليك
وأنتَ  من كَحَلّ  الغياب بعطره
وأنا الثملةُ بينكَ..الغائبةُ فيكَ ليالٍ وبعض قُبَل
........
ذات تعبّدٍ بملامحكَ إكتشفتُ أنّكَ الوحي في سفر القصائد
ذات دربٍ تعثّر القلب بملامحك فإنكسر ظل الوجع
وتلوّنت روحي إخضراراً بين يديك
ضمني أكثر ..أريد أن أملأ مدايَ حقول
.........
أمدّ كف الحنين إليك وأحيطكَ حبّاً
وأتلمّس ملامحكَ بين عناقيد الليل
وأهمسكَ صوتاً من محاجر الصمت
وأتوقُ لي وأحبّني ..حين أراني نبضاً يسري في ملامحكَ
يا إشتهاء الروح ورعشة القلب 
يا إنتشاء الحرف بنبيذ القلم
ضمني إليكَ..يا أيها التتقدّسُ شفاهكَ بيني
ضمني إليكَ..فكلّما أمْطَرْتَ فيني أصبحت روحي جناح
أيُّ أُفقٍ أنتَ....رَجُلٌ يختصر المدى في مداه..
يا أنتَ سأموت منهكةٌ بنداك.
                                             (يسرى)



عدسة ـ إخلاص

     غروب الشمس ـ بحر بيروت 

(عدسة إخلاس الشاب)


الاثنين، 17 أكتوبر 2011

عطش الزهور


                           عطش الزهور
لم أعد أدري...
أتشرقُ الشمسُ من خلفِ الغيوم المثقلةِ بأنين الليلِ كلَ صباح..
أم أنها ترافقني يوماً تلو الآخر ولا تغيب ؟؟
أتروي قطراتُ الندى عطش الزهور المُلتهب ..
أم أنها مجردُ ملامحَ خطوطٍ على أوراقها، لظلالِ ألوانٍ لا تُرَ
ى ؟!
أهي الحربُ الضروسُ تبدأ دائماً حينَما أغمضُ عينيّ..
أم هي النفس تتخبط شوقا لرؤياك ؟؟
لا أدري .. إنه الزمن ..  حتماً هو الزمن
قد توّقف بهزيمةٍ كبرى، أمامَ انتصارِ صمتك ..
                                                                     (سها)